“برادوست ميتاني”[1]
قدّسَ الكرد كغيرهم من الأمم في بداية التفكير بالطبيعة بعض القوى الطبيعية, لكي يحموا أنفسهم من شرورها وكذلك من لغز الموت بممارسة طقوس بسيطة, وكانوا يصنعون لها طواطم خاصة, ولكنهم سرعان ما تخلوا عنها بسبب التطور الذهني لديهم, وخاصة عندما أدركوا قيمة الأم, فظهرت “ميثولوجيا الإلهة الأم” لما لها دور لدى الأولاد والزوج من حيث العطاء, والحب, والرعاية, والإبداع, والعمل, وذلك في أواخر العصر “الميزولوتي” وبدايات العصر “النيوليتي”, أي أوائل الألف الثاني عشر ق.م, وحصراً خلال مجتمع كلان في مناطق سلسلة زاغروس, وطوروس, وتبلورت هذه العبادة مع تحرك الكرد داخل بلاد “موزوبوتاميا”, والانتقال إلى الجنوب في سومر وأكاد مع الجوديين في الألف السابع ق .م.
“إينانا”
تحول التقديس للأم إلى ظهور الآلهة الأنثى أمثال: إينانا, وإستير, وشاويشكا الهورية, هاتان الآلهتان الأخيرتان إستير, وشاويشكا حملتا اسم عشتار في سومر, وأكاد, وسوريا, وكذلك الإله إيا.
وجد الإله “إيا” طريقه إلى مجمع الآلهة الحوري المطابق في بابل للإله السومري “آنكي”, المسؤول عن المياه العذبة تحت الأرض (آبزو أي آفزا, والإلهة “إيا الحوري” كان يسمى أيضاً (آ), وقد علمنا بأن اسم الماء في السومرية (آ) وفي الكردية (آف)
أن هذا الاسم أي الإله “إيا” مازال مستخدماً في ثقافتنا الدينية وقد دخل في الفكر الإسلامي, وقد ورد في القرآن الكريم عندما قال عز وجل : “إيانا تعبدون”, إذ أن معنى لفظ “إيا” هو العظمة واللاحقة “نا” هي ضمير متصل وكذلك دخل معنى “إيا” في اسم آية, بل حتى اسم دنيا وديانة أيضاً.
انتقلت عبادة “إينانا” من الكرد الهوريين إلى الكرد الكوتيين, إي الجوديين, ترك الجوديين أثرهم في النمط السومري في الألف الثالث (ق.م), يظهر هذا في أوروك حول معبد اينانا ذو الاسم الكردي.
هذا الاسم أي “إينان” في الكردية مازال يعني اليقين والإيمان, في البداية كان اسمها إين, وللآلهة “نينا” الأصل المشترك لغوياً مع اسم إين أي يوم الجمعة, وكذلك مع اسم دين أي الإيمان, وأنه مازال في بعض المناطق يستخدم اسم “نينا” للدلالة على المرأة المحترمة, وكذلك تحولت إلى نانسي وهو اسم علم أجنبي.
للعلم أن “نينا” هي قرينة إله القمر “كوشخ أو كوشوه”, وكانت لها مكانة مهمة في العبادات الحورية وكذلك في أوغاريت.
إيل, إلاه, الله
بعد فقدان إله الطقس سيادته ظهرت سيادة الإله “كوماربي” المحور الرئيسي للكثير من الأساطير الحورية التي تسمي المدينة الملكية الحورية القديمة “أوركيش” موطناً له, يرد أقدم شاهد على هذا الإله أي “كوماربي” في نص حوري من مدينة ماري في 1700 (ق.م), وهو يطابق الإله “دجن” في منطقة الفرات الأوسط, والإله السومري “إنليل” والأوغاريتي “إيل”.
أسطورة دينية تحكي صراع الآلهة
ينحني الإله “آن” على قدم الملك القوي في السماء “آلالو” كخضوع له, ويقدم له كأس الشراب, ولكن بعد تسع سنوات يتمكن الإله “آن” من هزيمة “آلالو” الذي يفر إلى العالم السفلي المظلم, ثم يجلس الإله “آن” محله على العرش, ينتفض الإله “كوماربي” مصارعاً الإله “آن” وينتصر عليه, فيهرب بعد أن يجعله حاملاً منه بالإله “تيشوب” وبنهر دجلة, وبالإله الضخم “تشميش”, عندها يحمله عبئاً ثقيلاً بسببها فيضرب الإله “آن” بسبب ذلك رأسه بصخور الجبال, وتصنف الإلهة السومرية “شالا” زوجة له, وكان له وزير باسم “موكيشانو” أي موكيش الدال على مملكة آلا لاخ.
