عبدالخالق الفلاح/ يقوم المجتمع على الإنتاج ويتقدّم بالإبداع من الاطراف المتنوعة داخله وللرجل مكانته كما للمرأة مكانتها البارزة في المجتمع كفاعل رئيسي فيه ، حيث مضتة جنبًا إلى جنب مع الرجل لا تقل عنه في ذلك قيد أنملة ، لقد وجدنا المرأة في عصرنا وقد نفضت عن كاهلها تاريخًا أليمًا من التصورات الخاطئة التي ظلت إلى الآن إرثًا أثيمًا في تاريخ البشرية جمعاء بمفكريها وساستها وإنسانها العادي . وعلى مدى التاريخ كان للمرأة قيمتها في المجتمع حيث ان اصلاح المجتمع كله يبدأ من اصلاح المرأة ولها فضل عظيم في تربية ونشأة الجيل القادم ومساهمة فعالة و منجزة لبناء المجتمع تعكس هويتها وانتمائها وحبها لوطنها وولائها وتعزز التزامها بدينها وبالعادات والتقاليد الحسنة التي تربت عليها . ولكن لا يعطّلُ الإنتاجَ والإبداعَ شيءٌ أكثر من الخوف الذي تشبعت به بسبب القيود والقساوة التي فرضت عليها ، فلا يمكن أن يحيا هذان المقومان إلا في ظل الحرية والانعتاق من كافة القيود والأقنعة التي تغيب صفاءها و تشوه جوهرها و تطمس افكارها. وللأسف فإن الخوف كان ولا يزال رفيق درب المرأة الفيلية هذه الانسانة الصبورة التي تعرف كيف تعيش الحياة الافضل و تعطي العطاء المنتظر و تثبت وجودها في مجتمعها و نالت ثقة الغير و احترامهم و تقديرهم وقدمن حياتهن في درب الحياة واستشهدت الكثير منهن و البعض الاخر قضت حياتهن في سجون الطاغية أبان التسفيرات القسرية للكورد الفيلية والتي نالت الظيم الاكبر في فقدها للابناء والازواج والتهجير ومرت عليها مشاهد مؤلمة حين رماها النظام السابق على الحدود مع اطفالها في البرد القارس وبين حقول الالغام،تلك الحادثة المؤلمة علقت مرارتها وقسوتها في ذاكرة كل العراقيين الشرفاء الذين استنكروا هذا العمل الاجرامي واللاانساني وهذه معاناة لا تعوض بثمن لتشارك الرجل وأن تَعمد الى تغيير واقع حال المجتمع بترهيب نفسها بنفسها خوفاً من الم الماضي ورفعه من كاهلها بارادتها وما لم تكن هذه فاعلة فيما يخص المرأة و قريبة وملامسة لواقعها واحتياجاتها داعمة لها في كافة الأنشطة والمبادرات التي من شأنها النهوض بحقوقها وأمنيات بتحقيق الأفضل على أرض الواقع في ظل توجه حكومي ايجابي نحو قضايا المرأة ، يبقى كما أسلفت أن نستغل هذه الفرص الاستغلال الأمثل ولا يتأتى ذلك إلا إذا وقفت بشجاعة في مواقع صنع القرار ووجهت جهودها وقدراتها للقضايا التي تمسها ولم تعطى مع الاسف مساحة من الحرية للتعبير من خلالها عن موقفها من أمورالمجتمع وتقلّبت أحوالها بين فئات المجتمع ، وتتالت الخطوات العلميّة والفلسفية رغم كل ذلك. ان استثمار الألم الفيلي، من قبل البعض من الزعامات الفيلية لخدمة الأهداف الشخصية، كان مرضا مرافقا للقضية الفيلية بشكل عام ومنها المرأة، وساهم مساهمة سيئة؛ في تفاقم الهموم والإبتلاءات، وتسبب في تعميق الجراحات، فضلا عن أنه أعطى صورة قبيحة، عن كثير من المتصدين الفيليين، من المنخرطين بالحقلين الأجتماعي والسياسي، من الذين حاولوا اخناع الفيليين، واقناعهم بالعبورعلى قناطر مصالحهم الشخصية والوصول الى مآربهم الذاتية بدل التوحد من اجل اتزاع حقوق هذا الطيف المظلوم .
