(الثّقافة، الثّورة، المرأة).. ثلاثيُّ الحياة المقدَّس
جميلة محمّد
تُعرف الثقافة بأنها مجموعة خصائص نتاج الإنسانية عبر العصور، أو مجموع المعارف والأفكار، والفنون والآداب، والطقوس والعادات والتقاليد، والقيم والأخلاق.. إلخ، وكلّ ما يتحصّله الكائن البشري من محيطه. وللثقافة جانبين، جانب معنوي أو روحي، وجانب مادي أو ملموس، وهنا كلما تغلّب الجانب المعنوي، أو (المعرفي)، على الجانب المادي، كانت الدلالة أكثر وضوحاً على التحضُّر والأصالة.
والثقافة ليست نتاج فرد أو مجموعة بشرية معيّنة، بل هي نتاج المجتمعات، وحصيلة النشاط الإنساني عبر الأجيال كما سبق. ولذلك فهي تختلف – عموماً – من عصر إلى عصر، ومن مجتمع إلى آخر، ذلك بحسب أسلوب التربية السائد أولاً، وتبعاً للاهتمام الذي تحظى بها من قِبل هذا المجتمع، أو ذاك، ثانياً. إلا أنها، رغم تنوّعها واختلافها، سواءً في المضمون، أو حسب البيئة الجغرافية التي تنتمي إليها، فهي تبقى متشابهة – بسماتها وخصائصها- تشابهاً إنسانياً واضحاً. وللثقافة قيمة إنسانية كبيرة في ذاتها، وهي تمتاز بتأثيرها الكبير في تشكيل الشخصية الإنسانية، وتوجيه نموِّها عقلياً وانفعالياً واجتماعياً، وبكونها أداة للارتقاء بقدراتها الإدراكية واللغوية والإبداعية المختلفة. وفي الوقت نفسه فهي تمتاز بالأهمية ذاتها بالنسبة للشعوب ومسيرتها، ولكونها وسيلة هامة للتنمية بمعناها الشامل، وأداة لبناء الحضارات وتطوّر المجتمعات البشرية. لذلك فهي تشكِّل الأساس المتين في بناء الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء. ومن مقاصد الثقافة وأهدافها أيضاً، أنها تسهم في تنمية العلاقات الاجتماعية الجيدة، وتكوين الاتجاهات الايجابية تجاه المجتمع، وتنمية الإحساس بمشكلاته وقضاياه. كما تسهم في زيادة خبرات الإنسان ومعارفه، وتعزّز لديه الإيمان بالحرية والمساواة واحترام الرأي الآخر، وتُتيح له الاطلاع على المخزون الحضاري للشعوب في المجالات كافة. والحقيقةُ لكي يصبح الإنسان شخصاً بالمعنى التكويني، فإنه يحتاج إلى لغة وثقافة يكتسبها بفعل اتصاله وتفاعله مع المؤثرات المحيطة، مما يجزم أن “التثقيف” عملية اجتماعية مكتسبة، تتمُّ عبر مؤسسات اجتماعية، ينهل منها الإنسان ثقافته، كالمدرسة، والرفاق، ووسائل الإعلام، الخ.
ليس بخافٍ أهمية الدور الذي مارسته المرأة في الحضارات الشرقية على وجه الخصوص، حيث كانت رمزاً للخصب والنَّماء والفنون، وكانت أيضاً – كما تدلُّ الآثار الإنسانية – ينبوع الحياة المتدفِّق أبداً، وقد بقيت المرأة – على مرِّ العصور – رمزاً للتضحية والفداء والجسارة، على الرغم من كلِّ سياسات الظلم والإنكار والتهميش التي مورست بحقِّها من قبل (نظام المجتمع الذكوري) إن جاز التعبير، والذي حاول محو تلك الحقائق التاريخية الثابتة لصالحه، إلا أنها ظلّت بالرغم من ذلك تؤدي مهامها السامية على أكمل وجه، وبكلِّ ما أوتيت من الصبر والتحمّل، لأنها ولدت ككائن إنسانيٍّ حر، وستظلُّ كذلك حتى نهاية التاريخ.
