واقع الصحافة المطبوعة في شمال وشرق سوريا (2011-2019م)
دلشاد مراد
كان النشاط الإعلامي في سوريا يُمارس في حدوده الدنيا قُبيل عام 2011م، نتيجة فرض الضغوط وممارسة حالة من القمع والتهميش الممنهج من قبل السلطات الحاكمة على حرية الصحافة والحراك العام في البلاد. فلم يكن مسموحاً صدور أي صحيفة أو مجلة علنية خارج إطار الإعلام الحكومي، بل وكانت اللغات الغير العربية في سوريا “الكردية والسريانية …” محظورة في التعليم والنشر، مع تثبيت هذا الحظر في الدستور السوري.
ولعل أن التأثير الكبير للصحافة على الرأي العام وتنظيم الجمهور، كانت الدافع الرئيسي وراء الحظر المفروض على حرية الصحافة، كما إن اتباع سياسة الاستبداد ورفض الحلول لقضايا المجتمع والشعوب وعلى رأسها القضية الكردية، انعكست بصورة مباشرة على حرية الصحافة ومنع تداول المنشورات والمطبوعات المعارضة لسياسات النظام الحاكم في البلاد.
وعلى الرغم من ذلك الحظر، كان المثقفون والأدباء والحركات السياسية الممثلة للمكونات الكردية والسريانية والعربية يعملون على إصدار صحف ومجلات سياسية وثقافية وأدبية مستقلة أو ناطقة باسم التنظيمات التي تصدرها، وإن كانت ذلك على حساب الجودة والنوعية وسعة الانتشار، لأسباب السرية وعدم وجود تمويل مستقر ورفض السلطات على ترخيصها والصدور بشكل رسمي وعلني.
وقد توفرت مساحة هامشية للحركة السياسية والمثقفون الكرد لإصدار نشرات سياسية ومجلات أدبية وثقافية كردية أو عربية غير علنية كمجلات، “كُليستان، زانين، بِرس، بُهار، أجراس، المثقف التقدمي، الحوار، روجدا، سوركول، صوت كردستان…الخ”، وكانت معظمها تطبع في لبنان. وخلال الفترة ما بين عامي 2000- 2011م كانت معظم المجلات قد توقفت عن الصدور، وأصبحت المواقع الإلكترونية أكثر الوسائل المتاحة للنشر، مع استمرار الأحزاب السياسية في إصدار نشراتها السياسية الناطقة باسمها.
كانت مناطق روج آفا مهمشة على كافة الصعد قبيل عام 2011م، وبدءً من منتصف عام 2011م بدأت التحركات المنظمة لتصحيح مسار الاحتجاجات الشعبية التي وقعت تحت تأثير الأحزاب السياسية الكردية التقليدية والحركات الشبابية الناشئة والتي ارتأت أن تتوافق تحركاتها في الشارع مع خطاب المعارضة السورية، لعلها تحصل على اعتراف بالحقوق القومية الكردية بعد إسقاط النظام، ولكن بدا واضحاً يوماً بعد يوم التوجهات الطائفية والإقليمية للمعارضة السورية البعيدة عن المبادئ التي ناضل من أجلها الكرد في سوريا منذ نشوء الدولة السورية وخاصة فيما يتعلق بالحريات والمساواة وحل قضايا الشعوب.
وكان لابد من تلك التحركات المنظمة أن توجه الشعب الكردي إلى تنظيم نفسه وإلى امتلاك قوة وسياسة خاصة به، حتى لا يتم جر الشعب الكردي والشعوب الأخرى المتعايشة معهم إلى آتون الحرب الطائفية المدمرة في البلاد، وانتهاج سياسة الإخاء والتعايش المشترك للحفاظ على استقرار مناطق شمال وشرق سوريا.
واستخدم القطاع الإعلامي في التحركات لتنظيم المجتمع، تمهيداً لإعلان ثورة الكرد وحلفائهم. وقد تحقق ذلك بالفعل، حيث أعلن عن انطلاقة ثورة روج آفا بتاريخ 19 تموز 2012م، بدءً من تحرير كوباني وامتدت لتشمل مناطق الجزيرة وعفرين، وتوسعت فيما بعد إلى مناطق أخرى “تل أبيض، منبج، عين عيسى، الطبقة، الرقة، الشهباء، الريف الشرقي لدير الزور” وخاصة بعد مشاركة الشعوب والمكونات الأخرى وتحرير مناطقهم من احتلال إرهابي داعش من قبل قوات سوريا الديمقراطية التي تضم مقاتلين من كافة شعوب المنطقة، لتصبح ثورة “شمال وشرق سوريا” نموذجاً فريداً من نوعه في سوريا والمنطقة عموماً، وقد أقيمت في كل المناطق المحررة إدارات ذاتية مدنية من قبل أبناءها.
