أفادت هبة زيادين، الباحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، بأنهم وثقوا انتهاكات جسيمة شمال سوريا، مشيرة إلى أن المناطق الآمنة التي تتحدث عنها تركيا لا وجود لها في الواقع.
في حديثها لشبكة رووداو الإعلامية حول تقريرهم الأخير، قالت زيادين وثقنا عمليات اختطاف واعتقال تعسفي وعنف جنسي في عفرين ورأس العين ونحمل تركيا المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات شمال سوريا.
وأضافت أن المناطق الآمنة التي تتحدث عنها تركيا لا وجود لها على أرض الواقع، لافتة إلى أن مسؤولين أتراك كانوا متورطين بشكل مباشر في جرائم الحرب المحتملة.
وذكرت أنهم خاطبوا الحكومة التركية والجيش الوطني السوري والحكومة المؤقتة لكن لم يكن هناك أي رد منهم قبل أو بعد نشر التقرير، حسب قولها.
الباحثة في المنظمة الحقوقية أكدت أن أغلبية الانتهاكات كانت بحق الكورد في عفرين.
ترتكب جرائم من قبل الجيش الوطني السوري بحق أولئك الذين يرغبون اجتياز الحدود من طرف رأس العين أو تل أبيض، إضافة لتواطئهم مع المهربين، بحسب زيادين.
ولفتت إلى تواصلهم مع الاتحاد الأوروبي بهذا السياق، لأن هناك تمويلاً أوروبياً لتركيا بسبب اللاجئين السوريين المتواجدين في أراضيها.
وأكدت المواصلة بكافة السبل الضغط على تركيا ونطالب بالتزام القوات التركية بالقانون الدولي وإعادة النظام والسلامة.
تركيا مسؤولة وملزمة بإعادة النظام
كان تقرير ل هيومن رايتس ووتش، قد حمّل تركيا مسؤولية الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المحتملة التي يرتكبها عناصر قواتها والجماعات المسلحة المحلية التي تدعمها في الأراضي التي تحتلها في شمال سوريا، كما وثّق حالات اغتصاب لكورديات واعتقال لأطفال قصّر في عفرين الكوردية.
ووثق التقرير الصادر الخميس (29 شباط 2024)، الانتهاكات والإفلات من العقاب في مناطق شمال سوريا، عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني والعنف الجنسي والتعذيب من قبل فصائل مختلفة في تحالف فضفاض من جماعات مسلحة، وهو الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.
كما وثق انتهاكات الشرطة العسكرية، وهي قوة أنشأتها الحكومة السورية المؤقتة والسلطات التركية في 2018، ظاهرياً للحد من الانتهاكات، فضلاً عن انتهاكات الحق في كل من السكن والأراضي والملكية، بما فيها عمليات النهب والسلب الواسعة، فضلاً عن الاستيلاء على الممتلكات والابتزاز، وفشل محاولات المساءلة في الحد من الانتهاكات أو تقديم تعويضات للضحايا.
وتمارس تركيا السيطرة وتشرف مباشرة على الجيش الوطني السوري بواسطة قواتها المسلحة وأجهزة استخباراتها، وتزوده بالأسلحة والرواتب والتدريب والدعم اللوجستي. تمارس تركيا أيضا السيطرة الإدارية على المناطق المحتلة انطلاقاً من الولايات التركية المتاخمة لسوريا.
واتهم التقرير القوات المسلحة ووكالات المخابرات التركية بالتورط في تنفيذ الانتهاكات والإشراف عليها، وقال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: ستستمر الانتهاكات الحالية، بما فيها التعذيب والإخفاء القسري ضد الذين يعيشون تحت السلطة التركية في شمال سوريا.
وتركيا ملزمة بضمان التزام قواتها بشكل صارم بالقانون الدولي، إعادة النظام العام والسلامة والحفاظ عليهما في الأراضي التي تحتلها، وحماية السكان من العنف، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وتقديم تعويضات لجميع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على أيدي قواتها والقوات المحلية التي تسيطر عليها، وضمان حقوق أصحاب الأملاك والعائدين، بما فيه تعويضهم عن مصادرة ممتلكاتهم واستخدامها بشكل غير قانوني وأي ضرر ناتج عن ذلك، يشير التقرير.
اغتصاب كورديات واعتقال قصّر بعفرين
وارتكبت فصائل الجيش الوطني السوري والشرطة العسكرية الاعتقال والاحتجاز التعسفيَّين، والإخفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وأخضعت عشرات الأشخاص لمحاكمات عسكرية جائرة في ظل إفلات من العقاب، بحسب التقرير.
كما أبلغت نساء كورديات محتجزات عن تعرضهن للعنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب، واحتجز أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم، في الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية التابعة للأمم المتحدة، وغيرها من منظمات حقوق الإنسان.
وارتكبت فصائل من الجيش الوطني السوري والشرطة العسكرية المدعومين من تركيا انتهاكات في مراكز الاحتجاز التي يتواجد فيها أحيانا مسؤولون عسكريون ومخابرات أتراك، وفقا لمحتجزين سابقين قالوا أيضا إن المسؤولين الأتراك شاركوا أحيانا مباشرة في تعذيبهم وسوء معاملتهم، نقل عنهم التقرير.
ولفتت هيومن رايتس ووتش، إلى أنه منذ بدء عملية غصن الزيتون التي نفذتها تركيا في عفرين عام 2018، وعملية نبع السلام في القطاع الممتد بين تل أبيض ورأس العين عام 2019، نزح مئات الآلاف من سكان المنطقة من منازلهم.
لاحقا، أقدمت فصائل الجيش الوطني السوري على عمليات نهب وسلب واستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع، ولم يسترد غالبية المتضررين ممتلكاتهم أو يتلقوا تعويضا مناسبا، وفق التقرير.
ونقل التقرير قول رجل إيزيدي نازح من رأس العين: أصعب شيء بالنسبة لي كان أن أقف أمام بيتي ولا أتمكن من دخوله. تستمر عمليات النهب والسلب والاستيلاء على الممتلكات، ما يعرّض الذين يتحدّون هذه الأعمال للاعتقال التعسفي والاحتجاز والتعذيب والاختطاف والإخفاء القسري.
لا تزال المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب المحتملة في الأراضي التي تحتلها تركيا بعيدة المنال. حققت هيومن رايتس ووتش في حالات أربعة أشخاص رفيعي المستوى زُعم تورطهم في انتهاكات جسيمة. لم تتم محاكمة أي منهم، ويشغل ثلاثة منهم حاليا مناصب رفيعة في الجيش الوطني السوري، بحسب مصادر مطلعة.
لم تعالج المحاكم العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري، غير المستقلة، ولا تركيا، باعتبارها سلطة الاحتلال والداعم الرئيسي للجيش الوطني السوري، بشكل كاف الجرائم الخطيرة التي يرتكبها ذوو السلطة في الأراضي التي تحتلها تركيا، أكدت هيومن رايتس ووتش.[1]