=KTML_Bold=ألكرد الزازا في تركيا: أقلية شرق أوسطية في مجتمع العولمة=KTML_End=
=KTML_Underline=نعمت شريف=KTML_End=
ألكرد الزازا في تركيا:
أقلية شرق أوسطية في مجتمع العولمة
المؤلف: الدكتور محمد س. كايا
راجعه: نعمت شريف
الصنف: الأنثروبولوجيا ، 224 صفحة
قرأت في الأشهر القليلة الماضية كتابين عن مجموعتين من الأقليات الاثنية لا تختلفان كثيرا عن بعضهما البعض في الجوانب الاجتماعية والسياسية واللغوية وربما العرقية على الرغم من البعد الجغرافي بينهما، وهما كتاب البروفسور محمد كايا عن ألكرد الزازا في تركيا، باللغة الانكليزية والثاني كتاب الدكتور سعد صالح باللغة العربية عن الشبك في العراق. أترك المقارنة لفرصة أخرى إن شاء الله، وأركز هنا على الكتاب الأول.
تتمتع تركيا بموقع استراتيجي بين آسيا وأوروبا حيث تمتد عبر حدود القارتين. ومثل العديد من دول الشرق الأوسط ، فقد جمعت عددا من الأقليات العرقية والدينية ضمن حدودها. لو كان في تركيا ديمقراطية حقيقية، وجمعنا أعداد غير الأتراك معا مقابل الأتراك، فلربما يكون الأتراك واحدا فقط من عدد كبير من الأقليات العرقية في تركيا اليوم، ولتنفس الكثيرون من الأشخاص الذين تم تتريكهم قسرا الصعداء قليلا ولاعلنوا بكل سعادة من هم حقا. ، لم يكن الكثير من الناس خارج مجتمعه يعرفون أن إبراهيم تاتليس كردي عرقيا الا بعد ان ظهر على خشبة المسرح بجانب أردوغان كصديق له مقابل شفان برور الفنان الكردي الثوري مع البارزاني كصديق له في ديار بكر في 16-11-2013. بالطبع ستتذكر الذاكرة الجمعية للناس كلا من تاتليس وبرور كما هما ، الاول قبل التتريك والآخر وقف على أرضية أخلاقية عالية يغني لشعبه للانتفاض ضد الاستبداد والتتريك.
على الرغم من عدم وجود علاقة وراثية (الجينات) قوية بين المغول والأتراك ، فإن العلاقة الوثيقة بين لغاتهم (مجموعة ألتايك) ، والثقافة والجوار التاريخي المشترك ، وعدم الشعور التركي بالأمان وثقافة الترويج للحروب الوحشية هي دليل على أصولهم في آسيا الوسطى. مثل العثمانيون موجة واحدة فقط من الهجرة إلى الأناضول والشرق الأوسط. بنفس وحشية موجات الغزوات المغولية للشرق الأوسط تقريبا. أسس العثمانيون إمبراطوريتهم بعد سقوط بغداد العباسية على ايدي المغول عام 1258 م. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية ، تأسست الجمهورية التركية على بقايا العثمانيين. وهكذا، فإن العقلية العثمانية والوحشية لا تزال قائمة اليوم في ثقافة أحفادهم الأتراك في تركيا اليوم، ومهما تبنوا الصورة واكتابة الأوروبيتين. وفي سعيه إلى “الحداثة” ، جاء ابتعاد أتاتورك الجذري عن التاريخ العثماني والهوية والدين في تخليه عن الحروف العربية ، وإلغاء الخلافة وإعلان تركيا دولة علمانية . إن انعدام الشعور التركي بالامان يعود في الاصل الى هذا الشعور الضبابي بالهوية والتاريخ لأن الاجيال التركية بعد الحرب العالمية الاولى لا تستطيع قراءة وفهم تاريخهم، ورغم تبني تركيا المظاهر والكتابة الاوروبية و “الديمقراطية الزائفة”. تركيا مجتمع متعدد الأعراق. إنها ليست ولن تكون أبدا للأتراك العرقيين وحدهم. إن البلد الذي لا يعيش في سلام مع نفسه لن يهدأ له بال ولن يكون في سلام مع جيرانه والعالم بأسره. إن الديمقراطية لعرق واحد ليست أبدا ديمقراطية حقيقية. الديمقراطية التي تفرض على الآخرين بالقوة ليست ديمقراطية. إنها تتناقض مع مبادئ الديمقراطية نفسها.