وبالتالي لا يمكن فصل الإعلام الناشئ في المنطقة عن الفكر الثوري والديمقراطي التي كانت مرتكزاً لقيام ثورة شمال وشرق سوريا، وخاصة تلك الوسائل الإعلامية التي تعمل وفق المبادئ والمرتكزات التي تقوم عليها هذه الثورة.
وقد شهد الإعلام في شمال وشرق سوريا تحولاً تاريخياً فاصلاً منذ عام 2011م، وتأسست بين عامي 2011- 2019م عشرات من المؤسسات الإعلامية، وظهرت وكالات أنباء وقنوات فضائية ومحطات إذاعية وعشرات من الصحف والمجلات. وحصلت على ترخيص رسمي لعملها من جانب اتحاد الإعلام الحر في البداية، ومن ثم لدى مجلس الإعلام بعد تأسيسها بعد إقرار قانون للإعلام من قبل الإدارات الذاتية الديمقراطية في المنطقة.
=KTML_Bold=1 الصحف المطبوعة:=KTML_End=
صدرت العديد من الصحف المطبوعة في شمال وشرق سوريا خلال أعوام 2011-2019، بعضها استطاعت الاستمرار حتى الآن، وهي التي تمتلك إلى حد كبير سياسات تحرير ناجحة، أما الصحف التي لم تعتمد المهنية، وكذلك التي اتبعت سياسة “اللاموقف”، فتوقفت عن الصدور .
ومن الصحف المستقلة التي صدرت ولاتزال مستمرة “صحيفة روناهي (منذ عام 2011) وبوير (منذ عام 2014م)، السوري (منذ عام 2019م). وهناك صحف مستقلة أخرى صدرت وتوقفت فيما بعد لأسباب عدة ومنها “نودم (2013-2014م)، راستي (2014)، خوندكار (2012- 2015)، زيا (2015م)”.
ومن الصحف الحزبية التي تصدر في شمال وشرق سوريا (الاتحاد الديمقراطي “تصدر أسبوعياً وبالقياس الكبير”، السلام، صوت كوردستان، الليبرالي، نداء الإصلاح، يكيتي، كوردستان، الوحدة، الوفاق، الشغيلة، الشيوعي الكردستاني، المساواة…).
نذكر هنا نماذج من الصحف المطبوعة:0
صحيفة روناهي (2011- مستمرة)
صحيفة سياسية عامة، مقرها مدينة قامشلو. وتعتبر من أكبر الصحف توزيعاً في شمال وشرق سوريا.
في بداية شهر تشرين الأول 2011م قرر مجموعة من المثقفين والصحفيين من مختلف مناطق روج آفا في اجتماع عقدوه بمدينة حلب إصدار صحيفة سياسية اجتماعية ثقافية باسم «روناهي» وتشكيل هيئة تحريرها. وقد أصدروا العدد صفر من الصحيفة في 16 تشرين الأول 2011، وتمت طباعتها ووزعت 500 نسخة منها ضمن مدينتي حلب ودمشق ومناطق روج آفا.
صدرت روناهي في البداية باللغة العربية فقط، وبعد أقل من شهر تم إصدار قسمها الكردي أيضاً. وكانت الصحيفة في بدء صدورها أسبوعية وتصدر على شكل أقرب الى المنشورات /قياسA4 / بتصميم متواضع بسبب ضعف الإمكانات الذاتية للصحيفة في تلك الفترة.
وفي عام 2013م فتح المكتب الرسمي للصحيفة في مدينة قامشلو، وكذلك مكتب مماثل في مدينة عفرين، كما توسعت هيئة تحرير الصحيفة، وأصبحت لها مراسلين في عدد من مناطق روج آفا كديريك وكركي لكي وكوباني وتربه سبيه وعفرين. وازداد عدد أعضاء العاملين في الصحيفة، وتم البدء بتشكيل أقسام للصحيفة (الأرشفة، الإخراج، التوزيع، العلاقات العامة).