بالتمعن في اسم الإله “أيل” بصيغه المشتقة من بعضها “آلالو”, “وآلا لاخ”, “واللاة” وظهوره أيضاً مع دولة “آيلام” الكردية, نلاحظ مدى تمسكنا نحن الكرد بهذه التسمية القريبة حالياً من اسم “آلا هوما” واللهم ومن ثم الله, وخاصة الاحتفاظ بالجبل الصغير “كري ايلم” الواقع بين شمال وغرب كردستان بنفس الاسم حتى الآن, بالإضافة إلى نهر كارون الذي كان اسمه القديم “آلاي” وآلاني إله العالم السفلي التي هي أم للإلهة, خيبات في أسطورة آلي كومي الهورية, واسم “آلت” الذي هو الإله الكردي “الخالتي” دلائل على أن الكرد أيضاً أصحاب فكر في عبادة الله باسمه الجديد وليس المسلمون فقط.
وست ميتاني”
بالإضافة إلى ذلك كما نوهنا, أن أحد أجدادنا الكرد كان اسمه آيلام وهم من أصحاب دولة قوية في شرق كردستان (4000ق.م) وأن حرف الميم مازال لاحقة تلصق بالعديد من أسمائنا الكردية في إطار النسبة مثل: يكام, وساخلام, وديلام, وأيرام, وغيرها.
أما من حيث المعنى المشترك لتلك الاسماء وفي اللغتين الكردية والعربية فهو العالي, وقد أستمدينا منه نحن الكرد اسم “آل” أي العال, وصار في العربية العلم يقال سقط من عل, وفي نفس السياق تم الاقتباس من اسم “أيل” في الكردية اسم “إيل” أي القبيلة لما لها رفعة, وسمو, وتقدير.
لذلك بالنظر إلى أسماء الآلهة كما أشرنا سابقاً, “أيل, وألا لو” وغيرهما, نجد جذر تاريخي لاسم إله والله مثلما هو موجود في الدين الإسلامي وفي اللغة العربية, بغض النظر عما يفعله الزمن في تغيير بعض الحروف من الاسم بتقديم, أو تأخير, أو إدخال حرف قريب من الحرف القديم, وذلك في مورفولوجيا اللغات. بناءً على ذلك نقول: أن الإله “أيل” ليس بعربي أو سامي فقط مثلما تم إشاعته بل أنه سومري آري وكردي أيضاً منذ أكثر من 6000عام, وذلك بسبب تلاقح الثقافات فيما بينها.
أسطورة أخرى (أنشودة ألي كومي) عن صراع الآلهة, وهي تؤكد لنا ما قصدناه عن أصلها اللغوي الكردي, وهي عبارة عن محاولة جديدة للإله “كوماربي” لإلحاق الهزيمة بإله الطقس “تيشوب”, عندما يخلق مخلوقاً من الصخر اسمه “أولي كومي” أي مدمر كومي, متآمراً مع إله البحر الذي يربي أولي كومي في رعايته, وعندما يخرج أولي كومي من البحر يبصره إله الشمس فيخاف منه ويصاب بشلل في الحركة, فيعجز عن التجاوب مع الإله تيشوب الذي رحب به في قصره وغضب منه وانتقل مع أخيه “تاشميشو” إلى جبل “خازي” بسبب خوفه الشديد من أولي كومي المرعب, فتقوم “شاووشكا” بمحاولة إغرائه بأنوثتها كما فعلت سابقاً مع خيدامو, ولكنها لم تفلح لأنه تصرف كالأصم والأعمى, ولكن بعد صراع ميؤوس بتدخل تيشوب ورفاقه, يأتي إله “إيا” ويرجو من الآلهة الموغلة في القدم بمنحه المنجل الذي يقطع أولي كومي عن منبته في كتف أوبلوري الذي هو مصدر قوته, ثم يتم القضاء على ذلك المخلوق الضخم أولي كومي .