ان المرأة في العراق بشكل عام بعد 2003 حظيت في ظل العهد الجديد بالكثير من الحقوق وشرع لها الكثير من القوانين مساواة مع الرجل في جميع المجالات لما لها من دور بارز في المجتمع فقد تبوأت ونالت العديد من المناصب المرموقة في الدولة فهي تضاهي نساء العالم من حيث القدرة والكفاءة ولا تقل عنهم ويبرز دورها الريادي في خدمة مجتمعها والمساهمة في بناء وطنها الغالي بالعلم والمعرفة ورعاية شؤون مجتمعها ودعم جهوده الخيرة تحقيقا للمصلحة العامة . بينما واقع المرأة الفيلية لا يزال يدور حول نفسه متشرنقاً . رغم توفر فرصة ذهبية تعيش من خلالها وتستطيع ابراز مواهبها بمشاركتها في الحركات والتنظيمات والجمعيات التي تختص بالمرأة في جميع شؤونها مثل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية ومنها دائمة السباق في مجال تنمية المواهب والعمل على صقلها في التنفيذ و المشاركة بسلسلة من الأنشطة الاجتماعية والثقافية والفنية وأن تضع بصمة في بيتها من خلال رعاية الأبناء وتهذيبهم والمحافظة على الأسرة من تحديات العصر وتقلباته و ما يتحقق من منجزات وتتطلع الى مزيد من الإنجازات القادمة وربّما لا تزال أحوال الكثيرات منهن مثل ما كانت عليه في معظم الاوقات . فقد طُبّقت عليها كافة أنواع القيود المزمنة ما جعلها كائناً ضعيفاً وغير مستقر نفسياً، ونتج عن هذا الخوف العامل العنف النفسي الذي مورس ضدها بأشكال مختلفة بانزوائها في زاوية محدودة . و من رهابٍ لدى المرأة يعيق نشاطها ويمنعها من التقدم في المجتمع . وعدم تبني المنظومةَ الفكريةَ للمجتمع الذكوري المحيط بها لتشجيعها دون ادراك العواقب الكارثية المترتبة على هذه الممارسة والتي تساهم في تكوين مجتمع انساني متكامل بوجودها و الذي ستكون عليه في المستقبل، وتحديد دورها في المجتمع. بدل ان تجعلها ان تكون فيها قد حققت أكثر مما تحلم به نظيرتها في كثير من دول العالم، فلا توجد وظيفة قيادية مستعصية على المرأة، ولا تنال أجراً أقل من الرجل في الوظائف المتشابهة ، و لا يمكننا التطلع الى المستقبل والاستعداد للمرحلة المقبلة من دون مشاركة فعلية للمرأة في رسم هذا المستقبل وهي الأكثر حظوة وابداعاً بالمناصب القيادية في الدوائر الحكومية و البرلمانية والتنفيذية والقضائية والإعلامية ،ولنا نماذج رائعة في كفاءة المرأة الفيلية مشابهة لكفاءة الرجل في الحرب والسلام و العلم والمعرفة والنضال والتضحية والثبات على المبدأ ولهن دور ايجابي في الزمن، وقوة الشخصية واذا ذهبنا الى عمق التاريخ هناك نساء فيليات شاركن في الحروب و القتال جنبا الى جنب مع الرجال دفاعا عن كرامتهم وارضهم و خير نموذج لها المقاتلة الثائرة / قدم خير/ التي قادت رجال في المعارك وانتصرت على الظلم وفي التاريخ الحديث هناك الدكتورة الحقوقية والقاضية المناضلة زكية اسماعيل حقي والاعلامية الرائعة الدكتورة فيروز حاتم جاسم والكاتبة منيرة اميد والشهيدة السعيدة ليلى قاسم التي اعدمها النظام البعثي والشهيدة ميسون حسن التي استشهدت بانفجار لغم تحت قدميها على الحدود العراقية الايرانية أثناء حملة التهجير الظالمة للكرد الفيليين سنة 1980 ، والدكتورة النائبة السابقة كيان كامل حسن البصيروالنائبة السابقة سامية عزيز محمد خسرو...الخ والكثير الكثير مما قدمن حياتهن وخدمن العلوم والمعرفة لا يسعى المجال لذكرهن وعلى كل مستويات العمل وفعلاً هناك منهن اختارت طريقتها وأسلوبها في التعامل مع ضغوطات المجتمع بصبرها وحكمتها وتفانيها ، وربما ازداد هذا التنوع من جيل لاخر ، وهذا أمر طبيعي لأن الوسائل القديمة في الخروج من القوقعة تم استبدالها بأخرى عصرية نتيجة الثقافة التي اكتسبتها وتحملت المعاناة من اجل الوصول الى الهدف المنشود في احقاق حقها المشروع في حياة مفعمة بالآمال الوردية والأحلام السرمدية وغارقة في بحيرة الأفراح والمسرات والمباهج و تعيش نشوتها الحقيقية والالتزام الأبدي بشعبها و عهدا على نفسها بان تحتضن الصدق والود والمحبة والتفكير بالنظرة المستقبلية القائمة على اساس حضاري تؤسس على فكرة عدم القبول باستمرار معاناتها من ابسط عناصر الحياة والحقوق ، وتطالب بالحرية ليس فقط للمرأَة الفيلية انما للشعب العراقي كله.[1]