=KTML_Bold=الكورد.. عنصريون!!!=KTML_End=
#بير رستم#
ولما العجب؟ رأي ويجب التباحث فيه وتدارسه وربما يكون صاحبه على حق؟!. قلنا ذلك لأنفسنا ونحن نغادر مبنى أمن الدولة بحلب وذلك برفقة الصديق عبد الحفيظ عبد الرحمن؛ حيث كنا نحن الإثنين في حالة إستدعاء للتحقيق الأمني وذلك بعيد عودتنا من مؤتمر أدبي ثقافي قام بتنظيمه إتحاد الكتاب الكورد (فرع دهوك) وذلك في عام 2006 إن لم تخنا الذاكرة، وقد كان هناك أكثر من كاتب وكاتبة مدعو/مدعوة للمؤتمر وممن نتذكرهم _من كروب سوريا_ كل من السيدات والسادة نسرين تيلو، وجيهة عبد البرحمن، الأستاذ دحام عبد الفتاح.. وعدد من الزملاء الشعراء _نأمل أن يذكروننا بأسمائهم_ وكذلك كان هناك عدد آخر من الأجزاء والأقاليم الكوردستانية الأخرى, بالإضافة إلى عدد لا بأس به من الزملاء والزميلات الذين تم دعوتهم من أوروبا؛ المهم كان مؤتمراً كوردستانياً للثقافة والأدب.
..ومثل كل مرة؛ عاد الجميع إلى بيوتهم سالمين غانمين، إلا الوفد السوري حيث تم إستدعائهم للفروع الأمنية وكلٌ في محافظته _هو صحيح أن الصديق حفيظ من القامشلي ولكن في ذاك التاريخ كان من ساكني حلب ولذلك تم إستدعاءه بحلب وليس القامشلي_ المهم.. ذهبنا مثل كل مرة ونحن نعاني كل أشكال الرهاب والرعاب والذي ينتاب المواطن السوري في مثل هذه الحالة للإستدعاءات الأمنية. وهكذا وبعد التحقيق الأولي لكل منا والأسئلة الروتينية عن الأسم والولادة وتاريخ حياتك منذ الولادة ليوم مماتك _أي الإستدعاء الأمني_ وكذلك إتجاهك السياسي الحالي والسابق واللاحق.. وكل شاردة وواردة وطبعاً مع بعض البهارات التهديدية لك وبأنهم يعلمون كل شيء عنك _وهذه لم تكن لها تفسير لدينا؛ إن كان هم يعلمون كل شيء عن الواحد فلما السؤال.. إن لم يكن لإذلاله_ نعم.. وبعد كل تلك لإجراءات الروتينية ودخول وخروج مدير مكتب العقيد خليل ملا؛ كان رئيس قسم الأحزاب وقتئذٍ في فرع أمن الدولة بحلب.. تم إستدعاءنا لمكتب العقيد خليل.. وبالمناسبة كان مكتباً ضخماً لم نرى مثيل له من قبل؛ وضخامته كان في كل شيء بدءً بالقاعة وإنتهاءً بالطاولة التي كان جالساً خلفها.
…لن نخوض في كل الأحاديث التي جرت بيننا؛ حيث تكلمنا كثيراً وفي مواضيع شتى من الثقافة إلى السياسة إلى سوريا وتكويناتها.. طبعاً كنا على خلاف بيّن _إن لم نقل في كل المواضيع_ ففي جلها.. وهكذا وفي الأخير وبعد أكثر من ساعة من ذاك الجدال العبثي أردنا أن نلخص القضية في حكاية حقيقية جرت معنا في البيت فقلنا له وبحضور الأخ حفيظ: سيادة العقيد.. المواضيع التي تحدثنا بها هي مواضيع سياسية وبالتأكيد سوف نختلف في الكثير من النقاط كوننا ننتمي لضفتين، تيارين أو جهتين مختلفتين وبالتالي لا يمكن التوافق بسهولة ولذلك فإننا سوف نترك تلك القضايا الإشكالية للزمن وهو الكفيل بطرح الحلول الناجعة لها.. ولكن لدينا موضوع شخصي نأمل أن تجدون الحل المناسب لها ونكون من الشاكرين.
فما كان منه إلا أن هز برأسه وسألنا: شو الحكاية. وكأن هو بإنتظار أن نطلب منه خدمة شخصية وهذه تكون بداية الخيط لتعليقك بشبكة الأمن.. ولكنه تفاجأ بكلامنا وذلك بعد أن قلنا: سيادة العقيد.. الله يخلي أولاد الجميع وأولادكم؛ لدينا إبنتان (أستر ومايا) وبينهما عام وبضعة أشهر والأولاد يكبرون بسرعة.. وهكذا عندما صارت أستر في السادسة من العمر وبدأت بالذهاب للمدرسة فإن مايا ولمدة عام كامل كانت تقلد أختها في اللباس وتجهيز حقيبة المدرسة _وهي؛ أي مايا فرضت علينا أن نشتري لها كل لوازم المدرسة رغم صغر سنها وعدم السماح بالذهاب لها_ فكانت تجهز نفسها يومياً مثل أختها وكأنها تلميذة في الصف الأول ولمدة عام كامل.
إنقضى العام سيادة العقيد وجاء العام الجديد وأصبحت إستر في الصف الثاني.. وفي أول يوم دراسي من العام الجديد ومايا تحمل حقيبتها وتسرع الخطى لتلحق بأختها وهي سعيدة بيومها الأول للذهاب للمدرسة؛ فها هو الحلم يصبح واقعاً.. ولكن وبعد سويعات عادت مايا من المدرسة وهي بحالة جد بائسة ودموعها على خدها وبعد تهدئتها وتطييب الخاطر فاجأتني بقولها؛ إنها لن تذهب للمدرسة!!!!.. بعد عام من التحضير والتجهيز وها هي مايا لا تريد الذهاب للمدرسة. أتعرفون ما كان السبب سيادة العقيد في إتخاذ مايا ذاك القرار الجريء والمفاجئ.
وهنا سأل العقيد خليل ملا وبجدية: ما كان السبب. ونحن بدورنا لم نبخل عليه كما لم تبخل علينا ماما بإجابتها في لحظة يأس طفلة لا تقدر على التواصل مع أستاذها..نعم يا سيادة العقيد لقد كان جوابها بسيطاً وشفافاً وغير مبالغ به: حيث أن المعلمة تتكلم لغةً هي لا تفهمها. وهنا تدخل العقيد خليل ملا وسأل مجدداً: “ليش بالبيت ما تحكوا عربي” ولما كان جاوبنا هو النفي وبأن الوالدة لا تعرف من اللغة العربية بقدر ما نعرف من الطليانية فما كان منه إلا وقال: “أشقد أنتُ عنصريين“؛ يعني كم أنتم عنصريين.. نعم يا سيادة العقيد: حقاً أن الكورد عنصريين.. ولا عجب.[1]