حكايتي مع البعث 7
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7359 - #02-09-2022# - 19:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تتمة ... ناقشت هذا الامر بشكل عادي واتذكر ذلك جيدا وحسب امكانيات تفكيري وسني..ولا بد من الاعتراف بالقول بأن منهاج البعث كفكر ومبادىء واسلوب اغلبه كان من النهج الاوروبي .سيما وان ميشيل عفلق والبيطار كانا في باريس لمدة طويلة.. ونهلا من هذا الفكر الممزوج قليلا باسلوب الاشتراكية قد نال الكثير من الاعجاب.. بل والقبول من قبل الشريحة المثقفة على صغر حجمها..هذه الافكار والمبادىء كانت حديثة العهد على أمة خرجت للتو من احتلالين أحلاهما مر وهما الاحتلال العثماني والفرنسي.. وهذين الاحتلالين من الانواع المقيتة والمميتة للاوطان والشعوب..لان هذين الاحتلالين من أسوأ انواع الاحتلالت في العالم المهمة الاساسية هي النهب وسرقة خيرات الشعوب ومحاولة سحق ومحو اي ثقافة او اقتصاد للبلد التي يحتلونها بخلاف باقي الاحتلالات..فالدولة العثمانية والفرنسية لم تسعيان ابدا الى ادخال اي تطوير او تقدم لهذه البلاد ..بل وزادت من جهلها جهلا وتخلفا وضياعا فخرجت هذه الامم مشتتة ومهلهلة وهي في حالة ضياع كاملة.. وما أن تنسمت افكار ومبادىء جديدة فيها نسائن الحرية والكرامة حتى تعلقت بها على غرار الشيوعية.. ولكن ومع الاسف كان التنفيذ فاشلا ومحبطا ومخيب للامال..الانا المتضخمة والغرور والتعالي والفوقية أفسدا البريق الوهاج التذي سطع شمسا تنير البلاد هذه الشمس شبهتها بالبعث الذي لم يدم سوى سنوات قليلة من 1963 وحتى 1969 فقط ..طبعا لم اناقش هذه الافكار والرؤى مع الرفيق عبد الناصر ولم تكن لتخطر ببالي في تلك الايام..انا اقولها الان بعد عديد التجارب التي مرت معي طيلة السنوات الخمسين الماضية.. ولكن الذي ناقشته وبشكل مفصل وهو ما دوري انا كطالب سنة تالتة اعدادي في كل ما يجري ويدور...كان الصراع على أشده بين تيارين وهما يشكلان اساس اللعبة السياية في البلاد كون هذين الفريقين يملكان القوة العسكرية فكلاهما من مرتبات الجيش وكلاهما كان يدبران المؤمرات والخديعة والغدر لبعضهما البعض..وكان كل طرف من هذين الفريقين يستميل او يحاول جذب الفريق الاخر الى طرفه من العسكريين او من البعثيين .. ووصل الخلاف الى درجة استمالة اهالى الطائفة وهي طائفة واحدة واقصد هنا العلوية..صلاح جديد من طرف وحافظ الاسد من طرف اخر.. ولكل منهما مريدين واعوان ومنافقين ومتذبذبين ومخلصين وان كنت أشك بالصفة الاخيرة ...ولابد من الاسهاب والشرح اكثر في موضوع صلاح جديد ....
في سنوات الوحدة السورية- المصرية، اتخذ الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، قرارًا بنقل ضباط سوريين إلى مصر، وكان بينهم صلاح جديد، الذي كان وقتها برتبة رائد في سرب للطيران الليلي، وأسس مع حافظ الأسد في القاهرة “اللجنة العسكرية”، التي قُدّر لها لاحقًا حكم سوريا لسبع سنوات متتالية. السبب وراء إنشاء “اللجنة العسكرية” كان قرار مؤسسي حزب “البعث” ميشيل عفلق وصلاح البيطار حل الحزب، تلبية لاشتراط عبد الناصر، وتجميد كل نشاط حزبي في سوريا كشرط لتحقيق الوحدة بين البلدين.
بعد قرار حل الحزب أصاب صلاح جديد وأربعة من رفاقه (محمد عمران وعبد الكريم الجندي وحافظ الأسد وأحمد المير) شعور بالصدمة والسخط ضد عفلق والبيطار، وكانت أهداف هذه اللجنة هي إعادة بناء حزب “البعث”، ووصول الحزب إلى السلطة، ومن ثم النظر في أمر الوحدة العربية. ىبعد قرار حل الحزب أصاب صلاح جديد وأربعة من رفاقه شعور بالصدمة والسخط ضد عفلق والبيطار، وكانت أهداف هذه اللجنة هي إعادة بناء حزب “البعث”، ووصول الحزب إلى السلطة، ومن ثم النظر في أمر الوحدة العربية.
