العَلَمْ والنشيد الكُردستاني انتماء وولاء لشعبٍ نسجهما من عرق نضاله ودماء شهدائه
إدريس شيخة
أصبح نشيد (أي رقيب – أيها الرقيب) منذ عشرات السنين النشيد الكُردي في أجزاء كُردستان الأربعة، لكن موسيقاه لم تكن قد أعدّت حتى الآن بالصورة التي تستطيع الفرق السيمفونية الوطنية والعسكرية في الدول عزفها كما ينبغي، لهذا عمد (د. دلشاد سعيد) إلى كتابة نوتة النشيد بصورةٍ تحلّ هذا الإشكال.
أقِرّ نشيد “أي رقيب” رسمياً للمرة الأولى كنشيدٍ وطني لجمهورية كُردستان في مهاباد، حيث تمّ عزف النشيد في يوم إعلان الجمهورية (22 كانون الثاني 1946) في ساحة (جارجرا)( çar çira) بمدينة مهاباد متزامناً مع رفع العلم الكُردي الذي وضعت منظمة “كومل” تصميماً للعلم له بعونٍ من حلفائها وأنصارها في العراق في شهر نيسان عام 1944م ليكون علم البلاد في جمهورية “مهاباد” وهو يتألّف من ثلاثة أقسام: الأحمر في الأعلى وفي الوسط الأبيض وكان القسم الأسفل أخضر اللون، يتربّع قرص الشمس على المساحة البيضاء إذ أنّ الشمس رمز من رموز الكُرد وإلى طرفي رسم الشمس سنبلتان من سنابل القمح وفي الخلف جبل وقلم.
تمّ إسناد مهمة نسجه لأول مرةٍ للسيدة “فاطمة أسعد شاهين “،التي تنحدر من أحد العوائل في منطقة شمزينان في (كُردستان باكور)المحتلة من قبل تركيا، وانتقلت مع عائلتها إلى قضاء زاخو في ( كُردستان باشور) العراق واقترنت مع السيد ( نعمان عيسى شيرو اني) أحد المقاتلين الكُرد القدامى، واستمرّت بحياتها الزوجية مع السيد نعمان، وشاركت في كافة الحركات التي ساهمت في تحرر الشعب الكُردي في جنوب وشرق كُردستان، وفي يوم 17 من كانون الأول (ديسمبر)، زيّنت كلّ الشوارع المؤدّية الى ساحة جارجرا “المصابيح الأربعة” بالزينة والأعلام ، وارتفع هذا العلم بشكلٍ رسمي في تلك الساحة. واستناداً على هذه المناسبة، اجتمع برلمان إقليم كُردستان، وقام بالتصويت على قانون رفع علم كُردستان في 11 تشرين الثاني سنة 1999م، وقرّر أن يكون 17 من كانون الأول يوماً لرفع علم كُردستان، وهو العلم الحالي الذي تغيّرت فيه أشياء مثل إلغاء القلم والسنبلتين من وسطه حيث بقي قرص الشمس كاملاً بعد إضافة 21 شعاعاً وهو يرمز إلى الحادي والعشرين من آذار يوم انطلاقة الثورة الكُردية للتخلص من الطغاة وسُمي باليوم الجديد للكُرد (nû roj)، والذي تحوّل إلى عيدٍ قومي للكُرد newroz.
ولا يزال الكُرد حتى اليوم وفي كلّ مكانٍ ينشدون “أي رقيب”الى جانب العلم الكُردستاني في مناسباتهم القومية والوطنية، كما أقرّت حكومة إقليم كٌردستان بهذا النشيد نشيداً وطنياً، وكذلك فعلت كانتونات روج آفايي كُردستان. فرغم اختلاف وجهات نظر الأحزاب الكُردستانية مع حزب العمال حول علم كُردستان، إلا أنّ الجميع متفقون بشأن “أي رقيب”.
وأعلن الفنان الكُردي المعروف، (د. دلشاد سعيد) أنّ هذه المقطوعة الموسيقية تمّ تسجيلها كمارش عسكري ومعزوفة أوركيسترا بأفضل نوعية، وتمّ نشرها وكانت هناك وعود من جهات رسمية بتبنّيها بهذه النوعية.
