ب. د. #فرست مرعي#
ولد يونا بن رحاميم صبار Yona Sabar في مدينة زاخو في كوردستان العراق، سنة 1938م، وهاجر مع أسرته وهو صغير إلى إسرائيل سنة 1951م بعد الهجرة الجماعية ليهود العراق (1949 – 1951م) إلى إسرائيل بعد إسقاط الحكومة العراقية الجنسية العراقية عن اليهود العراقيين.
حصل يونا على شهادة البكالوريوس من قسم اللغة العربية والعبرية من الجامعة العبرية في القدس عام1963م، وحصل على منحة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، فحصل على شهادة الدكتوراه في لغات وآداب الشرق الأدنى من جامعة ييل الأمريكية عام 1970م، وهو حالياً يشغل منصب أستاذ اللغة العبرية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، ويتحدث اللغة العبرية والآرامية والإنكليزية، ونشرت له أكثر من 90 مقالة وبحث حول الآرامية اليهودية الجديدة والفولكلور اليهودي (التراث الشعبي) في كوردستان.
له شقيق يُدعى (شالوم صبار) هو الآخر باحثٌ في الفولكلور اليهودي في إحدى المراكز البحثية الإسرائيلية.
من أبرز كتبه وأبحاثه الخاصة باليهود الكوردستانيين:
1- الأدب الشعبي لليهود الكوردستانيين: مختارات، مطبعة جامعة ييل، 232 صفحة، صدر عام 1982م.
2- قاموس يهودي آرامي جديد: لهجات العمادية، ودهوك ونيروه، وزاخو، شمال غرب العراق. فيسبادن: دار هاراسويتز، صدر عام 2002م.
3- الآرامية، التي كانت ذات يوم لغة دولية، الآن على وشك الانتهاء: هل أيام آثارها الأخيرة معدودة؟ عندما تتصادم اللغات: وجهات نظر حول الصراع اللغوي، والمنافسة اللغوية، والتعايش اللغوي. كولومبوس: مطبعة جامعة ولاية أوهايو. ص 222-234، صدر عام 2003م.
4- هل أيام اللهجات الآرامية الجديدة اليهودية والمسيحية معدودة؟ (بي دي إف). مجلة الدراسات الأكاديمية الآشورية. 23 (2): 6-17. نشر عام2009م.
في كتابه : The Folk Literature of Kurdistani Jews (التراث الشعبي ليهود كوردستان (نقتطف بعض المحطات المهمة التي ذكرها البروفيسور يونا صبار قد لا نجدها في المظآن الأخرى، ارتبط يهود كوردستان بالأراضى المقدسة في إسرائيل، كان اليهود يشعرون بالانتماء القوي لأرض إسرائيل منذ قدومهم إلى كوردستان لأنهم كانوا أبناء يهود مملكة يهودا وإسرائيل التي قامت الممالك الآشورية و الكلدانية بنفيهم إلى كوردستان (سنة 721ق.م، السبي الآشوري بقيادة سرجون الآشوري) و(سنة 586ق.م، السبي البابلي المشهور بقيادة الملك الكلداني نبوخذنصر) وكانوا يدفنون موتاهم باتجاة أورشليم وكانوا يضعون مع الميت أغراضه الثمينة في القبر.
وبخصوص أدب وتاریخ یهود كوردستان لم یكن مكتوباً بل كان عبارة عن بعض القصص التوراتية عن النبي موسى والأشياء الأخرى التي تخص التراث اليهودي، والتي كانت تروى من قبل الشيوخ وكبار السن إلى الأجيال الآخرى وتنقل من جيل إلى جيل آخر وذلك بهدف حفظ تراثهم وتاريخهم، وانتمائهم لإسرائيل، إضافة إلى أن بعض الحاخامات دونوا بعض الأشياء المعينة المهمة بالنسبة لهم حيث كانت تستفيد منها العوائل في تربية أطفالها في مرحلة معينة، وبعد ذلك بفترة قاموا بترجمة التوراة إلى بعض اللهجات الآرامية الأخرى، ونقل ذلك الأدب الشفهى من جيل إلى آخر؛ وأدى إلى خلق أدب فلكلوري غني يفتخر به معظم یهود كوردستان.