وبعد فتح مقرها الرسمي في مدينة قامشلو وتشكيل طاقم للعمل وشبكة لا بأس بها من المراسلين في المدن والبلدات الأخرى في الجزيرة ارتفعت عدد النسخ المطبوعة من الصحيفة في مقاطعة الجزيرة من 1500 نسخة في ربيع 2013 إلى 4000 نسخة في ربيع 2014 أي بزيادة نسبتها 165% خلال فترة عام واحد.
وخلال عامي 2017 – 2018 أصبحت للصحيفة مراسلين في المناطق المحررة حديثاً كالطبقة وعين عيسى والرقة، وأصبحت المواضيع المتعلقة بتلك المناطق تجد طريقها للنشر في الصحيفة وسط ترحيب من أهالي تلك المناطق.
وبتاريخ 20 تشرين الأول 2014م وفي العدد 151 من القسم العربي وبالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لصدور الصحيفة صدرت الصحيفة في إقليم الجزيرة وكوباني بالقياس الكبير المتعارف دولياً «70×50سم»، بعد أن تمكنت المطبعة التي تطبع الصحيفة من جلب آلات حديثة نوعاً ما، لتشكل نقلة نوعية في مسيرة الصحيفة التي ظلت مدة أعوام تعاني من صغر حجم صفحاتها، الأمر الذي اضطرها لتقليص عدد المواضيع التي تنشرها. وقلصت الصحيفة عدد صفحاتها من 20 صفحة إلى 16 صفحة، بينما بقيت مقاطعة عفرين تصدر بالقياس الصغير حتى تاريخ 18 أيلول 2016م بعد فتح مطبعة بأجهزة طباعة كبيرة، وبدءاً من العدد 327، صدر الصحيفة في مقاطعة عفرين بالقياس الكبير.
وتحول القسم العربي من الصحيفة من أسبوعية إلى الصدور النصف الأسبوعي بدءاً من مطلع عام 2015م، ليلحقها القسم الكردي في عام 2016م.
وفي 21 آب 2017 بعد وصول الصحيفة إلى المناطق المحررة وزعت صحيفة روناهي لأول مرة في مدينة الطبقة، وفيما بعد في عين عيسى ومنبج والرقة، وسط إقبال كبير ومطالب بزيادة عدد النسخ الموزعة.
وفي سعي الصحيفة إلى نشر الرأي الحر وتبني الأفكار النيرة التي تخدم المجتمع خصصت الصحيفة منذ البداية صفحة للآراء الحرة، وخصصت العديد من زوايا المقالات لعدد من الكتاب والشخصيات البارزة، كما أصدرت مؤسسة روناهي أولى كتبها في 15 كانون الثاني 2017 بطباعة كتاب بعنوان “الكردايتي وأزمة الشخصية” للكاتب الراحل خليل كالو الذي كان ينشر سلسلة من المقالات في الصحيفة، كما تم إعداد مقالات الشهيد حسين شاويش في كتاب «السجل الأسود» وطباعته من قبل دار شلير في عام 2018م .
في 5 حزيران 2017م أقدمت السلطات الفاشية على حجب موقع صحيفة روناهي على خوادم الإنترنيت في تركيا، وذلك في محاولة بائسة للتأثير على الإعلام الحر الفاضح للسياسة الشوفينية التركية في المنطقة عموماً. وهذا التصرف يؤكد على مدى تأثير صحيفة روناهي في فضح السياسات الفاشية والقمعية والاحتلالية للدولة التركية ومرتزقتها وأزلامها في المنطقة.
وقد تبنت صحيفة روناهي شعار صحيفة آزاديا ولات الكردية في تركيا لعددها الصادر في 2 تشرين الثاني 2016م تضامناً معها بعد أن اتخذت السلطات التركية قراراً بإغلاقها.
في 1 أيلول 2012م أصدرت مؤسسة روناهي مجلة للأطفال باسم «مزكين»، وكانت تصدر مرة في الشهر في البداية، وحالياً تصدر بشكل نصف شهري. وتوزع المجلة بشكل مجاني وتحظى بقبول أطفال روج آفا وشمال سوريا.
أصدرت إدارة صحيفة روناهي قراراً بالفعل قبل سنوات بالانتقال إلى الصدور اليومي، ولكن عدم استطاعة المطابع الموجودة لطباعة الصحف بشكل يومي حال دون تطبيق القرار المتخذ، ولذلك انتقلت الصحيفة إلى الصدور من الأسبوعي إلى النصف الأسبوعي، ومن ثم إصدار ثلاث أعداد الكترونية إلى جانب عددين مطبوعتين في الأسبوع في عام 2018م كمرحلة انتقالية إلى الصدور اليومي المطبوع. وبسبب حدوث تغييرات إدارية وانخفاض عدد العاملين فيها تم التقليل من عدد الصفحات (من 16 إلى 12 صفحة) وتغييرات في توجهات بعض الصفحات، ومنها توقف التحقيقات المجتمعية.
