عبدالله جعفر كوفلي
الكورد والقرار الحاسم
يعد الكورد احد المكونات الاساسية للمجتمع العراقي منذ عام 1921 وهم يحملون هموم قضيتهم المشروعة بعد ما ألحقوا عنوةً بهذه الدولة، اضطروا للقيام بالعديد من الانتفاضات والثورات بعد فشل كل محاولاتهم نيل حقوقهم بالحوار والتفاوض مع الحكومات المتعاقبة، لذا باتت قضية الكورد العقدة المعقدة وعلى درجة قدرة الحكومات العراقية في القضاء عليها او تهميشها او تقديم معالجات وقتية معينة لها كانت تقاس قوة الحكومة في بسط نفوذها وان اختلفت اساليبها بين استخدام القوة او فتح الحوار لإعادة التنظيم والهيكلة.
فثورات بارزان وثورة الشيخ محمود الحفيد وأيلول الكبرى وكولان المتقدمة كانت ردود افعال لما كان يعانيه الشعب الكوردستاني من المآسي والويلات والدمار والتشريد والموت تحت سياطهم في السجون .
كل محاولات طمس الشعب باءت بالفشل لأن ارادة الشعوب لا يمكن ان سلبها بالقوة وشراء الذمم والوعود وإن كان لها تأثير في مراحل معينة.
حاول الشعب الكوردستاني مرات ومرات التعبير عن ارادته وتقرير مصيره اسوةً بشعوب العالم إلا انه كان يواجه بالحديد والنار من جانب من يعدون هذا الحق مؤامرة للنيل من العراق وسيادته وخطوة للتقسيم ويجمع الاضداد عليها .
اثار الاستفتاء الكوردستاني حفيظة الاصدقاء قبل الاعداء وحيكت خطوط مؤامرة كبيرة عليه انتهت بدخول القوات العراقية الى كركوك ومناطق كوردستانية خارج الاقليم دخلت بها حكومة الاقليم في نفق مظلم يكاد رؤية الخروج منه صعباً بين تأمين معيشة ورواتب الموظفين وفقدان الابار النفطية والموارد الطبيعية .
ان الاستفتاء وما تلته من احداث مريرة كان رد فعل من ممارسات الحكومة الاتحادية تجاه الشعب الكوردستاني بين قطع الموازنة والرواتب واصدار القوانين المجحفة بحقهم بأغلبية سياسية وعدم تقديم الاسلحة لقوات البيشمركة خلال حربها مع داعش الارهابي وانتهاكها للعديد من المواد الدستورية وغيرها الكثير .
هذه الاحداث والمعاملة القاسية من العقاب الجماعي للشعب الكوردستاني واصرار الحكومة على غلق باب الحوار يجعل من وجود الكورد في بغداد هامشياً خاصة في ظل تجزئتهم واختلاف مواقفهم تجاه القضايا المصيرية يستفاد منه الاخرين لضعفهم بعدما كانوا نقطة التوازن ومفتاح الحلول.
ان العراق على ابواب اجراء الانتخابات البرلمانية وان طال امدها واختلف في ابعادها وتدل المواقف والاحداث على ان هذه الانتخابات سيكون بداية لتغيير المشهد السياسي وتبقى القضية الكوردية ساخنة على الساحة ولكن السؤال الذي يحتاج الى اجابة وافية وهي هل ان القيادة السياسية الكوردية ستشارك في هذه الانتخابات وان غيرت في تحالفاتها السابقة وترجع الى مابعد عام 2003 وتحلم بالعراق الفدرالي الاتحادي المبني على الشراكة والتوافق الديمقراطي وتقبل بكل ما قامت به الحكومة الاتحادية من ممارسات تعسفية ضدها، أم انها ستقرر عدم المشاركة وتأخذ موقف المتفرج وهذا يجرنا الى سؤال اخر هل ان القيادة السياسية الكوردستانية موحدة او ستتوحد وتقرر المشاركة من عدمها ام انها تبقى بهذا النسيج الممزق وتختلف في رؤياها وابعادها وهل ان المجتمع الدولي وخاصة امريكا سترضى بعدم المشاركة ام انها تدفع بالكورد الى المشاركة من اجل عراق موحد؟ الكوردستانيون امام مفترق الطرق وعليه ان يكونوا جريئين بقرارهم وحكماء بتصرفاتهم في وقت يتمسك العراق بمواقفه المتعنتة بعدما اصابه الغرور .
نرى بأن الكورد على حافة الهاوية بين عدم المشاركة وتحمل تبعات قرارهم من الضغوط الدولية والداخلية او المشاركة ولكن بتخطيط وإدارة جديدة... ومن المستجدات والمواقف نستطيع ان نقول بأن الاحزاب والكتل السياسية الكوردستانية ستشارك في الانتخابات القادمة استجابة للضغوط الدولية وتغيير مواقفها ولكنها غير موحدة وممزقة ومنسية بين التحالفات العراقية.
وان الايام والأشهر القادمة ستكون الحاسمة بالقرارات الصارمة الفاصلة.[1]