أما الدليل الآخر على الانتماء القوى ليهود كوردستان للأراضي المقدسة في إسرائيل (أرض الميعاد) هو تسمية الأماكن التي تواجدوا فيها في كوردستان بأسماء عبرية للمناطق الإسرائيلية ومن تلك المناطق: (أربيل - اليخوش)، و(آكری - أيكرون)، و(الموصل - آشور) و (كركوك - كيلاه)، ( دهوك – آتوك).
ويستطرد بالقول، بأنه كانت هناك اتصالات بين يهود إسرائيل ويهود كوردستان خصوصاً اليهود الذين كان يتبعون لحكم مملكة أديابين الكوردية ذات الدين اليهودي (كانت عاصمتها أربيل في القرن الأول الميلادي)، وكانوا على علاقة متينة بيهود إسرائيل وكان يوجد حاخامات ورسل ورحالة يهود يقدمون من إسرائيل لزيارة كوردستان وكانوا يستشارون ويسألون حول شتى القوانين والشرائع اليهودية وكانوا يلقون الترحيب والاحترام من قبلهم بشكل استثنائي، وعندما يصلون إلى أى منطقة يستقبلهم الناس و يقبلون أياديهم، وبعد الذهاب إلى الصلاة في الكُنَيس مع اليهود المحليين يصطحبون الحاخام إلى بيت كبير اليهود في المنطقة وهناك يغسل قدميه ويأخذ قسطاً من الراحة.
والجدير بالملاحظة بأن (زاخو) قد سميت في المصادر العبرية باسم أورشليم كوردستان )وذلك يدل على أن أوضاعهم كانت ممتازة فيها بحيث كانوا يمتلكون نصف المدينة تقريباً حسب ما ذكره (يونا صبار).
أما بشأن أعمال ومهن اليهود في كوردستان، فقد كان المجتمع الكوردي مجتمعاً زراعياً في ما مضى، وكان اليهود الذين يشكلون جزءاً من هذا المجتمع يعملون بالزراعة كما هو حال البقية من السكان، فكانوا يعملون مزارعين ورعاة قبل تحولهم إلى حقل التجارة، وكانت التجارة والأعمال اليدوية تأتيان بعد الزراعة التي كانت لها قدم السبق وأولوية بالنسبة لهم بسبب طبيعة المجتمع الكوردي حينذاك، إضافة إلى عدم توفر بيئة ملائمة لتطور الصناعة المحلية، وكان لهم أعمال أخرى (كتربية المواشى والبقالة والبنوك والأعمال اليدوية والتجارة وبائعون متجولون).
إن الطبيعة الجغرافية الصعبة لكوردستان وعدم توفر وسائل النقل في ذلك الوقت أديا إلى نشوء اقتصاد منغلق فيها؛ وهذا ما أدى إلى ممارسة بعض الأعمال المعينة حسب طبيعة الريف وتلبية حاجات القرويين منها، ومن تلك المهن: تربية المواشى، وزراعة الرز، ومنتوجات الحليب واللحم، وكان شعر الماعز يستعمل في الحياكة وصنع السجاد والبطانيات وحتى بعض الملابس(كان اليهود ينسجون الملابس الكوردية الشال والشبك)، إضافة إلى أنهم كانوا مشهورين بصناعة النبيد أيضاً.
وكان هناك بعض الصاغة مشهورين ببراعة أعمالهم، منهم: شموئيل الياهو من دهوك، وكان يعمل للآغا في تلك المدينة، ومقابل ذلك كان آغا دهوك يحميه ويفتخر به ويجلسه إلى يمينه، وما يؤسف له أنه لم يذكر اسم الآغا هل كان سفر آغا الدوسكي الذي اغتيل عام 1925م، أو سعيد آغا الدوسكي الذي كان عضواً في البرلمان العراقي، وكان يتولى زعامة عشيرة الدوسكي من سنة 1925م لغاية مقتله على يد سليم مصطفى بيسفكي عام 1947م .
