=KTML_Bold=من وثائق الصراع على الجزيرة عام 1937- 1- خالد عيسى=KTML_End=
خالد عيسى
أثبتت النخبة العربية السنية في سورية، وخاصة منذ عام 1936، قدرتها في وضع أسس مشروعها السلطوي في سورية، و تمكنت من تمكين مواقعها السياسية على حساب النخب الدرزية و العلوية و المسيحية و الكردية. إذ استطاعت هذه النخبة طرح نفسها كمحاور للسلطات الانتدابية، ثم كبديل عنها في إدارة شؤون كافة المناطق الخاضعة للانتداب الفرنسي. فبتفعيلها للعامل اللغوي الجامع للمتكلمين بالعربية، استطاعت كسب تأييد بعض مراكز القوى لدى الطوائف غير المسلمة و غير السنية، و بالاعتماد على الرابطة الإسلامية، استطاعت هذه النخبة كسب مواقع سياسية في الأوساط غير العربية في المناطق الخاضعة للانتداب الفرنسي. و هكذا، استطاعت هذه النخبة في عام 1936، عبر أداتها التنظيمية “الكتلة الوطنية” من عقد اتفاقية مع السلطات الفرنسية تكرس لهذه النخبة مشروعية مشروع استيلائها على السلطة في عموم المناطق السورية، فبدأت بدايات إلغاء الكيانات السياسية الدرزية و العلوية، و تم الشروع بإلحاق هذه المناطق بدمشق باعتبارها المركز التحالفي للهيمنة السياسية للنخبة العربية السنية.
و في عام 1937، كانت المناطق الكردية تدار عملياً من قبل السلطات الفرنسية عسكرياً و من قبل موظفي الإدارة العربية في دمشق من الناحية الإدارية. و كانت الأجهزة العربية تعتمد سياسياً على نفوذ العشائر العربية البديوية في المناطق الكردية من ناحية، و كانت من ناحية أخرى تعتمد على الرابطة الدينية في تقوية مراكزها لدى بعض الزعامات الكردية.
كان يرى بعض وجهاء الأكراد ضرورة التحالف مع النخبة العربية السنية ذات السلطة في دمشق، على أمل الحصول على مكاسب سياسية. بينما كانت أغلبية المسيحيين، وأتباع التيار القومي الكردي، يخشون من سيطرة النخبة العربية بخطابها العروبي- السني، و كانوا يعملون على الحصول على نوع من الحكم الذاتي بضمانة فرنسية أو أممية، تسمح لهم إدارة أمورهم المحلية و اشتراكهم في الحكومة المركزية.
في الحقيقة انقسام زعماء الكرد إلى تيارين ساهم في اضعاف التيارين معاً، و أدى إلى حرمانهما من الحصول على مكاسب سياسية. فلا أنصار المطالبة بالحكم الذاتي حققوا هدفهم، و لا أتباع التحالف مع النخبة العربية السنية حققوا مكاسب سياسية مستديمة.
في صيف عام 1937، كانت السلطات التركية تواجه الثورة الكردية في ديرسم من ناحية و تطالب بإلحاق أنطاقيه و اسكندرون إليها. في هذا الفصل الحار، كانت تبرز القضية الكردية كقضية مركزية على الساحتين السورية و التركية.
سبق و أن كتبت عن هذا الموضوع في 1986 و في 1995 و في 2004 ، و لغياب الوثائق الرسمية، كانت تلك الكتابات مبتورة و ناقصة و كنت قد اعتمدت في ذلك على بعض الكتابات التي كانت غير موثقة بشكل كاف.
نذكر للقارئ الكريم بأننا بحثنا في مذكرات أغلب من كتبوا مذكراتهم من رجالات السياسة في سورية عن المعلومات التي تتعلق بالوضع في المناطق الكردية في عام 1937 ، فلم نجد فيها أية تفصيلات. فمثلاً عندما يذكرها السياسي المعروف جميل مرد بك، مثله مثل غيره، لا يعطي أي تفصيل مفيد عن الموضوع، و يكتفي بالعتب على السلطات الفرنسية، لإثارتها موضوع حماية الأقليات، بل يذهب إلى تجاهل الوجود القومي الكردي في الجزيرة، و مثله السيد لطفي الحفار و السيد نصوح بابيل.
أمام كثرة عدد الوثائق التي حصلنا عليها مؤخراً بخصوص الشأن الكردي في هذه المرحلة، رأينا ضرورة البدء بالعمل على التحضير لإعداد بحث شامل بالتطورات السياسية في صيف عام 1937، وسيُعد للنشر ضمن سلسلة أبحاث وثائقية، و منذ الآن سنعرض للقراء بعض الوثائق التي تتعلق بالموضوع .
الوثيقة التي ننشرها في هذا العدد هو خبر أرسله مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس.
****
الأمن العام
بيروت في 25-06-1937
معلومة رقم 3374
الأمن العام في القامشليه 25-6
الداخلية- مظاهرات انفصالية
في الثاني و العشرين، عَلمَ قائم مقام القامشليه بأن مظاهرات انفصالية ستبدأ في القامشلية في الثالث و العشرين من شهر حزيران 1937. قام بتعبئة كل عناصر الجاندارمه و الحراس الليليين لكي يحرسوا السراي و حولها، لأن المخبر كان قد أعلمه بأن المتظاهرين سيهجمون على السراي و سيعزلون موظفي الكتلة ( الكتلة الوطنية-المترجم).
استمرت الحراسة حتى الظهر، و لكن بعد ثبات كذب الخبرية تم إلغاء الحراسة في اليوم الثاني.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام للشرطة
****
يتبع
[1]