نص خطاب #مام جلال# امام الجمعية الوطنية العراقية بعد ادائه اليمين الدستورية
أدى الرئيس جلال طالباني اليمين رئيسا للعراق يوم الخميس07-04-2005، ليصبح أول رئيس غير عربي لدولة عربية وأول رئيس منتخب بالعراق منذ أكثر من 50 عاما. وحلف طالباني اليمين أمام مئات من المشرعين والزعماء الدينيين والسياسيين. واستقبل طالباني بعاصفة من التصفيق بعد أن أدى اليمين ورفع ذراعيه في علامة النصر كما ادى اليمين نائبا الرئيس السيدان غازى الياور عن السنة والسيد عادل عبدالمهدي عن الشيعة.
فيما يأتي نص اليمين القانونية لمجلس رئاسة الجمهورية :
بسم الله الرحمن الرحيم
أقسم بالله العظيم
أن اؤدي مهامي ومسؤولياتي القانونية بتفان واخلاص واحافظ على استقلال العراق وسيادته وارعى مصالح شعبه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، واعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد والله على ما اقول شهد.
وبعد ذلك القى الرئيس مام جلال كلمة هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
عليه نتوكل وبه نستعين
الضيوف الأعزاء
السفراء وقادة الاحزاب والمنظمات
السيدات والسادة عضوات واعضاء الجمعية الوطنية والحكومة العراقية
احييكم بحرارة باسم مجلس رئاسة الدولة واشكركم على حضور حفلنا هذا، لتنصيب الرئيس ونائبيه والاستماع الينا والاجتماع بنا..
لقد انتخب مجلس رئاسة الدولة من قبل الجمعية الوطنية العراقية الموقرة بطريقة ديمقراطية لم يعترض عليها أحد، واليوم نجتمع لأداء القسم ومن ثم تكليف المرشح لتأليف الحكومة الجديدة كي نكمل مسيرتنا الدستورية نحو المصادقة على الحكومة الجديدة ومن ثم عرضها على الجمعية الوطنية الموقرة لنيل ثقتها وبذلك نكون قد اكملنا انجازا ديمقراطيا فريدا في تاريخ العراق لاختيار السلطة التنفيذية حيث التشكيلة الحكومية الكاملة من مجلس رئاسة الدولة الى مجلس الوزراء بجانب الجمعية الوطنية المنتخبة وتحت اشرافها ومراقبتها وبجانب السلطة القضائية المستقلة عن السلطة التنفيذية وهكذا تكون لدينا السلطة التشريعية المنتخبة بحرية تامة (الجمعية الوطنية) والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وهي سلطات منفصلة عن بعضها ومرتبطة ببعضها بقواعد ومبادئ ثابتة مثل عدم التدخل في شؤون السلطة القضائية واحترام استقلاليتها وتعزيزها واحترام السلطات الثلاث بالتساوي مع تعزيز دور السلطة التشريعية التي تمثل الشعب والتي ستتولى سن الدستور الدائم ايضا خلال الفترة المحددة له عن طريق التوافق الوطني بين المكونات الثلاث الاساسية للشعب العراقي وهي الاكثرية العربية الشيعية والعرب السنة وشعب كردستان العراق على ان تراعى حقوق القوميات التركمانية والكلدو آشورية وان يكون قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية مصدره الاساس وتكون الحقوق والحريات الديمقراطية بما فيها الحرية الفردية والاقتصاد الحر ومبادئ حقوق الانسان والفدرالية والتعددية من صلب هذا الدستور العتيد المنشود الذي سيكرس الاتفاق العراقي السياسي بين ابناء الشعب العراقي كأفراد والمكونات الرئيسة للشعب الذي تتحد فيه القوميتان الكبيرتان العربية والكردية اللتان تشكلان الثقل الاعظم للشعب العراقي دون عزل او تمييز للدور الذي يحتله التركمان والكلدو آشور وسائر المكونات بما يؤمن الحقوق القومية والمدنية للجميع في بلد يتآخى فيه الشيعة باغلبيتهم العددية مع السنة بمكانتهم التاريخية وقدرتهم وكفاءاتهم ومع الاخوة المواطنين المسيحيين والايزدية والصابئة الذين يجب احترام حقوقهم وخصوصياتهم كمواطنين من الدرجة الاولى وذلك ليعمل الجميع من اجل عراق ديمقراطي اتحادي فدرالي موحد ومستقل وبعبارة اخرى لاعادة بناء الدولة العراقية من جديد على اسس الديمقراطية والفدرالية والتعددية وحق المواطنة المتساوية واحترام حقوق الانسان والاستقلال والسيادة الوطنية والهوية الاسلامية للشعب العراقي باعتبار الاسلام دين الدولة ومصدرا للتشريع فيه.
