بمناسبة يوم الشهيد الفيلي: الشهيد في القرآن الكريم والروايات (ح 1)
الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في موقع سماحة السيد منير الخباز عن الشهادة في رحاب القرآن وَالحديث: قوله تعالى “وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ” (البقرة 154) انطلاقًا من الآية المباركة: المحور الأول: الشهادة بالمنظور القرآني. هناك عدة آيات تعرضت لعنوان الشهيد والشهداء في القرآن الكريم، وربما يتصوَّر أن الشهيد له معانٍ عديدة في القرآن الكريم. المعنى الأول: أن المراد بالشهيد هو الحاضر. كما في قوله عز وجل: “أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي” (البقرة 133)، فالشهداء هنا بمعنى الحضور، أي: هل كنتم حاضرين عندما قال يعقوب لبنيه: ما تعبدون من بعدي؟. المعنى الثاني: المقصود بالشهادة الحجية. كما في قوله عز وجل: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” (البقرة 143)، أي أن الله اختار لكم موقعًا تكونون فيه حجةً على جميع الأمم، ويكون الرسول حجةً عليكم، فالأمة الإسلامية بما تملك من مقوّمات ومواصفات حجةٌ على جميع الأمم، أمةٌ يقتدى بها، أمةٌ يتحذى بها، كما في قوله عز وجل: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ” (ال عمران 110)، والرسول الأعظم محمد حجةٌ عليكم، مقتدى لكم، قدوة لكم. المعنى الثالث: الشهادة بمعنى الرقابة والإشراف. كما في قوله عز وجل: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ” (النساء 135)، بمعنى أن دوركم دور الرقابة على أنفسكم، على أمتكم، من حيث رقابة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، “وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ” (ال عمران 104). المعنى الرابع: الشهادة بمعنى أداء ما تحمّل. إذا الإنسان رأى واقعة معينة، وأراد أن يؤدي الواقعة كما رآها، فإن هذا الأداء يسمى شهادةً، كما في قوله عز وجل: “وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا”، ويقول في آية أخرى: “فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى” (البقرة 282). فيقال: الشهادة لها معانٍ في القرآن الكريم، ولم ترد بمعنى واحد، ولكن عند التأمل والتدبر نجد أن الشهادة معناها واحد، الشهادة بمعنى الحضور والوجدان، “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ” (الحج 28)، يعني يحضروا، “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” (البقرة 185)، يعني من حضر، رأى الهلال وهو حاضر، ليس مسافرًا، الشهادة والشهود بمعنى الحضور، “عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ” (الرعد 9)، العالم الحاضر يسمى شهادة، العالم الذي ليس حاضرًا أمامنا يسمى غيبًا، فالشهادة بمعنى الحضور.
جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن الشهادة: الشهادة، اصطلاح إسلامي ويراد منه أن يُقتل الإنسان في سبيل الله تعالى. وللشهيد في الإسلام مجموعة من الأحكام والسنن الخاصة به من قبيل سقوط الغسل والكفن عمّن يستشهد في أرض المعركة حيث يدفن بملابسه، فلا يشمل هذا الحكم الشهداء الذين يتوفون خارج ساحة المعركة، وكذلك الطبقات التي لها أجر الشهيد المذكورة في المصادر الروائية والفقهية والأخلاقية. للشهادة مراتب فقد لقب الشهيد حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بسيّد الشهداء ثم أطلق اللقب على الإمام الحسين عليه السلام بعد استشهاده في واقعة عاشوراء. وجه التسمية: قيل إنّما سمّي الشهيد شهيداً لأنّه مشهود له بالجنّة بالنّص أو لأنّ الملائكة يشهدون موته إكراماً له، أو لأنه شاهد على الأمم، أو لأن الله وملائكته شهود له بالجنة، أو لأنّه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم، أو لسقوطه على الشهادة وهي الأرض، أو لأنه حي عند ربه حاضر، أو لأنه يشهد ملكوت الله وملكه. الشهادة في القرآن الكريم: حظيت مفردة الشهيد والشهادة بأهمية كبيرة في القرآن الكريم، منها: قوله تعالى: “وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ” (آل عمران 157)، وقوله عزّ من قائل: “إنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (التوبة 111). رافضا اعتبار الشهداء أمواتا بل هم أحياء عند ربهم يرزقون “وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ” (البقرة 154) . و” وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” (آل عمران 169). وقد تحدثت الآية 23 من سورة الأحزاب عن الشهيد من الرجال المؤمنين ووفائهم بما عاهدوا الله عليه قائلة: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا” (الأحزاب 23).