إنَّ الواقع الذي تعيشه المرأة حول العالم، بفعل سلطة (النظام الذكوري) المتحكِّم، هو واقع مزريٍ، لا يمتُّ بصلة إلى حقيقتها التي أرادها الله تعالى لها، فكثيراً ما تبدو أقرب إلى (سلعة تجارية) تُعرض مزاياها الشكلية في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء بكل فظاظة، حتى كاد ذلك؛ أن يلغي الوجه الحضاري المشرق لتاريخها. ذلك في الوقت الذي تتفاقم فيه العديد من قضاياها الملحّة، وتتعرّض – هذا الكائن الإنساني – إلى شتى أشكال الظلم والاضطهاد والتهميش، من خلال عشرات الأساليب والطرائق المنتشرة على نطاق واسع، لدرجة قد تصل – أحياناً – إلى حدِّ التصفية الجسدية، مروراً بمشكلات جسيمة تتعرَّض لها، مثل مشكلات: العنف النفسي والجسدي، والاستغلال الجنسي، وإكراه الفتيات على الزواج المبكر، وحرمانها من حقوقها التي كفلتها لها الديانات السماوية، ثم القوانين والتشريعات الوضعية، كحقِّ الميراث مثلاً. ذلك بما أغفل الحقيقة الدامغة بأنَّ قضية المرأة وحقوقها، ليست قضية اجتماعية فحسب، وإنما هي قضية ثقافية وأخلاقية أيضاً، وأنها لا تمسُّ جانباً واحداً من جوانب الحياة، وإنما تشتمل على كلِّ جوانبها، وأيضاً أنها ليست قضيّة خاصة بفئة أو مجتمع معين، وإنما قضية عامة تشمل المجتمعات الإنسانية برمتها. إذ أنَّ حصول المرأة على حقوقها، سيحقِّق النهضة بكلِّ أشكالها، وستكون آثارها إيجابية، ليس بالنسبة للمرأة فقط، بل بالنسبة للرجل أيضاً، إذ لا حرية للرجل دون حرية المرأة، وتخلُّصهما من الأفكار القديمة، ولا ضمان لحرية المجتمع ونهضته إلا بتحرُّر المرأة، وحصولها على حقوقها الكاملة.
تقول الكاتبة والمفكرة والفيلسوفة الفرنسية (سيمون دي بوفوار) وهي أحد الرموز الهامة من رموز حركات تحرُّر المرأة(1): “إن الرجل يعتبر جسمه كما لو كان كائناً مستقلاً؛ يتصل مع العالم اتصالاً حراً خاضعاً لإرادته هو.. بينما يعتبر جسم المرأة حافلاً بالقيود التي تعرقل حركة صاحبته. ألم يقل أفلاطون: الأنثى هي أنثى بسبب نقص في الصفات. إنَّ الإنسانية في عُرف الرجل شيء مذكَّر، فهو يعتبر نفسه يمثِّل الجنس الإنساني الحقيقي، أما المرأة فهي تمثِّل الجنس الآخر.”
وإذا أردنا تخصيص تاريخ قضية المرأة وآفاقها كرديّاً، وجُب علينا الرجوع إلى الوراء قليلاً، حيث يطالعنا هذا التاريخ على صور ومشاهدات رائعة ومبهرة، نقلها أغلب المستشرقين والباحثين الأجانب ممن زاروا المدن الكردية، وتناولوا أحوال مجتمعاتها، وكتبوا عن الآداب والثقافات والعادات الكردية، منهم الكاتبة البريطانية (آغاتا كريستي) التي أشارت – في كتاباتها – إلى تقدُّم المرأة الكرديّة من الناحية الفكرية على غيرها من نساء الشعوب المجاورة للشَّعب الكردي(2). ولكنها – أي المرأة الكرديّة – ظلّت لفترات طويلة، بحكم الظروف السياسية المعقدة، ضحية لظلم مزدوج، قلّما مرّت به امرأة غيرها، حيث ظلم الأنظمة المستبدّة التي تعاقبت على حكم الكرد، ومن جهة أخرى ظلم (النظام الرجولي) المتخلّف، واحتكاره لفكر المرأة ومشاعرها، لدرجة أفقدتها – هي نفسها – الثقة بذاتها وقدراتها وإمكاناتها، وأرغمتها على القبول بواقعها على أنه قدرٌ لا يمكن تغييره بأيِّ حالٍ من الأحوال. ولذلك كان من المفروض الديالكتيكي (قانون تطور الطبيعة) أن يتغير هذا الواقع، وأن يطال التغيير المرأة أول الأمر وقبل أيّاً كان، تغيير يتلخّص بأن تتعلَّم الرفض، رفض هذا الواقع، ثم تحاول – مراراً – كسر قوالب الذهنية التي تعود عليها المجتمع، وصولاً إلى الحياة الحرّة التي تنشدها المرأة، الحرية المشروطة بالقوانين الإنسانية اللائقة، والحياة الكريمة المحترمة.