ولابد ان يتم ذلك بالتوافق الوطني وباسلوب ديمقراطي يعكس التوافق الوطني العراقي بعيدا عن العنصرية والطائفية بل على اسس وطنية عريضة، وبعبارة صريحة اشراك اخوتنا العرب السنة في المسيرة الديمقراطية وسن الدستور وفي الحكومة ووزاراتها وهيئاتها على الرغم من حرمانهم جراء وجود الارهاب المجرم في مناطقهم من ممارسة حق الانتخاب وبسبب التوجيه الخاطئ والضار بهم من قبل بعض القيادات السياسية والدينية السنية والدعوة الى مقاطعة الانتخابات ونتيجة شيوع وهم خاطئ وضار بهم ايضا عن فشل الانتخابات في العراق وقدرة الارهابيين على فرض شروطهم على الاكثرية الساحقة من الشعب العراقي.
والآن وبعد النجاح التاريخي الرائع للانتخابات في غالبية واكثرية انحاء العراق بكردستانه وبغداده وجنوبه رغم التهديدات الاجرامية يجب ان نذكر بالاجلال والتقدير دور سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني في تهيئة الجو وفي الالحاح والاصرار على اجراء الانتخابات ونجاح هذه الانتخابات التي انبثقت عنها الجمعية الوطنية العراقية ومنها انتخب مجلس الرئاسة، وسيتم ان شاءالله تشكيل الوزارة قريبا جدا..
فقد آن الاوان ليسهم اخواننا العرب السنة في المسيرة الديمقراطية وحق على الناجحين في الانتخابات وخاصة على قائمتي الائتلاف والتحالف التوجه الجدي للاستجابة للمطاليب المشروعة لاخوتنا العرب السنة ولاحترام حقوقهم باعتبارهم مكونة اساسية مهمة من الشعب العراقي، ولقد احسنّا عندما قبلنا مقترحهم بترشيح احد مندوبيهم في مجلس الرئاسة وفتح الحوار المباشر مع قسم كبير من ممثليهم وعلينا ان نتواصل في الحوار الاخوي الجاد للوصول الى التفاهم التام مع ممثلي اخوتنا العرب السنة وسنبذل نحن في مجلس رئاسة الدولة الجهود الحثيثة والجادة لتحقيق هذا الهدف النبيل الذي يحقق المصالحة الوطنية الحقيقية في البلاد وأملنا كبير ان يسهم معنا اخوتنا العرب السنة وقد ادركوا مضار وخطورة واجرامية الارهاب الاسود المستكرد من الخارج والمتحالف مع المجرمين من ايتام العهد الديكتاتوري المقبور، اقول واملنا كبير ان يسهم اخوتنا العرب السنة مع سائر اخوتهم العراقيين بالقضاء على هذا الارهاب ودحره وانهائه بالاساليب السياسية والاعلامية والجماهيرية وحتى الاساليب الدفاعية والتصدي للارهاب اذا لم تنجح هذه الاساليب المذكورة، فالارهاب الان العامل الرئيس في عرقلة الاستقرار وتحقيق الاماني وبالتالي عرقلة التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومنع اعادة تعمير البلاد وازدهار اقتصاده وتحسين معيشة شعبه وخصوصا في المناطق المبتلية بآفة الارهاب.
لا ريب ان جميع المخلصين للشعب والوطن يدركون الآن واكثر من اي وقت مضى اهمية وضرورة تحقيق الامن والاستقرار وليس فقط لصيانة ارواح المواطنين وممتلكاتهم وتأمين الحياة الآمنة السعيدة لهم، بل وايضا لاعادة تعمير البلاد وبناء اقتصاده وتجديد جميع مرافق الحياة وبالتالي للازدهار الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والثقافي وتقديم الخدمات الاساسية والضرورية للناس، فمن المعلوم ان البعث العفلقي قد نفذ وعيده وتهديده بترك الخراب والدمار في العراق للبنية التحتية في الوزارات والمؤسسات الحكومية في الزراعة والصناعة والمجالات الصحية والثقافية والاجتماعية وغيرها.