وأعرب الفنان الكُردستاني المعروف عن استعداده للإشراف على جوقة عسكرية مهنية، في حال تشكيلها، وتنظيمها لتعزف النشيد بأفضل صورة عند استقبال الوفود الرسمية الأجنبية الزائرة لإقليم كُردستان.
وعن التسجيل الصوتي للمعزوفة، قال سعيد إنه كان مقرّراً تسجيل النشيد بأسلوب كورال في شهر شباط، لكنه يتوقّع أن تحول إجراءات الحدّ من تفشّي كورونا دون تحقيق ذلك، لكنه قال :أخطّط لتسجيل النشيد مستقبلاً بأسلوب كورال وبأصوات كبار المغنين الكُردستانيين”.
الحكومة الفرنسية طلبت نوتة “أي رقيب” من الفنان دلشاد سعيد وشكر دلشاد سعيد فرنسا على مساعدتها في إتمام مشروعه، وقال إنّ الحكومة الفرنسية طلبت منه تزويدها بنوتة النشيد الوطني الكُردستاني لعزفه في يوم 7 أيلول 2016 في مراسم استقبال الرئيس مسعود بارزاني، رئيس إقليم كُردستان حينها، رسمياً في قصر الإليزيه.
وقال سعيد أيضاً: “من المؤسف أنّ العائق الوحيد في سبيل إجراء تلك المراسم كان عدم توفر نوتة النشيد الوطني الكُردستاني، وكانت مبادرتهم تلك (مبادرة الفرنسيين) الدافع الحقيقي لي كي أعيد كتابة نوتة “أي رقيب” للأوركيسترا وبصورةٍ تستجيب لمتطلبات الجوقات الموسيقية العسكرية والأوركيسترا السيمفونية”.
تكمن أهمية هذا المشروع في أنّ أي دولةٍ أجنبية لن تواجه بعد اليوم المشكلة التي واجهتها فرنسا عند زيارة رئيس إقليم كُردستان لها.
قد يكون من الضروري تنظيم وإعداد هذه الأوركسترا للنشيد الكُردي؛ لذا تمّ اختيار الآلات وفقاً لمعايير (ويند أوركيسترا) . لكن وفقاً لوفرة أو نقص الآلات يُضاف أو يُحذف جزء منها، بما يحافظ على أصالة الموسيقى واللحن.. كما أبقي على طبل (تيمباني) كآلة مختارة، لكن في حال عدم توفره، يمكن إغفاله وفي حال عدم توفر آلة (يوفونيوم) يمكن استخدام آلة شبيهة مثل (ساكسفون) أو (باسون) أو (ترمبون) إضافي. كما أنّ هناك حاجة إلى طبلي (سنير) إن لم يكن أكثر.
الجدير بالذكر أنّ نشيد (أي رقيب) النشيد الوطني الكُردستاني يُعزف على سلم (مي بيمول مأجور) وهي مارش عسكرية.
إنّ نشيد( ئي رقيب) هو نتاج عمل فني مستوحى من واقع الكُردي الذي لم يهنأ يوماً بوطنه ، وهي إفرازات معاناة السجناء من داخل سجون غاصبي كُردستان ، وجاء شرحاً لرفض جميع أدوات القمع وتحريضاً على الثورة ضد الجلّادين ؛لهذا كان الأنسب لأن يكون هو النشيد الوطني الكُردي، ولعلّ الشاعر دلدار هو أحد هؤلاء المناضلين ، فقد ولدالشاعر الكُردي يونس ملا رؤوف الملقّب ب دلدار( في 20 من شهر شباط عام 1918 في مدينة كويه KOYE ، ويقال لها( كوي سنجق) نسبةً إلى سهل (كويسنجق) التابع إدارياً لمحافظة أربيل عاصمة إقليم كُردستان).
