=KTML_Bold=مظلوم عبدي: ليست محاولة الاغتيال التركية الأولى=KTML_End=
في تصريحٍ حصري ل«المونيتور»، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيفعل «أي شيء للوصول إلى السلطة مجدداً» بينما تستعد تركيا للانتخابات الشهر المقبل.
وأكد حليف واشنطن الرئيسي في القتال ضد تنظيم داعش تعرّضه لمحاولة اغتيال يوم الجمعة بالقرب من مطار السليمانية الدولي في كردستان العراق من خلال تفجير مسيّرة بالقرب منه، ما أدى إلى اندلاع حريقٍ صغير من دون وقوع أضرار أو إصابات. يُعتقد بشكل كبير أن تركيا وراء الهجوم، على الرغم من نفي مسؤولي وزارة الدفاع التركية تورّطهم في الموضوع، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأكد عبدي وقوع هجومٍ بمسيرّة على موكبه المتّجه إلى المطار برفقة إلهام أحمد، رئيس مجلس سوريا الديمقراطية، وهو أعلى هيئة حاكمة في شمال شرق سوريا الخاضع لسيطرة الكرد، بالقرب من المطار.
ووصف عبدي الضربة الجوية بأنها «هجومٌ صارخ على العراق وسيادته».
وقالت القيادة المركزية الأميركية في وقت متأخر الجمعة إن ثلاثة مسؤولين عسكريين أميركيين كانوا أيضا في القافلة. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الضربات «هددت بشكل مباشر سلامة العناصر الأميركيين»، الذين يعملون على هزيمة تنظيم داعش، من دون الإشارة إلى الجهة المسؤولة. وكان عبدي متوجهاً إلى المطار في طريقة للعودة إلى شمال سرق سوريا على متن طائرة عسكرية أميركية.
وأوضح أنه كان في السليمانية للقيام بأعمال اعتيادية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة «في إطار برنامج مشترك لمحاربة داعش».
ولم يصدر أي تعليق من البيت الأبيض ووزارة الخارجية على الحادث حتى ساعة نشر هذا المقال. ومع ذلك، من المرجح أن تتعرض إدارة الرئيس جو بايدن لضغوطٍ قوية من الكونغرس، حيث يرتفع منسوب المزاج المعادي لتركيا بسبب عداء أنقرة للكرد السوريين وعلاقاتها الحميمة مع روسيا، من أجل الرد بقوة بعد انتهاء احتفالات عيد الفصح.
وردّاً على سؤال بشأن مسؤولية تركيا عن الاستهداف بالمسيّرة، أشار عبدي إلى بيان الرئاسة العراقية الذي طالب أنقرة بالاعتذار، والذي جاء فيه أن «تركيا لا تملك أي مبررٍ قانوني لمواصلة ترهيب المدنيين بحجة وجود قوات معادية لها على الأراضي العراقية». وكانت الرئاسة تشير على الأرجح إلى الهجمات التركية المستمرة على مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في كردستان العراق.
وأشار عبدي إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها تركيا لقتله، وأن «هناك محاولات سابقة للدولة التركية كان آخرها الهجوم الذي استهدف مقرات لقوات مكافحة الإرهاب التابعة لقواتنا في الحسكة»، في إشارةٍ إلى غارةٍ تركية بطائرةٍ مسيّرة في نوفمبر/تشرين الثاني على قاعدةٍ مشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة حيث يعقد عبدي اجتماعاتٍ مع مسؤولين أجانب ووسائل إعلام دولية.
وتابع عبدي أن «تركيا تخطط لزعزعة استقرار المنطقة والتعدّي على أمنها وخلق حالة من الفوضى الدائمة»، متوقّعاً بأن يخلق أردوغان «الصراع عمداً لانتزاع انتصار وتعبئة قاعدته القومية في الانتخابات الحاسمة» المقرر إجراؤها الشهر المقبل. وأضاف أن تركيا «تنتهز باستمرار أي فرصة لضرب شراكتنا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة».
وقال عبدي إن تصرفات تركيا فشلت في إضعاف عزمه على مواصلة معركة قوات سوريا الديمقراطية ضد الإرهابيين بالشراكة مع الولايات المتحدة.
ونفى عبدي مراراً مزاعم أنقرة بأن قواته تشكل أي تهديدٍ لتركيا. ونادراً ما استهدفت قوات سوريا الديمقراطية القوات التركية عبر الحدود أو داخل سوريا، إلا في حالاتٍ معدودة للدفاع عن نفسها. وتنفي قوات سوريا الديمقراطية أي علاقاتٍ تنظيمية مع حزب العمال الكردستاني.