يحيلنا هذا الحديث إلى تساؤلات عدة، أهمها ماهيّة العلاقة بين قضية المرأة من جهة، والفكر أو الثقافة، التي حاولنا تعريفها فيما سبق، وكيف أنها صنيعة المجتمع، وأحد أهم مفرزاته. وهنا يمكنني القول: إنّ الثقافة والوعي – كوجهين لعملة واحدة – هي عملية شاملة كما هي عملية مستمرّة، فهي تشمل فئات المجتمع كافة، وتستمر حتى آخر الحياة. ما أريد الوصول إليه القول: إنَّ لتحقيق ذلك التغيير المأمول في فكر المجتمع، الذي يقود إلى تحرُّر المرأة، كان لابدَّ لها من تثقيف نفسها أولاً، وأن تتنوّر وتنال حظّها من التعليم والمعرفة، لأن الحرية تبدأ من الفكر المتحرِّر، ولأنَّ العلم والمعرفة والثقافة هي الطريق الصحيح لتغيير معالم القهر الممارس ضدَّ المرأة، والتي ستعيد لها أهميتها، وتجعلها تأخذ موقعها الصحيح من الحياة، وتُظهر رسالتها الإنسانية الخالدة، فالمرأة عندما تكون معدّة من الناحية الفكرية، فهي تكون مؤهلة للقيام بدورها الكامل، وكثيراً ما تكون مبدعة ومتميّزة حين تُسنح لها الفرصة، أما العاجزة – فكرياً – عن حماية نفسها، ولا تعرف ذاتها وحقوقها، فلا يمكنها أن تحقق الحرية لنفسها أو لغيرها.
إنَّ الثورة بمفهومها الحقيقي تشير بوضوح إلى رفض القيم والتقاليد والعادات البالية؛ المتكرسة في مجتمعاتنا، وبناء البنية الفكرية الجديدة التي تتماشى مع التطورات الحاصلة على الحياة الإنسانية، وهذا ما يتطلّب الحاجة إلى (الثورة) ضدّ التركيبة التي صنعتها سلطة المجتمع، لترجيح كفَّة الرجل فيه، أو إلى قوّة ثورية تتمكّن من تطبيق هذه الأفكار عمليّاً. أي: الحاجة إلى مؤسسات قادرة على حماية المرأة مما تتعرَّض له من ظلم وتعسُّف واضطهاد، وحماية حقوقها المستلبة، وتكون قادرة على تطوير الآليات النضالية في مواجهة القوى المضادّة، وإحقاق مشروعية إشراك المرأة في مجالات الحياة كافة؛ التي طالما تم تهميشها فيها. ومن هنا تأتي الأهمية الحقيقية للثقافة، ثم الثورة، أو التغيير الفاعل في قضايا تحرُّر المرأة، وبناء المجتمع القائم على أسس العلم والمعرفة.
إنَّ المتتبِّع للأوضاع المتجدِّدة في المنطقة، يلاحظ بوضوح الدور الكبير الذي تؤديه المرأة في (الإدارة الذاتية الديمقراطية) كمشروع متنامٍ؟ وأنَّ الثورة المتّقدة في (روج آفا) التي انطلقت من كوباني في 19 تموز/ يوليو 2012م قد حقَّقت للمرأة الكثير من النجاحات والإنجازات والمكتسبات، وبخاصة بالنسبة للمرأة الكردية، سواءً في الناحية السياسية، والعسكرية أو الفكرية والمعرفية، أو الاقتصادية والاجتماعية، وصولاً إلى إحقاق تطلعاتها في حياة تسودها العدالة والحرية والمساواة.. أي أنها أخذت – بإرادتها الحرة – تمارس دورها الطبيعي في المشاركة بإدارة المجتمع, والمتأتّي من الطبيعة نفسها، حيث أنها المدبِّرة لأمور الحياة، وهذه الإدارة لم تكن يوماً تشريفاً بقدر ما كانت واجباً وتضحية وتكليفاً، بل أصبحت – في كثير من الأحايين – هي التي تقود المجتمع. كما أنها انبرت لتخليص فكرها وفِكر مجتمعها من آثار الذهنية المتخلِّفة، وتصحيح الأخطاء التاريخية التي ارتُكبت بحقِّها، والتخلّص نهائياً من منطقِ مفاضلة الرجل عليها، ذلك بعد أعادت تنظيم ذاتها، واستعادت الكثير من قيمها الإنسانية التي سُلبت منها، وقد نجحت في ذلك إلى حدٍّ كبير. إنَّ العالم يشهد اليوم على دورٍ متميز للمرأة في مشروع الإدارة الذاتية، ويعترف بتضحياتها العظيمة والجبارة خلال هذه الثورة بشكل عام، ووصولها إلى مستوى متقدِّم في القدرة على التضحية والعطاء وتحمُّل المسؤولية. واستطاعت أن تدرك ذاتها وقيمتها الحقيقية التي تمَّ تجاهلها لعقود طويلة.
