الدِيانة الأيزيدية وَفَلسَفة الطبيعة /ج 1
غازي نزام
لاشك أن الدِيانة الأيزيدية تُعَّد من الديانات أَو المُعتقدات القديمَة والطَبيعية ،كما أَن العناصر الطبيعية الأَربعة ( الهَواء ، الماء ، النار ، التُراب ) .هي أَركان أَساسية في فَلسَفَتها من حيث الأسطورة والطَقس والمُعتَقد ، كما سنراه في النصوص الشَفاهية الدينية الأيزيدية ، وَتَرتَبط هذه العَناصر أرتباطاً وثيقاً بِحياة االفرد في هذهِ الديانة ، وتَدخل ضمن ممارسَة مراسيمها الدينية بشكل دوري وعَلى مَدى أَيام السنة في مَعبدهم الرئيسي ( لالش ) وكذلك في المَزارات والبيوت وفي القرى والقَصَبات . هذا الجانب الطَبيعاني أتخَذَتهُ الديانات القَديمة في حَضارة وادي الرافدين وبلاد الأَغريق والرومان وبلاد فارس القديمة ، حتى دَخَلت هذهِ الفَلسَفة عَصرنا الحديث والمُعاصر وَمن ضمنها الديانة الأيزيدية في عَصرها الحديث وَمَرحلتها الثانية مابَعد ظهور الشيخ عُدي أَو الشيخ ( عادي – آدي ) في القرن الحادي عَشر الميلادي السادس الهجري .الى جانب فَلسَفة التَصَوف والتي سَبق لَنا وَأَن سَلَطنا الضوء عليها في هذا الموقع ( بحزاني ) ومواقع أخرى بعنوان ( الحلول عند الأيزيدية ) . وَمن جُملة من فَسَّر وبَحث في مجال الطبيعة وعَناصرها الأَربعة والتي أَبدع فيا الفيلسوف اليوناني الشهير ( أَمبيدوكلس ) من فلاسفة ماقَبل سقراط ،المتوفي نهاية القرن الخامس 430 ق.م مؤسس نَظرية العَناصر الأَربعة الشهير ، حيث يَقول أن العام يَتَكون من أَربَعة عناصر مزدوجة معاً بِنسب مُختلفة هي ( الهَواء –الماء – التراب – النار ) وقَد أَطلق على هؤلاء ( الجذور ) ، وَقد رَبط كل عُنصر من هذه العَناصر باسم شخصية ميثولوجية كما هو عند الأيزيدية كالشمش ( شيشم ) والقَمر ( مّه لك فه خرّ دين ) الملاك فخر الدين . أضافة الى قُدسية الماء والتراب ( الَبرات ) ، والذي سَوفَ نأتي اليه لاحقاً في هذا المقال ،أَو في الجزء الثاني منهُ، وَقد عَزا أَمبيدوكلس النمو والزيادة والنقصان في الطَبيعة الى دَرجة تمازج هذه العناصر الأَربعة معاً . في رأيهِ لاشيء جَديد يأتي الى الطَبيعة ( لايوجد صيرورة ) وأي تغييريَطرأ ،أِنما هو التغيير في تمازج أَو تَناسب عنصر مع الآخر ، وقَد أَصبَحت هذه النظرية عقيدة علمية راسخة خلال الأَلفي عام التاليين ،(1) وَعن طه باقر الباحث العراقي الشهير والمؤَرخ عُثَر المنقبون في خَفاجي عَشرة أَدوار من البناء مَر فيها المَعبَد الذي شُيد لعبادة الأله ( قَمر ) الشهير في حَضارة وادي الرافدين ( ميزوبوتاميا ) وأسمهُ السومري ( ننار – أَو نتار ) ويوجد في عدة مراكز أُخرى في العراق القديم أشهرها مدينة أور ومدينة حَران ، وَورد في أسطورة الخليقة البابلية المشهورة التي دُونت بحدود ( 1700 ق.م ) الثالوث الألهي المؤلف من آلهة عِظام هم كل من : آنو ( أِله السَماء ) كما يشير الى ذلك أسمهُ السومري ، والأله أَنليل ( إَّ له الجَو أَو الهَواء ) ، والأله إِنكي ( إِيا ) أله الأَرض والمياه الظاهرة والسُفلى ، والهه الشمش الشهير ( أوتو ) بالسومرية وشمش بالبابلية ،الذي أشتهر بأَنهُ اله النور والحَق والعَدل الموصي بالشرائع والكاشف عَن البُغض والظُلم ، وكذلك الأله ( أي – آبسو ) منذ أَقدم الأَزمنة وكان أله الماء والحكمة والمعرفة الذي عَلم البَشر المعارف والعلوم .(2) وَفيما يَتَعَلق بعَقيدة الأهالي في أيران القديمة ( الهخامنشية ) يَقول المؤَرخ الأيراني الشهير ( حَسن بيرنا ) ليس بينَ يَدينا مايُوَضح بأَن العقيدة الّهخامنشية متباينة ( مختلفة ) مَع الزَردَشتية . والاحتمال الأقوى أنهم كانوا يَعبدون بَعدَ أَهورامزدا أَربعة عَناصر
01 النور (الشمس والقَمر)
02 الماء
03 التراب
04 الرياح (3)
