من إيران إلى #تركيا#، ومن تركيا إلى #سوريا#، ومن سوريا إلى #جنوب كردستان# تتواصل عمليات استهداف وقتل النساء من قبل الأنظمة الاستبدادية والمنظومة الذكورية المتمثلة بالنظامين التركي والإيراني والمتعاونين معهما، الذين يتخذون من إبادة النساء وقمعهن بشتى الطرق والوسائل قاعدة لتوطيد وجودهم وديمومتهم.
هذه المنظومة الذكورية القائمة التي انتهجت قتل النساء بشكل رئيسي، صعّدت في الآونة الأخيرة من انتهاكات حقوق الإنسان وخاصة بحق النساء وزادت من وتيرة جرائم قتلهن، بدءاً من جريمة قتل الشابة الكردية #جينا أميني# ابنة مدينة سقز الكردية في #شرق كردستان# والمعروفة بروحها الوطنية، إلى الرئيسة المشتركة لمكتب شؤون والعدل الإصلاح زينب محمد، التي استشهدت نتيجة قصف الاحتلال التركي لسيارتها بمسيّرة أثناء تأدية مهامها في مدينة كركي لكي في روج آفا، إلى استشهاد الناشطة والأكاديمية والمحررة في مجلة جنولوجيا وعضوة مركز جنولوجيا، ناكهان أكارسال، في حي بختياري بمدينة السليمانية في جنوب كردستان، بعد أن تعرضت إلى هجوم مسلح، إضافةً للعشرات من الناشطات المدنيات والحقوقيات والمدافعات عن قضايا المرأة، اللواتي يتم استهدفهن ومن ثم قتلهن بأبشع الطرق والأساليب المجردة من القيم الأخلاقية والإنسانية، في هذا العصر الذي يتم فيه الحديث عن الحقوق والحريات الشخصية.
استهداف النساء المناضلات المقاومات والشخصيات القيادية يتم عمداً، بهدف تحجيم دورهن البارز في مواجهة سياسات الأنظمة القمعية وبالتالي الحد من نشاطاتهن في قيادة المجتمع وتطويره وتحريره من براثن التخلف والذهنية الذكورية التي تحاول دائماً وأبداً النيل من إرادة المرأة الحرة ونضالها وبالتالي القضاء على المكتسبات التي حققتها، ولأن المرأة المناضلة دائماً في بحث عن كل ما هو جديد وخلق حياة جديدة للعيش بحرية وسلام وأمان، فإن النظام الذكوري الحالي يحاول بشتى الطرق شل جهودها واجتثاث جذورها التحررية.
إن استهداف أمثال الناشطة والأكاديمية الكردية ناكهان أكارسال، والرئيسة المشتركة لمكتب شؤون العدل والإصلاح زينب محمد، والشابة الكردية جينا أميني أعمال جبانة وأساليب رخيصة يجب محاسبة مرتكبيها، الذين يحاولون محو علم المرأة وإنكار كينونتها، لإضعاف المجتمع والنيل من إرادته، فما اقترفه هؤلاء من جرائم بحق تلك المناضلات في المجتمع يجب ألا يمر دون عقاب.
ودائماً ما كانت الأنظمة المتسلطة على إرادة وحياة الشعوب والنساء على وجه الخصوص، ترى في نضال المرأة الحرة التي اتخذت من مسار النضال والتنظيم أساساً لها، خطراً على منظومتها الاستبدادية، لذا تحاول بشتى السبل والطرق البشعة والقذرة قتلها وبذلك كتم صوتها وصرخاتها المدوية من أجل الحرية، إلا أن كل هذه السياسات والهجمات المستمرة والعنيفة التي تمارس بحق النساء في الفترة الأخيرة وبمستويات عالية جداً، جوبهت بمقاومة من النساء لا مثيل لها، وكانت أقوى بكثير من حجم هجماتهم، فقد رأينا كيف اتحدت النساء في كافة أصقاع العالم معاً، إثر مقتل الشابة الكردية جينا أميني على يد السلطات الإيرانية في طهران بحجة أنها لم ترتدِ الحجاب بشكل صحيح، وردّدن معاً وبصوتٍ واحد في وجه آلة القمع التي ترى في النساء وصوتها وشعرها عورة، الشعار التاريخي، المرأة، الحياة، الحرية وبكافة لغات العالم، هذا الشعار العابر لحدود الدول والقارات ألّف بين قلوب جميع النساء وبعث فيهن ألقاً بلون المقاومة والصمود والتحدي وعدم الاستسلام لسياسات الإبادة التي تمارس ضد روح المرأة وحياتها وجسدها وفكرها وإرادتها.
وما يميز الجواب القاطع والرد الأقوى هذه المرة أنه كان مختلفاً ومتّسماً بطابع ثوري وروح عالية، ضد سياسات القمع التي تمارس بحق المرأة، حيث جاء الرد من تركيا أكثر المناطق التي تتعرض فيها النساء للعنف والقتل، وتحديداً من ناحية مزيتلي في مرسين، ففي السادس والعشرين من أيلول المنصرم، أقدمت مقاتلتان كرديتان من وحدات المرأة الحرة - ستار على تنفيذ عملية فدائية رداً على الهجمات التي تشنها دولة الاحتلال التركي وبشتى الأسلحة حتى المحرمة دولياً، وبدعم من القوى الإقليمية والدولية المتواطئة معها ضد إرادة الشعب الكردي، وخاصة المرأة الكردية والمجازر التي ترتكب بحقها، إذ تمكنت المقاتلتان من إلحاق ضربة قوية بأركان الجيش التركي، وبعث الخوف والرعب في قلوب عناصره، فقلبتا حساباته رأساً على عقب، وأكدت هذه العملية مرة أخرى بأن إرادة المرأة الحرة المناضلة والمنظمة أقوى من كافة صنوف الأسلحة التي تستخدمها الدولة التركية في وجه الشعب الكردي والمرأة والتي تهدف لإبادتهم والقضاء على حركة التحرّر الكردستانية.
وبدا جلياً أنه من أجل الوقوف في وجه عمليات الإبادة التي تتعرض لها النساء الناشطات، فلا بد أن تصعد جميع النساء من وتيرة نضالهن ضد أساليب القمع التي يتعرضن لها، وضد ممارسات الأنظمة الاستبدادية وعلى رأسها الدولة التركية والنظام الإيراني اللذان يفرضان قوانين وتشريعات مجحفة بحق المرأة ويقتلان النساء بحجج وذرائع واهية.
على النساء التكاتف معاً وتعزيز دورهن في المجتمع وعدم الاستسلام لآلة القمع الممارس ضدهن، ورفع سوية النضال الحقوقي والمدني والسياسي والاجتماعي وفي كافة ميادين الحياة، وبذل جهود كبيرة وجبارة على طريق تحقيق حياة كريمة وآمنة تخلو من القتل والعنف والمجازر.[1]