أ.د.نيان نوشيروان فؤاد مه ستى
تشكل كتابات الأديبة والروائية گەلاوێژ مجموعة من القيم الإنسانية الدالة ،وهي تتمخض في التأكيد على المحبة والخير وحقوق الإنسان والعدالة والحرية والمساواة والتسامح والحوار الثقافي ونبذ المفاهيم السلبية ، وهذه هدفية ورسالة الروائية في تكوين صورة الواقع الإجتماعي والفردي من خلال الصراع بين الذات والاخر للتأكيد على القيم الإيجابية وخلق رؤى مثالية ، وكما بيّن الفيلسوف اليوناني ارسطو في فهمه للدراما ان واجب الفنان عرض مشاهد تخلق التعاطف الإنساني والمشاركة بينه وبين المتلقي من خلال مصطلح التطهير والإنفعال الناتج عن متابعة الأحداث، وتحول ذلك الى مفهوم فلسفي وجمالي له علاقة بالتأثير الإنفعالي الذي يستثيره العمل الأدبي أو الفني حيث ارتباط وظيفة الأديب بعلم جمال التلقي وبمفهوم الإستقبال ، فالقاصة تحاول أن تصل الى كل الناس وجميع الفئات في المجتمع والولوج لرسم اعماقها بوعي وصدق وجرأة ومحاولة رسم ابعاد مستقبلية للانسان ، فالعمل الروائي يمثل أفقا حضاريا وإنسانيا وبودقة لتحليل الوعي بالواقع في إطار من الذوق الجمالي لجدلية ارتباطية إلتزامية بين الفنان والواقع من حيث طرح ومحاولة نقد الأبعاد السلبية كالظلم والفقر والجهل والفساد وخلق منظومة القيم الإيجابية كالصدق والأمانة وحب وتفقد الاخرين وارساء العدالة وتهذيب نوازع النفس السلبية .فمهمة الأدب المساهمة في خلق الرقي الإجتماعي والفكري والذاتي والإنساني وتظهر علاقة العمل الأدبي بالأديب في الإنتماء والإلتزام الإنساني ، فالنتاج الإبداعي وسيلة لخدمةالأفكار والمضامين المؤثرة لأنماط القيم الإجتماعية ،والنفسية، والشخصية، والجمالية وكلها تؤلف منظومة القيم الإنسانية التي تمثل الإنفعالات وردود الفعل ازاء مواقف متعددة، وهي الأحكام التي تصدر عن العقل وتنبع من الذات الواعية وتسخير العمل الادبي للوقوف مع القضايا الانسانية والإجتماعية وصولا الى الرقي والنضج. فالأديب صوت الشعب والمجتمع والإنسان ،ويعبَر عن الاّلام والامال. إن النصوص الأبداعية للروائية برزت على الساحة الثقافية عن طريق الإحساس بالوضعية الإنسانية والإجتماعية وهذا ماتلمسناه في حوارها الثقافي في رواية (كنة اته خان) حيث أن تباين المجتمعات يمكن ان يخلق نوعا من التواصل الإنساني مع الإحتفاظ بالشخصية الذاتية في حوارية الشرق والغرب .
وكذلك في رواية (عابرة سبيل هائمة) تجسد معاناة واّلام المرأة من ظلم وقهر واستغلال فالكاتبة تتوغل في المشاكل الخاصة بالمرأة من جهة ومحاولة نقد الواقع لإيجاد الحلول والمعالجة الفعالة له . وفي قصة (الخادمة ) عبرّت أيضا عن المرأة والمشاكل التي تتعرض لها من استغلال واستبداد في محاولة لعرض وتحليل الشخصيات وسماتها والأحداث القصصية من خلال الكشف عن السلبيات ومحاولة للوصول الى بناء رد فعل معاكس لمركزية الدفاع عن المبادىء البشرية.
إنَ القيم في روايات الروائية تلقي بظلالها على أنماط الشخوص التي تعد مركزا للأفكار والمعاني الأنسانية وبمثابة تمهيد لتطور الأحداث وكيفية تحريك وتوجيه السلوك البشري ضمن معايير الثنائيات الضدية كالخير والشر، والحق والظلم، والحنو والقسوة ، والصراع يبرز بقوة في إنعكاس الواقع ومحاولة نقد المضامين السلبية لإستظهار المواقف الإيجابية فهناك مقومات دعت الى بروز المعاني الإنسانية في نتاجاتها الإبداعية حيث المكون المعرفي في إنتقاء القيم والمكون الإنفعالي والوجداني ثم المكون السلوكي لتحويل القيمة الى سلوك إبداعي ، فالوظيفة الإجتماعية والجمالية تتضافر في إنجاح العلاقة بين الذات الفاعلة والمتلقي من هنا يتفاعل النصّ مع الرؤية الشمولية لتحقيق منظومة الغايات الإنسانية.[1]