=KTML_Bold=القيادة والمرأة في غرب كردستان=KTML_End=
=KTML_Underline=سفقان زكريا=KTML_End=
قبل الدخول لصلب الموضوع، من الأفضل العودة إلى التاريخ البعيد للإنسانية وخاصة تاريخ المرأة الذي لم يكتب بعد. هذا التاريخ وكما بين القائد آبو بأنه تاريخ عظيم يجب كتابته من جديد بحسب وجهة نظر المرأة ذاتها. فكافة الأنظمة المعتمدة على النظام الرجولي بدءاً من علم الاجتماع وحتى الفلسفة وما سبقها من الدين و الميثولوجية طورت نظرياتها على أساس إفناء ونفي المرأة وإظهارها على أنها جزء من الرجل ذاته. علماً بأن كل هذه النظريات لا أساس لها من الصحة سوى كونها آلة للدعاية والتشهير بجنس المرأة لتكبيلها بألف قيود العبودية على مرّ التاريخ.
القائد عبد الله أوجلان أوضح بل وكتب الكثير عن هذه التاريخ من خلال مرافعاته التي قدمها إلى محكمة حقوق الإنسان الأوربية. بحيث نرى اليوم ما يثبت صحة ما كتب من خلال بقايا الآثار المكتشفة تحت الأرض في القرى القديمة وتحت القلاع والتلال والتي تدل على حياة معاشة في كنف المرأة الأم وتحت ريادتها. هياكل المرأة والهياكل الأخرى المكتشفة والمعبرة عن الحياة الأصيلة والمقدسة المتمحورة حول المرأة هي أكبر دليل على وجود تاريخ عريق معاش للمرأة.
يمكننا رؤية العديد من هذه الهياكل في المناطق الأثرية الموجودة في #غرب كردستان# المشيرة إلى ثقافة تل حلف المطورة من قبل المرأة ذاتها، منها رأس العين، قلعة سمعان المتواجدة بالقرب من منطقة عفرين وتل عندارة التي تعود الهياكل المكتشفة فيها إلى آلاف السنين، قلعة نبي هوري التي يتواجد بجانبها مسر ح يقولون بأنه قد أنشأ مذ أيام الهوريين ( اسم قلعة نبي هوري تأتي من اسم الشعب الهوري أجداد الأكراد) أي ما قبل عشرة آلاف سنة. ويوجد حكاية حول قلعة نبي هوري هذه، حيث يقولون بأن بناء هذه القلعة تم بيد رجل كان يساعدها في البناء امرأة وقد كانت هذه المرأة قوية جداً لحد يحكى بأنها كانت تمد وترفع الحجارة بيد واحدة وطفلها على ظهرها.
وفي السنة الأخيرة يقال بأن راعي وهو يرعى أغنامه قد رأى مغارة فيها العديد من الهياكل العائدة للنساء في جبل قريب من منطقة عفرين، وقد كانت هذه المغارة مغلقة بالحجارة الكبيرة. كل هذه الآثار والقصص الموجودة تدل على وجود تاريخ عريق للمرأة ممتد إلى بداية ظهور البشرية. وإن كلمة المرأة في اللغة الكردية تعني الحياة أي أن الحياة بدأت مع المرأة. الإنجاب، تربية الأطفال، الزراعة، والطب، القرى... كلها أعمال واكتشافات مارستها المرأة ووجدتها. يمكن القول بأن كل حاجات الحياة كانت تلبى من قبل المرأة. أما الرجل فقد كان يلعب دور المساعد للمرأة.
كانت الحياة متمحورة حول المرأة لآلاف من السنين. إلا أننا عندما ننظر لراهننا فإننا نواجه واقع حياة عبودية محاصرة للمرأة من كل الجوانب بحيث لم يترك أي ميدان للمرأة تستطيع فيه التعبير عن ذاتها بحرية. لقد كبلت المرأة بألف قيد وقيد من قبل النظام الرجولي البطرياركي. فرض الرجل الماكر هيمنته على المرأة وجعلها خادمة له. يملكها ويبيعها متى يشاء. حرمها من كافة حقوقها حتى حق الحياة فهو ليس بيدها. إذ يقول الرجل للمرأة لقد مُنِحْتِ الحياة لأجل خدمتي فقط وخارج ذلك لا يحق لك الحياة.
إذ ألقينا نظرة على واقع المرأة في غرب كردستان قبل ظهور حزب العمال الكردستاني فسنرى بأن وضعها لم يكن يختلف عن وضع المرأة في الأجزاء الأخرى من كردستان. كان النظام الإقطاعي هو السائد في غرب كردستان وحكم الأغوات المرتبطين بالدولة السورية هو ما كان مسيطراً. الرجل الذي كان ينال حصته من ظلم الآغا كان يأتي ويفرغ غله من الآغا على زوجته يضربها ويشتمها. أي كان بمثابة الإمبراطور الصغير يمارس استبداده ضمن العائلة. المرأة لم تكن سوى آلة إنجاب للأطفال تجنبهم وتربيهم. لم يكن للمرأة أي حق سوى إطاعة زوجها، أباها، أخاها. الأمر كان سيان سواء كانت امرأة قوية وذكية أو غير ذلك، إذ يكفي أن تكون امرأة لكي يتم ضحدها، فهي أضعف من الرجل ولا قيمة لها بعيداً عن ذلك. هي ملك الرجل يتعامل الرجل معها كيفما يشاء بحكم ذلك. وبدخول الإسلام إلى كردستان فقد زاد وضع المرأة انحطاطاً. لقد أثر الإسلام سلباً على كردستان في العديد من الجوانب ( اللغة، الثقافة، العادات والتقاليد، الهوية، الإرادة .......الخ).