وقال عبدي في تغريدة: «ندين بشدة استهداف مطار السليمانية من قبل تركيا». وجاءت التغريدة ردّاَ على تصريح بافل طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، ثاني أكبر حزب في إقليم كردستان العراق والذي يسيطر على منطقة السليمانية. وقال طالباني إن «الأعمال الإجرامية والتعدي على حدود إقليم كوردستان والعراق، بتوجيه من وكالة المخابرات المحلية، أمر شائع ولدينا تاريخ طويل معه». ومن المحتمل أن طالباني كان يلمح إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الشريك الرئيسي في الائتلاف الذي يدير إقليم كردستان والذي يمتلك صلاتٍ وثيقة مع تركيا.
من المستبعد جداً أن يعرّض الحزب الديمقراطي الكردستاني علاقاته مع الولايات المتحدة للخطر، في ظل الأهمية البالغة لدعم الأخيرة لقوات البيشمركة، كما يستبعد قيامه بتعريض حياة العسكريين الأميركيين للخطر من خلال مشاركة مثل هذه المعلومات الاستخباراتية مع تركيا، في ظل ادراكه بأن تقوم تركيا بمثل هذا التصرّف.
إن الوقاحة المتزايدة لتركيا مبنية على حسابات أنقرة بغياب المحاسبة على أعمالها. أدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة مخزون تركيا الاستراتيجي. ويبدو أن الحاجة إلى إبقاء أنقرة خارج مدار الكرملين تفوق مخاوف واشنطن بشأن سلامة حلفائها في قوات سوريا الديمقراطية.
أما الاتحاد الوطني الكردستاني، فوجّه أصابع الاتهام مباشرةً إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني في بيانٍ جاء فيه أن «مؤامرة استخباراتية وتجسس نُفِّذت مسبقًا أدّت إلى الهجوم على [مطار السليمانية الدولي]، أي ما يعادل إرسال قوة احتلالٍ إلى إقليم كردستان. ومن ثم، فإننا ندين بشدّة هذا الهجوم. لقد توقّعنا من السلطات المختصة أن تتصرف وتحقق وتتجنب هذه الجريمة بدلاً من تبريرها بشكلٍ أعمى. ولكن، كما في الماضي، باتت أقلّية فرضت نفسها داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولديها علاقات خاصة وسرية، مرشدة للحكومة لتخدم أجهزة مخابرات الدول الأخرى لزعزعة أمن إقليم كردستان ومحافظة [السليمانية]».
يكاد يكون من المؤكد أن البيان سيصعّد التوترات القائمة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، والتي اندلعت الصيف الماضي بسبب مزاعم الحزب الديمقراطي بأن الاتحاد الوطني الكردستاني أجاز جرائم القتل في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق التي يديرها الحزب الديمقراطي الكردستاني، والتي طالت اثنين من مسؤولي الاستخبارات ممن انشقوا عن حزب الاتحاد الوطني. وتتوقّع العديد من المصادر الإقليمية، التي لها صلات جيدة مع مجتمع الاستخبارات، أن مسؤولي مكافحة الارهاب الساخطين من أسلوب طالباني القاسي أبلغوا أنقرة بوجود عبدي.
ويبدو طالباني، الذي أعلن صداقته مع زعيم قوات سوريا الديمقراطية والذي يتمتع بشعبيةٍ كبيرة، في حالة عداءٍ مع أنقرة بسبب دعمه المزعوم ليس فقط لقوات سوريا الديمقراطية بل أيضاً لحزب العمال الكردستاني.
وفرضت تركيا الأسبوع الماضي حظراً على الرحلات الجوية لمدة ثلاثة أشهر على مطار السليمانية بسبب ما زعمت وزارة الخارجية التركية أنه «اختراقٌ» من قبل حزب العمال الكردستاني.
ونفت قوات سوريا الديمقراطية في البداية وجود عبدي في السليمانية. وقال الناطق بإسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي إن النفي كان خطوة متعمدة لضمان عودة عبدي بأمان إلى شمال شرق سوريا. وكتب الشامي في تغريدة: «كجزءٍ من استجابتنا الأمنية الطارئة المتعلقة بسلامة قيادة قواتنا، فقد تعمّدنا تقييد نشر المعلومات حول الهجوم التركي على مطار السليمانية، حيث كان قائدنا العام (مظلوم عبدي) متواجداً هناك».[1]