الكورد الفيلية رهان المستقبل
بقلم ( كامل سلمان )
قد يكون هذا الكلام في ظاهره نوع من المبالغة او رفع من الروح المعنوية لهذه الأقلية المهمشة ، لكن عندما يحين وقته سيدرك الناس هذه الحقيقة .
قال لي أحد أفراد الجالية اليهودية في امريكا كلام فيه عمق كبير ، اذ قال ( نحن إذا تحدثنا عن الف يهودي في امريكا ومدى تأثيرهم على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فكأنما نتحدث عن نصف قوة المجتمع الأمريكي فالمسألة ليست مسألة عدد بل مسألة نوع ) بهذه الطريقة وبهذه الثقة تتحدث الأقليات عن رصانتها وقوتها ومدى تأثيرها على المجتمع وذلك بفضل حرص ابناء هذه الأقليات على وجودهم وكيفية تنمية وجودهم ، هذا الكلام ينطبق تماما على الواقع العراقي ، في الوقت الذي يتجه فيه معظم افراد المجتمع العراقي نحو التجهيل والخرافة والابتعاد عن العلم والمعرفة والتعليم نجد بنفس الوقت معظم العوائل الفيلية تدفع ابناءها الى التعليم والتجارة والنشاطات الحياتية المهمة ، فنوعية الإنسان الفيلي على الأرض وبحسابات النوعية اصبح بعيد بشكل كبير عن المحيط المليء بالجهل والتخلف وهذه الإضافة تحسب للعائلة الكوردية الفيلية بمثل هذه الظروف العصيبة وقد يكون وراء ذلك اسباب كثيرة منها تنوع الارتباطات للعائلة الفيلية مع الثقافات المحيطة من جانب ومن جانب اخر المنافسة الميدانية للعوائل الفيلية فيما بينها بالظهور امام الآخرين بشكل افضل بالملبس والمأكل والاهتمام وبالمال والشهادة والاختصاص وفي كل المجالات ، إضافة الى الارتباط بأبناءها المتواجدين في دول المهجر ، فمعظم الشباب الفيلي ومنذ عقود تعود على الهجرة والعيش في دول الغرب مفضلا حياة الغربة بكل آلامها على العيش في وطن ليس له فيه حقوق او وجود القيود التي تسلب حريته الفكرية والعقائدية . فكلما زادت معانات هذه الأقلية المظلومة زادت عندهم النتاجات الفكرية وتحسنت النوعية في التركيبة العقلية ورغم كل المساوىء المصاحبة لهذه المعانات الا ان ثمار الزرع بدأ بالنضوج والمستقبل يلوح بالأفق نورا ساطعا . فاليوم نرى عشرات الالاف من النساء والرجال الفيلين على درجة عالية من الوعي والثقافة والعلم وهم قادة حقيقيون في الوسط الذي يعيشون فيه .
في السنوات الأخيرة بدأ الشاب الفيلي يفرز نفسه عندما يتحدث مع الآخرين ويقول انا كوردي فيلي وهذا عكس ماكان في السابق عندما كان الفيلي يعاني من اصوله الكوردية بسبب اجحاف القانون وظلم المجتمع وتراجع المستوى الثقافي والعلمي والاكاديمي للشباب الفيلي ولكن اليوم المعادلة تغيرت رغم ان القوانين العشائرية والمذهبية والحزبية اضحت هي القوانين السائدة في المجتمع .
لهذه الاسباب ولأسباب اخرى منها ثقة الفرد العراقي اي كان توجهه بالشخصية الفيلية فالفيلين اهل ثقة واهل وفاء واهل عزيمة فهم ملتقى المتناقضين وملتقى المختلفين وهم البديل الوحيد لإعادة روح الحياة لمجتمع فقد مقومات الاستمرارية والعيش بأمان ، فكل شيء في المجتمع يتجه صوب الأسوأ ، فالمريض عندما تسوء حالته يتقبل ان يتجرع الدواء مهما كانت مرارته ، وعندما اقول انهم البديل فهم ليسوا بديل عن رغبة ولكن لا حل امام الجميع الا اختيار من لا يمثل مصدر قلق وخوف على مستقبلهم وهذا الاختيار اخذ منحى تصاعدي ويشتد يوما بعد يوم ، فالثقة بين جميع المكونات بدأت تتلاشى فيما بينها وعندما تصل الحالة الى النقطة المفصلية سيكون الكورد الفيلين هم الحل الأخير وسيجد الكورد الفيلية حينها أنفسهم قادة لمجتمع طالما اضطهدهم وأساء اليهم ولكن سيجد هذا المجتمع في الكوردي خير معين وعطوف واهل للثقة وهذه هي من نقاوة الكورد التي لاتتغير .
نعم الوضع الحالي والمستقبلي من سيء الى أسوأ ومن يتأمل خيرا من هذه الصراعات غير المنتهية فقد أخطأ ، فالعشائر الجنوبية والوسطى اصبحت اليوم تعد العدة والعدد لتقديم نفسها كقوى جديدة على الساحة ، وهذا مازاد الطين بلة وزاد من عدد المتنافسين على الكعكة كما يسمونها وقد تتحول هذه المنافسات الى صراعات دموية تستمر لفترات طويلة ، وكل الصراعات الدموية وغير الدموية في التأريخ البشري لابد ان تنتهي بعد ان تحرق الأخضر واليابس كما يقولون وبعد ان تسفك انهار من الدماء لابد ان تنتهي الى حلول وسطية مرضية للجميع ولكن لن يستطيع ان يمنح احدهم الثقة للأخر بعد اليوم وسيكون الكورد الفيلية هم الحلول الوسطية المرضية للجميع لكن بشرط ان يلملم الكورد انفسهم من الآن ويجمعوا قواهم المبعثرة بين التيارات والاحزاب المذهبية التي لا نفع منها ولا خير مرجو . مجرد استهلاك للقدرات ومضيعة للفرص التأريخية القادمة وعلى جميع الكورد الفيلين ان يعوا هذه الحقيقة وان كان هذا الكلام يتم طرحه بشكل مبكر ، الا ان جهود المثقفين الكورد ستعجل من رؤية المستقبل بوضوح تام وهل هناك احق منهم بها وهم من يشهد التأريخ بتضحياتهم وآلامهم ومعاناتهم والظلم الذي لحق بهم جيل بعد جيل
وليس ذلك على الله بعزيز
[1]