أما بالنسبة لعدد اليهود في بعض المدن والقرى الخاصة باليهود، فيشير إلى أن عدد اليهود في مدينة (دهوك) كان حوالي مئتان وخمسون عائلة ولهم أحياء ومقبرة خاصة بهم (كانت تقع مقابل مقبرة المسيحيين الكلدان في طريق المستشفى الجمهوري القديم، وبقيت بعض القبور اليهودية سليمة إلى نهاية عقد الثمانينات من القرن العشرين)، وهناك مناطق سميت بأسماء أشخاص يهود في المدينة مازالت تلك الأسماء تستعمل في بعض المناطق لحد الآن حسب يونا صبار.
أما بالنسبة لمدينة (زاخو) فقد سميت باورشليم كوردستان في المصادر العبرية وتقع المدينة الآن قرب الحدود التركية والسورية وكانت أوضاعهم فيها مزدهرة جداً، وتنقسم مدينة زاخو إلى قسمين يقطعها نهر الخابور، قسم كامل من المدينة كان ملكاً لليهود والقسم الآخر كان فيها مزيج من الكورد والمسيحيين.
وكان اليهود في زاخو يعملون في تجارة الخشب وبعضهم كانوا بائعون متجولون و يقومون بالتجارة بين المدن رغم مخاطر الطريق، والبعض الآخر كانوا بقالة، ورعاة بقر ومزارعون، مهنة الباعة المتجولين كانت خطرة حيث كانوا يتعرضون للسرقة من قبل قطاع الطرق، ومن المهن الأخرى قطع الأخشاب وبعض الأعمال الأخرى التي برعوا فيها معظم مناطق كوردستان لغرض التجارة، ويذكر شخصية يهودية مهمة من زاخو وهو (يونا كاباي) وهو تاجر معروف زار معظم مناطق كوردستان، وكان يعرف الكثير من القصص التراثية حول اليهود والكورد، مات بمدينة أورشليم – القدس عام 1972م عن عمر تجاوز المائة عام.
ويشير البروفيسور صبار إلى إحصائية مهمة وهي أن حوالي 20 بالمئة من اليهود الكوردستانيين المستقرين في إسرائيل هم من يهود مدينة زاخو تحديداً.
وفي قرية (صندور) وهي قرية تقع قرب مدينة دهوك (10كم شمال مدينة دهوك)، وهي قرية يهودية خالصة وكان أهلها أثرياءً جداً ولديهم مواشى وحقول زراعية بالإضافة إلى ذلك كانوا يصنعون نوعاً مُمتازاً من النبيذ، وذلك حسب يوميات الرابي دیفید دبیت الذي زار القرية حوالي سنة 1827م ، وكانوا حوالي (100) عائلة مع كنيس خاص بهم داخل القرية.
بعدها ينتقل إلى مدينة العمادية ويتطرق إلى وجود مزار مهم فيها يدعى (ابن حراق) داود بنى يوسف إبراهيم الذي توفي في عام 1620م وإلی جانبه يقع ضریح زوجته (الست نجاد) وكلاهما واقعان قرب الكُنَيس الشمالي.
وفي السياق نفسه يذكر عدد من الأماكن المقدسة لليهود بما فيها بعض أنبياء الكتاب المقدس، حيث يقول: يوجد هناك العديد من القبور للأنبياء التوراتيين في كوردستان ظلت محط اهتمام اليهود حتى يومنا هذا مثل (ناحوم ) في (اليخوش – القوش)، والنبي يونا (يونس) في نينوى (القديمة)، و(دانيال) في (كركوك) و(حباكوك - حبقوق) في (تويسركان)، وضريح كل من ناثانيل وابنه صاموئيل بارزاني في العمادية، والملكة (استر) زوجة للملك الفارسي الأخميني خشايارشا الأول. والذي حكم بين 485 و465 ق.م ، وعمها (مردخای) في مدينة (همدان) في إيران، وقد أصبحت هذه الأماكن محط أنظار واحترام كل اليهود في العالم.[1]