=KTML_Bold=د. محمود عباس: صدقية المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات -الجزء الأول=KTML_End=
انطلقت نشاطات المركز بدءً من عام 2011م بشكل فعلي، عام الثورة السورية، وتزامنت مع الموجات الأولى لثورات الشرق، ليكون سنداً فكرياً للموجة العروبية الإسلامية الراديكالية المتصاعدة والمشوهة لمعالم وغايات الثورات، وحرفتها عن مسارها، وأغرقتها بمفاهيمها التكفيرية الإسلامية، وموهت أهدافها الرئيسة، من تغيير الأنظمة، الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلى محاولات الطعن في قضية الشعوب التي بدأت تطالب بحقوقها والتحرر من هيمنة الأنظمة العروبية، ومن بينهم الشعب الكردي والأمازيغي والقبطي.
يرأس المركز العربي السيد طاهر كنعان، وزير التخطيط الأردني السابق، لكن المحرك الفعلي، هو المدير العام السيد عزمي بشارة، أو كما يقول بأنه مؤسسها، وهي من بنات أفكاره، بعد خروجه من إسرائيل، والتجائه إلى قطر، وهو العفلقي فكراً عروبياً، الفلسطيني المسيحي، النائب السابق في الكنيست الإسرائيلية، أهمل القضية الفلسطينية، منذ أن استلم المركز، ليبشر بالمفاهيم العروبية، وينقب عن التاريخ العربي الإسلامي المفبرك. لا خلاف على أن التمويل والدعم السياسي للمركز العربي، ورواتب الموظفين والاختصاصيين، ومصاريف المؤتمرات ونشر الكتب قطري. المركز موجود في مدينة الدوحة عاصمة إمارة قطر.
يتبين وللوهلة الأولى بأنه صرح ثقافي قيم، له نشاطات عديدة، على قدر الأموال الطائلة التي تصرف عليه، لكن عند البحث في خلفياته، يتبين أن أهدافه السياسية أعمق من الطموحات الثقافية والتاريخية، حاولت العائلة المالكة في دولة قطر من خلاله إبراز أسماء شخصيات سياسية وأدبية ودينية عروبية إسلامية تكفيرية، وبسند من قناة الجزيرة لجعلهم من مفكري ثورات الربيع (الشرق) العربي، من بينهم رئيس المركز الفلسطيني-الإسرائيلي المذكور، وشخصيات دينية كالقرضاوي المصري، والبعثي السوري محمد جمال باروت، ومعه ثلة من دكاترة الجامعات السورية البعثيين، وغيرهم.
مع ذلك، لولا توجه المركز العربي نحو المفهوم العروبي التكفيري العنصري، لكان مركزا ثقافيا نوعيا، في الشرق، فهو ولأول مرة في تاريخ الأنظمة العروبية، يتجاوز المعهود ويقوم بعقد مؤتمرات لخلق حوارات بين شعوب المنطقة، وخاصة بين العروبيين أصحاب السلطة والشعوب المحتلة كالكرد والأمازيغ والقبط، وغيرهم، إلى جانب مؤتمرات خصصت في مجالات أخرى بين مثقفي وأكاديميي دول المنطقة، لكن ومن المؤسف أن ممولي المركز كالمسؤولين والمشرفين عليها أغلقوا عليه بمفاهيمهم العروبية، وهم بذاتهم لا يتمكنون التحرر من الثقافة التي حورت الأمة الإسلامية إلى الأمة العربية، ولا ترى في الشعوب الأخرى في المنطقة إلا في الفلك العربي، ويحاورون مثقفي الشعوب الأخرى على هذا النهج العروبي التكفيري العنصري، فكل مؤتمر يسقط في هوة الصراع الماضي، ولتطويره لا بد للقائمين عليه التخلص من نزعتهم العروبية التكفيرية الإسلامية، والاكتفاء بالذات العربية، والتحاور مع الآخرين بوعي حضاري.
زعزع المركز العربي من مصداقية نهجه، منذ بداياته، عندما وظف شريحة من العروبيين، تحت صفة الأكاديميين، أو الباحثين، لحمل الرسالة التي تطبل لها، ومن بينهم العديد من الكتاب والدكاترة والمؤرخين من البعثيين السوريين والعراقيين، ومن الدول العربية الأخرى، منهم، من كانوا وراء توسيع هوة العداوة بين العرب والشعوب الأخرى، وكانوا سنداً للسلطات العروبية، رغم بشائعها. واعتماداً على هذه الصورة، أشيع بأن المركز ليس سوى تجمع غير مباشر للبعث تحت خيمة إمارة قطر، وأن قادة الإمارة متأثرون بتلك المفاهيم العروبية، مدموجاً بالإسلام التكفيري القومي. وفي الواقع يتوجب على إمارة قطر توجيه أغلبية فعاليات هذا المركز إلى الذات العروبية، لتشذيب ثقافتهم، وإعادة الثقة بين بعضهم، وبينهم وبين الأخرين، وتنقية الحركتين الثقافية العروبية والسياسية، من الأوبئة التي أدت بها إلى العديد من الكوارث في المنطقة، ومنها على سبيل المثال مجازر دارفور، واليمن وقتل الشعب السوري، وغيرها من مخلفات الفكر العروبي التكفيري.
ولتشعب المواضيع التي يتناولها المركز من خلال مؤتمراته العديدة، وفي دول متنوعة، والمواد الكثيرة التي تطرح ضمنها، فإننا سنركز هنا على نشاطاته في الحيز الكردي دون غيره.