فلقد مرت حقب مظلمة من حكم ديكتاتوري اجرم بحق الشعب والوطن واذاق جماهير شعبنا العراقي الابي مرارة الاضطهاد الطائفي في الوطن كله ومرارة الاضطهاد القومي الذي بلغ حد استعمال الاسلحة الكيمياوية وشن حرب ابادة سميت بالانفال ضد شعب كردستان العراق، واغتصب المجرمون حقوق الشعب الديمقراطية وصادروا حرياته الاساسية وبددوا خيرات البلاد الوفيرة في حروب داخلية ولبناء الاجهزة القمعية وسرقة الاموال وخزنها في البنوك الاجنبية والمشاريع وفي مغامرات عسكرية فاشلة ضد الشعب الكردي والجنوب الشيعي الثائر المنتفض وضد احرار العرب السنة وكذلك ضد الجارة ايران والشقيقة الكويت مما ادى الى افقار الشعب العراقي واعادته الى ظروف القرن الماضي، وارتكبت الديكتاتورية ابشع الجرائم بما فيها جرائم الحرب المحرمة دوليا كاستعمال الاسلحة الكيمياوية في كردستان (حلبجة نموذجا) وضد الاحرار العرب الشيعة في الوسط والجنوب، فتركت وراءها المقابر الجماعية التي تضم مئات الالوف من المواطنين المسالمين من رجال ونساء واطفال وشيوخ الذين دفنوا احياءً او قتلوا بالجملة دون محاكمة او محاسبة او حتى دون الاعلان عن الاسباب والنتائج، ولم يكتف المجرمون العفالقة بما دمروه وبمن قتلوه اثناء حكمهم بل تحالف ايتامهم مع العصابات الارهابية المجرمة المستكردة من الخارج من قبلهم لاشاعة الارهاب والتخريب في البلاد مستفيدين من الاموال الطائلة التي سرقوها من الشعب ومن عطف بعض اخواننا العرب الذين يحلو لهم وصف اجرامهم بالمقاومة ومعاداة الاحتلال، اذن فمهمة القضاء على الارهاب الاسود ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل لتحقيق الامن والاستقرار ومن ثم الازدهار من جهة ولمحو آثار الدكتاتورية التي اجرمت بحق الشعب والوطن ولمنع انبعاثهم من جديد كآفة سرطانية خطيرة من جهة اخرى.
ولانجاز هذه المهمة نحتاج الى سياسة واقعية شاملة اعلامية سياسية اقتصادية عسكرية وفكرية في داخل الوطن ولاقناع الاشقاء والاخوان جيران الوطن بالكف عن دعم الارهاب الاسود اعلاميا وتشجيعيا وتمويليا وتسليحيا من الخارج ويجب التمييز بين الارهابيين والمجرمين وبين سائر العراقيين وحتى المخدوعين منهم بشعارات البعث المضللة وادعاءاته الباطلة ويجب علينا ايجاد الحلول السياسية والسلمية مع العراقيين المخدوعين المنخرطين في الارهاب والعفو عنهم ودعوتهم الى المسيرة الديمقراطية واعطائهم المجال للاستفادة من الحريات الموجودة حتى في الدعوة الى ما يسمونه جلاء القوات الاجنبية وما يسمونه بالاحتلال.
اما الارهاب المجرم المستكرد من الخارج والمتحالف مع العفالقة المجرمين فلابد من التصدي لهم بحزم والسعي المستمر لعزلهم عن الناس ومن ثم الاعتماد على الجماهير الغاضبة منهم لتطهير المناطق المبتلية بآفة الارهاب من اجرامهم ووجودهم ولانجاز هذه المهمة لابد من سياسة اعلامية وحرب فكرية ضدهم بجانب التصدي الحازم لهم ولابد من الوصول الى اتفاق مع الاشقاء العرب ليكفوا عن الاسناد الاعلامي والدعم المالي والتسليحي والتدريبي لهم.
واخيرا فلابد من تحقيق المصالحة والاتفاق والتعاون مع الاخوة العرب السنة المؤمنين بالمسيرة الديمقراطية وتحقيق حقوقهم المشروعة ضمن هذه المسيرة وكذلك العفو عن العراقيين المستعدين للاسهام في المسيرة الديمقراطية هذه. اذ لا يمكن الاستغناء ابدا عن دور الاخوة العرب السنة في العراق الجديد.
