مظفر مزوري
الكُرد جزء من أُمة عظيمة وهي الأمة الكُردية المجزأة والمظلومة تاريخيا وسياسياً، شعبٌ توّاقٌ للحياة والحرية على أساس الحقوق الثابتة حسب الديانات السماوية والمواثيق والمعاهدات الدولية، شعبٌ عاشِقٌ للجبال لأنها كانت الملاذ الآمن لها من سلاح العنصرية والاضطهاد الفكري الضيق والممارسات المختلفة القاسية من الانظمة التي تعاقبت على المناطق التي يقطنها الكُرد.
مِن حق الكُرد إنشاء دولة مستقلة لأنه شعب بلا دولة وأكبر قومية في العالم بدون دولة، الحركات التحررية الكُردية في مختلف الازمان قاتلت وقدمت مئات الآلاف من الضحايا في سبيل إثبات الهوية للشعب الكُردي والدفاع عن وجودهم ضد حملات الإبادة التي تعرض لها الكُرد، هذا الدفاع عن النفس والقتال في سبيل الحرية دفع العديد من العقليات العنصرية إلى توجيه التهم الباطلة للكُرد ووصفوا الكُرد بأنهم دعاة الانفصال وأن الكُرد عملاء.
رغم حق الكُرد في إقامة دولة مستقلة وحسب القوانين الدولية والاتفاقيات الدولية مثل معاهدة سيفر (1920) إلا أن الكُرد بعد سقوط النظام العراقي السابق اختاروا الاتحاد مع بقية العراقيين العرب والقوميات الأخرى في العراق لبناء عراق ديمقراطي تعددي إلا أن الشركاء في الوطن استكثروا على الكُرد هذا الحق أيضاً الذي يشكل الحد الأدنى من حقوق الشعب الكُردي.
أنظمة الحكم المتعاقبة في العراق استخدمت سياسة الحديد والنار ضد القضية الكُردية وخاصة في عهد الرئيس العراقي صدام حسين آنذاك
أثبت الكُرد من طرفهم مراراً و تكراراً كل بوادر النية الحسنة والتسامح ومد جسور السلام مع الاشقاء في الوطن بكل قومياته ومذاهبه ولا يخفى على أحد أن ليس هناك أي عداء بين الكُرد والعرب وإنما عانى الكُرد الأمرّين بسبب الأنظمة الدكتاتورية في العراق فقد كانت أنظمتهم السياسية ضيقة الأفق ومتشبعين بالأفكار العنصرية المريضة وخاصة في فترتي حكم حزب البعث الأولى سنة (1963) وفي فترة حكم حزب البعث الثانية منذ سنة (1968) وحتى زوال هذا الحكم من الوجود في (9) نيسان سنة (2003)، منذُ ذلك الوقت تعرّض الشعب الكُردي لأقسى حالات الاضطهاد وصنوف الجرائم وإهدار الحقوق المشروعة للشعب الكردي وقمع حركاته التحررية الوطنية.
بعد الانقلاب على نظام الحكم الملكي في العراق سنة (1958) تم تقييد الحريات العامة وانعدمت الديمقراطية والتعددية وظهرت سياسة التمييز في العراق وذلك بحسب القومية والمذهب وكانت نتيجة هذه السياسة الخاطئة هو جلب الكوارث على كافة القوميات في العراق من ضمنهم القومية الكردية.
أنظمة الحكم المتعاقبة في العراق استخدمت سياسة الحديد والنار ضد القضية الكُردية وخاصة في عهد الرئيس العراقي صدام حسين آنذاك، عدم تفّهم حقوق الشعب الكُردي المشروعة كان السبب الأبرز في المآسي التي لحقت بالعراق، إذ لا يمكن شرعاً وقانوناً تفضيل قومية على قومية أخرى كون العراق يتألف من عدة قوميات فالبشرُ متساوون في الحقوق والواجبات والقيمة الإنسانية داخل البلد.
حاول النظام العراقي اغتيال قائد الحركة التحررية الكُردية ملا مصطفى بارزاني وحاولت اغتيال نجله الزعيم إدريس بارزاني أيضاً ومن ثم حاولت اغتيال الزعيم مسعود بارزاني في النمسا سنة (1979)، عملت أيضا على التصفية الجسدية للعديد من القادة والسياسيين الكُرد، وقامت بعمليات الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي في عمليات الأنفال التي راح ضحيتها ( 190.000) كُردي بريء تم دفنهم تحت التراب وهم أحياء، قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً راح ضحيتها (5000) كُردي بريء معظمهم نساء وأطفال وشيوخ، لم يكتف النظام العراقي بهذا وإنما قام بحرق وتدمير الآلاف من القرى الكُردية وترحيل أهلها إلى مدن وسط وجنوب العراق وقامت أيضا بجلب مواطنين عرب وأسكنتهم في مناطق كُردية وتم تعريب تلك المناطق بما فيها مدينة كركوك والكثير من الجرائم الأخرى التي ارتُكِبت ضد الشعب الكُردي. [1]