ا . د . قاسم المندلاوي
#مندلي# : مدينة عريقة تتميز بتراثها و مكانتها التاريخية و التجارية والاجتماعية وهي محاذية للحدود الايرانية شرقا ومع قضاء بدره جنوبا وقضاء #خانقين# شمالا و بعقوبة وبغداد غربا وتبعد عن بعقوبة 93كم وعن بغداد 160 كم وتتبع ادريا لمركز محافظة ديلى وهي من المدن الكوردية المتنازعة عليها بين #اربيل# وبغداد والمشمولة بالمادة الدستورية ” 140 ” الا ان هذه المادة بقية بلا تنفيذ وحبرا على الورق بسبب ظلم حكام الشيعة الموالين لايران . .
مندلي قبل نظام #البعث# : اشتهرت قضاء مندلي قبل مجيء نظام البعث الاسود بالثروات الزراعية و الحيوانية و المعدنية و بانواع الفواكه وخاصة البرتقال والنومي حامض وحلو و النارنج والتفاح والتين والعنب وباحسن انواع الرمان والتمور ” الاشرسي والازرق الازرق والبربن والخستاوي و السيلاني والبهراب و المكتوم ومير حاجي و الزهدي و التبرزن و السكري و الخضراوي وسقزي و قرنفلي وغيرها وكان تجار و ملاكين مندلي ” اصحاب البساتين ” يصدرون انواع التمور الى العاصمة بغداد والى مدن كوردستان حلبجه و السليمانية واربيل فضلا عن تصدير التمور و الحمضيات الى المدن الكوردية في ايران وخاصة الى ” كرمان شاه وايلام ” وبالمقابل كان هناك تبادل منتظم مع المنتوجات الحيوانية والزراعية وخاصة مشتقات الحليب و الجوز واللوز و البلوط وغيرها وكان تجار مندلي يرسلون ايضا صناديق الشاي الى ايران بواسطة ” الحمير والبغال ” .. كانت مندلي اكبر جسر لمرور القوافل التجارية بين العراق وايران و الهند ، وقد امتاز السوق الكبير ” بازار كورى ” بفروع تجارية متنوعة ومزدهرة ومتخصصة كسوق الخياطين وسوق البزازين وسوق العطارين و البقالين وسوق الاقمشة و سوق الحدادين وسوق صناعة الكيوات ” بازار كلاش كريل ” كلاش نوع من الاحذية التراثية القديمة اشتهرت مندلي بصناعة هذا النوع من الحذاء التراثي وكان في ذلك الوقت مشهور ايضا ” الكلاش الهرسيني ” التي كانت تصنع في مدينة ” هرسين ” في ايران وسوق الخضراوات وسوق بيع اللحوم ومطاعم الكباب المشهورة فضلا عن 7 مقاهي داخل السوق كمحطات لاستراحة الناس ولقاء الاصدقاء وقضاء اوقات الفراغ وكمنتديات سياسية وثقافية واجتماعية ومجالس للتجار والملاكين والادباء والرياضيين وغيرهم وكان داخل السوق ايضا خانات لاستراحة القادمين مع وجود صرافين للعملات الاجنبية ” ملاحظة : هذه المقاهي والاسواق تهدمت ولم تبقى منها سوى بعض الجدران ” كان في مندلي سوق اخر باسم ” السوق الصغير ” بازار بيجك ” تربط محلة قلعة جميل بيك بمحلة ” جوليل ” ومحلة النجارين ” وقد اشتهر هذا السوق بدكاكين لبيع المواد الغذائية و4 محلات حلاقين و 5 مقاهي مشهورة انذاك مثل مقهى المرحوم ابوهاني مقابل ضريح ” شيخ مندلي ” ومقهى قادر ملا محمد العائد الى ورثة علي نصرالله ومقهى حاج جلالي ومقهى المرحوم جعفر كريم العائد الى ورثة الحاج موسى ومقهى عزدين حميد رشيد ملاحظة ” لم يبقى اثر لهذه المقاهي والدكاكين سوى الذكريات الجميلة ” وكان هناك حمام سوق الصغير التراثي و تعود ملكية الى ورثة المرحوم علي نصرالله ” كان الحمام مخصصة صباحا لاستخدام النساء ومن بعد الظهر للرجال ” ..
