=KTML_Bold=من وثائق ضم الفرات والجزيرة إلى سورية -1-=KTML_End=
خالد عيسى
في خريف 1920، كانت القوات الفرنسية تحكم قبضتها على مناطق اسكندرون وجبل الأكراد و كيليكية. ومن قررت المفوضية الفرنسية السامية بسط السلطة الفرنسية على مناطق حوض الفرات. كانت تعتمد القوات التركية في منطقة الرقة إلى درجة كبيرة على حاجم (حاكم) بن مهيد، أحد زعماء عشيرة العنزة العربية البدوية، و كان هذا الأخير قد شكل تحالفاً قبلياً لمنع ضم هذه المنطقة إلى الأراضي السورية المخصصة للانتداب الفرنسي بموجب قرار عصبة الأمم. بينما كانت عشيرة المللين الكردية مناوئة للأتراك، وتسيطر على قطاع واسع بين نهر زركان شرقاً وحتى تل أبيض غرباً حيث يبدأ قطاع القراكيتجيين، وكان يطال نفوذها من حوض الخابور إلى منطقة الرقة، و كانت لا تزال تحتفظ بوحدات من الألوية الحميدية. و بعد قطاع القراكيتجيين، كان يصل نفوذ عشيرة البرازيين الكردية حتى جرابلس.
و قد جاء عن حاجم في الموقع الالكتروني لعشيرة العنزة:
“في العاشر من آب /1920/أعلن حاجم بن مهيد استقلال قضاء الرقة عن حكومة الانتداب الفرنسي بتحريض من الحاكم العسكري رمضان باشا الشلاش ، وبمساندة شيوخ البوشعبان /هويدي الشلاش ، محمد الهويدي ، حسين الدرويش البوحبال ، وشواخ البرسان ومحمد الفرج السلامة وغيرهم / وهذه أول حركة تقوم في سوريا ذات نزعة (إسلامية عربية)”
“وحددت دولة ابن مهيد من الخابور شرقا إلى جرابلس والخط الحديدي شمالا ومن بلدة السخنة جنوبا ، وحتى تخوم حلب غربا ، وحددت مهام حاجم بن مهيد ب:
أولا: المحافظة على الحدود حتى لا يستولي عليها أعداء الإسلام و العرب.
ثانيا : ألا يناحر العشائر الملية ، وان لا يقبل دخالتهم إذا التجئوا إليه”
الرابط:
http://www.3nazh.com/vb/showthread.php?t=14288
وفي الحقيقة لم تكن السلطات الفرنسية قد باشرت باحتلال منطقة الفرات حتى ذلك التاريخ. أمّا عن رمضان شلاش، فقد كان قد خوله الأمير فيصل بن الحسين صلاحيات واسعة في حوض الفرات، عندما كان قد شكلّ حكومة عربية في سورية الداخلية (بين 1918 و حتى تموز 1920). و لكن بعد موقعة ميسلون و دخول القوات الفرنسية إلى دمشق، لجأت الزعامات العشائرية في منطقة الرقة إلى التحالف مع القوات التركية، بينما لجأ أغلب زعماء العشائر العربية في منطقة دير الزور و الميادين و أبوكمال إلى التحالف مع الانكليز، و خاصة بعد تنصيب الأمير فيصل ملكاً على العراق.
ولمد السيطرة الفرنسية-السورية على منطقة حوض الفرات، اتفقت السلطات الفرنسية في دولة حلب، مع مجحم (مقحم) بن مهيد، وهو زعيم آخر من العنزة، وابن عم حاجم. (عن عائلة بن مهيد يمكن الإطلاع على الرابط :
http://www.3nzh.com/vb/showthread.php?t=22664
لقد شكّل الجنرال دو لاموت، قائد الفرقة الثانية المتمركزة في حلب، رتلاً عسكرياً بحجم صغير لإنشاء بعثة فرنسية في دير الزور. و تم تكليف الضابط المترجم ترنكا بتنفيذ هذه المهمة.