ولعلَّ من أهمّ الإنجازات التي حققتها المرأة خلال هذه الثورة: التمثيل المتساوي مع الرجل في كلِّ مؤسسات الإدارة الذاتية وهيئاتها، عبر نظام الرئاسة المشتركة في كلِّ مناطق روج آفا- شمال وشرق سوريا، (نسبة 40 بالمائة) النظام الذي أضحى نموذجاً فريداً من نوعه في تاريخ الشرق الأوسط. وأيضاً: (مؤتمر ستار) الحركة التي تأسست عام 2005م والتي تمثّل اليوم المظلّة الجامعة للمرأة في روج آفا، وإنشائها العديد من (أكاديميات المرأة) منذ عام 2011م. وكذلك إنشاء الكثير من (مراكز تعليم وتدريب المرأة)، التي تناقش المشكلات الأسرية والاجتماعية للمرأة، وتقدِّم لها الخدمات التعليمية والصحية والثقافية.
كما تم افتتاح كليّة (الجنولوجيا- علم المرأة) في تشرين الأول/ أكتوبر 2017م كخطوة تاريخية ل (جامعة روج آفا)، وكفرع علمي حديث هو الأول من نوعه على مستوى العالم، علماً أن هذا العلم كان متداولاً في روج آفا منذ عام 2013. وبافتتاح هذه الكليّة تمَّ إتاحة منهاج تعليمي جديد، يهتمُّ بكلِّ ما يتعلَّق بالمرأة، للفتيات اللّواتي لم يكن لديهنَّ إمكانية الحصول على فرصة كهذا في السابق، ويعرِّفهنَّ على المعارف المتعلِّقة بتاريخ المرأة، ودورها منذ الأزل، والغُبن الذي تعرَّضت له على مرِّ العصور. ذلك إلى جانب تأسيس العشرات من المنظمات والمراكز الخاصة بالمرأة، كرابطة المرأة السورية، والاتحاد النسائي السرياني، ورابطة المرأة المثقفة، ورابطة إعلام المرأة “RAJIN” ، وغيرها من المنظمات والمراكز، التي تهدف إلى تثقيف المرأة وتحقيق مساواتها مع الرجل. إضافة إلى العديد من القوانين التشريعية التي جاءت لتحسين حقوق المرأة، مثل قانون حظر زواج القاصرات مثلاً. تقول المناضلة (فوزة اليوسف)(3): “إنَّ قوة الثورة في روج آفا تكمن في قوة ثورة المرأة، ولم تقف عند هذا الحد فقط، بل أصبحت ثورة المرأة في روج آفا- غربي كردستان، منبع إلهام لجميع النساء في العالم، ويعود ذلك إلى النظام الخاص بالمرأة المتوازي للنظام العام. إذ نظمت المرأة صفوفها بشكل مستقل، واستطاعت تضمين حقوقها في كافة ميادين الحياة. ولن يكون من المبالغة القول إنَّ المرأة في روج آفا يمكن أن تشكِّل نموذجاً من أجل جميع النساء في العالم، لأنها تقدّم البديل لما تعيشه المرأة من معاناة.” ولعلَّ من أجلّ الأمثلة على دور المرأة في ثورة روج آفا؛ الشخصية المناضلة، السَّيدة (إلهام أحمد) التي احتفى بها (الكونغرس) كرمز للمرأة الكردية، ووقفوا لها تصفيقاً؛ تقديراً لتضحياتها وتمسُّكها بعدالة قضيتها.
