كركوك والحلول الاستراتيجية - التأريخ ( الجزء الاول )
اريان علي احمد
الحوار المتمدن-العدد: 7376
المحور: القضية الكردية
مدينة كركوك الحالية، وهي مركز محافظة كركوك على أطلال المدينة الآشورية القديمة أربخا (عرفة) التي يقدر عمرها بحوالي 5000 سنة. وتعد كركوك من أقدم مدن العالم؛ ونظرا لخصوبة تربتها وأهمية موقعها الجغرافي بين إمبراطوريات البابليين والأشوريين، شهدت كركوك معارك عديدة بين تلك الإمبراطوريات التي بسطت سيطرتها على المدينة في فترات تاريخية متباينة أصبحت آرابخا كركوك جزءاً من الإمبراطورية الاكدية في الألف الثالث ق.م وبعد أن تحطمت وحدة البلاد السياسية، تم الاستلاء على أقسام كبيرة منها من قبل الكوتيين. والكوتيون هم من الأقوام الجبلية التي كانت تستوطن أواسط جبال زاكروس في منطقة همدان؛ وكانت أربيل وكركوك من قواعدهم الرئيسية حينما اختاروا منطقة كركوك آرابخا مركزاً لحكمهم سنة 2211 – 2120 ق. م. وتولى منهم اثنا عشر ملكاً. وهنا يثبت أن الأكراد لهم حق تاريخي في مدينة كركوك. يذهب الباحث الكردي عوني الداودي إلى أن الدلائل التاريخية تشير أن الكوتيين على الأرجح هم الذين وضعوا اللبنات الأولى لبناء هذه المدينة وهم الذين يمثلون -وفقا لبعض المصادر التاريخية-الأصول الأولى للشعب الكردي والذين حكموا هذه المنطقة طوال 91 سنة ووقعت اربخا كركوك بعد ذلك بيد الملك العيلامي ابن شوتاك 1165 – 1151ق.م. حتى استعادها الملك الأشوري أدد نيراري الثاني عام 1156-1025ق.م. وفي نهاية عام 615ق.م. ثم أمست خاضعة للإمبراطورية الميدية سنة 546ق.م . ومن بعدها خضعت للسيطرة الاخمينية بزعامة الملك كورش الذي يعد المؤسس الحقيقي لسلالة الاخمينية الحاكمة للفترة ما بين 539 - 331 ق.م. وبقيت مدينة ارابخا تحت حكم الاخميني حوالي 208سنة حيث تحولت الى انقاض. ثم خضعت المنطقة إلى نفوذ المقدونيين والساسانيين حتى سنة 636 م، وبقيت كركوك تحت رحمة آل ساسان الفرس وملوكهم كسرى حتى انقرضت دولتهم على يد العرب المسلمين في واقعة القادسية الشهيرة عام 636م. ويجمع الباحثون أن الوجود المسيحي هو أقدم من الوجود العربي وهو الحق التاريخي الذي تتشبث به الأقلية الكلدو أشورية في مدينة كركوك, وذلك عندما أمست المدينة مركزاً للنساطرة المسيحيين محتضنةً لأقدم كنيسة في العالم, بنيت في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي, وكانت تعرف ببيعة الشهداء, تخليداً لذكرى شهداء الملك الساساني يزدكرد الثاني (438- 457). وعندما أصبحت البلاد العراقية كلها بلاداً إسلامية، ، صارت كركوك منذ ذلك التاريخ احدى المدن الإسلامية. وفي هذه الحقبة يسجل التركمان حضورهم الحضاري على ارض كركوك مع الفتوحات الإسلامية القادمة من الجزيرة العربية الذين ﺍﺳﺘﻘﺮوا ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺗﺰﺍﻭﺟﻮﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺮﻛﺴﺘﺎﻥ .ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻮﻥ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻭﺝ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺮﻙ ﺑﻞ ﺍﻧﻬﻢ ﺑﻌﺜﻮﺍ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﺍﻟﺘﺮﻙ ﻟﻴﺴﺘﻘﺮﻭﺍ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ . ﻃﺒﻌﺎ ﻓﺎﻥ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻥ ﻗﺪ ﺍﻧﺼﻬﺮﻭﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻴﻦ ﻭﺍﺳﺘﻌﺮﺑﻮﺍ ﻣﺜﻞ ﺍﻵﻻﻑ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ. ﻭﺧﻼﻝ ﺍﻗﻞ ﻣﻦ ﻗﺮﻥ ﺗﻨﺎﻣﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺤﻴﺚ ﺍﻧﻬﻢ ﺍﺻﺒﺤﻮﺍ ﺟﺰءﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻻﻣﻮﻱ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ.ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻧﻲ ﺫﺭﻭﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ حينما ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ (ﺍﻟﻤﻌﺘﺼﻢ)ﺑﺎﺳﺘﻘﺪﺍﻡ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ (50)ﺍﻟﻒ ﻣﺤﺎﺭﺏ ﺗﺮﻛﺴﺘﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﺧﻮﺍﻟﻪ ﻭﺑﻨﻰ ﻟﻬﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ (ﺳﺎﻣﺮﺍء) واسس كثير من الامراء السلجوقيين امارات تركمانية في العراق كامارة اتابكية الموصل وامارة بن زين الدين ﮔوجوك باربيل وامارة قفجاق في كركوك والتي بقيت لفترة طويلة على مسرح التاريخ السلجوقي واحتلت مركزاً استراتيجياً مهماً بحكم موقعها ، واصبحت لها مكانة بارزة في الاحداث التي شهدهاغ شمالي العراق. وحينما سيطر العثمانيون على العراق. تم تقسيمه إلى (17) سنجق (لواء) وكان سنجق كركوك وسنجق السليمانية ضمن ولاية شهرزور. وفي سنة 1879 كانت كركوك جزء من ولاية الموصل التشكيلات الإدارية لولاية الموصل السنجق: القضاء الموصل: وتشمل دهوك، زاخو، العمادية، سنجار، عقرة. شهرزور: وتشمل كركوك، أربيل، رانية، راوندوز، كويه، كفري. السليمانية: وتشمل بازيان، حلبجة، شهرزور، ميركه سوور. كانت اللغة التركية هي اللغة السائدة في الأسواق والدوائر الرسمية والمدارس لمدينة كركوك حتى الأربعينيات من القرن الماضي وذلك كنتيجة طبيعية لسيادة الحكم العثماني لأكثر من خمسة قرون في المنطقة.[1]