قتل المرأة تحت اسم الشرف والناموس يأتي من ذهنية الملك. لا يمكن للمرأة أن تتحرك خارج قانون الملك هذا وإلا فإن مصيرها هو القتل. لم يبقى أي مجال للمرأة غير خدمة الرجل وإطاعته فكل الأبواب مغلقة بوجهها لذا فإنها قد هضمت هذا الوضع وكأنه قدر مكتوب على جبينها. هذه الذهنية الجنسوية تؤدي إلى موت المرأة مرتين. تُقتل بيد الرجل لأنه ينظر إليها كشرف وناموس وعليه أن ينظف شرفه وناموسه. والانتحار أو لنقل إنهاء المرأة ذاتها لحياتها وذلك نتيجة الذهنية الموجودة التي تبقى المرأة حيالها بدون حل. فهي مجردة من إرادتها. عندما ترغب المرأة في أن تكون صاحبة إرادة وتسعى للإقرار بحياتها ومصيرها فإن القيود التي وضعتها الذهنية الرجولية لها تظهر أمامها كجدار منيع يعتم حياتها ويقف عائق أمام أهدافها وحريتها.
بالطبع لقد خاضت المرأة نضالاً مريراً ضد هذا الواقع العبودي ولم تقف مكتوفة الأيدي في أي وقت من الأوقات. وقد بذلت تضحيات جسام في سبيل هذا النضال في كافة أرجاء العالم. وفي غرب كردستان فتح هذا المجال أمام المرأة مع مجيء حزب العمال الكردستاني بقيادة القائد آبو إلى غرب كردستان. تغير وضع المرأة الكردية في غرب كردستان تماماً بحيث بدأ التغير والتحول في وضعها يتحقق يوماً بعد يوم. فقد كان بداية فجر جديد بالنسبة للمرأة. قبل مجيء PKK إلى غرب كردستان كان هناك العديد من الأحزاب التي كانت تدعي الحرية والوطنية إلا أن هذه الأحزاب لم تتمكن من النجاح لأنها عملياً كانت بعيدة عن تمثيل الروح الوطنية في ذاتها لم يكن يدخل ما تبذله في خدمة حرية كردستان بل العكس من ذلك فقد كانت تخدم النظام. كما أن هذه الأحزاب لم تتمكن من تغيير وضع المرأة بتاتاً لأن نظرة هذه الأحزاب لم تكن تختلف عن نظرة النظام الموجود للمرأة. فقد كانت هي أيضاً ترى المرأة ملكً للرجل تخدمه وتدير أمور البيت فقط، وتعمل على إشباع شهوة ولذة الرجل الجنسية. لذلك كان PKK يعبر عن أفق وأمل الحرية الوحيد بالنسبة للمرأة الكردية والكردستانية. وحرية المرأة وخلاص إرادتها يكمنان في إيديولوجية وفلسفة القيادة. وما تسارع الفتيات الكرديات للانضمام للحزب إلا مرتبط بفلسفته وروحه الإنسانية القائمة على أساس حرية المرأة.
الجانب الهام الذي قامت القيادة ببذل الجهود الحثيثة بشأنه في تلك الساحة هو فعالياته القائمة بصدد المرأة فقد كانت القيادة من خلال عقد الاجتماعات للنساء وتدريبهن وحثهن على النضال التحرري. وعلى أساسه فقد انضمت العديد من الفتيات إلى الدورات التدريبية ل أكاديمية معصوم قورقماز التي كانت تعطي التدريب من جميع النواحي السياسية والإيديولوجية والعسكرية. وبعد تخرجهم من هذه الدورات بتفوق كن يتجهن على شكل مجموعات إلى ساحة الوطن. بهذا الشكل فقد أثبتت الآلاف من الفتيات جدارتهن وقوتهن وعزمهن على النضال التحرري بحيث تمكن من اجتياز كل الصعاب والعوائق القائمة أمامهن. أثبتت المرأة في غرب كردستان بأنها تستطيع القيام بكل شيء في سبيل الحرية. وقد ضحت الآلاف من الفتيات بدمائهن في سبيل القيم السامية والحياة الحرة. اخترن الموت في سبيل الوصول للحياة الحرة بدلاً من العيش تحت نير الذل والعبودية. اخترن الحياة الشريفة والكريمة ورفعوا راية الحرية بدمائهم الطاهرة. هؤلاء الرفيقات أمثال دجلة كوباني، شرفين ديريك، شيلان كوباني، برجم عفرين والآلاف من الرفيقات الأخريات زرعوا على أرض الوطن شجرة الحرية لتقدي بها الأجيال القادمة.