فمن بين المؤتمرات والمواضيع والكتب التي عقدت وصدرت من المركز حول وعن الكرد وقضيتهم القومية وتاريخهم هي:
1-دعوة عامة لحضور مؤتمر العرب والكرد 25/04/2017-الدوحة-قطر
2-التأثير الإقليمي والدولي في القضية الكردية في العراق (دراسة حالة 1972-1975) 05/10/2016-تأليف عماد يوسف قدورة: يعمل مديرًا لقسم التحرير في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
3-المسألة الكردية في ضوء تحول اتجاهات النخب والأحزاب الكردية السورية 30/08/2016-تأليف شمس الدين كيلاني.
4-خيارات تركيا الصعبة في الشمال السوري 23/02/2016-وحدة تحليل السياسات في المركز العربي
5-حول كتاب “التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية”14/02/2016 تأليف الكاتب البعثي السوري محمد جمال باروت.
6-“قوات سوريا الديمقراطية”: النشأة والهوية والمشروع السياسي 27/01/2016-وحدة تحليل السياسات في المركز العربي.
7-تركيا وأكرادها: فرصة سانحة للحل التفاوضي 01/04/2013-وحدة تحليل السياسات في المركز العربي.
8-” مسألة أكراد سورية: الواقع -التاريخ -الأسطرة” (بيروت، كانون الثاني/ يناير 2013). –مجموعة مؤلفين، تم اختيارهم من قبل المركز العربي.
أولاً: حيث النشاط الذي يجري حالياً، ونحن بصدد مؤتمرهم الذي ينعقد الأن، والذي سيستمر لثلاثة أيام 29-30من هذا الشهر نيسان، والأول من الشهر القادم أيار عام 2017م، تحت عنوان (العرب والكرد: المصالح والمخاوف والمشتركات) وهي دعوة عامة، لكن يتم أرسال طلبات خاصة لشخصيات معينة، والمركز يتكفل بجميع مصاريفهم، ولا ناقصة أو سلبية في هذه، بل ونشجع المشاركة الكردية وعلى المستوى الأكاديمي. فهو مؤتمر علمي-تاريخي -سياسي سيتم مناقشة العلاقات العربية-الكردية، ولا شك المطروح على الطاولة قضية مهمة جدا، لم تتناولها السلطات العروبية بالشكل المطلوب. وفي بعده العام، النقاش والحوار في هذا المجال أو في مجالات أخرى تحمل إيجابيات، ومن المهم الاشتراك، وعدم ترك الحوارات بدون المساهمة الكردية، ومن الذات الكردية القومية الحريصة على المصلحة الكردستانية.
وهنا لا نود أن نسبق الأحداث والمواد التي ستقدم في المؤتمر، ونتائج الحوارات والنقاشات التي ستتم، لكن لا بد من توجيه انتباه الإخوة الكرد المشاركين إلى أن المؤتمر الذي يترأس بعض جلساته شخصيات من البعثيين السوريين والعراقيين لا بد وأنه يندرج ضمن جملة من الشكوك حول خلفية أسباب عقد مثل هذا المؤتمر وتحت صيغة الدعوة، الغريبة، والمتضمنة جملة تعكس الحقيقة المخفية لغاية المركز، وهو التوجه الحديث للمفكرين العروبيين، وأسلوبه يواكب العصر وزمن الأنترنيت في مقارعة الشعوب غير العربية، ومنها الاحتفاظ بصفحات التاريخ العروبي المفبرك، وإعادة ترسيخ مصطلح الوطن العربي الوهمي. تقود العائلة المالكة في قطر هذه الحملة، وهم الذين بدأوا يحملون راية العروبية نيابة عن البعث والناصريين القدامى، والفكر التكفيري والإسلام الراديكالي نيابة عن فقهاء الوهابية في السعودية والأزهر القاهرية، وهذه واضحة من خلال أحد المواضيع الرئيسة التي سيتم الحوار عليه ومناقشته وطرحه كمفهوم ضمن المؤتمر، وغيرها من المؤتمرات وتحت عنوان ” وتتناول علاقة العرب ب(الأخرين) في إطار العلاقات الدولية. ويدرس مؤتمر هذه السنة مسألة الآخر داخل الدولة العربية الحديثة”. إلى جانب أن الحوار مع العروبيين الذين للكرد معهم تجربة طويلة من أيام البعث، بل وحتى أن للعرب معهم تجربة، وأحداث مدينتي حماة وحلب خير شاهد على ما نتوجسه، وما سيكون عليه لغة الحوار القادم، ونتائجه، سوف لن يخرج من أساليب السلطات السابقة.
وللتنبيه لا أستبعد أن يتطرق البعثيون السوريين إلى تزيين القضية الكردية في عمومياتها، ليطعنوا من خلفها الوجود الكردي التاريخي في غربي كردستان، ونحن على قناعة ومن خلال اطلاعنا السابق على دراساتهم في فترات نشاطاتهم ضمن الحزب العنصري وما تلاه، لن يتخلوا حتماً عن مصطلحهم (كرد الجزيرة السورية) وكيفية هجرتهم الحديثة إليها، وتحضرهم، وعلى أساسها اعتبار القضية الكردية في غربي كردستان، قضية اعتراف باللغة والمواطنة ضمن الجمهورية العربية السورية! ولأن القضية الكردستانية في جنوبها بدأت تقترب من منهجية الاستقلال، بجغرافيتها شبه الكلية، فإن البعض من الأكاديميين السياسيين العروبيين وتحت منطق الوطن العراقي سيطرحون القضية الكردية في العراق تحت غطاء الوطن الواحد، للطعن في الطموح الكردي من منطقي إشكاليات الانفصال، وتغييب كردستان كوطن، والتدخلات الخارجية …
يتبع…
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[1]