حوار/ عبدالرحمن محمد
ليتنا نملك أكثر من عامودا، الصغيرة بمساحتها والكبيرة بعطائها، والمتميزة بين شقيقاتها من مدن وبلدات إقليم الجزيرة بروج آفا، عامودا شقيقة قامشلو الثكلى والتي ما زالت ترثي أبناء محرقتها وتلد في كل يوم “محمد آغا” جديد، وتَهِب للعالم شاعراً وأديبا ومناضلاً ومجنوناً تارة أخرى.
وفي عامودا بجلبتها وهدوئها وشوارعها الحانية، كانت ولادة الشاعرة ماجدة داري، التي درست فيها وترعرعت، ثم قصدت العاصمة دمشق لتدرس بها وتحمل إجازة في الفلسفة وعلم النفس من جامعتها، ليستقر بها المقام حالياً في أمريكا، وها نحن نحاول التعرف عليها والتعريف بها لقرائنا في الحوار المقتضب الآتي:
كيف تُعرّف ماجدة داري بنفسها لقراء صحيفة روناهي؟
ماجدة داري شاعرة كردية؛ سورية، من عامودا التي أحسها مني، أكتب الشعر منذ نعومة أظفاري. مغتربة في أمريكا منذ مدة طويلة. لم أفارق الشعر ولم يفارقني هاجس الشعر، متعلقة إلى حد بعيد بكل ما يتصل بالأصالة والوطن والانتماء لروج آفا.
قد تتشابه البدايات لدى الشعراء في العموم ماذا عن تفاصيل بدايات ماجدة داري مع الشعر والأدب؟
كانت ولادتي الأولى بدايتها صرخة متأخرة متعطشة للحياة ومباهجها وفي مقدمتها الثقافة عامة والتذوق الجمالي والفني وخاصة الشعر. تربيت في عائلة متشبعة بالقراءة وخطوت خطواتي الأولى بين الكتب والمجلدات الثقافية، وكانت المعرفة والتوق لكل ما يتصل بالثقافة والأدب هاجس العائلة بمجملها وأنا من ضمنها. وهكذا كنت دوماً محاطة بأجواء من الأدب والشعر الذي امتزج بتفاصيل يومي.
الغربة والبعد طالما حركت المشاعر وأطلقت القرائح ماذا عن الغربة في شعرك وتأثيرها عليك؟
الغربة هي كأي تجربة حياتية تحمل في طياتها الكثير من التفاصيل المؤلمة والمفيدة أيضاً. الابتعاد عن الوطن والأهل يثير لواعج الشوق والحزن والحنين. يظهر هذا الحزن والحنين في أغلبية قصائدي والتي تحمل طابعاً مركباً. الاغتراب عن الذات بخاصة هو الاغتراب عن الأهل بكل مضامينه وذكرياته، الزمانية والمكانية.
هناك شبه غياب للأدب النسوي في العقود الأخيرة مع بروز بعض الأقلام النسوية في الآونة الأخيرة.. أين هو الأدب النسائي؟
مع تحفظي على مصطلح الأدب النسوي .ليس هناك أدب نسوي أو ذكوري. لكن قد تحمل الأديبة خاصة عالية في تحسس كل المشاعر المرهفة ومعرفة الدقائق في الحالة الأدبية وخاصة القصيدة. ولعل الغياب والحضور مرتبطان بالظروف المحيطة في وقت معين، ومرهونان بالمحيط بكل تفاصيله.
المرأة الكردية أذهلت العالم فأين تأثيرها ومكانها في أدب وأعمال ماجدة داري؟
لم تكن الحالة النسوية أو المرأة حالة طارئة في المجتمع الكردي، بل كانت وما زالت حالة فعالة وذات تأثير كبير في مجتمعنا بالرغم من كل آثار التفكير الذكوري القديم؛ والمتخلف، فهي الشاعرة والمقاتلة والطبيبة ويظهر ذلك حيناً في قصائدي التي تظهر الأنثى مكتملة ناضجة في أحاسيسها وشعورها وأعمالها في كل المنعطفات. والأزمات التي مرَّ بها المجتمع الكردي في تاريخه الطويل المليء بالمظالم والآلام.
كيف ينظر الغرب وأمريكا بخاصة إلى المرأة الكردية؟
هناك غياب وربما جهل بالتاريخ والثقافة الكردية في الغرب عموماً، وما وصل إليهم كان عن طريق مستشرقين ومبعوثين وهو قليل، أو وصل عن طريق من يعادون الكرد وكان فيه الكثير من التشويه، ولكن في العقود الأخيرة بدأوا يتعرفون إلى الشعب الكردي عامة والمرأة الكردية خاصة. بعد أن ضربت مثالاً في الشجاعة والإقدام مقترنتان بجمال ونبل يلامس حدود الألوهية.
المثقفون والأدباء سفراء شعوبهم في العالم أي صدى تلاقينه للأدب الكردي في أمريكا وما هي تجلياته؟
للأسف ما زالت أصداء الأدب الكردي ضعيفة للغاية. إن لم تكن معدومة؛ لأسباب كثيرة وتظل محصورة في جهود فردية يقوم بها الغيورين أو الغيورات على الوضع الكردي عامة والأدبي خاصة.
لو نتحدث عن تجربتك الأدبية وأهم ما صدر وسيصدر لك قريباً؟
منذ طفولتي المبكرة اهتممت بالأدب العام وخاصة الشعر، وكان دليلي ومرشدي هو أخي الشاعر والأديب (جميل داري) كان مشجعاً لتجربتي والتي اغتنت بسنوات غربتي الطويلة والتي تضمنت الكثير من الأسفار والتجارب والاحتكاك مع ثقافة ومشارب لشعوب مختلفة.
باكورة أعمالي كانت ديوان شعر باسم (نهر الخرز ) طُبِع في 2017 في دمشق وترجمه للغة الكردية الشاعر محمود بادلي وجوان قادو (çeme” morîka) وديواني القادم باسم (ليليث) قيد الطباعة، وأعمل على كتابة رواية حالياً تشخص الوضع الكردي بانتصاراته وانتكاساته ودور المرأة فيها يمتزج العام بالخاص.
لو اتيح لكِ توجيه رسالة ما لمن توجهينها وما فحواها؟
الثقافة كانت وما زالت هي الحاجة الأسمى والأعلى للبشرية؛ وهي أس وأساس أي مجتمع متحضر أو يسعى لتحقيق هويته وكينونته الثقافية، هي ضالتنا وهي الطريق الأصح والأجدر بالاتباع والسعي.[1]