15 آب… ملحمة المقاومة والانبعاث
الثورة كمصطلح سياسي تعني الخروج من الوضع الراهن وإحداث تغيرات جذرية وهذه الثورات تقوم بها الشعوب لنيل حقوقها المشروعة وإثبات وجودها وتعتبر الذاكرة الأخلاقية والسياسية لحاضر ومستقبل تلك الشعوب ويعتبر الشعب الكردي من أكثر الشعوب التي حظيت بذاكرة نضالية عبر تاريخها الطويل فالكرد هم احد شعوب الشرق الأوسط التي تسكن منطقة الهلال الخصيب وتمتاز كردستان بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وهذا التنوع والغنى كان بلاءً عليها لتكون محط هجمات كل القوى الاستعمارية التي مارست بحقها كل أشكال الانصهار والإبادة من كافة النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية ووجوده كشعب عريق يعيش على تلك البقعة من الأرض لدرجة وصوله إلى حالة إنكاره لهويته ولغته الأم.
قفزة 15 آب التي بدأت بتاريخ 15 آب عام 1984 ارتفعت فيها البنادق الكردية بعد أن صمتت في وجه الظلم 46 عاماً مضت على آخر انتفاضة كردية، وأن تحقيق مثل هذه الخطوة ضمن ظروف تلك الأعوام لم تكن بالأمر السهل أبداً بل هي تأسست نتيجة مخاض وألم كبيرين جداً حيث كانت بمثابة الضربة الأولى للفاشية التركية والامبريالية والرجعية المحلية والقبلية؛ فلهذا اليوم أهمية عظيمة بالنسبة لجميع شعوب الشرق الأوسط وكافة الشعوب المضطهدة خاصة إن ما كان يعاش قبل حملة 15 آب كان إنكار لثقافة وإرادة كافة الشعوب بما فيها الشعب الكردي إلا أن الشعب الكردي تمرَّد على هذا الواقع البعيد عن الإنسانية والأخلاق وكان قد حان الأوان ليقف في وجه العالم ويقول كلمته بانه سوف لن يخنع من الآن وصاعداً وخاصة إن هذا الشعب معروف بثقافته المقاومة و بتاريخه المليء بالبطولات
ولا ننسى حالة المرأة الكردية آنذاك حيث كانت تعيش حياة ذليلة مستعبدة تحت حكم النظام أولاً وحكم الرجل ثانياً لم تكن محرومة من حقوقها السياسية والاجتماعية فحسب بل حرمت من ملكية ذاتها في الحياة والدفاع عن ذاتها في مواجهة الاعتداء والعنف الذي كانت تتعرض له وكان لابد من القيام بهذه الخطوة لتكون الجواب الأمثل لتلك المرحلة وكانت السبب الأساسي في انخراط عدد كبير من المناضلات الثائرات على العادات والتقاليد البالية إلى صفوف الحزب والإثبات للجميع على أهمية دور المرأة في حركة تحرير كردستان
وفي هذا الإطار علينا أن لا ننسى الدور الطليعي الذي تلعبه الشخصية الثورية لتكون الجواب الأنسب في المكان والزمان المناسبين فهي تعي الواقع المعاش ومع ذلك الوعي تلبي مسؤوليتها الثورية والمجتمعية، وفي هذا السياق يجب علينا استذكار الأشخاص الطليعيين الذين قاوموا في سجون آمد في سبيل نيل حريتهم حتى ذابت عظامهم من أمثال مظلوم دوغان وكمال بير وفرهاد كورتاي و محمد خيري دورميش وعلي جيجك وهنا يمكننا القول بأن قفزة 15 آب كانت بمثابة صرخة وصوت المقاومة في سجن آمد إلى جميع أنحاء العالم وهذه الصرخة الكبرى لاقت صداها في الجذور التي كانت على وشك الموت وارتفعت صداها في جميع شوارع كردستان والعالم مع الشعارات التي تتعالى من أفواه الشبيبة بقولهم (pkk هي الشعب والشعب هنا) وبهذا الكم من الطليعيين الفدائيين الذين سيبقون خالدون في وجدان وضمير كل كردي وطني ولم يشهد تاريخ البشرية نضال بهذا المستوى من الرقي والإصرار على نيل الكرامة والحقوق المشروعة.
ولابد لنا من سؤال من هو قائد هذه المرحلة وكيف قادها
عند تعريفنا لشخصية الرفيق عكيد هو معصوم قورقماز كان في ذلك الوقت مهتما بالحركات الشبابية المثقفة وتعرف على الحركة الآبوجية عن طريق صانع الحياة الأبدية مظلوم دوغان و لأنه يمتلك الشخصية الثورية حقق في شخصيته تطورات كبيرة من الناحية الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية وبذلك استطاع الإعداد وتشكيل الطلائع الأولى لوحدات من القوات العسكرية فقد حلل الوضع القائم آنذاك وقام بالتخطيط لأولى عملية عسكرية التي بدأت ب 180 طلقة والطلبة الجامعيين الذين تحولوا إلى مقاتلين مقاومين ثوريين ضد جميع أشكال العبودية وما أكد عليه الرفيق عكيد أن الروح والإرادة الحرة هي أساس والخطوة الأولى للسير على طريق النجاح
ويمكننا التأكيد بأن ما حدث في ثورة روج آفا ما هي إلا نتاج واستمرارية لحملة 15 آب فمن انتفاضة 12-03 وحتى ثورة 19-07 وتحرير مناطق واسعة من الشمال السوري التي كانت تحت سيطرة النظام البعث الفاشي والجماعات السلفية ومن أكبرها داعش التي كانت بمثابة إعصار مجنون يدمر ويقتل كل من يقف بوجهه، ولكن وبروح عكيد التي كانت تنبض في كل قلب وبإرادة قوية من قواتنا من وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية استطاعت الوقوف في وجه هذا الإعصار وتدمير معاقله في سوريا
وكان يوم تحرير مدينة منبج من رجس داعش في #15-08-2016# حيث سطر فيه قواتنا ملاحم في البطولة والفداء ما هي إلا تأكيداً على مواصلة النضال والمقاومة حتى نيل الحقوق لجميع الشعوب المضطهدة
و بروح قفزة 15-08 والذي ينبض به اليوم قلب مقاومة العصر في عفرين والتي كانت خير دليل على الإصرار في وجه الاحتلال التركي ولا تزال تناضل بكل قوتها لتثبت للعالم إن روح عكيد ومظلوم وآرين وبارين هو الذي يقاتل اليوم في الساحات وبهذه الإرادة والعزيمة سنحرر عفرين وعفرين منتصرة
وفي النهاية نستذكر جميع شهداء الحرية ونؤكد على تمسكنا بروح المقاومة والفداء لنكون الجواب الأمثل للمرحلة الحساسة التي يمر بها شعبنا خاصة والشرق الأوسط عامة ولنكون الطليعيين في تطبيق مشروع الأمة الديمقراطية وأخوَّة الشعوب. [1]