جاء في موقع شفق عن بعد 43 عاماً على الإبادة الجماعية الكورد الفيليون ما زالوا يبحثون عن رفات ضحاياهم ويوجهون رسائل لبغداد وأربيل: أقامت منظمة گرمسير للكورد الفيليين في السليمانية، يوم الثلاثاء، مراسم استذكار (يوم الشهيد الفيلي) بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام البعثي بحقهم. تمر اليوم الذكرى الثالثة والأربعين لتهجير أعداد هائلة من العراقيين من أراضيهم وبيوتهم بذرائع عنصرية وطائفية، إذ شهد شهر نيسان من عام 1980 بدء أبشع عملية تهجير جماعية بدأت منذ الرابع من الشهر وتواصلت طيلة المدة اللاحقة. وبدأت تلك الجرائم منذ عام 1969، حين شنت حكومة حزب البعث التي تسلمت السلطة بانقلاب عسكري في عام 1968 حملة ترحيل ونفي قسري استهدفت الكورد الفيليين لأسباب عرقية ومذهبية، اذ جرى في عام 1970، ترحيل أكثر من 70 ألف فيلي إلى إيران وسحبت جنسيتهم العراقية، وجرى الإبلاغ عن كثير من حالات الاختفاء والإعدام بين عامي 1970 و1973. وقال رئيس المنظمة محسن يادگار الفيلي، لوكالة شفق نيوز، إن (اليوم يمثل يوماً مأساوياً في حياة عشرات الآلاف من الكورد الفيليين الذين تعرضوا للتعذيب والقتل على يد النظام البعثي القبور قبل 43 عاماً وتحديداً في العام 1980). وأضاف (النظام البعثي وتحديداً في يوم 4 نيسان عام 1980 قام بأبشع الجرائم بحق الكورد الفيليين حيث جرى احتجاز وترحيل آلاف الأسر الفيلية من كل المحافظات العراقية تحت ذرائع واهية بتبعيتهم الإيرانية وليست عراقية، وقامت قوات الأمن العراقية بمداهمة منزلنا، وقبل هذا التاريخ قامت غرفة تجارة بغداد باستدعاء جميع التجار العراقيين ومن بينهم الفيليون واقدموا على سحب جميع المستمسكات الثبوتية ل 800 تاجر كوردي فيلي وتجميد أرصدتهم ومصادرة أملاكهم وترحيلهم قصرا إلى إيران). وبين الفيلي انه (ابتداء من هذا التاريخ بدأت ليالي ظلماء على الكورد الفيليين فقد اقدمت القوات العراقية آنذاك على ترحيل العوائل الفيلية واحتجاز أبنائهم في السجون من سن 16 إلى 30 عاماً في سجون ابو غريب والكاظمية والفضيلية ثم قاموا بتحويلهم إلى نقرة السلمان وامضوا أكثر من سبعة أعوام وبعد ذلك اصدرت القوات البعثية بأمر من صدام حسين قرار تصفية هؤلاء الشباب فيما كانت عوائلهم تعاني من أسوأ الظروف خلال ترحيلهم في مدن إيران منها طهران وايلام وكرمنشاه).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
الدكتور فاضل حسن شريف, فيلي
[1]