من جانب آخر النجاحات التي حقَّقتها المرأة في ثورة روج آفا على الصعيد العسكري، ونضالاتها وبطولاتها وتضحياتها أمام القوى الظلامية، والتي أسفرت إلى دحر تنظيم (داعش) والقوى الرجعية الأخرى، مما أسهم في حصولها على المزيد من الحقوق، وكسر القيود التي كانت تكبِّل فكر مجتمعها بتقاليده وعاداته الرجعية، فأصبحت (وحدات حماية المرأة) و(قوات أسايش المرأة) ملهمةً لروح المقاومة المتّقدة، بشكل أبهر العالم وأذهلته، خاصة دورها في مقاومة كوباني أواخر عام 2014م، وغيَّر الصورة النمطيّة للمرأة في الشرق، وأفسحت لها المجال لإطلاق صيحتها المدوية، التي تردَّد صداها في العالم، فتحدَّثت وسائل الإعلام في العالم عنها كثيراً، وبرزت اسماء العديد من البطلات اللواتي أثبتن جدارتهنَّ وجسارتهنَّ في وجه أعتى قوى الظلام على مرِّ العصور، أمثال: زوزان، وريفانا، وجيان، وآرين ميركان، وبارين كوباني، والمناضلة (روجدا فلات) التي تناقل العالم بطولاتها الأسطورية، كأقوى امرأة في العالم، حسب تصنيف كبريات الصحف العالمية، متجاوزةً كلاً من هيلاري وميركل. إضافة إلى غيرهنَّ من المناضلات من أجل الحرية، بنات الشمس، اللواتي كنَّ وقوداً لهذه الثورة، التي ستبقى متقدة، حتى إعادة مجرى التاريخ إلى نصابه الحقيقي، وإظهار حقيقة المرأة التاريخية. تقول آنيا فلاخ(4): “ربما تكون هذه المرة الأولى في التاريخ حيث تلعب المرأة فيها دوراً فعالاً في تنظيم الثورة، لقد قاتلن في الخطوط الأمامية، وكنَّ قائدات وشاركن في العمليات العسكرية، لا يوجد مكان في روج آفا، إلا وللمرأة مكان فيه، هنّ في كلِّ مكان وجزء من كل شيء”.
إنَّ تجربة روج آفا في تحرُّر المرأة وحماية حقوقها، قد قطعت شوطاً كبيراً في مسيرتها نحو الشمس، بل أصبحت نموذجاً يحتذى به من قِبل نساء العالم، أو يتم الحديث عنه على مستوى عالٍ بأقلِّ تقدير، وذلك بفضل نضال هذه المرأة نفسها، النضال المستميت من أجل تحقيق العدالة بين المرأة والرجل، وإعادة تشكيل العلاقة بينها، وبناء هيكلية المجتمع على أسس تلك العلاقة، وصولاً إلى الحياة الحرّة الكريمة التي تليق بالكائن الإنساني، وكما أراد لها خالق هذا الكائن.
=KTML_Bold=الهوامش:=KTML_End=
1) سيمون دي بوفوار (1908-1986)، تعتبر أهم الشخصيات البارزة في القرن العشرين. من مؤلَّفاتها: (الجنس الآخر)، الذي يعدُّ من أكثر الكتب تأثيراً في الحركة النضالية للمرأة.
2) من كتابها: هكذا عشت في سورية، في شاغر بازار، وتل براك، وتل أبيض- مذكرات، ترجمة الأديب الراحل: الشيخ توفيق الحسيني، الناشر: دار الحصاد للطباعة والنشر والتوزيع- دمشق، 2007.
3) عنوان البحث: ثورة المرأة هي الضمان الوحيد لنجاح الثورة الاجتماعية الديمقراطية، موقع جنولوجيا، مهتمّ بعلم المرأة وقضاياها. الرابط: https://jineoloji.org/ar/
4) من كتاب ثورة المرأة، تأليف: مايكل كناب، آنيا فلاخ، أرجان آي بوغا، التقديم: ديفيد جرايبر، الكلمة الختامية: آسيا عبد الله، الإعداد وترخيص النشر باللغة العربية: منتدى الفرات للدراسات. موقع: منتدى الفرات للدراسات، عنوان البحث: ثورة في روج آفا (الإدارة الذاتية الديمقراطية، وتحرير المرأة في الشرق الأوسط) الجزء الأول.[1]