على هذه الخلفية، يوجه كتاب البروفيسور كايا ضربة مهمة للديمقراطية التركية، ويوفر فهما معقولا للتقدم الثقافي المعاق للكرد الزازا في تركيا. لا يعرف سوى القليل جدا عن الزازا حتى بين الكرد انفسهم، ناهيك عن لغتهم وثقافتهم. لا اعرف عن وجود قاموس لغوي للهجة الزازا ( ديملي) أو كتب لغوية أخرى. بدأت مقالات وكتابات ادبية وشعرية في الظهور بشكل دوري جنبا إلى جنب الكرمانجي في جنوب كردستان. لغة زازا المكتوبة هي تطور جديد بدأ في تسعينات القرن الماضي بظهر مجلة “واته” (الكلمة) في اوروبا. ولذلك فإن توفير هذا الكتاب بلغات أخرى بما في ذلك الكردية سيكون مساهمة قيمة في اللغة والثقافة والهوية القومية الكردية للزازا. الانتماء القومي واللغة والثقافة الكردية أكبر واوسع بكثير من اللهجتين الكرمانجية والسورانية المعروفة.
“يتطور تفكير الناس وثقافتهم وتقاليدهم ونظرتهم للعالم بشكل مختلف في مجتمع بدون كتابة. انطباعي عن الكرد الزازا انهم يتخيلون الواقع بطريقة مختلفة عن الناس الذين يعيشون في مجتمع يتمتع بالكتابة. لديهم وعي آخر ، تجربة أخرى للوقت ، مفاهيم أخرى يرتبطون بها ، ويعيشون في نوع من العزلة والبعد عن المجتمعات الحديثة التي تهيمن فيها القيم العقلانية بالكامل تقريبا. ” (ص 156) أن تأثير هذا الكتاب اكبر بكثير من تاثيره في مجال الأنثروبولوجيا فقط. يمتد تأثيره إلى السياسة والتاريخ والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها. يسلط الدكتور كايا الضوء على هذه الأقلية الكردية التي تتعرض لقمع شديد في تركيا، وفي الطريقة التي تمارس بها الرقابة الذاتية للحفاظ على أسلوب حياتها وهويتها الثقافية في عالم اليوم (ص 47).
وكما يوضح الدكتور كايا، هناك أكثر من 3 ملايين كردي يتحدثون بلهجة الزازا في المدن الرئيسية وحواليها كديار بكر، إلازيغ ، بينغول ، درسيم وغيرها من المدن في تركيا (ص 5). كان للزازا أدوارا رئيسية في ثورتين كرديتين ضد الدولة الكمالية. كان كل من الشيخ سعيد وسيد رضا اللذان قادا ثورتي عامي 1925 و 1937 على التوالي من الكرد الزازا. يصف الكتاب بتفصيل كبير المجتمع القبلي للزازا بنظام قرابة فعال يعتمد في المقام الأول على النسب الأبوي. علاوة على ذلك ، يوضح أن ” للزازا نظام مجتمعي قديم ولكنه راسخ لحل النزاعات. ويبدو أن ترتيبهم الخاص لحل نزاعاتهم هو امتداد للفكرة القائمة على أسس التكوين القبلي كوسيلة للحماية الذاتية ضد القوى الأجنبية”. (ص 41) ويقدم الفصل السابع وصفا مفصلا للنظام الاقتصادي ، ونمط الحياة الريفية الزراعية في مجتمع الزازا .
كدراسة إثنوغرافية ، يقدم هذا الكتاب وصفا تفصيليا لمجتمع الزازا في سولهان (صلحان)، حيث يمكن للمرء بسهولة ان يتصور الحياة اليومية للأسرة بما في ذلك الأدوار المحددة بوضوح لأفراد الأسرة وخاصة أدوار الذكور والاناث في تربية ذريتهم وفي اقتصاد الأسرة. تشبه الحياة اليومية لسكان سولهان من نواح كثيرة الحياة في عائلات الشبك في الموصل وحولها في العراق في خمسينات وستينات القرن الماضي ، بما في ذلك الأدوار المماثلة للشيوخ والسادة بالمقارنة في المجتمعين. كتاب قيم للقراءة للمتابعين للشؤؤن الكردية والزازا بشكل خاص من الأكاديميين والقراء العاديين على حد سواء.[1]