على هامش الهجوم الممنهج على السوريين”قوة مصر في تنوعها”
إلهامي المليجي _
لقد تتابعت على أرض مصر العديد من الحضارات، فكانت مهداً للحضارة الفرعونية، وحاضنة للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية، ومستقراً للحضارة الإسلامية، ما أسهم في تميز شعبها وجعل منه نسيجاً متماسكاً متعاضداً في مواجهة المحتل، متسماً بالود والكرم والتسامح، ويمكن اعتبار التنوع العرقي في مصر إحدى أهم ميزاتها، حيث أسهم في إثراء الثقافة المصرية.
وكان لمصر على مرِّ التاريخ دورُها الحضاري والتاريخي والديني؛ حيث احتضنت الأنبياء، وسارت خطواتهم على أراضيها، فجاء إليها أبو الأنبياء إبراهيم وتزوج من السيدة المصرية هاجر أم إسماعيل، ووفد إليها النبي يوسف وأصبح وزيراً في دواوينها، ولحق به أبوه يعقوب، وعلى أقدس وأعز أراضيها (سيناء) دار الحوار الأهم بين الله والنبي موسى، ولجأت إليها العائلة المقدسة؛ السيدة مريم العذراء والسيد المسيح طفلاً ويوسف النجار وجابوا أراضيها من الشمال إلى الجنوب.
وبعد تولي محمد مقاليد الحكم في مصر، حصل على استقلال نسبي عن الدولة العثمانية، ما أسهم في لجوء “الشوام” إلى الهجرة إلى مصر، وتضاعفت أعدادهم في عهد الخديوي إسماعيل، هروباً من الأوضاع الصعبة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، التي تعانيها بلاد الشام، حيث وجدوا في مصر بحبوحة العيش والسوق الأرحب وفرص العمل والرزق. ووجدوا فيها كذلك دراسة علوم الدين والطب. ورحابة صدر المصريين وحُسن الاستقبال، ما أدى لاستمرار تدفقهم.
ومن نافلة القول الحديث عن الدور الذي لعبه السوريون في القرن التاسع عشر في الثقافة والفنون المصرية وريادتهم في مضمار الصحافة والنشر والمسرح والسينما، فضلاً عن الزراعة والصناعة والتجارة، وكذلك إنشاء المصارف.
ما أشبه اليوم بالبارحة، حيث تشهد مصر حضوراً واسعاً ومميزاً من السوريين الذين اضطروا لمغادرة بلادهم؛ تحت وطأة الأحداث التي شهدتها سوريا في مطلع عام 2011، وكانت مصر وجهة البعض منهم، والكثير من هؤلاء يمثلون إضافة نوعية؛ كل في مجاله، سواء كانت مطاعم أو مصانع أو محلات تجارية متنوعة، ما جعل الغالبية من المصريين يقبلون على مطاعمهم ومحلاتهم ويفضلون منتجاتهم، واندمجوا بدرجة كبيرة في المجتمع المصري، لكننا فوجئنا مؤخراً بموجة صاخبة سادت في وسائل التواصل الافتراضي في مصر، ترفع شعارات مغرضة مثل ترحيل اللاجئين السوريين و”لا تشترِ من السوري واشترِ من ابن بلدك المصري”… إلخ، شعارات يقف وراءها التيار الانعزالي الذي يستهدف عزل مصر عن محيطها، وهذا ما يعمل عليه دوماً أعداء مصر، سعياً لتكسيرها داخل ضلوعها، لأنهم يدركون أن قوة مصر في تفاعلها مع محيطها الإقليمي، كما أن قوتها في تنوعها.
حيث يسهمون في تصاعد المنافسة لتقديم منتج أفضل وخدمة أحسن للمصريين والمقيمين على أرض مصر.[1]