الأمة الديمقراطية ثورة التاسع عشر من تموز
عبد الغني أوسو
الأمّة كمصطلحٍ هي شكلُ المجتمع الذي يلي تحوّل الكلانات والعشائر والقبائل إلى كيانات (القوم – الملة – الشعب)، وفق تصنيف اللغة والثقافة. أمّا الديمقراطيةُ فهي مصطلحٌ ظهرَ عند اليونان، ويتألف من كلمتين (دموس) و (قراتيا)، أي حُكم أو إدارة الشعب نفسه بنفسه.
إذاً، الأمة الديمقراطية هي الأمة البعيدة عن فكر الدولة القومية، التي تعتمد على لغةٍ واحدة وثقافة واحدة وعلم واحد وقومية واحدة، فالأمة الديمقراطية هي تعايشُ جميع الأديان والأقوام والإثنيات مع بعضها البعض، كما أنها لا تعترف بالحدود المرسومة بالمِسطَرةِ بين الأقوام والشعوب، وتعتمد على التعددية وعلى التباين والتنوع وتبتعد عن النمطية، فالتاريخُ بمجمله هو إما فيدراليات أو كونفدراليات، وليس دولاً قومية، وهناك مثلٌ يقول: (لا يمكن إيجاد الشيء إلا في المكان الذي أضَعتَه)، فجميع هذه المصطلحات والمفاهيم- وخاصة الأمة الديمقراطية والكونفدرالية الديمقراطية والعصرانية الديمقراطية- لا يمكن إيجادها إلا في المكان الذي تم إضاعتها فيه، لذلك،
يجب البحث عن هذه المصطلحات وتطبيقها في المكان المناسب.
كانت هناك قوىً وأحزاب ومدارس ظهرت عبر التاريخ للوصول إلى الحقيقة عبر طرق (الميثولوجيا، الدِّين، الفلسفة، العلم)، وخاصة في السنوات الأخيرة، حيث ظهرت حركاتُ الاستشراق والاشتراكية المشيدة والفوضوية والفامينية، فجميعُ هذه الحركات حاولت إيجادَ الحلّ لمشكلات المجتمع؛ لكننا الآن نواجه أكواماً من المشكلات والقضايا والأزمات، وهي بحاجة إلى حلّ، ومفهوم الأمة الديمقراطية جاء من أجل حلّ كافة القضايا والأزمات الموجودة، وهي مكلفة بصياغة حداثة بديلة للحداثة الرأسمالية، هي الحداثة الديمقراطية، وتمتلك الأسلحةَ الثلاث (المجتمع الديمقراطي- الصناعة الإيكولوجية – الأمة الديمقراطية) بدلَ أسلحة الرأسمالية الثلاث (الرأسمالية – الصناعوية – الدولة القومية).
وتعتمد (الأمة الديمقراطية) على أربعة ركائز؛ أولها المجتمع الديمقراطي، حيث لا يمكن تأسيس مشروع الأمة الديمقراطية دون الاعتماد على مجتمعٍ ديمقراطي حُر، بحيث يعتمد على مفاهيم بعيدة عن السلطة والدولة، وتعتمد على قِيم المجتمع. أما ثاني هذه الركائز فهي الكومينات والمجالس، إذ لا بد من تأسيسها والتوجه نحو نظامٍ جماعي يعتمد على الجماعية بَدَلَ الفردية، ويعمل على ترسيخ مفاهيمَ جديدة بدل السلطة والهيمنة والتحكم. بينما ثالثُ هذه الركائز فهي الاقتصاد الكومونالي والجمعيات والكوبراتيفات، وبهذه الطريقة نستطيع العودة إلى الاقتصاد المجتمعي الصحيح، ألا وهو تلبية الحاجات الضرورية للمجتمع دون استغلال أو احتكار.
أما الركيزة الرابعة؛ فهي الأكاديميات، وهي من الركائز الأساسية للأمة الديمقراطية، حيث لا يمكن الاستمرار في العمل دون تدريب، إذ يتم التدريب لكافة أطياف المجتمع، بدءاً من التدريب في المنزل إلى المدارس الابتدائية والثانوية والجامعة وتدريب الكبار وكافة أطياف المجتمع.
النتيجة: إنّ كافةَ الحلول التي تمّ طرحها من قبل القوى المهيمنة لا يمكن أن تعطي الحلَّ الأمثل لمشاكل المجتمع، والبديل هو مشروع الأمة الديمقراطية الذي يساعد على حلّ كافة قضايا ومشكلات المجتمع.[1]