وفي عام 1961 انتهت الوحدة بين سوريا ومصر، فاعتُقل صلاح جديد مع ضباط سوريين في مصر، وأفرج عنه بعد أشهر قليلة في صفقة مبادلة لهم بضباط مصريين كانوا معتقلين في سوريا.
بعد عودة صلاح جديد ورفاقه إلى سوريا، عمل بشكل جدي على توسيع التنظيم السري الذي بدأوه في القاهرة، وجرت حينها اتصالات بينهم وبين عفلق، إذ حصلوا منه على تعهد بدعمهم للقيام بانقلاب على حكومة “الانفصال”.
أسهم صلاح جديد بصفته واحدًا من ضباط “اللجنة العسكرية” في انقلاب #08-03-1963#، واستطاع ورفاقه البعثيون الوصول إلى الحكم، والقضاء على كل مقاومة منظمة لحكمهم.
وانعقد في الأسبوع الأول من أيار من العام نفسه، المؤتمر القطري الاستثنائي للحزب، واعتبر صلاح البيطار أن القيادات التي انتخبت في ذلك المؤتمر، والمؤتمرات اللاحقة له، هي “قيادات خارجة على الحزب، وبالتحديد، خارجة على إرادته الشخصية، لأنها لم تنل رضاه”، وفق ما نشره موقع “التاريخ السوري المعاصر”، وكان البيطار يرى أن الأسلوب الوحيد لمعالجة الأمر هو المواجهة.
في عام 1964، رُقي جديد إلى رتبة لواء في الجيش، بسبب رغبة بيطار بدفع الشباب إلى الجناح العسكري، لكن في العام نفسه استقال جديد من هذه الرتبة وانضم إلى الجناح المدني في الحزب، وأطلق عليه اسم “الرفيق صلاح جديد”.
وفي مؤتمر حزب “البعث” في نيسان لعام 1964، انتخب صلاح جديد أمينًا مساعدًا للحزب
بدأ صلاح جديد بتطبيق رؤية سياسية خاصة به، تحمل طابعًا اشتراكيًا، فدشن من خلال هذه السياسية عمليات تأميم اقتصادية في سوريا واسعة النطاق، مما أدى إلى دخول المجتمع السوري إلى أزمة اقتصادية، سمتها الأساسية انتشار البطالة، ونزوح واسع لأهالي الأرياف إلى المدن بسبب تراجع الإنتاج الزراعي، والذي كان آخر تطبيق إجراءات الإصلاح الزراعي والرعوي في عهده.
في عام 1964، شهدت مدينة حماة ومدن سورية عدة احتجاجات بسبب الأزمة الاقتصادية، فتسببت هذه الأزمة في نشوب صراع على السلطة بين البعثيين المعتدلين والبعثيين المتطرفين الذين سيطروا على القيادة القطرية لحزب “البعث”.
في عام 1966، تصاعد الصراع على السلطة في الحزب بشأن سياسته بالتعامل مع الاحتجاجات، فتبنى صلاح جديد آلية العنف وقمح أي مظاهرات، ومنع الحريات، ومال حافظ الأسد إلى رأي جديد في هذه السياسية.
بينما شكّل البيطار حكومة جديدة أوقفت كل عمليات التأميم، كما أكدت في الوقت ذاته احترام الحريات العامة والممتلكات الخاصة.
بعد انقلاب صلاح جديد وحافظ الأسد، في عام 1966، على مؤسسي الحزب ميشيل عفلق وصلاح البيطار، غادر البيطار سوريا، وصدر ضده حكم غيابي بالإعدام، عام 1969.
عقب الانتهاء من البيطار، نشب صراع جديد بين حافظ الأسد وصلاح جديد على خلفية عدد من القضايا السياسية، بينها هزيمة 1967، وحينها كان الأسد وزيرًا للدفاع، ثم دعم الفلسطينيين في مواجهة الملك الأردني فيما عرف ب”أيلول الأسود”.
وفي عام 1970 نفذ حافظ الأسد ما أسماه “الحركة التصحيحية”، واعتقل رفاق الدرب وتولى السلطة منفردًا، وكتب دستورًا جديدًا، حمل في طياته المادة الثامنة: “حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع”.
بعد أن ثبّت الأسد سلطته في الحكم، أمر بوضع صلاح جديد تحت الإقامة الجبرية قبل أن يأمر بسجنه، حيث توفي جديد يوم #19-08-1993# ، بعد أن أمضى 23 عامًا في سجن المزة بدمشق....طبعا المعلومات الاخيرة جئت بها هنا من اجل انارة دور صلاح جديد بما له وما عليه.
[1]