مشاهير الخطاطين الكورد
الكوردي حامد الامدي.. شيخ الخطاطين في العالم
فاضل عباس الجاف
كان الخط العربي منذ ان ظهر في بداية الدعوة الاسلامية احد السبل المهمة لتوثيق الاحداث، وبرز العديد من الاسماء اللامعة التي برعت في هذا الفن الجميل، وكان الخط مزدهراً في تلك الحقبة، فالخط لسان اليد وبهجة الضمير وسفير العقول ووحي الفكر وسلاح المعرفة وهومن عجائب الله في خلقه.. والخط بحروفه الجميلة حقق التواصل بين شعوب العالم العربي والاسلامي والشعوب الاخرى بين ماضيها وحاضرها من خلال قوة ابداعه ودقة حركاته لان مظاهره مازالت قائمة حتى الان في الجوامع والاماكن المقدسة والقصور، وهذه المظاهر تؤكد على ميزة استلهام الروح الاسلامية المبدعة والخلاقة.. ولهذا يعتبر الخط من ارفع واجمل الفنون، ولقد بلغت جماليته درجة عالية من السحر الفني والذوق الرفيع. وشيخ الخطاطين الكوردي حامد الامدي من ابرز الخطاطين في العالمين العربي والاسلامي ومن الذين نقشوا اسماءهم على خارطة هذا الفن.
ولد موسى عزمي وهو اسمه الحقيقي، وحامد الامدي هو اسمه المستعار في عام 1891 في ولاية ديار بكر الكوردية، كان والده يعمل قصابا وجده من والده يدعى آدم الامدي وكان يعمل خطاطا، بدأ حامد الامدي دراسته الاولية باحد الكتاتيب المجاورة للجامع الكبير في امد (ديار بكر) وفيها تعلم القراءة والكتابة وكان شغوفا بالرسم والخط الذي تعلمه على يد معلمه مصطفى عاكف، دخل المدرسة الرشيدية العسكرية بعد اكمال دراسته الاولية. وفي هذه المدرسة تعلم خط الرقعة من معلمه الاستاذ واحد افندي، وخط الثلث عن استاذه احمد حلمي. وكان حامد الامدي في بداية حياته مقلدا للفنانين حافظ عثمان ومصطفى راقم، وبعد اكماله الدراسة الاعدادية في ديار بكر، التحق بمدرسة الحقوق في استنبول ليتركها بعد مرور سنة دراسية فيها ليدخل مدرسة الفنون الجميلة ولم يكمل الدراسة فيها لوفاة والده بعد عام من دخوله هذه المدرسة عام 1908م وبعد مرور مدة من الزمن تم تعيينه مدرسا للخط بعد دخوله امتحان الاختبار ونجح فيه وتفوق على اقرانه الاخرين لم يعين لصغر سنه ولكن مدير مدرسة كلشن معارف اعجب بحامد وقرر تعيينه معلما للخط في هذه المدرسة وبعد مرور فترة من الزمن انتقل للعمل في مديرية مطبعة الرسومات، وانتقل منها الى مطبعة المدرسة العسكرية ومن ثم الى مطبعة اركان الحرب كخطاط فيها ولمدة سبع سنوات وبعد تعيينه فيها اراد ان يستفاد من وقت فراغه بعد انتهاء عمله الرسمي فاستأجر دكانا صغيرا ليزاول مهنة الخط، ولما كان القانون انذاك يحرم على الموظف الاشتغال بعمل اخر غير وظيفته الرسمية فقد اتخذ له اسما مستعارا بدلا من اسمه الحقيقي (موسى عزمي)، وكان هذا الاسم المستعار هو (حامد الامدي) الذي اشتهر به وبعد اجراء محاكمته بسبب الاشتغال بعد الدوام الرسمي قرر الاستقالة من وظيفته والعمل في دكانه الى وفاته.
ولحامد الامدي اعمال كثيرة ولكنه كان يعتز بها وهي كتابة خطوط القران الكريم مرتين ومن بين الجوامع التي كتب خطوطها جامع (قوجه تبه) بانقره ، وجامع (موضة) في استنبول وان اهم اعماله بالنسبة اليه لوحة خطوط سورة الفاتحة التي قلد بها خطوط سورة الفاتحة للخطاط راقم واستغرق في خطها ستة اشهر.
ولحامد الامدي تلامذة منتشرين في كل انحاء العالم تلقوا منه فنون الخطوط، ومنهم في العراق على سبيل المثال:
*الخطاط الكبير هاشم البغدادي الذي اجازه حامد الامدي مرتين الاولى عام 1950 والثانية عام 1952.
*واجازة الخطاط المعروف يوسف ذنون من قبل الخطاط الكبير حامد الامدي مرتين الاولى عام 1966 والثانية عام 1969 وحصل على تقدير التفوق في مختلف الفنون، يقول الشيخ الشهيد الخطاط خليل الزهاوي ان ابرز الخطاطين الكورد المعاصرين الخطاط الكبير حامد الامدي، والخطاط الكبير الشيخ محمد طاهر الكوردي فهو من نوابع الخطاطين الكورد على الخط العربي كله.
ومن مشاهير الخطاطين الكورد كما ورد في كتاب اصول الخط العربي للشيخ محمد طاهر الكوردي خطاط الحرمين وخطاط مصحف مكة مرتين وهما.
*الخطاط اسماعيل ابراهيم السنوي الكوردي.
*الخطاط اسعد بن ابراهيم الكوردي.
*الخطاط عماد الدين بن العفيف الكوردي.
*الخطاط علي بن عيسى الكوردي.
ويوجد الكثير من الخطاطين الكورد في بغداد ومنهم الخطاط خليل خداده المتوفى سنة 1163ه الذي اكمل مسيرة ابن مقلة وابن البواب والمستعصي.
وهكذا احتل الخط العربي مكانة مرموقة حيث بالخط تم تدوين القرآن الكريم فاصبح الخط في اذهان المسلمين ومرتبطا مع القدسية التي يحملها القرآن الكريم لاسيما ان القران الكريم اكد في العديد من اياته على عظمة الكتابة . قال تعالى( اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالايعلم) وقوله تعالى: (ن والقلم ومايسطرون) حيث اقسم رب العزة بالقلم والكتابة..
توفى شيخ الخطاطين في 20-5-1982 وشيع من جامع شيشلي الذي كان يفتخر بكتابة خطوطه عن عمر واحد وتسعين عاماً.
هكذا انجبت الامة الكوردية هؤلاء العباقرة من الخطاطين الذين خدموا هذا الفن الجميل ولتبقى اسماؤهم في ذكرى الخالدين وليبقى من بعدهم تلامذتهم للمسير في هذا الخط الجميل.[1]