=KTML_Bold=نظرة إلى معاهدة #لوزان# بعد قرن=KTML_End=
د. علي أبو الخير
التحديات والتحرّكات والآمال في ظل الوضع الإقليمي والدولي
=KTML_Bold=حدث قبل مائة عام=KTML_End=
قرن من الزمان انقضى منذ توقيع معاهدة لوزان وبداية قرن جديد، حيث تضطلع معاهدة لوزان، الموقّعة في 2-07-1923، بأهمية تاريخية هائلة باعتبارها المعاهدة التي أنهت الحرب العالمية الأولى وحلت الإمبراطورية العثمانية، خلال تلك المدة اشتغلت حروب بين الدول التي استقلت عن الخلافة العثمانية، بين تركيا وسوريا وبين العراق والكويت ومعها الدول الخليجية، فاستنزفت الموارد والطاقات وإمكانيات الدول.
=KTML_Bold=ضحيّة المُعاهدة=KTML_End=
ورغم ذلك نرى أن الخاسر الأكبر من معاهدة لوزان هو الشعب الكردي، وهو شعب مترامي الجغرافيا وناصع البياض التاريخي، يعيش على أرض واسعة، لم يظلم شعباً آخر، وهو مساهم إيجابي في المنحنيات التاريخية الإسلامية، ولم تنصفه المعاهدة، ولا الدول التي استقلت بموجبها.
وخلال القرن المنصرم حدثت فواجع للشعب الكردي في العراق وإيران وتركيا وسوريا، ومع ذلك بقيت العزيمة الكردية والحيوية المتدفقة باقية، رغم كل التحديات.
وعند دراسة تداعيات معاهدة لوزان، من الضروري تجاوز التركيز التقليدي على الاعتبارات الجيوسياسية، ففي حين أن الاستقرار الجيوسياسي مهم، لا ينبغي أن يُلقي بظلاله على المعاناة الإنسانية التي تكبدها ملايين الكرد كنتيجة مباشرة للمعاهدة.
لقد عانت المجتمعات الكردية من الاضطهاد والتهجير والقمع في ظل الأنظمة العراقية، والإيرانية، والتركية، والسوريّة. فهذه الحكومات نفذت سياسات تمييزية، وقمعت الحقوق الثقافية والسياسية، وشنت حملات عسكرية ضد الشعب الكردي لسنوات. وفي العراق على وجه الخصوص، تعرّض السكان الكرد للاضطهاد والتمييز والعنف بشكلٍ ممنهج لعقود.
في المقابل نجد نجاحات كردية، رغم المآسي التي تعرض لها، في العراق حصل الكرد على حكم ذاتي متنامي منذ عام 1991، وفي إيران رغم إسقاط الشاة لدولة مهاباد عام 1946إلا أن الكرد تمتعوا بشي من فرض إرادتهم على الحكومات الإيرانية المتعاقبة، وفي سوريا ومنذ عام 2011 يتمتع الكرد بشبه استقلال ذاتي، تمكنوا من دحر داعش الإرهابي وفرضوا إرادتهم على النظام السوري.
أما في تركيا حدثت لهم مجازر دامية منذ أتاتورك وحتى اليوم، ولم يستكن الكرد وخرجت منهم زعامات يذكرها التاريخ بحروف من نور، ومنهم القائد عبد الله أوجلان القائد المخطوف المُعتقل منذ ربع قرن، ضمن القرن المُنقضي بمؤامرة دولية.
=KTML_Bold=تحديات قائمة=KTML_End=
هذه نبذات عن حيوية الشعب الكردي، وهي من تعطيهم الدفعات المتتالية لتحقيق حلمهم في تقرير مصيرهم، ولكن في المقابل مازالت توجد تحديات تواجه هذا الشعب الحيوي.
من ضمن هذه التحديات الوضع الإقليمي، فدول المنطقة ضعيفة، ولا تتمكن من تقرير مصائر شعوبهم ومنهم الشعب الكردي، ففي تركيا وهي شريك في حلف شمال الأطلسي يجعلها ترفض تلبية رغبات الكرد، ولكن الكرد فرضوا إرادتهم فعلياً، صحيح لا يوجد حكم ذاتي لديهم، ولكنهم بجهادهم أعلنوا للعالم قضيتهم، وتعرّف العالم على رغبتهم في الحكم الذاتي، إن لم يكن استقلالاً كاملاً، ولكنه في مراحل قادمة.
وما يعرقل المشكلة الكردية ويتحداها، هو مشكلات القوميات بصفة عامة في دول الشرق الأوسط، فما تعيشه من تخلّف اقتصادي واجتماعي وسيطرة الجهل والركود الحضاري وسيطرة العقلية الشوفينية المريضة التي تتجاهل حقوق الآخرين في الحياة، وبالتالي البنية السياسية الركيكة لهذه الدول، التي نالت استقلالها، ولكنها مازالت مرتبطة اقتصادياً بالدول الاستعمارية وتابعة لها، وهو تحدي يواجه الشعوب، ومنهم الشعب الكردي. ومن ضمن التحديات الدوليّة، عدم رغبة دول أوروبا وأمريكا في نيل #الكرد# استقلالهم، تلبيةً لرغبة إسرائيل، لأنها تعلم جيداً أن استقلال الكرد، يجعل القادة من الكرد يتفرغون للقضية الفلسطينية، وسوف يحققون النصر، وإسرائيل تعلم جيداً كيف انتصر الكرد على الصليبيين في فلسطين والشام بصفة عامة، فالتحدي الدولي فرض رغبته على الشرق الأوسط، رغم أنهم يعلمون أن بقاء القضية الكُردية دون حل، سيؤثر سلباً على تطور جميع مجالات الحياة الاجتماعية في المنطقة، وسيؤثر على الأمن والسلم الإقليمي والدولي والتجارة العالمية أيضاً، ولكنها النظرة الاستعمارية.
ومن ضمن التحديات عدم قدرة شعوب المنطقة من التعرّف الحقيقي على القضية الكردية، وهو يفرض على الإعلام المُنصف المساهمة في التعريف بتلك القضية، والترويج لها.
=KTML_Bold=آمال تواجه التحديات=KTML_End=
يستمر نضال الكرد من أجل الاعتراف بهم وحقهم في تقرير مصيرهم في تحقيق الروح الجماعية للشعب الكردي، وهو أمل صعب، ولكنه غير مستحيل، فالروح الجهادية الكرديّة استمرت طوال القرن، والدول التي يعيش فيها الكرد، يعلمون أن حل القضية الكردية، يستلزم تضحيات، هم لا يقدرون على تحقيقها، ومن ثمّ باتَ ضرورياً أن تولي شعوب المنطقة والقوى الديمقراطية والمجتمع الدولي اهتماماً كافياً بالقضية الكُردية، وبالأخص في ظل التطورات المستجدة على الساحة الدوليّة، نحو إقامة نظام دولي جديد وإيجاد حلول سلمية، والكرد ساهموا عبر كل مراحل التاريخ في التطور الإنساني، منذ فجر التاريخ.
وحتى ذلك الحين، نعلم علم اليقين أن الكرد سيحصلون على حقهم المشروع، طالما بقيت تلك الروح الحيوية، ربما في الجيل القادم، وتبقى آمال الشعب الكردي باقية، تفرض إرادتها على العالم والضمير الإنساني.
[1]