=KTML_Bold=سوريا بين التقسيم والتطبيع=KTML_End=
#بير رستم#
بحسب موقع “نداء بوست- أخبار سورية- أنقرة”، فقد ((أدلى نائب رئيس حزب العدالة والتنمية للشؤون السياسية والقانونية، حياتي يازجي، بتصريحات جديدة بخصوص موقف تركيا من تطبيع العلاقات مع النظام السوري. وقال يازجي في حديث لقناة “NTV” التركية يوم أمس الإثنين إن العلاقات مع النظام السوري “يمكن أن تصبح مباشرة، وقد يرتفع مستواها”، معتبراً أن “أهم خطوة لحل النزاعات هي الحوار”))، طبعاً سبقه في تلك التصريحات وزير الخارجية التركي والذي دعى إلى ((مصالحة بين النظام السوري والمعارضة قائلاً: “يجب تحقيق مصالحة بين المعارضة والنظام في سورية بطريقة ما، فلن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك”))، وكذلك كشف عن لقاء بينه وبين وزير الخارجية السورية قبل عام تقريباً! لكن ورغم كل هذه التطورات والتي تكشف عن نية تركيا بالتطبيع مع النظام السوري، كما سبق وفعلها مع عدد من الدول العربية وقبلهم مع إسرائيل وذلك بعد أن خذلها الأمريكان والغرب في مساعيها بركوب موجة التيار الإسلامي الإخواني بالسيطرة على الشرق الأوسط الجديد، مما جعلها تعيد حساباتها السياسية الإقليمية وتعود إلى التطبيع مع تلك الدول بعد كل التصعيد السياسي معهم وبالتالي التنازل عن الكثير من الشعارات التي كانت تطرحها سابقاً!
لكن وبالرغم من كشف حقيقة السياسات التركية الأخيرة وبحث “حكومة العدالة والتنمية” عن حبل نجاة لها، للبقاء في السلطة وإن كان بالتنازل لهذه الحكومات والدول التي كانت تصفها بالديكتاتورية، فإن ما تسمى ب”المعارضة السورية” ما زالت وللأسف لم تتعظ من كل هذه التكويعات التركية الجديدة لتكون ممثلة لمصالح الشعب السوري وليس لمصالح تركيا، وهذه تؤكد حقيقة إرتزاقية هذه “المعارضة” حيث وفي تقرير آخر للموقع السابق؛ موقع “نداء بوست” جاء خبراً يقول: ((كشفت صحيفة “تركيا” أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة وعد المعارضة السورية، بتقديم الدعم مقابل تخليها عن تركيا، من خلال منحها إدلب وحلب وحماة لتكون لها دولة مستقلة. وأضافت الصحيفة أن الدول الغربية تتخذ إجراءات لتعميق الفوضى في سورية فيما تسعى تركيا إلى حلّ سياسي دائم لإنهاء الأزمة السورية. ونقلت الصحيفة عن قائد مجموعة كبيرة كان حاضراً في الاجتماع مع التحالف الدولي أن دولاً في التحالف قالوا لنا: “إنَّنا سنمنحكم إدلب وحماة وحلب، فيما ستكون درعا والسويداء منطقةَ حكم ذاتي مشتركة بين السُّنة والدروز، أما دمشق وحمص واللاذقية وطرطوس فستكون دولة للعلويين”. وأضافت دول التحالف: وفي حال رغبتم مستقبلاً بالاتحاد مع مناطق قوات سورية الديمقراطية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيقدمون لكم كل أنواعِ الدعم، كما سيقدمون الدعم للحصول على الشرعية الدولية)).