تذكرنا أحداث أنشودة أولي كومي الأسطورية تلك بأكتاف “زهاك” والبطل “كاوا هسنكار” ولعل الباحث الألماني “جرنوت فيلهلم” في سياق كتابته عن الأساطير الهورية, يقصد ذلك عندما يقول توصلنا هذه الحكاية أي أولي كومي إلى تقاليد هورية قديمة, و نقلها الهوريون إلى المنطقة من مواطنهم الأولى في المناطق الجبلية الكردية, ويقول: أما حدث أولي كومي فهو في شمال سورية
الآلهة شاوشكا (شمسكا) أي الشمس:
بعد أن تحدثنا عن الإلهة “إيا” “وآينانا”, نتحدث الأن عن “شاوسكا” وهي أهم آلهة حورية تماثل الآلهة “عشتار” التي ترمز إلى النجم أي استار, واستير الكردية, وظيفتها التكاثر والحرب, وبقيت معروفة باسمها الحوري في نينوى حتى نهاية القرن الثامن ق.م, وقد أعتقد الملوك بأنها ذات قدرة على الشفاء, لذلك أرسل تمثالها مرتين إلى مصر لتحقيق العافية للفرعون, وعبدت في مملكة ميتاني كآلهة كبرى, وصفها الملك الميتاني “توشراتا” بأنها سيدة بلادي وسيدة السماء, وقد انتشرت عبادتها إلى المناطق الحورية الشرقية كما في مدن شرقي دجلة مثل: تيلا وخيلماني كذلك في نوزي وفي المناطق الغربية أيضاً مثل: “آلا لاخ” كذلك في مدينة لوازنتيا من بلاد كيزوفتنا, وقد اختلطت صورة “شاوشكا” في مناطق المركز مع صورة الآلهة “إشخارا” المطابقة في أوغاريت مع “عشتار” الحورية ولكن بصورة عشتروت, وكانت للآلهة شاوشكا خادمتين موسيقيتين هما “نيناتا وكليتا” مثل الثورين الملازمين للإله تيشوب بالإضافة إلى مساعدات هم “شينتل, وذات العيون السبع, وشينتل إرتي ذات الأثداء السبعة, وشينان تتوكرني المضاعفة في الحب” .
خيدامو (منها تسمية خودا) هو ابن كوماربي من الفتاة “شيرتاب شورخي” العملاقة ابنة إله البحر الثعبان الضخم, يربى خيدامو في مخبأ مخفي فيصبح ذو شهية مفرطة في الدمار, ولكن شاوشكا “عشتار” تكتشف ذلك فتستعين بأخيها إله الطقس تيشوب الذي يذرف الدموع بكاءً لهذا الخبر المفزع, يقوم الإله الحكيم “إيا” بالشكوة إلى مجمع الآلهة من تصرف الإله كوماربي الذي أنجب خيدامو من تلك الفتاة العملاقة, وتسبب بمجيء خيدامو المدمر لكي يعيد سيادته السماوية المفقودة بعد إبادة البشرية , في النهاية تنجح الآلهة السماوية من السيطرة على خيدامو بعد أن تمكنت شاووشكا من إغرائه بجسدها العاري.
“أهور امزدا” إله الحكمة والمعرفة والبشرى الأوحد:
أن أرض كردستان أنجبت ديناً أخراً ألا وهو “الزرادشتية” التي آمنت بإله واحد الذي هو إله الخير “اهور امزدا” الذي سبق حتى الزردشتية ذاتها في القرن السابع قبل الميلاد, هذه الديانة التي أصبحت ديناً رسمياً للإمبراطورية الميدية وما بعدها من دول حتى مجيء الإسلام, وانتشرت في أصقاع العالم الى جانب اليزيدية .
اسم “خور” أي الشمس, في اللغة الكردية البهلوية القديمة الذي كان يستعمل بدلاً من “خودا آهورا مزدا” أو الله, وكان اختيار أجدادنا للشمس كرمز يشير إلى الله لأن الشمس هي من أعظم مخلوقاته، وفيها تتجلى قدرته وحكمته وحسن علمه كسبب الحياة على سطح الأرض.
تبلورت عقيدة “آهور امزدا” بشكل كبير في الديانة اليزيدية منذ الأزل, وتوضحت للباحثين بأن رمز (أهور امزدا) يوحي إلى قصة الخليقة, وحواء وآدم والملك عزازيل وخلق الكون وخاصة الكرة الأرضية التي كانت مغطاة بالماء, ولكن الله سبحانه وتعالى أرسل الطير طاووس للملك عزازيل وعندما حط الطاووس بقدمه على الأرض فتبدد الماء من تحت أقدامه فظهرت اليابسة, وبطلب من الملك عزازيل خلق الله الشمس التي بأشعتها خلق الله الأحياء, لذلك أن الرمز “أهور امزدا” عند اخواننا الأيزيديين يتضمن أجنحة الطاووس, وقرص الأرض, والشمس, ويسمونه “طاووسي ملك” كما أن اخواننا السريان واليزيدين يشتركون معاً في تلك الرموز “عيد الخليقة” ويلونون البيض للإشارة إلى ذلك اليوم الذي خلق الله فيه الأرض بمختلف مخلوقاته، كما أن رمز
“أهور امزدا” مازال رمزاً قومياً عند اخواننا السريان وأنهم كاليزيدين يصومون ثلاثة أيام.
