افرازات جذام فكر داعش
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4667 - #20-12-2014# - 15:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اننا نعتقد جازمين بانه سيبقى ما هو عليه المنطقة و ما غيٌره داعش و خرب به الحال و المال خلال زحفه هذا لمدة طويلة، انه لم يؤثر على الواقع المدني و ظروف المعيشة للسكان التي اطالته ايديه فقط و انما اثر بشكل واضح على افكار و اذهان الكثيرين، وفرض عليهم قسرا اسلوب المعيشة مما تماهت الناس مع ما فرض، فلم يجد من بقي تحت هيمنته من المعتدلين الا الهروب نحو الخيال و هو يحاول ان يتلحف برداء المجهول بعد فقدانه للمعلوم و خلطه للحابل بالنابل في عقليته و ما آمن به من قبل .
ان كان الحداثويون يعتقدون بان المنطقة و قبل مجيء و سيطرة داعش و ان كان مهدا للحضارات فهي بالاساس مصابة بعدة امراض و تتطلب تعقيمها بعد العلاج لازاحة اثار الخراب و التلوث من كافة جوانبه، فكيف يمكن ان تسير عليه الحال الان . ان كنا ننوي تغييرا منشودا بعد مرحلة داعش و افعاله و متطلباته التخلفية الخارجة عن الزمان و المكان، محاولا اعادة عجلة التاريخ الى عقود غابرة فيجب التصفية و التعقيم معا في العقل و البدن، اي في البيئة و ما فوقها مما تحتويه من البنى الفوقية و التحتية .
بعد النقاش الطويل او بالاحرى الجدال الذي اثاره الشيخ الغامدي في السعودية من كشف وجه زوجته و ما جلب مع فعلته التي انتقدوه على اعتبار انه عورة و لا يمكن لشيخ جليل ان يفعل ذلك لانه اهان الدين و الاسلام و خالف تعليمات القران والسنة و اقعدوا العالم و لم يجلسوه، اليس من حقنا ان نقول ان الداعشيين موجودون في كل مكان من السعودية و هم يختفون تحت عباءات كثيرة . و عندما نقرا هذه العقليات التي تدخلت لمثل هكذا حدث و نتمعن في ارائهم و مواقفهم لن نستغرب من افعال داعش و دوافعه، و نعتقد بان دواعش كثيرة و كل تحت عباءة فكر و عقيدة و اساسها الاسلام و السلفية فقط .
بعض القوى السياسية الاسلامية تنكر ما يقدم عليه داعش ليس تحريما او خلافا فقهيا بل لانه يتبع و يفعل دون استشارة او دون ان يكون الاوامر صادرة اليه من منبع الفقه السلفي او دون اتباعه لفتوى شيخ مؤثر تتبع اليه السلطة السياسية في الجزيرة او منسقة معه، و لم يحرموه ان لم يعلن وقوفه ضد السلطة السياسية و ما يجري في الجزيرة العربية، و الا ليس على جرائمه خلاف فقهي مع من يعتبر نفسه سلفيا مؤمنا بكل ما جاء به محمد و اصحابه .
ان الكتيب الذي اصدره داعش فيه من المباديء الاساسية للدين الاسلامي وفق الايات التي اعتمدها في بيان بنوده العديدة التي تخص توجهات داعش و ما هو ملتزم به و ينفذه نصا و تطبيقا في دولته المعلنة، و لم يات بنصوص خارج القران و السنة و الدين الاسلامي في اية خطوة يتبعها . السلفية الصحيحة و البعيدة عن متطلبات السياسة من الامور التي تفرض التضليل في مضمون النصوص التي يجب ان تنفذ هي ما يامر و يفعله داعش بعينه كما يعلم كل من له دراية ولو بسيطة بتاريخ الاسلام و سيرة محمد و الائمة و القواد الفاتحين لهذه المساحات الشاسعة من الارض التي احتلوها و اغتصبوها بقوة السيف قبل الترغيب، و ان كان هناك بعض المناطق لم تحمل اي فكر او في حالة فوضى اقتنصت فرصة في الالتزام بتعليمات الاسلام دينا و سلطة، اي البلدان التي لم تكن لديها حضارة و تاريخ و لم تتوارث ما يغنيه عن هذه التعليمات، فالتزم بالدين الاسلامي نتيجة فقرهم الحضاري، و على الرغم من ذلك انهم غيروا من فحواه ايضا و ابتعدوا عن التشدد و السلفية في كل جوانبه نوعاما .
يعيد و ينشر داعش اليوم جذام فكر و عقيدة مرضية اصيب به مجتمع التخلف في الصحاري القاحلة التي لم يكن لديهم شيء يشغلون انفسهم به سوى الغزو و القتل وسفك الدماء من اجل لقمة العيش، بعيدين عن كل ما يمت بالحضارة من شيء . و يريد داعش ان يفرضها و يعدي بها شعوب المنطقة معتبرا اياه الفكر و العلم المناسب لهذه المرحلة و يعيد بها حال الجزيرة قبل اربعة عشر قرنا الى القرن الواحد و العشرين في منطقة هي منبع الكثير من الحضارات التي لا تتقبله باي شكل كان، و كان من الاحرى به ان يفرضها بداية على المنطقة و المنبع الاصلي لها .
و به سنشهد خلطا و تداخلا بين الموروثات الفكرية العقيدية الاصيلة في المنطقة التي استهدفها داعش و بين الدخيلة التي اتوا بها و جذامهم يسبقهم مستغلين الظروف الفوضوية المعقدة، و عليه من اصبح تحت امرتهم من اصحاب الافكار المتنورة و العلماء و المثقفين اما اعتزل الحياة و ينتظر على ماذا تقع الحال او دخل في ركن ضيق من التفكير و اختلط عنده الامر، او من كان مزيفا اصلا و اتبع هوى داعش مستندا على فكره و ايديولوجيته قبل الافكار و العقائد الحقيقية . انه عصر اصبحت السياسة و الايديولوجيا محتلا حيزا كبيرا حتى في عقلية المفكرين و فرضت الاحتياجات الضرورية عليهم امورا حرٌفتهم عن ايمانهم الحقيقي . فكالما بقت الظروف على الحال هذه و ان استئصلت داعش عن بكرة ابيه غدا فان افرازاته و تاثيراته و اذياله ستظل لمدة ليست بقليلة، و ان اصر المجتمعون على ازاحته بسرعة ممكنة. و على الجميع اتقاء شر هذا الجذام لحين التغيير المؤكد في كل جوانب الحياة للمنطقة التي تدنست بفضلات داعش.[1]