طبعاً لا يمكن الوثوق بهكذا معلومات واردة عن صحيفة وخاصةً من دون الكشف عن الجهات والأسماء التي خلف مثل هكذا تصريحات، لكن ربما يكون ذاك أحد السيناريوهات المطروحة بجعل سوريا شبيهة بيوغسلافيا وتقسيمها لعدد من الدول والأقاليم ذات الحكم الذاتي، طبعاً في حال فشل السوريين وبرعاية دولية من الوصول لحل سياسي وطني تجعل من سوريا دولة اتحادية فيدرالية ديمقراطية يشارك بها كل مكوناتها المجتمعية وقواها السياسية الوطنية، فحينذاك سيكون مشروع التقسيم والأقاليم الخاضعة لدول النفوذ هو المطروح وذلك في ظل عدم حسم الصراع لصالح أي طرف وجهة وهو الواضح حيث كل الدلائل تشير؛ بأن لا أحد سيتنازل للآخر ويقدم سوريا له على طبق من المصالح -ونقصد كل القوى الدولية والإقليمية- حيث الجميع يود الاحتفاظ بالجغرافية التي تسيطر عليه وذلك لم لها من مصالح واستراتيجيات ترسمها وفق الابقاء على مناطق نفوذها تلك وبالتالي فإن الحلول باتت معدودة، وغالباً الابقاء على جغرافيات النفوذ هي المرجحة على باقي المشاريع، إلا إذا تنازل أحد الأطراف وتركيا هي المرشحة، كما قلنا، بل كما تدل المؤشرات حيث في ظل الابقاء على الحال الراهن؛ يعني حصول الكرد على إقليم سياسي جديد بالمنطقة وهي أهم قضية تضرب في العمق الاستراتيجي للسياسات التركية حيث كل شيء يهون في مقابل أن لا يحصل الكرد على ذاك الإقليم وبالتالي فهي على استعداد للذهاب إلى دمشق والتوافق مع النظام وتقديم “المعارضة” كبش فداء، فهل فكرت هذه الأخيرة بطرح دول التحالف المشار له؛ بأن تنال ثلاث محافظات وتصبح شريكة مستقبلية مع الإدارة الذاتية ليشكلوا توازناً سياسياً مقابل المحور الروسي الإيراني الداعم لدمشق، أم ستفضل المصالح التركية على مصلحة السوريين بحكم دورها الإرتزاقي؟!
لا شك أن تركيا ستحاول الايحاء للمعارضة السورية؛ بأنها لن تتنازل عنهم، بل ستبحث مع دمشق بأن يجعلهما شركاء ضد الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، لكن في هذه الحالة فإن الفائدة ستكون مضاعفة للإدارة وقسد والكرد عموماً حيث حينها سيكون الطرف الأمريكي قد حسم أمرها بتقديم كل الدعم لهم، مقابل انزياح تركيا كلياً للجانب الروسي الإيراني في توحيد جغرافية النظام والمعارضة وحينها لن يبقى بيد الأمريكان إلا جغرافية الإدارة الذاتية، مما سيجعلها تتمسك بها لم لها من مصالح استراتيجية بالإبقاء على منطقة نفوذ لها في سوريا والمنطقة عموماً، بل قد يجعلها تدفع بقسد لاعادة بعض المناطق التي سلبت منها من قبل أطراف ومجاميع إسلامية بدعم تركي.. وهكذا ستكون “فوائد قوم” -وهي حقيقةً مصائب لهم- فوائد أكثر لقومٍ آخر حيث سيكون المرجو تركياً روسياً إيرانياً مع كل من المعارضة والنظام السوري هو حصار مناطق قسد والإدارة الذاتية، عاملاً آخر لزيادة الدعم الأمريكي لهم وللحفاظ عليهم، طبعاً ليس عشقاً بهم، بل حفاظاً على مناطق نفوذها! ولذلك كان الأمل لو توفرت معارضة وطنية حقيقية تتفق مع الإدارة الذاتية وفق سيناريو التحالف الدولي، وليس الخضوع للسيناريوهات التركية، وبذلك كانت بالامكان الوصول لحل سوري وطني قريباً، أما الذهاب لدمشق مع تركيا وهي تجرهم خلفها فسيعني القبول ببعض الوزارات ودون أن تكون لهم أي قرار حقيقي وذلك على شاكلة وزراء الحزب الشيوعي في الحكومات السابقة ولجعل تركيا وشركاتها صاحبة نفوذ في محافظتي حلب وإدلب.. فهل هناك أرخص من هكذا معارضة سياسية؟![1]