تجري الصحيفة في نهاية كل سنة تقييماً لعملها وإحداث التغييرات اللازمة لتطوير الصحيفة، وقد قررت في اجتماعها السنوي في نهاية عام 2019م فتح زوايا مقالات لكتاب جدد في مختلف صفحات الصحيفة.
صحيفة بوير (2014- مستمرة):
صحيفة سياسية عامة مستقلة، نصف شهرية، مقرها في مدينة قامشلو. صدرت في منتصف 2014م من قبل عدد من المنسحبين من جريدة نودم، وكانت تطبع في البداية في مطابع إقليم كردستان، وفيما بعد تمت طباعتها في روج آفا، كانت توزع في البداية في قامشلو، وفيما بعد تم ارسال نسخ منها إلى بعض المدن في إقليم الجزيرة، لكن الصحيفة عانت خلال عام 2019م من التأخر في مواعيد الصدور. تصدر بوير باللغتين الكردية والعربية، وهي تضم 12 صفحة (مناصفة بين القسمين الكردي والعربي). واستطاعت من استقطاب جزء من النخبة الكردية، كونها تصدر وتوزع في مركز القرار السياسي والثقافي في روج آفا.
صحيفة السوري (2019- مستمرة)
صحيفة سياسية عامة، مقرها مدينة الرقة، وتوزع في كافة مناطق شمال وشرق سوريا، تتناول الشأن العام في عموم سوريا، صدر العدد الأول بتاريخ 7 أيار 2019، بعد تحضيرات وتدريب مهني لمجموعة مؤلفة من خمسة أعضاء دام خمسة أشهر ليكونوا النواة الرئيسية لها. وتضم الصحيفة 12 صفحة.
=KTML_Bold=2- المجلات المطبوعة:=KTML_End=
كما ذكرنا في المقدمة فإن معظم المجلات قد توقفت عن الصدور قبيل عام 2011م، وقليل منها استمرت في الصدور. ويمتاز المجلات عن الصحف بتخصصها في مجال معين.
تعتبر مجلة (الشرق الأوسط الديمقراطي) من أبرز المجلات السياسية التي تصدر في الوقت الحالي، وهي فصلية تصدر باللغة العربية، وتعنى بشؤون الشرق الأوسط. وهناك مجلة (دراسات استراتيجية)، وهي فصلية تصدر باللغة العربية، عن مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية، وصدرت في عام 2019م. ومجلة (صوت كردستان) وهي أيديولوجية فكرية، صدرت في عام 1986، وتصدر كل شهرين.
وفي المجال الأدبي والثقافي، ظهرت مؤخراً مجلة “شرمولا” بقوة في الساحة الإعلامية والثقافية، وهي تصدر بشكل فصلي وباللغتين الكردية والعربية، وقد تأسست في 20 أيلول 2018م خلال اجتماع لمجموعة من المثقفين من مختلف مناطق شمال وشرق سوريا في مدينة قامشلو، وتم تشكيل إدارة وهيئة تحرير المجلة، وذلك بغرض احتضان النتاجات الأدبية والثقافية لكتاب شمال وشرق سوريا، وتعزيز العلاقات الثقافية بين شعوب المنطقة (الكردية العربية السريانية).
صدر العدد الأول لها في 7 شباط 2019م. وحتى نهاية عام 2019م صدرت أربعة أعداد من المجلة، وتضم المجلة الأقسام والأشكال الأدبية كافة، ويصل عدد صفحاتها وسطياً حوالي 200 صفحة، ويضم العدد الواحد ما بين (50-60) نتاجاً قيماً في مختلف الأشكال الأدبية والثقافية.
وقد وصل عدد كتاب المجلة في أعدادها الأربعة الأولى، أي في غضون عام واحد، إلى أكثر من (150) كاتباً وكاتبة، و(30) فناناً تشكيلياً، وينشر فيها كتاب شمال شرق سوريا وأيضاً من الداخل السوري، وكردستان، والعالم العربي (مصر، ليبيا، اليمن، الأردن، الجزائر، المغرب، السودان، فلسطين).
