=KTML_Bold=عفرين ما بين الصمت والتغيير=KTML_End=
يوسف كوتي
سنوات خمس تمر على احتلال #عفرين# الكرديّة، حيث تشتد الأزمة الاجتماعية والاقتصادية على شعب عفرين في ظل الصمت الدولي، حيال ما يحدث من جرائم في عفرين وريفها، انتهاكات لحقوق الإنسان والطبيعة على السواء، بدعمٍ دولي وإقليمي للمرتزقة والإرهابيين، الذين قَدموا إلى عفرين تحت غطاء سلاح الجو التركي المحتل، ودعم من جيشه المحتل، في ظاهرة لم يشهدها التاريخ في أي بقعة من الأرض.
فقط في عفرين شهد التاريخ الحديث أكبر هجمة جوية، على أصغر بقعة جغرافية، عبر سياسة توجيه بوصلة إسقاط النظام في دمشق إلى الشمال السوري الآمن، وحصراً المناطق ذات الغالبية الكردية، التي انطلقت منها ثورة الحرية التي أسست نظام التعايش السلمي، بين جميع الشعوب، والتي وضعت أسس العلاقات المتينة، على مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية وأخوّة الشعوب.
لم يرق لأعداء المنطقة هذا المنهج، فتصدوا بكل ما يملكون من قوة عسكرية وسياسية واقتصادية، لمواجهة المشروع الديمقراطي، الذي لا يميز الشعوب، ولا بين أي شعب وآخر، أو ثقافة وأخرى، لهذه الأسباب وتلك قاموا بتشكيل تحالف بين القوى الاقليمية المتصارعة في سوريا، لإفشال هذا المشروع، عبر كافة الأساليب المنافية للأخلاق الإنسانية والقوانين الأممية، وخاصةً فيما يخص التغيير الديموغرافي، بخلط جميع الأوراق التي تخص المعارضة السوريّة، بكافة أشكالها الراديكالية والمعتدلة، بدءاً من نقل المجاميع المسلحة من المناطق الداخلية والجنوبية إلى المناطق الشمالية والشرقية، وتشريد شعوب المنطقة ما بين النزوح والتهجير، بهدف إفراغ المنطقة من سكانها الأصليين، وإسكان المرتزقة وعوائلهم في بيوتهم وممتلكاتهم بدلاً منهم.
لم تقف الأمور هنا؛ بل استمرت سياسة الإقصاء والتمييز العنصري في المناطق الكردية المحتلة بكل أشكالها، بمباركة قطرية وكويتية ومنظمات فلسطينية، ومشاركتهم المباشرة في بناء المستوطنات على الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها لكرد عفرين، تحت مسمى المنطقة الآمنة للمهجرين من المناطق الداخلية، ورجوع اللاجئين السوريين من تركيا وتسكينهم في تلك المستوطنات وبيوت المدينة.
هذا وقد استغلت القوى المتآمرة ظروف كارثة الزلازل التي ضربت المنطقة في السادس من شباط الفائت، مؤدياً إلى انهيار المئات من المباني السكنية، وتشريد عشرات الآلاف، ووفاة عشرات الآلاف من المواطنين في سوريا وتركيا وشمال كردستان “باكور”، وترك المتضررين في العراء يصارعون الجوع والبرد، لأجل البقاء هكذا تركوهم لمصيرهم حيث يجبرونهم على ترك منازلهم المنهارة، وإبعادهم عن بيئتهم التي ولِدوا وترعرعوا فيها، في ظل غياب الضمير، والصمت العالمي الذي أصبح عبئاً على كاهل البشرية.
لهذا فجميع الدول التي تعمل على دعم بناء المستوطنات في عفرين بشكل أو بآخر شركاء في سفك دماء شعبنا، وعلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية أن يقوموا بواجبهم الأخلاقي، وبما يتوافق مع معايير الأمم المتحدة وردع الأنظمة الشوفينية، التي تعمل على إحداث التغيير الديموغرافي في شمال البلاد، وكسر جدار الصمت ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين، وعليهم أن يجبروا الاحتلال التركي على الانسحاب من الأراضي السوريّة المحتلة كافة، ليس هذا فقط؛ بل على الأمم المتحدة أن تشكل لجنة تحقيق دوليّة مستقلة للتحقيق في التجاوزات التي ارتُكبت من قبل النظامين التركي والسوري، بحق شعوبهم خلال سنوات الحرب الطويلة وخاصةً ما بعد كارثة الزلزال، التي خلّفت دماراً وتشريداً لمئات الآلاف من المدنيين، والانصياع لإرادة الشعب الذي يطمح لبلوغ الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة.[1]