الهجمات التركية، وحركة التطوير والبناء في إقليم شمال وشرق سوريا
الثورة السورية بين فشل الأهداف ومعاداة المشروع الديمقراطي
أحمد البدوي
تواجه مناطق الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا تحديات كبيرة، على الصعيد الخارجي بسبب الهجمات المتكررة بكل أصناف الأسلحة البرية والجوية على البنية التحتية من قبل قوات الدولة التركية الفاشية التي أخرجت كثير من المنشآت الحيوية والخدمية عن الخدمة في إقليم شمال وشرق سوريا، ولكن رغم هذه الضغوطات والصعوبات الأمنية الكبيرة والحرب الخاصة التي تُمارس على شعوب المنطقة؛ تواصل الإدارة الذاتية العمل على تطوير البنية التحتية وتحسين الظروف المعيشية للسكان.
إن هذه الجهود المستمرة؛ تؤكد تصميم الإدارة الذاتية العمل بكل ما أوتيت من قوة للحفاظ على الاستقرار والتطور والأمن رغم الظروف العصيبة والمؤامرات التي تحاك ضدها. فالإدارة وكوادرها كما عهدناها جاهزة لتقديم كافة الخدمات حسب إمكانياتها المتاحة والمتوفرة للشعب، في ظل تهديدات ما تًسمَّى الجارة الدولة التركية التي ترى شعوب شمال وشرق سوريا أعداء لها وتهاجم هذه المناطق باستمرار بدافع الحقد والكراهية التي تأسست عليها.
{الهجمات التركية وتأثيرها على البنية التحتية}
منذ سنوات، تشهد مناطق الإدارة الذاتية هجمات مستمرة من قبل الدولة التركية الفاشية، التي تستهدف غالبًا البنية التحتية، مثل محطّات الكهرباء والمياه والطرق الحيوية.
هذه الهجمات تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتدمير المنشآت الأساسية التي تعتمد عليها السكان، ما يؤدي إلى زيادة معاناة المدنيين وتعطيل الخدمات الضرورية وزيادة الضغط على الإدارة الذاتية، بل وحتى إضعافها خدمياً حتى تصبح عاجزة عن تقديم خدماتها لجميع السكان مما يشكل عوائق اقتصادية مستقبلية وخلق تحديات جديدة بوجه الإدارة الذاتية.
الهجمات التركية، خاصةً الجوية منها، تؤثر بشكل مباشر على مرافق الخدمات العامة، مثل محطات الطاقة التي تزود العديد من المناطق بالكهرباء، فضلًا عن استهداف مرافق المياه التي تُعتبر أساسية للحياة اليومية والزراعة، ورغم محاولات الإدارة الذاتية إعادة تأهيل هذه المنشآت بسرعة، فإن التحديات الأمنية تجعل من الصعب الحفاظ على استمرارية الخدمات مما يزيد من وتيرة التدهور الاقتصادي، وتشجع خلايا داعش للعمل، وتهدد الأمن الداخلي من جديد وعدم القدرة على تأمين رغيف الخبز، ما يهدد حياة ( 5 ) مليون نسمة ضمن مناطق إقليم شمال وشرق سوريا.
{جهود الإدارة الذاتية في التطوير والتعافي}
رغم كل تلك التحديات، فإن الإدارة الذاتية لا تزال تواصل جهودها لتحقيق التنمية المستدامة في مختلف المجالات والتطوير الاقتصادي، فقد أظهرت الإدارة مرونة وإصرارًا كبيرين على إعادة بناء ما تم تدميره وضمان توفير الخدمات الأساسية للسكان، على سبيل المثال، تعمل الفرق المحلية على إعادة بناء وتصليح محطات الطاقة الكهربائية والمصافي النفطية والمياه في المناطق المتضررة جرّاء العدوان الهمجي من قبل آلة الحرب التركية، إضافةً إلى ذلك، تبذل الإدارة الذاتية الديمقراطية جهوداً جبارة لإصلاح الطرق المدمرة وتطوير شبكات الطرق الريفية التي تربط بين القُرى والمُدن، وذلك لضمان استمرار حركة النقل والتجارة الداخلية، والتي تُعد شريان الحياة للكثير من المجتمعات المحلية في تأمين مستلزماتها اليومية الضرورية من مواد غذائية وأدوية، كما تعمل الإدارة الذاتية على تحسين قطاع التعليم والصحة، فبالرغم من الدمار الذي طال بعض المدارس والمستشفيات، يتم إعادة تأهيلها وتجهيزها من جديد لضمان استمرار العملية التعليمية والخدمات الصحية، وقد تم إطلاق العديد من المبادرات المحلية لإعادة بناء المدارس وتوفير المواد التعليمية ودعم الكوادر الطبية بالأدوات والمعدات اللازمة.
{التعاون مع منظمات المجتمع المدني والدولي}
تسعى الإدارة الذاتية إلى تعزيز علاقاتها مع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدولية لتأمين المزيد من الدعم للسكان في مواجهة التحديات الراهنة. ومن خلال هذه الشراكات، يتمكن السكان من الاستفادة من برامج تنموية متعددة، تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة وضمان الأمن الغذائي والمائي.
{التطلع إلى المستقبل}
رغم التهديدات التركية المستمرة، تواصل الإدارة الذاتية جهودها في تطوير المجتمعات المحلية والعمل على مشاريع استراتيجية (كوبراتيفية) تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
هناك إصرار كبير على تحسين البنية التحتية وتطوير القطاعات الحيوية كالزراعة، والصناعة، والتجارة، وذلك لتحسين الاعتماد على الموارد المحلية وتقليل تأثير الهجمات على الحياة اليومية.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يُظهر المجتمع المحلي روح التعاون والتضامن، إذ يشارك الكثير من السكان في جهود إعادة الإعمار والتطوير، سواء من خلال تقديم الدعم المباشر للفرق الهندسية، أو من خلال دعم المبادرات الشعبية والمجتمعية مما يظهر روح التعاون بين الإدارة الذاتية والشعب بكل أطيافه ومكوناته، وهو ما لاحظناه من خلال المسِيرات المنددة بالهجمات التركية الفاشية، والتلاحم بين أطياف المجتمع وتأكيد الشعب أنه باقٍ على نهج الأمة الديمقراطية وفكر وفلسفة القائد “عبد الله أوجلان”.
إن استمرار حركة التطوير والبناء في مناطق الإدارة الذاتية رغم الهجمات التركية والمؤامرات الداخلية والخارجية هو دليلٌ واضحٌ على قوة الإرادة والمثابرة لإنجاح هذا المشروع، ورغم محاولات التعطيل والتدمير بشكل ممنهج تستمر الإدارة الذاتية في إعادة بناء ما يتم تدميره، وتوفير الخدمات الأساسية للسكان، وتتطلع إلى مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا وعلاقات حسن الجوار، فنظام الإدارة الذاتية الفريد من نوعه في منطقة الشرق الأوسط عموماً وسوريا خصوصاً هو أمل الشعوب في العيش بحرية وكرامة بعيداً عن المصالح الضيقة وخُبث الأنظمة الاستعمارية التي تسعى للسيطرة على مقدَّرات الشعوب ونهبها، وتدمير الحركات الثورية المُطالبة بحقوق شعوبها، وإلصاق التُّهم الباطلة بها، وخلق الذرائع لمهاجمة البُنى التحتية وتدميرها.[1]