واليوم نشاهد الآلاف من الرفيقات يناضل ويحاربن على جبال كردستان لأجل تحقيق حرية القائد آبو التي تعبر في الوقت نفسه حرية الشعب الكردي وحريتهن وحرية جميع الشعوب المظلومة. كما نرى الآلاف من النساء يتظاهرن في ميادين وشوارع كافة مدن وقرى كردستان وهم يطلقون شعارات الحرية للقائد دون خوف من أي شيء. لأنهم قد عرفوا معنى الحرية وعاشوها بنضالهم يوماً بيوم ولا يمكن لأحد من الآن فصاعداً يبعدهن عن هذه الحياة بأي شكل من الأشكال. فهم ينادون نريد العيش أحرار. لن نصمد حتى نحقق حرية قيادتنا.
لقد حدثت تغييرات جذرية في حياة المرأة من خلال التقييمات التي قام القائد آبو بها بخصوص حرية المرأة. لقد قطعت كفن الموت والعبودية المفصل لها من قبل النظام الرجولي المتسلط. إذ لا يمكن تحقيق حرية حقيقية دون إزالة آثار هذه الذهنية على شخصية المرأة. إن لم تقم المرأة بتغيير الذهنية والعواطف الاستعبادية المفروضة عليها من قبل الزوج أو الأب أو الأخ أو الصديق أو من يدعي بأنه عاشق لها فإنها لن تستطيع التحرر بأي شكل من الأشكال. فإننا نرى اليوم بأن أفظع أنواع العبودية والجرائم تتم باسم العشق. باسم العشق يتم تملك المرأة وسلب إرادتها وهويتها، بل وتصبح المرأة محكومة بالموت في نهاية المطاف. بعض الرجال يبينون بأنهم مستعدون للقيام بكل شيء من أجل حبيباتهم بل وحتى يضعون حياتهم في سبيلها. ولكن في حقيقة الأمر فهو لا يعطي أي قيمة حقيقة للمرأة لأنه يفعل كل شيء لأجل ذاته ومصلحته الشخصية لا من أجل المرأة. فهو يفعل كل شيء إلى أن يملكها وبعد أن أصبحت ملك له فإن كل الشعارات التي كان يتفوه بها تذهب أدراج الرياح وتبدأ حياة الذل والهوان والعبودية بالنسبة للمرأة.
حرية المجتمع مرتبط بحرية المرأة. لذا على كلا الجنسين النضال لمعالجة هذه العبودية وتحرير المجتمع من الذهنية الجنسوية الموجودة. المجتمع المحرر من هذا الجانب يصبح مجتمع عادل ذو ضمير ووجدان. المجتمع الذي لا ضمير ووجدان له يكون مجتمعاً منتهياً ومحكوماً بالفشل، إذ يصبح فريسة بيد المستبدين ولا يمكنه التخلص من الاستعباد. يزداد عدد الجنايات المرتكبة نتيجة ذهنية المجتمع الجنسوية يوماً بعد يوم هذه الجرائم التي تذهب ضحيتها المرأة ترتكب بشكل مخطط وتأمري في الكثير من الأحيان وخاصة في تركيا ومعظم الدول الرأسمالية.
عيش المرأة تحت رحمة الذهنية الجنسوية يعني في حقيقته أن تكون المرأة معرضة في كل لحظة للعنف والشدة. من جهة ثانية يقوم النظام بتشكيل المؤسسات والمنظمات باسم المرأة إلا أن هذه المنظمات ليست بهدف تحرير المرأة من العبودية أو تغيير وضعها وتحسينه، بل الهدف هو ضبط وربط المرأة بذاته ووضعها تحت خدمة نظامها بشكل أوسع وجعلها أداة يطيل بها عمره.
بالطبع فإن أهم شيء هو نضال المرأة ذاتها تجاه هذا النظام. إذ على المرأة أن تخرج ذاتها من كونها آلة تبضع يستخدمها ويستثمرها النظام لمآربه. وعليها توعية ذاتها من جميع الجوانب لاجتياز هذا النظام والخروج من الإطار المرسوم لها من قبل هذا النظام. وبالطبع فإن مسؤولية اجتياز هذا النظام وتغييره لا تقع فقط على المرأة بل أن الرجل أيضاً مسؤولاً عن ذلك بنفس القدر. إنشاء المجتمع الحر والديمقراطي والتحرري من ناحية الجنسية يقع على عاتق المرأة والرجل معاً. وتحقق ذلك يمر عبر شخصية المرأة الحرة والرجل الحر قبل كل شيء. فقد قام القائد بكتابة عشرات المجلدات حول قضية المرأة ومدى وقعها على المجتمعية. لأنه وكما يشير القائد في تحليله لمنبع القضايا التي يعاني منها المجتمع أن حل قضايا المجتمع يمر عبر حل قضية المرأة وحرية المجتمع مرتبطة ب#حرية المرأة# . لذا لأجل تحقيق نضال صائب فإن مرافعات القائد تعتبر بمثابة مانيفستو وخارطة طريق لأجل نضال المرأة التحرري.[1]