تحرص نالين، على غلي المياه وتبريدها قبل الشرب وذلك بعد أن أوصاها طبيب أطفالها بضرورة شربهم مياهاً معدنية أو مغلية.
نالين حمزة، من سكان مدينة #القامشلي#، ووالدة لخمسة أطفال، تقول إن أطفالها اشتكوا أكثر من مرة من آلام علمت بعد مراجعة الطبيب أن سببها يعود لشربهم مياهاً تحوي نسبة عالية من الكلس.
ومنذ سنوات يشتكي السكان في القامشلي، من مشكلة ارتفاع نسبة الكلس في المياه والتي تتسبّب بتشكّل حصيات كلسية في الكلية وتساقط الشعر وجعله جافاً وقد تتسبّب بظهور القشرة على فروة الرأس.
كما قد تتسبّب بجفاف وتشقّقات وتهيّج للجلد، خاصة لدى المصابين بالأمراض الجلدية كالصدفية والأكزيما.
ويؤدي ارتفاع نسبة الكلس في المياه، لتشكّل ترسُّبات كلسية تتراكم في قاع أجهزة غلي المياه الكهربائية، كما تتسبّب بتشكُّل طبقة من الكلس على الأدوات، كالصحون والمعالق التي تتعرّض للماء بشكل ملحوظ وعلى فوهات الصنابير في المنازل والأحواض والمغاسل والأنابيب، يصعب تنظفيها بسهولة.
وإذا كانت الترسُّبات الكلسية سميكة ومتراكمة منذ زمن طويل داخل نظام الأنابيب، فقد يؤدي ذلك لإعاقة حركة الأنابيب وصعوبة مرور المياه في الحنفيات وانسدادها.
تحذيرات طبية
ويحذّر ياسر أحمد، طبيب أخصائي بأمراض الكلية، من استمرار شرب المياه التي تحوي نسبة عالية من الكلس والتي قد تؤدي إلى مشاكل في الكلية وتشكُّل حصيات فيها.
إن امتصاص الجسم لنسبة عالية من الكلس عن طريق المياه يؤدي لحدوث حصيّات كلسية بالكلية. كما يؤدي زيادة الكلس بالمياه لتغيّر في الطعم ويكون غير مستحبٍّ عند الشرب، بحسب الطبيب.
وخلال الفترة الماضية، استقبل الطبيب المختص 25 مريضاً من فئات عمرية مختلفة، يشكون حالات إقياء مع إسهال وحصيّات كلسية, بسبب شربهم لمياه تحتوي على نسبة عالية من الكلس.
ويحذّر الطبيب من الاستمرار في شرب تلك المياه، لذا يفضِّل “تعقيم المياه وغليها وتصفيتها قبل الشرب وخاصة التي يكون مصدرها الصهاريج”.
ويحدث أحياناً، أن تنقطع المياه عن بعض الأحياء في القامشلي لعدّة أيام أو لا تتزامن فترة ضخّها مع ساعات وصل الكهرباء، ما يحول دون تعبئة الخزانات المنزلية.
ويلجأ البعض في هذه الحالة لشراء المياه من الصهاريج والتي تكون غير معروفة المصدر.
وتضمّ القامشلي، عدّة محطات للمياه، أبرزها محطة الهلالية القريبة من قرية نافكور غربي القامشلي, ومحطة عويجة قرب المنطقة الصناعية بالمدينة، ومحطة جقجق على الحزام الشمالي للمدينة، إضافة لمحطة سفان بديرك والتي تأتي مياهها إلى محطة عويجة ومنها يتمّ ضخّ المياه للأحياء.
لا مشكلة
وفي مخبر بمديرية المياه بالقامشلي، مسؤول عن تحليل المياه التي يتمّ ضخّها للأحياء، يؤكِّد الكيميائي، فهيم حسين، أن نسبة الكلس الموجودة في المياه التي يتمّ تغذية المدينة منها، هي ضمن المواصفات القياسية السورية المأخوذة من المواصفات القياسية لمنظمة الصحة العالمية.
ويُشير إلى أن نسبة الكلس المسموحة بها بحسب المواصفات القياسية السورية، هي 500 مل غرام في كل ليتر، بينما أكثر آبار المياه التي تغذّي القامشلي لا تتجاوز نسبة الكلس فيها 300 مل غرام في الليتر، في حين أن مياه محطة سفان تكون نسبة الكلس فيها أقل من باقي المحطات.
ويُجري المخبر كل عام تحليلاً للمياه، وهنا يلفت المخبري أنه خلال تلك الفترة قد تتغيّر المياه، دون التطرُّق لتفاصيل أكثر عنها.
وحول شكاوى السكان من ملاحظتهم الزيادة العالية بنسبة الكلس بالمياه، يشدّد المخبري على أنه لا يوجد بئر غير صالح للشرب بالمدينة، وأنه في حال زادت نسبة الكلس ولو بمقدار واحد مل غرام في بئرٍ ما عن المواصفات القياسية السورية، فإنهم لا يستخدمون المياه.
لكن روزان عبدالله وهي مهندسة غذائية في القامشلي، أكدت لنورث برس وجود نسبة كبيرة من الكلس ضمن المياه، مستندة في ذلك على تحليل منزلي أجرته على نصف ليتر من المياه.
وحذرت هي الأخرى من استمرار شرب تلك المياه التي قد تتسبب بالتهابات بولية وتشكل الحصيات في الكلية.
لكن فرحة أحمد، من سكان القامشلي، تقول إن أطفالها دائماً يشكون آلاماً في البطن. أرجعها الطبيب المشرف على حالتهم إلى شربهم مياه تحوي نسبة عالية من الكلس.
وتقول إنها تنظّف جهاز غلي الماء الكهربائي كل يومين، نتيجة تجمّع طبقات من الكلس داخله, وبعد عدّة أشهر يصبح غير صالح للعمل و”نقوم برميه وشراء آخر جديد”.
وفي حي العنترية بالقامشلي، فضّلت فريدة حمو، (75 عاماً)، قبل عامين، تركيب فلتر مباشر على خزان المياه في منزلها، حرصاً على سلامة صحتها.
تقول السيدة السبعينية، إن الطبيب ألزمها بشرب مياه معدنية وتجنّب مياه الصنابير. لكن شراء المياه باستمرار وجدته العائلة يشكل عبئاً مادياً عليها، ما دفعهم لتركيب فلتر لتصفية المياه من الكلس والشوائب وتعقيمها بشكل أفضل.
وتشير “حمو”، إلى أنه بعد يومين من تركيب الفلتر تعطّل بسبب التجمّع الهائل للكلس داخله. وتضيف ضاحكة، “هالكلس قبل ما يتجمّع جوا الفلتر, كان كلو فوق صدرنا”.
إعداد: نالين علي[1]