=KTML_Bold=تغيير السياسة في الملف السوري=KTML_End=
رؤوف كاركوجان
قبول سوريا في الجامعة العربية من جديد يعني أن الجامعة تأخذ زمام المبادرة في حل الأزمة السورية. وعلى الرغم من عدم اتخاذ خطوات عملية ملموسة حتى الآن، إلا أنه من الواضح أن مشاركة الأسد في القمة العربية يعني أنه قد حصل مبدئياً على القوة والدعم. ويمكن أن يتحول اعتماد مبدأ مشكلة العرب يجب أن تبقى فيما بينهم لمكسبٍ للأسد. وعلى الرغم من أن قضايا كالحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وانسحاب القوى الخارجية، ومكافحة المخدرات، وعودة اللاجئين والمشاكل الأمنية، تأتي في المقدمة، إلا أنها عملية معقدة وتستمر بالتنازلات المتبادلة.
يُعد كل من إيران، وروسيا، وأمريكا وتركيا من اللاعبين المهمين في الأزمة السورية الحالية، ونظراً لأن حل الأزمة مرتبط مباشرة بهذه القوى الخارجية، فإن حجم الدور العربي في هذا الملف يثير التساؤل، وسيستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تضع الدول العربية أساساً لاستعادة العلاقات مع سوريا وإعادة إنشاء القنوات الدبلوماسية معها، فحل المشاكل جذرياً ومناقشة الحلول يحتاج وقتاً، لكن على الأقل كشفت القمة العربية في جدة عن نية لإصلاح العلاقات.
أما السيناريو الآخر فيشمل الخطة السرية لاجتماع موسكو الرباعي، فهذا السيناريو قائم على إخراج الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة، أي انسحابها، وتقع مناطق الإدارة الذاتية تحت سيطرة حكومة دمشق. وتشمل هذه الاتفاقية أيضاً تسليم عدد من الضباط السابقين الموجودين في تركيا إلى دمشق والتي تُعتبر خطوة عملية تمهّد الطريق أمام عودة العلاقات التركية السورية، وقد أفادت وسائل الإعلام بأنه جرى تسليم عددٍ من الضباط السابقين إلى سوريا بالفعل.
يمكن أن تشتمل السياسة التركية التي ستستمر مع هاكان فيدان، على أي شيء، فهذا الرجل هو الذي قال: أطلقوا عدداً من القذائف إلى تركيا من هناك وابدأوا الحرب، وسيواصل هذا النهج الآن علناً بصفته وزيراً للخارجية. لهاكان فيدان علاقات سرية مع سوريا على مستوى الاستخبارات ومن المؤكد أنه سيخصص المزيد من وقته لسوريا.
بالإضافة إلى ذلك، من غير الواضح بعد ما إن كانت سوريا ستتمسك بشرط سحب تركيا لقواتها والتوقف عن دعم المرتزقة أم لا، إذ وضعت سوريا هذا كشرطٍ مسبق لاجتماع الرؤساء. يسعون إلى التغلب على العجز في السياسة الخارجية من خلال تعيين مستشار جهاز الاستخبارات التركي (MÎT) وزيراً للخارجية، ولهذا يمكن أن تظهر سيناريوهات مفاجئة فيما يتعلق بسوريا.
ونظراً لعدم وجود أي تغييرٍ في سياسات تركيا لإبادة الكرد سوى الخيارات العسكرية، يمكن أن تكون هناك تطورات تهم الكرد في سوريا ايضاً. وسواء كانت محاولة احتلالية جديدة أو مؤامرة للتعامل مع النظام؛ فمن المؤكد أن جميع الخيارات قائمة على معاداة الكرد. من المتوقع أن تظهر خارطة طريقٍ جديدة في العلاقات بين تركيا وسوريا، ويمكن اعتبار بعض الاتفاقات التي تتم بمرور الوقت بمثابة إجراءاتٍ وخطوات أولية للتطبيع، وأياً كان ومهما حدث؛ فإنه بالتأكيد لن يكون في مصلحة الإدارة الذاتية.
وتجدر الإشارة إلى أن تركيا ستستغل جميع الفرص للقضاء على الإدارة الذاتية وتصفيتها، والأمر ذاته ينطبق على حكومة دمشق، فبقدر ما تكتسب حكومة دمشق التي تتماشى خططها في التصفية مع خطط تركيا، من قوة ونفوذٍ على الساحة الدولية بقدر ما ستزيد من ضغوطها على الإدارة الذاتية. ويجب إدراك أن الوضع الحالي يعتمد على التوازنات السياسية للقوى الخارجية وإذا تغيرت فستتسبب بمشاكل غير متوقعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. وكلما ازدادت الدولة قوة، عادت إلى مسارها السابق أكثر واستعادت سيادتها مجدداً. هذا ولم يشركوا الإدارة الذاتية في الوقت الحالي في حل المشاكل والأزمات التي تشهدها سوريا، وهذا يدل على أنهم سيسعون إلى التوصل لحل لا يشمل الكرد. وستؤدي انعكاسات التغيير التي ستطرأ على السياسة الخارجية والتي ظهرت في الملف السوري بعد الانتخابات التركية، ستكون مواقف الإدارة الذاتية ومقارباتها أكثر وضوحاً.
يعقد الوجود الأمريكي في المنطقة سيناريوهات الحل التركية، فمن الطبيعي في أرضٍ تكون فيها المصالح متغيرة، أن تتغير العلاقات بين القوى أيضاً، ولهذا لا خيار آخر أمام الإدارة الذاتية سوى الاستعداد لأسوأ احتمالات.
إن الأزمة السورية معقدة، وأي نتيجة تظهر في روج آفا أو في باكور كردستان (شمال كردستان) ستكون لديها القدرة على التأثير في باقي الأجزاء وتغيير سياسات الدول المهيمنة.
ستكون القضية الكردية في كل من تركيا وسوريا، من أهم الأجندات الإقليمية في المستقبل، كما يمكن أن نشهد تطورات تحدد مستقبل الإدارة الذاتية، لذا يجب أن تكون الإدارة الذاتية مستعدة لكل التطورات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية، كما يجب أن يكون الشعب أيضاً مستعداً لمثل هذه العمليات.
[1]