وتخطط إدارة المجلة لتطوير المجلة من كافة النواحي، لتغدو المرآة أو الوجه الثقافي والأدبي لروج آفا وعموم شمال وشرق سوريا، وملتقى أدبي وثقافي لشعوب المنطقة.
وهناك مجلة (الحوار) (1993- مستمرة) وتصدر فصلياً وباللغة العربية، إضافة إلى مجلات يصدرها اتحادات الكتاب والمثقفين في المنطقة(روج آفا، دشت، الكاتب-نيفيسكار، بينوسا آزاد). كما ان هناك مجلات نسائية ك “صوت الحياة” بالعربية و “آسويا جين” بالكردية. إضافة إلى مجلات أخرى اعتمدت على مصادر تمويل خارجية، وقد توقفت عن الصدور بمجرد توقف التمويل عنها.
=KTML_Bold=معوقات تطور الصحافة المطبوعة=KTML_End=
يتمثل أبرز معوقات تطور الصحافة المطبوعة في شمال وشرق سوريا في تدني مستوى المهنية بالعمل الصحفي، ويعود ذلك إلى ضعف أداء العاملين في المؤسسات الإعلامية، والسطحية والشخصنة في طرح المواضيع والآراء، واستغلال مهنة الصحافة في أمور أخرى، وتدني في الثقافة والمعرفة والأنانية والنرجسية لدى كثير من العاملين. وتعاني معظم المؤسسات الإعلامية من نقص في كوادرها وتشتكي من ضعف في المؤهلات الصحفية لكوادرها, وهذا ما يؤثر على نوعية المواضيع والمواد التي تحتويها الصحف والمجلات.
فالمهنية الحقيقية في صحافة شمال وشرق سوريا تكمن في القدرة على جعل نفسها منبراً للثقافة والقيم والأخلاق المجتمعية، وكذلك للأيديولوجية الأكثر كفاءة في تحقيق الحرية والديمقراطية المنشودة في المنطقة، وصدى للواقع المجتمعي والقدرة على استخلاص مشكلات المجتمع ونقل قضاياه وطرح الحلول الأكثر كفاءة، وكل ذلك ضمن ضوابط وقواعد أخلاقية، وضمن أسلوب لغوي رصين وغير معقد وواضح.
يمكن القول إن المهنية في الصحافة تظهر بشكلها الساطع في مدى قدرة المؤسسة الإعلامية على طرح الأيديولوجية التي تحملها أو التي تؤيدها بأسلوب أكثر كفاءة وأكثر تقبلاً من الرأي العام. وبعبارة أبسط، المهنية في الصحافة هي القدرة على التأثير في المجتمع.
ومن الناحية التقنية فإن عدم قدرة المطابع الموجودة على طباعة الصحف اليومية يعتبر معوقاً للانتقال إلى مرحلة الصدور اليومي في الصحف المحلية. فالظروف السياسية القائمة في سوريا والمنطقة والحصار المفروض على شمال وشرق سوريا واستمرار الهجمات الخارجية يؤخر من تطور التقنيات وبخاصة المطابع الحديثة، وكذلك أسعار الورق والأحبار، وهذه قد تكون سبباً لإغلاق وتوقف بعض الصحف أو صعوبة في إصدار صحيفة أو مجلة مطبوعة بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة والتوزيع.
ويتسبب عدم وجود أجهزة التجميع الحديثة في المطابع المحلية في تأخر الدورة الطباعية، فصحيفة روناهي على سبيل المثال كانت تنتظر ثلاثة أيام على الأقل بين أعوام 2013-2015م للانتهاء من أعمال الطباعة, ومع تطور الأجهزة الطباعية أصبحت تنتهي طباعة العدد الواحد خلال يومين. كما إن المجلات تستغرق حوالي شهر للانتهاء من كافة أعمال الطباعة. وهذا ما يمنع من إمكانية الصدور اليومي للصحف.
خطوات تطوير الصحافة المطبوعة
ولعل من أبرز الخطوات العملية التي سيساعد على تطوير الصحافة المطبوعة في شمال وشرق سوريا:
الاستقرار السياسي.
وجود الأجهزة التقنية الحديثة المساعدة على تسريع الدورة الطباعية .
توفر كوادر خبيرة ومؤهلة وتأهيل العاملين الموجودين في المؤسسات الإعلامية
وضع المؤسسات لسياسات وخطط عمل دائمة ومركزية حكيمة تحاكي الواقع الموجود.
المحتوى المناسب ونشر المواضيع التي تثير هموم واهتمامات العامة.[1]