التركيب الديمغرافي : كان عدد سكان مندلي قبل مجيء نظام البعث الدموي اكثر من 52 الف نسمة و معظمهم من الكورد وكان هناك ايضا عوائل تركمانية يسكنون في محلة ” بويقي ” و بعض العوائل العربية كانت تسكن في مدخل مندلي اما العشائر الكوردية التي كانت تقطن قضاء مندلي عشائر ” قره لوس ” التي تتكون من طوائف ” جرموندي وسلي و كجيني و نفطجي و قيتولي ” وكانت تسكن بين خانقين ومندلي وعشيرة الهواسي والبولي اللتان تسكنان قرية ” كبرات ” وعشيرة ريزه وند التي تقطن قرية ” بتكوكر ” وطياره خانه كما توجد عوائل داخل مندلي تنتمي الى عشائر سيه سيه وجولك وخالي وملكشاهي وخزل والزركوش والصالحي وهي عشائر كوردية ، اما العشائر العربية التي كانت تقطن في اطراف مندلي شمالا فهي عشيرة ” الندا ” في منطقة الندا اما في منطقة طحمايه توجد عشائر العساف وكنانه وحامد وفي منطقة العيون القريبة من المدينة توجد عشائر بني تميم وبني زيد و البو جواري . .
المدارس و التعليم : كانت مندلي تفتقر الى المدارس داخل المدينة وخارجها في القرى والارياف وفي اماكن تواجد العشائر الكوردية و العربية ، ففي فترة الثلاثينيات تاسست اول واقدم مدرسة ابتدائية باسم ” زركوشي ” في محلة ” قلعة بالي ” في وسط المدينة وكان اول مدير لها ” صالح افندي ” ثم انتقلت المدرسة الى مبنى بلدية مندلي وتم تغيير اسمها الى مدرسة التهذيب الابتدائية و اصبح ” خورشيد شوكة الجادر” مديرا و معاونه ” ولي عبد الجبار البياتي ” ومن المدرسين عمران موسى افندي و صالح افندي وناصر افندي وكان معلم الرياضة ” جمعة مصطفى الخزرجي ” الذي كان ايضا مشرفا على اللوحات السويدية ثم تغير اسم ” المدرسة الى ” مدرسة ابتدائية مندلي ” وكان اول مدير لها ” محمد حسين بك ” و معاونه ” رشيد افندي ” الذي اصبح بعد ذلك مديرها و كان هناك مدرسة قديمة اخرى باسم مدرسة المثنى وكان مديرها ” سلمان فارس ” وهؤلاء جميعهم كانوا من اهالي مندلي ، اما ملاك مدرسة مندلي الابتدائية الاولى للبنين عام 1962 كان مديرها عبد الرحمن خلف الزبيدي و معاونه المرحوم يحيى ملا عيسى الحاج موسى ” فضلا عن معلمين جدد تخرجوا من دارالمعلمين الابتدائية في بعقوبة منهم : عبدالخالق حسين مراد داره ومسلم عبد الرحمن و يوسف رضا و نجم عبدالله الصالحي .. اما بالنسبة للقرى والارياف فلم تتواجد فيها المدارس الا نادرا حيث كانت توجد مدرسة في قرية ” ترساق ” وهي قرية تابعة الى الشيخ عبد الحسن اليوسف احد شيوخ قبائل بني لام و سميت المدرسة باسم القرية حيث تاسست في فترة الثلاثينات و كانت هذه المدرسة تقع في منطقة نائية تنعدم فيها متطلبات الحياة لذلك كانوا ينقلون اليها المعلمين السياسين المعارضين للنظام مثل ” زكي خيري ” عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي وفليح حسن جاسم الذي كان مسؤلا كبيرا في حزب البعث ، علما بان هذه المدرسة كانت تقع على الحد الفاصل بين قضائي بدره ومندلي على الحدود العراقية الايرانية وقد تم تغيير اسمها ” الى مدرسة ” الينبوع ” ثم الى ” عربستان ” وفي نهاية الخمسينيات تاسست مدرسة اخرى في قرية ” المعلى ” الحدودية وكان اول مدير لها ” صالح المطوري ” وهو من اهالي البصرة و تاسست ايضا مدرسة اخرى في هذه الفترة في قرية ” حجي عبد ” الكوردية وكان اول مدير لها ” عمران يعقوب ” كما وتاسست مدرسة اخرى تحت اسم ” مدرسة مندلي الثانية ” و كان مديرها ” شهاب احمد القاسم ” و تاسست مدرسة في قرية ” كبرات ” الكوردية ” تحت اسم ” الفجر الجديد ” وكان اول مدير لها ” قاسم داود ” وهو من محلة ” جال قرمزي ” اما بالنسبة لمدارس المتوسطة والاعدادية : ففي منتصف الخمسينات تاسست متوسطة مندلي و كان مديرها ” احمد افندي ” ويقال انه كان من خانقين وكان اغلب المعلمين في هذه المتوسطة من الموصل والجدير بالاشارة كانت في مندلي مدرسة واحده فقط للبنات تجمع بين المرحلة الابتدائية و المتوسطة وكانت مديرها ” فريدة عبد الكريم المشهداني ” …و كان التعليم في تلك المدارس باللغة العربية فقط ، علما ان اغلب التلامذة كانوا من الكورد ومن الصف الخامس الابتدائي كانت تعلم اللغة الانكليزية . .
