عنوان الكتاب: أداء العدالة
أوجه القصور في مجريات عمل المحكمة الجنائية المركزية العراقية
مؤسسة النشر: ھﯿﻮﻣﻦ راﯾﺘﺲ ووﺗﺶ
تأريخ الإصدار: 2008
تُعد المحكمة الجنائية المركزية العراقية المؤسسة الأساسية في نظام العدالة الجنائية في العراق. إلا أنها مؤسسة مشوبة بأوجه قصور جسيمة تحول دون وفاء مجريات العمل فيها بالمعايير الدولية لإجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة. وعادة ما يعاني المدعى عليهم من فترات مطولة من الاحتجاز على ذمة المحاكمة دون مراجعة قضائية لأوضاعهم، ولا يتمكنون من الاستعانة بدفاع فعال أو الطعن في أدلة الثبوت بحقهم. ويبدو أن الإساءات أثناء الاحتجازمنتشرة، وعادة ما تكون بهدف انتزاع الاعترافات، مما يسفر عن إلحاق القصور بمجريات المحاكمة في هذه القضايا.
ومما يفاقم من جسامة أوجه قصور المحكمة، السياق المرتبط بها. فالمحكمة الجنائية المركزية العراقية، التي شكلتها سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة عام 2003، تتحكم في موارد أكبر وسلطات أوسع من أي مؤسسة عدالة جنائية أخرى في العراق. وولايتها تشمل المهمة الحرجة المتمثلة في مواكبة النظر في القضايا الجنائية المتعلقة بالأمن في إطار التشريعات العراقية، ومن هذه التشريعات الدستور وقانون العقوبات.
وقرار سلطة الائتلاف المؤقتة المنشئ للمحكمة ورد فيه أهمية تطوير نظام قضائي في العراق يستحق ثقة واحترام الشعب العراقي.[1] ومع بُعد المحكمة تماماً عن كونها مؤسسة عدالة جنائية نموذجية؛ فقد فشلت أيضاً في توفير الضمانات الأساسية الخاصة بالعدالة والإنصاف؛ مما يقوض من مفهوم نظام العدالة الوطني الذي يخدم سيادة القانون.
وقد راقبت هيومن رايتس ووتش مجريات العمل بالمحكمة وقابلت القضاة ومحاميّ الدفاع والمدعى عليهم وآخرين. وخلصت التحقيقات إلى أن أغلب المدعى عليهم كابدوا الاحتجاز لفترات مطولة على ذمة القضايا دون مراجعة قضائية لأوضاعهم، وأنهم أوكلوا إلى دفاع غير فعال، واعتمدت المحكمة كثيراً على شهادات من مخبرين سريين واعترافات يُرجح أنها انتُزعت بالإكراه. وأقر القضاة في حالات كثيرة بهذه العلل فأغلقوا القضايا، لاسيما تلك التي يوجد فيها مزاعم بالتعذيب، لكن عدد القضايا التي تشمل مثل هذه المزاعم يوحي بإهدار العدالة بشكل متكرر وعلى نحو جسيم. كما راقبت هيومن رايتس ووتش عدداً محدوداً من القضايا المتورط فيها أحداث، وخلصت إلى أن السلطات لم تتحفظ عليهم بمعزل عن المحتجزين البالغين، وأن إتاحة مقابلتهم للمحامين وعقد جلسات محاكمة سريعة لم تكن أفضل حالاً بالنسبة إليهم مقارنة بالبالغين.[1]