عنوان الكتاب: بديع الزمان سعيد النورسي - قراءة جديدة في فكره المستنير
اسم الكاتب: جمال الدين فالح الكيلاني و زياد حمد الصميدعي
مؤسسة النشر: دار الزنبقة
تأريخ الإصدار: 2014
إذا كان اهل السياسة يصنعون الأحداث أو تصنعهم الأحداث لزمن ثم يأفلون، فإن رجال الفكر والذكر ودعاة الإصلاح الحقيقيون من المسلمين يكتب لهم الخلود والحياة في ضمائر الأمم، لارتباطهم الدائم بالقرآن الكريم واعتصامهم بحبله المتين واستمدادهم من انواره، وحملهم دعوته للناس ليتمثلوه في كل وقت وحين، فهؤلاء هم حملة رسالة الأنبياء يسيرون على هدي النبوة ويقتبسون منها ويتمثلون قول رب العزة في حق نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : (( يا أيَّهَا النّبِيُّ إْنّا أرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً وَدَاعياً إلى الله بإذنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً.)) الأحزاب: 46
وبديع الزمان سعيد النورسي واحد من هؤلاء الرجال أولياء الله تعالى جمع بين الذكر والجهاد وعاش مع القرآن وللقرآن بدمه ولحمه فأفاض عليه القرآن من كنوزه وفيوضاته التي لا حد لها، وحياته اختصرها في جملة واحدة هي: ‘حياتي بذرة لخدمة القرآن’.
خادم القرآن السعيد مضى على هذا الطريق علما من أعلام الدعوة خلّف تراثاُ ورّبى جيلا، هم ‘طلبة النور’، وقضى مجاهدا من سجن إلى سجن ومن حصار إلى حصار.
لم تقعد به همته السامقة ‘رغم الأذى’ عن الكتابة والتأليف وإلقاء الدروس حتى أيامه الأخيرة، فألف برسائل النور رجالا ما زالوا على العهد.
خلاصة الأمر لقد أدرك النورسي بثاقب فكره وتجربته وبفضل الله عليه أن الإصلاح ليس جهاد جيل وانتهى الرحيل وليس الإصلاح عنده إبطال موجود، بل إيجاد مفقود هو استصلاح وإصلاح القلوب وتربيتها على المحبة لا الانتقام وشفاء الغليل، لأن طريق الجهاد طويل يريد عملا ممنهجا، يريد تنظيم جهود يريد تعبئة منظمة يريد استبشارا وتبشيرا لأنفسنا وللإنسان مهما تجهم الزمن في وجهنا وكلحت طلعته واكفهرت ملامحه.
برهن الإمام سعيد النورسي من خلال تراثه الذي خلفه أنه كان بحق شمسا معنوية استمدت نورها من القرآن الكريم فهو رجل من أهل الله هم اهل القرآن وخاصته، كما جاء في الحديث، جعلنا الله منهم آمين…
[1]