سنعرض فيما يلي ترجمة الوثيقة الأساسية التي تتضمن التعليمات التي أعطيت لهذا الضابط من أجل حسن أداء مهمته، وترفق الصفحة الأولى من هذه الوثيقة.
****
الجيش الفرنسي في المشرق
الفرقة الثانية
المكتب السياسي
رقم :2292/ ر
حلب في 21-10-1920
تعليمات للسيد الضابط المترجم ترنكا
سري
أولاً:تتضمن مهمتكم:
1/- إرشاد و قيادة مجحم بك، بما يتوافق مع مصلحتنا السياسية، و السهر على تنفيذ نصوص الاتفاق الذي يربطه بنا.
2/- إعلامي بسرعة وبدقة عن الأحداث و عن الوضع في المنطقة الشرقية، و إرسال جرد عن المنطقة من الناحية السياسية و الاجتماعية و الاثنية، و الاقتصادية و الجغرافية الخ…
3/- إشادة العلاقات مع السكان، و التحضير في الأقاليم الخاضعة لانتدابنا، لتشكيل حملة جديدة للتوغل نحو الشمال و الشمال الشرقي.
4/- المراقبة عن كثب للدعاية القومية التركية، و الدعاية البلشفية، والحركة الاسلاموية، في داخل منطقتنا كما هو في خارجها.
5/- مراقبة و إحباط دعاية بعض الأوربيين المناوئة لفرنسة.
ثانياً: يجب أن لا يتم اعتبار مجحم بك كأمير مستقل، و كأنه قد وقع اتفاقية على قدم المساواة معنا، بل يجب اعتباره زعيماً، منصّب من قبلنا، يمارس قيادته بتفويض من سلطتنا ذات السيادة، وضمن الحدود التي تحددها له.
يجب أن تطلبوا لكم و لأعضاء بعثتكم التقدير و “الحرمة” (الاحترام-المترجم) الواجبين لممثلي فرنسة. بعد ثبات هذه المبادئ، عليكم، التصرف بما فيه الكفاية من الفطنة و المرونة في علاقاتكم مع مجحم بك، لصيانة نفوذه و كرامته و حتى زهوه.
يجب تجنب إعطاء الشعور بأنكم السيد الذي يأمر و الذي يسيطر. بدون التخلي عن عزتكم أو عن الصرامة الضرورية، يجب أن تبدوا بالأحرى كمستشار جيد مقنع، صاحب الآراء الجيدة و المستحسن إتباعها. و حتى القرارات التي قد يتوجب إيحاؤها أكثر مباشرة، يجب أن تبدو و كأنها قد اتخذت من قبله بالذات، بحيث تبقى دوماً مسؤولية مجحم بك كاملة، بدون أن يتم كشفنا، و بدون أن تلزمنا.
يقع على عاتق مجحم بك أن يفرض على العشائر التابعة الأفضلية التي اعترفنا له بها. من المحتمل أن لا يتم قبول ذلك فوراً من قبل بعض زعماء العشائر من أقرانه و خصومه، مثل برجس أو مدوند. مع دعم سلطته، يجب عدم إغفال أنه لنا المصلحة في استغلال الاختلاف على النفوذ بين المتخاصمين عند البدو، وذلك من أجل استخدامه في إعادة التوازنات بينهم . يجب عليكم اذاً المناورة بطريقة تراعوهم فيها و تستخدمونهم عن اللزوم.
يجب أن يخضع حاجم بدون شرط، أو يجب أن يختفي.
يجب أن تجمعوا المعلومات عن الشيخ فوند بك ابن أدال(ربما هدال-المترجم)، زعيم قبيلة العمارات، في المنطقة الانكليزية، الذي ، حسبما يقوله البعض، يعتبر هو الزعيم الأعلى لجميع العنزة.
****
يتبع
[1]