وهو كاتب قصيدة أي رقيب (ئەی رەقیب -EY REQÎB ) النشيد القومي للكُورد. بعد انضمامه إلى حزب HÎWA (الأمل) وهي أول منظمة كُردية معترف بها قانونياً، تسعى إلى توحيد كُردستان في عام 1938 سافر الى كُردستان إيران, فاعتقله الأمن الإيراني, وفي معتقله نظّم هذه القصيدة مخاطباً ومتحدّياً حارس السجن, كان يعني من الرقيب الحكومات المحتلة والمتقاسمة لأجزاء كُردستان التي ماتزال تعامل الكُرد بالحديد والنار على أسس العنصرية والإنكار والرفض والتمييز العنصري.
درس دلدار مرحلتي الابتدائية و الإعدادية في مدارس مدينتي كويه و رانيا, ثم انتقل إلى كركوك لدراسة المرحلة الثانوية. درس الجامعة في بغداد العاصمة العراقية، وتخرّج منها، من كلية الحقوق عام 1945, ثم مارس مهنته كمحامٍ مدافعاً عن قضايا المظلومين، لاسيما الكُرد. 1948)، انصرف دلدار بشغف إلى التثقيف الذاتي وهو لا يزال في المرحلة الإعدادية، فقد عكف على قراءة الفلكلور الكُردي، وتاريخ وأدب الشعوب الأوروبية والشرقية، فتشكّلت لديه أفكار ثورية انسجمت إلى حد بعيد مع المناهج التي اعتمدتها الثورات والانتفاضات الكُردستانية والتي امتاز بها الشاعر فتأصّلت لديه المشاعر الوطنية، ومما لا شكّ فيه أنّ أخاه الأكبر عصاف ملا رؤوف لعب دوراً في تنمية الشعور القومي لديه.
لم يتخصّص دلدار بالأدب فحسب وإنما في مجال العلوم الأخرى التي سخرها من أجل تقدم وازدهار وطنه؛ ولهذا كان له باع في مسائل الفلسفة والاقتصاد والوطنيات، وهناك عدد من نتاجاته الأدبية والعلمية والوطنية التي تركها للأجيال التي أتت فيما بعد.
أسلوبه في الشعر كان كُردياً كلاسيكياً يتصف بايقاعٍ كمي وقافية موحدة, وتوجد أناشيد ثورية كثيرة بين قصائده، وهي بمثابة أسلحة حربية تضاف إلى مخزون الحركة التحررية الكُردية، وهذا النوع من الأناشيد الثورية التي نظّمها دلدار تطور لاحقاً على يد عظماء الشعراء الكُرد, ونشرت قصائده في مجلات أدبية مرموقة في أربيل وبغداد، ولكن مثل شهاب خاطف جميل أغمض دلدار عينيه للأبد في الثاني عشر من تشرين الثاني(1948) بعد رحلةٍ قصيرة استغرقت بالكاد ثلاثين عاماً ليوارى الثرى في المقبرة الكبيرة بأربيل عاصمة إقليم كُردستان. بعد أن أصبحت القصيدة التي لحّنها المهندس (نوري صديق شاويس) لأول مرة، ثم يعقبه (حسين برزنجي) نشيداً وطنياً كُردستانياً والشاعر لا يزال على قيد الحياة.
وإليكم كلمات النشيد باللغة الكُردية:
Ey raqîp her maye qewmê Kurd ziman
Nashikê û danayê bi topên zeman
Kes nebê Kurdin mirin Kurd jîn dibin
,Jîn dibe qet nakeve ala Kurdan
……………………………………………………
Em xortên rengê sor û shoresh in
Seyr bike xwîna rîyan me da rijan
Kes nebê Kurdin mirin Kurd jîn dibin
,Jîn dibe qet nakeve ala Kurdan
…………………………………………………..
Em xortên Midya û Keyhusrew in
Dîn îman û ayîn man, her nishtîman
Dîn îman û ayîn man Kurd û Kurdistan
Kes nebê Kurdin mirin Kurd jîn dibin
,Jîn dibe qet nakeve ala Kurdan
………………………………………………………
Lawê Kurd rabûye ser pê wek shêran
Ta bi xwîn nexshîn bike tacê jîhan
Kes nebê Kurdin mirin Kurd jîn dibin,
Jîn dibe qet nakeve ala Kurdan
……………………………………………………….
Xortê Kurd tev hazir û amade ne
Can fîda ne can fîda, her can fîda
Can fîda ne can fîda, her can fîda
[1]