خطورة إنتشار الفكر الإسلامي المتشدد في إقليم جنوب كوردستان ووسائل التصدّي له
د. مهدي كاكه يي
يحكم الكوردستانيون إقليم جنوب كوردستان منذ أكثر من 25 سنة. خلال هذه الفترة الطويلة تمّ إستغلال شعب كوردستان دينياً وخاصة الشباب والأطفال، حيث تمّ حشو أدمغتهم بأفكار دينية متشددة و بِأوهام الحوريات بعد الموت وبذلك أخذ الكثير من الشباب والشابات يؤمنون بالفتوحات الإسلامية التي هي غزو وإحتلال وإغتصاب أوطان الشعوب الأخرى، والجِهاد الذي يعني الإرهاب أي إجبار غير المسلمين على إعتناق الدين الإسلامي عن طريق القوة والإرهاب، والسبي الذي هو إغتصاب النساء وإستغلالهن جنسياً وخدمياً، والغنائم التي هي نهب وسرقة ممتلكات وأموال الناس.
في العقد السادس والسابع والثامن من القرن الماضي، كان شعب كوردستان شعباً ليبرالياً منفتحاً، يحب الحياة واليوم تراجعت الليبرالية والإنفتاح والتسامح الديني بشكل خطير في المجتمع الكوردستاني نتيجة الحملة الدينية التي يتعرض لها. بهذه الطريقة يتم إستغلال شعب كوردستان بإسم الدين الإسلامي من قِبل مُغتصبي كوردستان للقضاء على الفكر القومي الكوردي والفكر الوطني الكوردستاني والذي يهدف الى إبقاء كوردستان محتلة ومغتصَبة ومجزأة، والإستمرار في عبودية وتبعية شعب كوردستان ونهب ثروات كوردستان.
تتحمل حكومة جنوب كوردستان المسئولية الكاملة عن غرق المجتمع الكوردستاني في المستنقع الديني ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، قرن العولمة وهيمنة الفكر الديمقراطي وقرن تحرر الشعوب المُستَعبَدة. إنتشار الفكر الديني الممزوج بالسياسة و الفكر الديني المتشدد يهدد الوجود الكوردستاني كشعب والوجود الكوردي كأمة وقومية.
من أهم أسباب هذه الظاهرة الدينية الخطيرة هي الخطاب الديني في وسائل الإعلام المختلفة وعلى منابر الجوامع والحسينيات المنتشرة في كافة قرى ومدن كوردستان و المناهج الدينية المدرسية، حيث أن الدين الإسلامي هو المادة الوحيدة التي يتم تدريسها في المدارس كَمادة الدين ويتم فرضها على التلاميذ والطلاب غير المسلمين. كما أن مادة الدين الإسلامي عبارة عن سرد لتأريخ مزوّر. من جهة أخرى هناك أحزاب سياسية إسلامية في الإقليم تبث سمومها في المجتمع الكوردستاني وتلقى الدعم المادي والمعنوي من تركيا والسعودية ومن الدول الخليجية الأخرى والتي تُشكّل تهديداً خطيراً للأمن الوطني الكوردستاني.
كما أنّ الإقليم أصبحت ساحة مفتوحة لنشر الفكر الوهابي، حيث قام النظام السعودي وأنظمة الدول الخليجية الأخرى ببناء العشرات من الجوامع في الإقليم لهذا الغرض. كما قام النظام الإيراني أو بِتشجيع منه، ببناء العديد من الحسينيات لنشر المذهب الشيعي في الإقليم وغسل أدمغة الكورد الشيعة وحشوها بالأساطير والأفكار المذهبية لسلخ هذه الشريحة الكوردية عن شعبها الكوردستاني وتغليب الفكر المذهبي لدى أفراد هذه الشريحة على الفكر القومي الكوردي والفكر الوطني الكوردستاني. قام النظام التركي بِدوره بِفتح العديد من المدارس والمؤسسات الدينية في الإقليم لِنشر الفكر الديني وإستغلاله لِخدمة الدولة التركية وببناء العديد من الجوامع.
ينبغي أن تعيَ حكومة إقليم جنوب كوردستان الخطر الذي يهدد شعب كوردستان من قِبل الأفكار الدينية التي تهيمن على المجتمع الكوردستاني وذلك بِخلق نظام علماني، يفصل الدين عن السياسة ومنع الأحزاب الدينية في ممارسة العمل السياسي وتغيير مادة الدين الإسلامي في المناهج المدرسية الى علم الأديان الذي يشمل جميع الأديان الموجودة، مع التركيز على الأديان التي يعتنقها شعب كوردستان والتركيز على بناء المدارس والمعاهد والجامعات العلمية بدلاً من الجوامع والحسينيات ومنع الحديث عن السياسة في الجوامع والحسينيات، حيث أنها أماكن للعبادة وليست للسياسة ومنع نشر الأفكار الدينية المتشددة من قِبل الشيوخ والملالي و في وسائل الإعلام ومحاسبة المتزمتين الدينيين الذين يفرضون آراءهم وطقوسهم على الآخرين. إن القضاء على الفكر الديني المتطرف وخلق مجتمع علماني منفتح ومتسامح، ضرورة قصوى لحماية الأمن الوطني الكوردستاني ولِتطور وتقدم المجتمع الكوردستاني وإنخراطه في العمل والبناء، بدلاً من العيش على الأوهام والأساطير وعشق الموت وإكراه الحياة.
[1]