حكايتي مع البعث 14
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7367 - #10-09-2022# - 01:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
كنت ارقب تصرفات الرفيق عبد الناصر عن بعد وهو متعصب وقلق وكل حركاته تدل على انه متوتر ..كيف لا وهو البعثي الصادق.. واما عينيه تجري عملية السرقة الموصوفة لحزب المستقبل.. نعم كان حزب البعث امل جديد بالحياة ينتظره اغلب افراد الشعب السوري بمختلف قومياتهم.. ونوعا ما كانت زياراته للشعبة الحزبية قد انخفضت.. ولكنه ظل يشجعني ويحفزني على المتابعة والاهتمام.. والمثابرة على المطالعة.. وكانت بعض الكراسات التي يعطيني اياها الرفيق عبد الناصر يقول لي اذا ذهبت الى الشعبة اعطي هذه الكراسات للرفيق امين الشعبة وبدأت اتردد الى الشعبة احيانا لوحدي وانتظر فراغ الرفيق امين الشعبة من اجتماع مثلا او من ضيوف.. وادخل اليه اكلمه باشياء كنت لا افهمها .. وكان يجيبني بشفافية رغم صغر سني ولكن مايشجعني قوله الدائم لي انت ممتاز وسيكون لك مستقبل.. طالما بقيت تطالع وتقرأ وتثقف نفسك... وفي كل مرة ومن الزيارات كان يزودني بكتيبات جديدة او مجلات المناضل وخاصة القديمة وكان يقول لي هذه الاعداد اعطيها للرفيق عبد الناصر عندما يكون لوحده ولم اكن اعلم انني(( ساعي بريد)) في وقت كان الامر يشك بدخول الرفيق عبد الناصر الى مبنى الشعبة وحيث انني فتى صغير فلا احد يشك بي .. كنت وانا في الباص عائدا الى المدرسة اقرأ في المجلات حيث الافتتاحية واحيانا مقالات في داخل العدد..فواز صياغ وعالله الاحمر وكثيرون ممن كانوا يزودون المجلة بمقالاتهم التثقيفية وكانت مجلة المناضل توزع على مستوى الاعضاء العاملين وتقرأ في الاجتماعات على مستوى الانصار والمؤيدين.. .. وخلال زيارات لمبنى الشعبة كنت اصادف وجود بعض الشخصيات السياسية والتي كنت اراها في التلفزيون.. وعلى ارض الواقع كانوا بمنتهى الرقي والتواضع.. طبعا ليس الجميع... وكنت عقب كل زيارة اقوم باطلاع الرفيق عبد الناصر على ما جرى معي ومن شاهدت وماذا قالوا لي .. وكنت في كل مرة اود ان اطرح على الرفيق عبد الناصر سؤال لطالما حيرني وهو سبب عدم ذهابه للشعبة او لماذا انخفض مستوى لقائه مع امين الشعبة.. ولكن في اخر لحظة اتراجع... وفي العاشر من تشرين الثاني سرى خبرا سيئا في المدرسة.. وهو اعتقال وهذه اول مرة اسمع بهذه الكلمة.. نعم اعتقال مدرس مادتي التاريخ والجغرافيا الاستاذ عبد الناصر.. وكان لهذا الخبر وقع كبير على نفوس الجميع اما بالنسبة لي كان بمثابة صدمة عنيفة جدا وكان الذي تم اعتقاله هو اخي او والدي او احد قربائي .. ولم اتبين السبب او لم اجرؤ ان أسأل عن سبب هذا الاعتقال .. وعقب انتهاء المدرسة وجدت نفسي متجها الى مبنى الشعبة وهناك استفسر عن الموضوع بكل طمأنينة وهدوء او هكذا توقعت.. ولكن ما واجهته هناك, كان الموقف من الصعب ان اصفه.. فقد قال لي ابو فؤاد بأن الامن العسكري قد اعتقل امين وثلاثة من أعضاء الشعبة .. الخبر نزل علي مثل الصاعقة فلم يكن خبر الرفيق عبد الناصر قد استوعبته حتى جاء هذا الخبر قاسي جدا.. وكانت الاحداث تتوالى عاصفة على ارض الواقع في كافة المرافق.. وهي الخطوات التمهيدية لما سيحدث بعد خمسة ايام ونطلع على جملة الاعتقالات التعسفية والتي طالت الكثير من الرؤس الكبيرة عسكريا ومدنيا ... كيف ؟ ولماذا ؟ غدا سنكمل وستتضح الصورة.
[1]