تحول اسم “اهور امزدا” في فترة بدايات الألف الثانية قبل الميلاد لدى الشعوب في موزوبوتاميا إلى آهور, وأشور وصار اسم الإله أشوريو حالياً اسور, وسريان, وسوريو, وعند الكرد خورد, وخورداد, وخودا, وخوا.
كان “اهور امزدا” , موزوبوتاميا” لدى الكرد الجوديين, والهوريين السومريين اللذين استمدا اسميهما منه, وكذلك الميديين وغيرهم, كما أن الإله “اهور امزدا” أصبح آريا. في منتصف الألف الثانية قبل الميلاد أنتشر مع الأوربيين، ونحن نجد عندهم الآن ميداليات وساعات باسم “اهور امزدا” وكذلك مع الهنود في الهند, ومازال الرمز عندهم مقدس واسمه سوري, يجب أن لا ننسى هنا بأنه في منطقة موزوبوتاميا وما يجاورها كان ثمة إله استمدت عقيدة “أهور امزدا” نفسها منه وهي العقيدة المهترائية أي ماهتر, ومهترا, وميترا, الذي هو في اللغة الكردية بمعنى راعي الشمس, وقد دخلت عقيدته إلى حد بعيد في الديانة المسيحية لذلك تمثاله الآن في الفاتيكان ومعبده تحت كنيسة فاتيكان في روما.
“اهور امزدا” أصبح إلهاً رسمياً كما قلنا لدى المجموعة الآرية مع ظهور الديانة الزردشتية والنبي زردشت في معظم الشرق الأوسط والأقصى مع إضافة صورة رجل إلى رمزه يقال أنه يرمز إلى مفكر ديني.
مع تقدم الزمن ولسهولة اللفظ على اللسان في اللغة الكردية الحالية صار اسم “اهور امزدا” بصيغة اهور داد, ثم خرداد, وخودا, آسورا, آهورا, ديو, أي الغول في الكردية تقابلها ديوانه الكردية وصارت دين, وديوانة المجنون, أما كلمة الديانة تطورت من داينه القديمة وتدخل في تسمية منطقة بهدينان به – دينان, أي أفضل الأديان في العربية مهاباد, مها تعني العظيم ومثلها مهاتما في الهندية , مزكفت Mizgeft أي المعبد للإله الحكيم (مزد مازدا_ آهور مازدا) في البهلوية مزكيت Mizgêt أصبحت في العربية مسجد أشتق منها سجد وسجادة.
“أهورا مزدا” إله الحكمة والمعرفة والبشرى الأوحد:
كان الفراعنة المصريون كثيراً ما يطلقون كغيرهم اسم سوبار على الهوريين, ففي تل العمارنة ظهر ذلك وهو اسم سومري كردي ويتألف من سو- بير, ونحن نعلم مدى تأثر شعوب بابل وسومر بلغة شعوب زاغروس الكرد كالكاشيين, والكوتيين طوال ثمان قرون عندما كانت بإدارتهم, لا غرابة لو قلنا إن اسم سومر بذاته مشتق من سوبر لأننا نحن معشر الكرد كثيراً ما نقلب حرف الميم إلى الباء مثل محمد و بحمد ومهفان Mihvan وBihvan بهفان.
وعن الاسم يقول الباحث “جرنوت فيلهلم” إن تسمية سوبارتو في السومرية هي سوبر, هذا يؤكد ما قلناه آنفاً بأن اسم سومر هو سوبر الكردي, وثمة عشيرة كردية حالياً تحمل اسم زيبار المشتق من سوبار.
أن اسم هوري الشمس = حوري = خوري = سوري, اسم خور مازال يطلق للشمس عند إخواننا الكرد الصورانيين, وأن اسم خوري لدى إخواننا المسيحيين هو مرتبة دينية لرجل دين, علماً توجد مرتبة أخرى تحمل المعنى العربي له وهو الشماس, آهر= آور = آجر = أثر = آذر = آكرAgir أي النار, آهورا إله النور والحكمة أصبح وارونا وآسورا أصبح آسور الهندية, وسورياش الكاشي وسوريا الكردية صارت ثريا العربية, مازدا صارت مزدا = مزد بمعنى الحكيم هورمزد = هرمز, سورياش أي إله الشمس أي سورياش الكاشي وسوارداتا الميتاني = هوارداتا = خوردات الكردية القديمة = خدادات الحديثة أي عطاء الله أصبحت خود ثم في الصورانية خوا.