الرياضة المدرسية : كان درس الرياضة ضمن جدول الدروس وكان مدته ” 45 دقيقة تقريبا ” و محتوى الدرس عبارة عن تمارين سويدية و في بعض الاحيان العاب شعبية اوالعاب فرقية او العاب الساحة والميدان ولكن بشكل بدائي و بسيط وقبل نهاية السنة الدراسية تقام حفلة كبيرة ” استعراض سنوي ” تشارك فيها جميع المدارس و تجري ” المسيره للطلاب مع الموسيقى ثم تبدأ مسابقات في بعض الالعاب الشعبية والعاب الساحة والميدان وكان ابطال مندلي يشاركون ايضا في استعراضات السنوية التي كانت تقام في مركز لواء ديالى وتحديدا في ” بعقوبة ” و كان افضل الفرق بكرة القدم ” فريق خانقين ” الذي كان يفوز بكاس اللعبة في كل سنة ، اما بالنسبة لكرة الطائرة كان افضل فريق ” منتخب بعقوبة ” الذي كان يفوز بكاس اللعبة وفي كرة السلة كان افضل فريق منتخب قضاء شهربان ، اما بالنسبة الى مندلي فكانت حصتها الفوز بالمركز الثاني بكرة الطائرة فقط، وفي سباقات العاب الساحة والميدان كان اغلب المداليات لابطال مدارس بعقوبة وخانقين .. ان اهم اسباب خسارة ابطال وفرق مندلي في السباقات انذاك ” غياب التدريب ” فلم يكن اي وجود للتدريب في مدارس مندلي بينما كان الرياضي يتمرن بنفسه وبدون اشراف مدرب ونذكر اسماء بعض الرياضيين الذين اشتهروا انذاك على نطاق سباقات مدارس مندلي منهم : فاروق مراد افندي عداء مسافات طويلة و ابراهيم قادر رؤوف وطالب ناصر من محلة بويقي وقاسم حسن مهدي ” بطل الوثب العالي و الوثب الطويل ” من محلة قلعة جميل بيك وابراهيم علي شفي من بتكوكر و نادر علي اكبر ايضا من بتكوكر و اكرم علي وانعام غائب محمود من قلم حاج وناصر رستم ويوسف رضا و منصور اسماعيل وصبري سليمان وخضر كريم مراد وحاجي احمد وعلي ميخان وعلي مهدي وسلمان محمد خان ووسمي محمد مجيد وقحطان حسين سليمان وصلاح راشد وغيرهم و كان اغلبهم يشاركون في الالعاب الفرقية ” كرة القدم و كرة الطائرة وكرة السلة ” ، اما بالنسبة لابطال مندلي الذين اشتهروا في استعراضات ديالى و العاصمة بغداد : قاسم المندلاوي ، ففي عام 1957 – 1958 فاز بالمركز الاول ” في القفز بالزانة و سجل رقم قياسي 40 . 3 م في ملعب بعقوبة و رقم قياسي اخر في الوثب العالي 75. 1 م ممثلا دار المعلمين الابتدائية انذاك ، كذلك اشتهر العداء سهيل النقيب ” من عائلة النقيب في مندلي ” فاز بالمركز الاول في سباق 110 م حواجز في بطولة المعاهد و الكليات خلال السنوات 1960 – 1963 وكان يمثل فريق كلية الطب انذاك وقد سجل احسن زمن 3. 16 ثانية وبعد اكمال دراستة الطبية سافر الى امريكا وبدا يعمل في مستشفيات لوس انجلس . . .
الترويح المدرسي : اما بالنسبة لوسائل الترويح المدرسي ، كانت كل مدرسة وبشكل مستقل تنظم سفرة جماعية واحدة خلال السنة الدراسية وفي فصل الربيع و لجميع التلاميذ حيث كانوا حيث يخرجون بشكل جماعي ومشيا على الاقدام الى اماكن قريبة في الطبيعة مع اخذ بعض الاطعمة والماء وفي اغلب الاحيان تنظم هذه السفرات الجماعية الى زيارة ” كومه سنك ” وهي عبارة عن هضبه بارتفاع بسيط يقال بانها بقايا اثار قديمة و تبعد عن المدارس في حدود 1000م . اما بالنسبة للفنون الجميلة ” كالرسم والموسيقى والغناء ” ومع الاسف الشديد لم يكن هناك اي اهتمام لهذا الجانب وكان حال المواهب الفنية المدرسية كحال المواهب الرياضية بل اسوء بكثير. [1]