#مؤيد عبد الستار#
مفتاح الكتابة السومرية على سفوح جبل بيستون
على سفوح جبل بيستون ، قرب مدينة كرمانشاه ، الواقعة في بلاد الكرد الفيليين شرق خانقين ، توجد صخرة كبيرة نقشت عليها كتابة مسمارية يثلاث لغات قديمة ، تحت تمثال للامبراطور دارا . من تلك الكتابة التي على هذه الصخرة تم فك رموز الكتابة المسمارية.
إن الخطوة الهامة في فك رموز المسمارية ، كانت لمدرس الثانوية الألماني جورج كروتفند ( Georg Grotefend 1775-1853 )
الذي استطاع عزل بعض الحروف المسمارية وتوصل إلى معرفتها ، وهي المستلة من اسم داريوس الامبراطور الإيراني ، الذي ورد اسمه في نقوش صخرة بيستون وأطلال مدينة بيرسي بولس في ايران ، مع الأسماء الملكية الآخر . فاستطاع كروتفند كشف الرموز المتشابهة في النص المسماري وطريقة قراءتها ، بعد جهد كبير في استقصاء الأسماء الفارسية القديمة ومقارنتها في النظم الثلاثة ( اللغات الثلاثة ) التي ذكرها نيبور ، تلك الأسماء مثل ( داريوس _ دارا ) ، كوشتاسب وغيرها ، لان الأسماء كانت تختلف في اللغات القديمة عنها في اللغات الحديثة .
إن نظم اللغات القديمة التي كتبت بها المسمارية على صخرة بيستون والتي تمجد انتصار داريوس ( دارا ) هي :
1- الفارسية القديمة
2- العيلامية
3- البابلية
وان دل هذا على شيئ فانه يدل على ان مايطلقون عليه اللغة العيلامية هي اللغة الكردية الفيلية والتي كانت معروفة الى جانب اللغة السومرية والبابلية . وهي لغة بلاد عيلام . ومن المعروف ان علاقات واواصر قوية كانت تربط بين العيلاميين وبلاد سومر وبابل رغم الحروب التي جرت بين هذه الممالك، ومما يذكر أن ملك عيلام شوتروك ناخونته استولى على بابل ونقل مسلة حمورابي الى عاصمته سوسة عام 1150 قبل الميلاد ، وهناك عثر عليها العلماء الفرنسيون ونقلوها الى متحف اللوفر .
كما نشر السيد فلاندين وزميله كوست اللوحات الجميلة التي رسمها لطاق البستان ، وموقع صخرة جبل بيستون في باريس عام 1851 م ، فقد وصل هذان الرجلان الفرنسيان إلى بلاد فارس عام 1840م ، ضمن البعثة الدبلوماسية الفرنسية التي كان يرأسها السفير دي سيرسي الموفدة من قبل الملك لويس فيليب إلى الشاه محمد .
انشغل فلاندين وكوست بنقش ونقل ما يستطيعان من الكتابة المسمارية المنقوشة على صخرة جبل بيستون والمدونة بثلاث لغات قديمة . وكان قد نقل قسما منها في وقت سابق الميجر هنري راولنسون بمبادرة شخصية منه لا تخلو من خطورة ، كان الميجر راولنسون ( (Major Rawlinson 1810 – 1895) ضابطا في الهند الأعوام 1826 – 1833م وكان رياضيا وفارسا من فرسان لعبة البولو ، تعلم العربية والفارسية والهندية ، وقد جاء إلى ايران من الهند ليقوم بتدريب جيش الشاه الإيراني ، وأصبح مستشارا لحاكم ولاية كردستان ايران ، وهو الذي استطاع نقل النقوش المسمارية من الصخرة بجهد خارق ، لانه اضطر إلى الاتكاء على حافة ضيقة من الجبل ، إذ أن الصخرة تقع على ارتفاع يزيد على المائة متر ، فنقل النقوش المسمارية وهو فوق الحافة يساعده صبي كردي يسنده بواسطة عصا طويلة كي يتحرك لقراءة اللوحة المسمارية ونقشها .
كان العلماء الفرنسيون أمثال بورنوف Burnouf ، ومول Julius Mohl حريصين كل الحرص على الحصول على صورة لهذه النقوش المسمارية ، لكن فلاندين وزميله كوست لم يستطيعا إتمام نقلها من فوق الصخرة بسبب صعوبة الوصول إلى مكان الكتابة المنقوشة هناك .
بعد قيام الميجر هنري راولنسون بنقل تلك النصوص بنجاح ، ساعده في ذلك كونه لاعبا رياضيا ، قام بفك رموز تلك اللغة المسمارية ، لكنه لم يذكر كيفية قيامه بذلك وتوصله إلى حل رموزها ، إلا أن البحث في ما تركه من أوراق وكتابات وآثار ، كشف عن أنه استفاد من جهود إدوارد هنكس Edward Hincks دون أن يشير إليه .
ومن بين الرحالة المشهورين ، الرحالة الدانمركي كارستين نيبور ( 1815 – 1733 م ) الذي نقش الكتابة المسمارية من صخرة جبل بستون أيضا ، أثناء رحلته من الهند إلى الدانمرك ، إذ زار خلالها ايران . ومن أجل قراءة تلك النصوص كان لابد من الوصول إليها ، والظاهر أنها نقشت فوق تلك الصخرة ، وقطعت الصخرة من أسفل الكتابة ، كي يصعب الوصول إليها لحمايتها من العبث أو التخريب .
نشر نيبور نقوشه المسمارية عام 1772 م ، وأثبت في دراساته المتمعنة في تلك النقوش ، أنها نقوش مكتوبة بثلاثة نظم للكتابة مختلفة ( ثلاث لغات ) وأن الكتابة المسمارية تكتب من اليسار إلى اليمين . فكانت نتائج دراساته هي المفتاح الهام لحل رموز الكتابة المسمارية .[1]