وفي الختام نستنتج أن لأرض كوردستان قدسية مباركة كما هي في الكتب السماوية.
يذكر التوراة بأن النبي يونس كان يعيش في شمال نينوى أي في مناطق دهوك وزاخو وكذلك إن النبي عزرا اليهودي كان في رعاية أحد الملوك الميديين في الدولة الأخمينية أما الوثائق اليهودية فتقول بأن الملك الميدي حرر اليهود من السبي فكانت مكافأته الزواج من اليهودية ستيراStêra ذات الفستان الأزرق في ليلة زفافها, وتخليداً لها جعل اليهود علمهم الإسرائيلي يحمل اللون الأزرق وهي التي حررت يهود السبي فسمح لهم الملك الميدي بالعودة إلى ديارهم في أورشليم القدس بعد أن حررهم من الآشوريين.
بالإضافة الى ذلك, فإنجيل متى الإصحاح الثاني يقول: بأن المجوس بشروا بميلاد السيد اليسوع, والقصة في ذلك عندما طلب النبي دانيال (يقال بأن هذا زردشت ذاته) من قبيلة المجوس الميديين في نهاية دعوته بأن يسيروا مع نجم يمر من الشرق ويتجه نحو الغرب, حيث يهبط يكون ولادة طفل هو السيد المسيح, فكان ذلك في بيت لحم فبذلك يكون الأكراد أول من بشروا بالسيد المسيح و الديانة المسيحية, فالفضل في ذلك يعود الى الكرد المجوس, وبهذه المناسبة نقول أن كلمة مجوس ليست سيئة كما تم تداولها مع الأسف من قبل الأخوة المسلمين الذين ألبسوها ثوباً أسوداً و سموها الزندقة إذ أن المجوس هم قبيلة كردية عريقة اسمها الموج وأحياناً موخ (أي الدماغ أو العقل) لذكائهم كانوا مرتبطين بشدة بالديانات سواء أكانت الميترائية أو الزرادشتية أو المسيحية أي بمعرفة الله, واليونانيون كالعادة يضيفون الواو والسين على الاسم فتحول الموج الى الموجوس, وهكذا المجوس وسموها العرب المسلمون بالزناديق أي الزندقة, و كلمة الزندقة من زندا أبستاق أي زند أفستا, علماً أن هذا الكتاب هو للحكمة في معرفة الطريق للوصول إلى عبادة الله الواحد الأحد, و هكذا تم تحوير الاسمين وتشويههما.
أما ما يرد في القرآن الكريم بما هو صلة بأرض كردستان فأنه مفخرة لنا الكرد, بدأً من ظهور النبي نوح (ع) في شمال كردستان وبالأخص على جبل جودي ومروراً بدين النبي إبراهيم الخليل (ع) وقصته مع الملك السومري نمرود, فهو في أرض كردستان وبالذات في سهل حران, إذ ثمة معبد الآن في كري نافوكي التابع لمدينة رها فيه يقول عالم الآثار الألماني “كلاوس شميدت” أنه أقدم معبد مكتشف حتى الآن, وربما يكون ذلك التل هو الجنة التي ذكرها الإنجيل والبستان الذي كان فيه آدم و حوا ويسمى “باغي آيرم “Baxê Eyremê الوارد في القرآن الكريم: “إرم ذات العماد لم يخلق مثلها في البلاد“
وخاصة عندما يذكر الإنجيل مكان فردوس أدن أي عدن تلك الجنة الواقعة بين أنهار دجلة و الفرات وسيحون وجيحون, والآن ثمة بحيرة باسم بحيرة زليخة مملوءة بالسمك لا يتعرض الأهالي لها لقدسيتها, وأنهم يعتقدون بأن ماء البحيرة هو الماء البارد لإطفاء نار نمرود, والأسماك هي حطبها, تلك الماء التي أصبحت برداً وسلاماً على إبراهيم ويؤكد على ذلك القرآن الكريم, ومن الجدير بالذكر هو وجود بلدة في جنوب كردستان تحمل أسم إبراهيم الخليل وهي البوابة الرئيسية بين الجنوب و الشمال من كردستان.
المراجع :
1- آريا القديمة وكردستان الأبدية أ. صلوات كليا موف.
2- زردشت الحكيم والفيلسوف د. وهبية شوكت.
3- خلاصة تاريخ كرد وكرديتان ج1 العلامة محمد أمين زكي.
4- أسلاف الكرد د. أحمد محمود خليل.
5- الحوريون, تاريخهم, وحضارتهم “الباحث جرنوت فيلهلم”.
6- ظهور الكرد في التاريخ أ. جمال رشيد.