ايها الجمع الكريم
يحتاج عراقنا الجديد الى سياسة خارجية فعالة قائمة على اسس التعايش السلمي وحسن الجوار مع الجيران والدول العربية والاسلامية ولابد من مطالبة الاشقاء بدعم العراق في نضاله ضد الارهاب وحرمان الارهابيين من جميع اشكال الدعم المعنوي والمادي ولابد من تنفيذ شعار عتيد للحركة التحررية العربية ظهر وبرز في الشقيقة الكبرى مصر، شعار (نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا).
وعلى العراق ان يقوم بدوره الفعال في الجامعة العربية ومنظمة الدول الاسلامية وفي المحافل الدولية المختلفة فالعراق عضو مؤسس وهام في الجامعة العربية ولن ينجح الركب العربي المتحرر في تحقيق اهدافه من دون العراق، لذلك يجب دعم العراق واسناد شعبه للتحرر من الارهاب والاجرام كي ينصرف الى الاعمار والازدهار وتحقيق التقدم الاجتماعي والثقافي والعمراني والاقتصادي.
وعلى الاشقاء والاخوة ان لا يتناسوا بأن الشعب العراقي شعب عظيم يملك طاقات بشرية وعلمية وثقافية وحضارية هائلة ولا يمكن الاستهانة بهذا الشعب العظيم حتى النهاية، اذ لا بد لهذا الليل ليل الارهاب والاجرام ان ينجلي وستشرق شمس الامن والاستقرار على ربوعه قريبا ان شاءالله.
وسيعود العراق الديمقراطي الفدرالي التعددي الموحد والمستقل لاحتلال المكانة اللائقة به في العوالم الاسلامية والعربية والاوربية والامريكية والاسيوية والافريقية، سيعود قريبا قويا عزيز الجانب يقدم مثالا جديدا يلهم شعوب شرقنا لنيل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.
وسيقف شعب العراق من جديد كعهده دائما بجانب القضايا العادلة للشعوب العربية والاسلامية وخصوصا قضية فلسطين حيث ايد الشعب العراقي دوما حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على ارض وطنه وذلك على الرغم من مواقف التأييد لجلاد شعبنا ولحكم المقابر الجماعية وحروب الابادة من قبل بعض الاخوة الفلسطينيين مع الاسف الشديد.
ايها الحفل الكريم
لقد ناضل شعبنا العراقي بقوميتيه الرئيستين العربية والكردية وبقوميتيه التركمانية والكلدو اشورية وجاهدت جماهير شعبنا كثيرا في سبيل يوم الحرية والديمقراطية هذا، وضحى مئات الالوف من الشهداء بحياتهم الغالية لتحقيقه ولا شك ان نضال شعبنا وجهاد شهدائه الابرار قد لعب دورا هاما في اضعاف الدكتاتورية ونخر عظامها من الداخل مما سهل لقوات التحالف تحرير العراق واسقاط الدكتاتورية الآثمة بحق شعبنا والخائنة للوطن.
فشكرا جزيلا لكل الذين ساعدوا شعبنا ايام النضال والجهاد الطويل شكرا لسورية حافظ الاسد والجمهورية الاسلامية الايرانية وامريكا وبريطانيا وتركيا وسائر دول التحالف على اسنادهم الشعب العراقي واسهامهم غير المباشر والمباشر لتحريره.
وهنيئا لارواح قادة العراق العظام الذين قادوا نضال وجهاد شعبنا في سبيل يوم الحرية والديمقراطية هذا.
هنيئا لارواح الشيخ محمود الحفيد والشيخ احمد بارزاني والقائد الجنرال مصطفى بارزاني وابراهيم احمد ولأرواح جعفر ابو التمن وكامل الجادرجي وبدري وعزيز شريف والجواهري.
وهنيئا لأرواح آيات الله العظام سماحة السيد محسن الحكيم والشهيد سماحة السيد محمد باقر الصدر والشهيد سماحة محمد صادق الصدر وشهيد المحراب سماحة السيد محمد باقر الحكيم اذ لم تذهب جهودهم ونضالاتهم وجهادهم الشاق لم تذهب سدى بل اثمرت واسهمت في تحقيق حلم الشعب العراقي في التحرير من الدكتاتورية واقامة الحكم الديمقراطي العادل الفدرالي والتعددي الموحد والمستقل في ربوع عراقهم، وعهدا لهم عهد الرجال الاوفياء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا..
عهدا لهم بان نسير بهدى افكارهم وارشاداتهم ووصاياهم على الدرب حتى نحقق لشعبنا العراقي الانتصار الكامل والازدهار والحياة الحرة الكريمة الآمنة السعيدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.[1]