$من وثائق الصراع على الجزيرة عام 1937 (19) خالد عيسى$
خالد عيسى
كان الشيخ دهام الهادي حليفاً للكتلة الوطنية أثناء أحداث الجزيرة في عام 1937. و نظراً لتدهور الوضع الأمني في عاموده، بين أنصار الحكم الذاتي للجزيرة من جهة و أنصار الكتلة الوطنية من جهة ثانية، لجأت السلطات الفرنسية إلى قصف المدينة في 11-08-1937.
سنستمر في نشر بعض الوثائق المتعلقة بالأحداث الدامية التي وقعت في الجزيرة في شهر آب عام 1937، نترجم في هذه الحلقة وثيقتين فرنسيتين، مرسلتين في 17 آب عام 1937، من قبل مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس. (1)
****
(الوثيقة الأولى)
الأمن العام
بيروت في 17-08-1937
معلومة رقم 4174
الأمن العام في سوار 13-08-37.-
آ/س- عن أحداث الجزيرة:
صرح بدوي الجاسر، مختار قرية ” الجيرية ” (من تابعة للسوار) لرئيس مخفر الأمن العام في سوار بما يلي:
” تم القيام بكل التحضيرات للقيام بانتفاضة في الجزيرة. كل العشائر التي تحاذي الخابور تنتظر كلمة واحدة من الشيخ دهام الهادي.
” يوصي الوزير مردم بك إلى الشيخ دهام بأن لا يقوم بأية شيء حالياً، خشية من أن يضر عمله بعملية التصديق على الاتفاقية السورية من قبل البرلمان الفرنسي.
و يضيف المختار بأنه:
” لو لا الأمل في رؤية التوقيع القريب على الاتفاقية، لكانت الثورة قد اندلعت في الجزيرة منذ وقت طويل.
“في كل الحالات، يُعتقد بأن الشيخ دهام له الرغبة الحاسمة في أن ينتفض، و ذلك بموافقة الوزارة، حتى و لو لم يتم تصديق الاتفاقية. و عندها سيكون مصير المسيحيين مماثلاً لمصير الآشورو-كلدانيين.
” توجد علاقة ما بين الشيخ دهام و زعماء العشائر العراقية، فضلاً عن بعض الزعماء العراقيين، من جهة أخرى، يعتقد بأن الغاية من هذه العلاقة هي تعميم الانتفاضة فوق كل الإقليم.
” العشائر التي تتاخم الخابور تزودت بكمية كبيرة من الأسلحة، و ينتظر الجميع كلمة من الشيخ دهام./.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
(الوثيقة الثانية)
الأمن العام
بيروت في 17-08-1937
معلومة رقم 4177
أمن قامشليه: 15-08-37.-
آ/س- مهاجمة عاموده:
قصفت الطائرات عاموده في الحادي عشر من شهر آب عام 1937. أُخليت المدينة بالكامل من قبل السكان، و هي تحترق. جاء المسيحيون إلى القامشلية.
مسيحيو الدرباسية أيضاً يغادرون المدينة.
لازالت الأسواق مغلقة في القامشلية حيث يستمر فيها الهلع. تجري دوماً الأخبار حول هجوم العشائر المناهضة للانفصاليين (2).
لم تأت لجنة التحقيق إلى القامشلية.
يتواجد هنا الكوماندان (الرائد- المترجم) بونو ، و ذلك منذ يوم أمس.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
ملاحظات المترجم:
(1) – جواباً على رسالة أحد القرّاء، نقول بأن اسم محافظ حلب في عام 1915 هو فرج عماره، و هو ضابط كردي التجأ إليه فوزي القاوقجي بعد مغادرته الموصل أثناء الحرب العالمية الأولى ( و ليس الثانية كما كان قد ورد خطأً في الحلقة 18- المترجم)، و ذلك حسب رواية القاوقجي في مذكراته.
(2)- كانت تسمي السلطات الفرنسية التيارات الشعبية المنادية بالحكم الذاتي في مختلف المناطق الخاضعة لانتدابها بالحركات الانفصالية، و ذلك للدلالة على ما كانت تصبو إليه تلك الحركات في عدم الخضوع المباشر للسلطات المركزية في دمشق. و كان يتم استخدام مصطلحي الوطني و الوطنيين للدلالة على أعضاء و حلفاء الكتلة الوطنية التي كانت تسعى لمد نفوذها على جميع المناطق السورية الخاضعة للانتداب الفرنسي.
****
يتبع[1]