وهو مايَتَطابق تَماماً عند البابلييين حيث أن ( آنو ونابو ) واله السماء تَشرق منها الشَمس المضيئة والدافئة والباعثة للحياة هي ذات الشمس التي يَتوجه اليها الأيزيديون عند الدعاء في شروقهِ وغروبهِ . وهو نفسهُ الأله (الشمس) أَو رمز الدفء والضوء وأشراقة الحَياة والبَهجة التي يَتَسلم منها حمورابي شَريعَتهُ (4)
وبخصوص هذا العنصر الأهم عند الأيزيدية الشمس أَو النور عند الأىزيدية يقول المرحوم المؤَرخ جورج حَبيب أن الأَلعاب العظمى بمناسبة تكريس معبد ( مارس ) تُذَكرنا بألعاب القَباغ في عيد الجَماعية ( الأَصَح جَما وليست جَماعية – الكاتب ) وذلك أن الأله ( شمس – رأس الأيزيد) هو سيد الحَرب كما تَدلنا ذلك صفَتهُ الميثرائية ( الشمس الذ ي لاتقهر ) ورأينا أن الأحتفالت تقوم في آسيا الصغرى للآلهه شمس يوم ميهر من شهر ميهر ( وميهر تعني بالفارسية – شمس ) أي في الثاني من شهر تشرين الأَول ،وهي فترة أحتفالات الخريف بأله الحَرب (5)،ودائما عَن ( شيشم – شمش – شمس -هور – تاو – تاف – روز ) –( الكاتب) اله الضوء والأشراقة والدفء والركن الأساس والأَول في العبادة والديانة الأيزيدية كما أَسلفنا جاء في ( قه ولي شيشم مه ستم شقه ده هي 1 )نص ديني في العلم الشفاهي الأيزيدي حول الشمس في فقراتهِ .
02 مه ستم زديوانى
ئه م بشيشم بده ين به يانى
ياشيشم تّ ئه م ئانينه سه ر ئه ركاني
03 ياشيشم توى رَ حيمي
خالقى من ز قه ديمى
ل هه مو دّ ردا توى حه كيمي
هنا في هاتين الفقرتين من أَصل ( 59 ) فقرة من قه ولي شيشم يُفسر فيه دور وأسم وَمعنى ( شيشم – شيشمس ) في الميثولوجيا الأيزيدية وكيفية دَمجهِ كالهه مرة وحَكيم ومُخَلص وكلي القدرة مرة أخرى أضافة الى أنه نور يشع ويدفىء الكَون في الفلسفة الأيزيدية الحديثة الغير منقطعة من خلال أَفكار وآراء ؤأبعاد وضعها وأَسسها الشيخ عُدي ( عادي آدي ) وحَفيد شَقيقهِ المرحوم الشيخ حَسن بن عُدَي الثاني ،حيث يقول النَص ،عَشقتُ مَجلس شيخ شَمس ،وَأَلهَمني عشقَهُ ،وسوف أَعْلن عَن عَظَمتهِ وقُدرَتهِ ،يا أَيها الأله العَظيم أَنت مَن وَجهتنا الى الطريق الصحيح ، وعَلمتنا الصدق والأيمان ، حيث أَنت الرَحمة وأَنت خالقي من القَديم والأَزَل وأَنت الحَكيم الجَبار في كل وَقت وكُل زَمان (6)
وعَن العَناصر الطبيعية الأساسية الأُخرى عند الأيزيدية نرى واضحاً وجَلياً ماجاء في النص الديني (قه ولي شيخو بكر ) نَص عَن الخَليقة والتَكوين في فقراتهِ
027 به دشى مني جه باره
زدورى ئه فراندبون جاره
ئافه وئاخه وبايه وناره
028 هه رجا ركو دفاخرن
بكى دئينان وبكى دبرن
بكى مه رسوم زدورى فاريقه كرن
029 هه رجاريت دورستن
نه دخواره ونه دنفستن
بكى مه رسوم زدورى فه دكوهاستن
المعني
027 إِلهي الجَبار
خَلق الأَربعة من الدُرة
التراب والماء والهَواء
028 الأَربعة الفَواخر
بأمر مَن جَلَبوهم وبأَمر مَن أَخذوهم
وبأَي مرسوم فَصَلوهم عَن الدُرّة
029 الأَربعة الصالحين
لَم يكونوا يأكلون ولَم يكونوا ينامون
بأي مَرسوم نقلوهم من الدُرّة (7)
المصادر:–
01ويكيبيديا – الأَنترنيت
02 طه باقر /مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة / الوَجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين /ج 1 ص335
03 حَسن بيرنا /تاريخ أيران القَديم حتى نهاية الدولة الساسانية / ص 229
04 الدكتور / كاظم حبيب / الديانة الأيزيدية ديانة عراقية شرق أَوسطية قديمة /دار نينوى للدراسات والنشر / سورية – دمشق – ص 206
05المرحوم المؤرخ جورج حَبيب / الديانة الأيزيدية بقايا دين قَديم /ط1 /مطبعة المعارف بغداد / 1978
06 د. خليل جندي /به رن ز ئه ده بى دينى ئيزديان / صفحات من الأَدب الديني اليزيدي /مطبعة /سبيرز للنشر / دهوك. ص212
07 لالش نامة / بحوث نصوص مقالات / للكاتب بدل فقير حجي / ط1 / 2019
غازي نزام / أوكسبورك
[1]