بعد مرور حوالي سنة من الانتخابات، الأحزاب الكردية عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة في أقليم كوردستان
بعد مرور 11 شهراً على إجراء الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان العراق، لا تزال الأحزاب الكردية عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة، في أزمة سياسية ممتدة تعكس تشرذماً حاداً في المشهد السياسي، وضعفاً في آليات التوافق بين القوى الفائزة.
أزمة تشكيل الحكومة: غياب النصاب والانقسامات العميقة
شهد برلمان الإقليم، الذي يضم 100 مقعد، عدة جلسات فاشلة لانتخاب الرئيس وبدء مناقشة تشكيل الحكومة، حيث فشل في جمع النصاب القانوني (54 عضواً كحد أدنى) مراراً، بسبب مقاطعة بعض الكتل أو انسحاب أعضاء خلال الجلسات.
وأبرز عقبات التشكيل:
غياب الأغلبية المطلقة:
لم تُحقّق أي كتلة سياسية شرط “النصف زائد واحد” (51 مقعداً) اللازم لتشكيل حكومة منفردة، ما جعل التحالفات ضرورة ملحة، لكنها بقيت متعثرة.
الانقسامات بين الحزبين الكبيرين:
الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP): بقيادة مسعود بارزاني، فاز ب39 مقعداً، إضافة إلى 3 مقاعد أقليات محسوبة عليه، ليصل إجمالي نفوذه إلى 42 مقعداً.
الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK): بقيادة بافل طالباني، حصل على 23 مقعداً، ومقعدين من الأقليات، بإجمالي 25 مقعداً.
أحزاب “البيضة القبان” تتردّد في الاختيار:
مع تباعد الحزبين الكبيرين عن النصاب، باتت الأحزاب الوسطى والمصغّرة هي صاحبة الكلمة الفصل، لكنها تُعاني من:
قلة الثقة في التزام الكبار بوعودهم.
مطالب جزئية (مثل المناصب، أو الحصص في الوزارات).
تنافس داخلي على التحالفات.
مطالب مسبقة تعطّل التوافق
الاتحاد الوطني الكردستاني يصرّ على أن يكون رئيس إقليم كردستان من مرشحه، وهو منصب شغّال منذ وفاة جلال طالباني، ويرى أن الدستور يُلزم بتولي الحزب هذا المنصب كجزء من تقاسم السلطة.
في المقابل، يرفض الحزب الديمقراطي الكردستاني التنازل عن منصب الرئاسة بسهولة، خصوصاً في ظل تراجع نفوذه نسبياً مقارنة بالانتخابات السابقة.
الأحزاب الصغيرة: قوة تأثير بلا استقرار
تتوزع بقية المقاعد على الأحزاب التالية:
الجيل الجديد (Gorran): 15 مقعداً – يُعدّ من أبرز معارضي النظامين القديمين، ويطالب بإصلاحات حقيقية.
الاتحاد الإسلامي الكردستاني: 7 مقاعد.
الموقف الوطني: 4 مقاعد.
جماعة العدل: 3 مقاعد.
جبهة الشعب: مقعدان (بقيادة لاهور شيخ جنكي، المعتقل بتهمة “الإخلال بالأمن العام”).
حركة التغيير والحزب الاشتراكي: مقعد لكل منهما.
وقد أثّر اعتقال لاهور شيخ جنكي، أحد أبرز الوجوه المعارضة، على ديناميكية التحالفات، حيث رفض أنصاره أي تسوية تُبرّر الاعتقالات السياسية.
تأثير الانسداد على الإقليم
شلل في المؤسسات: تأخر صرف الرواتب، وتعطّل المشاريع التنموية.
تدهور شعبية الأحزاب التقليدية: يرى الشارع الكردي أن النخبة السياسية “متمسكة بالمناصب أكثر من خدمة الشعب”.
تدخل بغداد: تزداد محاولات الحكومة الاتحادية في بغداد لفرض سيطرتها المالية والإدارية على الإقليم، مستغلة الفراغ السياسي.
مستقبل مجهول: هل تُحلّ الأزمة؟
حتى الآن، لا توجد مؤشرات على قرب تشكيل حكومة جديدة، خصوصاً مع:
استمرار الخلاف حول منصب رئيس الإقليم.
عدم وجود ضغط شعبي منسّق يُجبر الأحزاب على التوافق.
غياب وسيط فعّال (داخلي أو إقليمي) قادر على فرض تسوية.
في المحصلة:
أزمة تشكيل الحكومة في كردستان العراق ليست مجرد تأخير إداري، بل انعكاس لانهيار الثقة بين النخبة السياسية، وفشل النموذج التقليدي للحكم القائم على التقاسم الثنائي للسلطة بين البارزاني والطالباني.
وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية، فإن السيناريوهات المحتملة تشمل:
** dissolution البرلمان** ودعوة إلى انتخابات مبكرة.
تدخل بغداد لفرض إدارة موحدة.
تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد الأحزاب الحاكمة.
لكن الأكيد هو أن الحكومة العاشرة في إقليم كردستان ما زالت ولادة متعثرة، في وقت يحتاج فيه الإقليم إلى استقرار أكثر من أي وقت مضى. [1]