هل من حاجة لإطلاق حوار جديد حول الحقوق القومية الكردية في سوريا!
اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 6074
المحور: #القضية الكردية#
تعاني الاحزاب الكردية #السورية# من اشكالات تنظيمية وسياسية ، وخاصة على صعيد الرؤية والخطاب ، ومن تخشب في الفكر والممارسة ، بسبب المحركات الايديولوجية التي تستند اليها في نظرتها وتحليلها ، فالترهل التنظيمي واضح في اكثرها ، وبعضها عبارة عن احزاب عائلية او شخصية ، تنتهي بموت الشخص او تركه العمل الحزبي ، وتكتفي في عملها واليات فعلها ببيانات الادانة والاستنكار كما كانت تفعله في مرحلة الامن والاستقرار رغم ان الفارق كبير بين المرحلتين ، فلازالت آليات عملها وأولوياتها بعيدة عن تحولات الواقع ، وافاق المرحلة المتدحرجة نحو مناخات اكثر انفتاحا وضرورة ، باتجاه العمل الجماهيري والخدمي !
قد يعتقد الكثيرون ، وخاصة النخبة السياسية والثقافية الكردية ،بان مناقشة الحقوق القومية في هذه المرحلة هي عبارة عن ترف فكري ، ولم تعد بحاجة الى فتح حوار حولها او تنظيم لقاءات ونقاشات جدية بخصوصها ، لان الصيغ التي تبنتها الاحزاب الكردية منذ تأسيها وحتى الان ، اصبحت في وجدان كل كردي ينتمي الى قضية شعبه ويدافع عن ارضه ! لكني اعتقد بان الصيغ العمومية التي تبنتها الاحزاب ورددها اعضائها (حل القضية الكردية حلا ديمقراطيا عادلا- حل القضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية ) لم تعد تجدي نفعا الان ، لان هذه الحقوق قد انتقلت من الطرح السياسي المفاهيمي الى الجانب العملي الممارساتي ، وتحتاج الى مزيد من الشرح والتوضيح بعد 2011 لان الواقع الموضوعي قد فرض ايقاعه الداخلي على وقائع الامور، وبات الطريق معبدا لانتزاع هذه الحقوق عبر الدخول في حوارات او تحالفات ، كما حصل في دخول المجلس الوطني الكردي في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ، عبر الاتفاق على برنامج الحد الادنى ، والسؤال كيف تحل هذه القضية عيانيا في ظل كل هذه الوقائع العنيدة وشوفينية الانظمة والشعوب التي يتشارك معها الكرد ، والتعقيدات التي تواجهها الجغرافيا الكردية السورية ، من انقطاعات وتشارك في بعض المناطق ، فلكل منطقة شكل من الحل يختلف في خصائصه وطبيعته عن المناطق الاخرى ، فعفرين وكوباني التي تقريبا جميع سكانها من الكرد ، قد يكون الحكم الذاتي يناسبهما ، اما الادارة الذاتية فقد تكون حلا في مناطق الاغلبية الكردية من سري كانيه حتى ديريك ، وفي حي الاكراد وزورافا بدمشق والاشرفية بحلب ايضا ، من الممكن تطبيق نظام الادارة الذاتية ، وعلى الصعيد السوري العام يكون الاعتراف الدستوري بالكرد واعتبار لغتهم لغة اساسية تدرس الى جانب العربية ، وممارسة ثقافتهم وتقاليدهم يرضي طموح الكرد السوريين في المرحلة الحالية ، وهي مجرد افكار شخصية قد لا تلاقي القبول او المناقشة في الوسط الكردي .
لا شك بان الاحزاب الكردية تتحمل بالطبع المسؤولية الاولى بصيغتها المباشرة ، لكن النخب الكردية تتحمل هي الاخرى ايضا بثقافتها ورؤاها وزر الصيغة الاستراتيجية او غير المباشرة ، ومما زاد الطين بلة ، هو رفع هذه الاحزاب لشعارات بعد عام 2011 ورفع سقوفها ثم التراجع عنها او تعديلها ، مما ادى الى التشويش وتدني سقف المطالب النهائية !
فقد تبنى المجلس الوطني الكردي في مؤتمره الاول #26-10-2011# شعار حق تقرير المصير ليستقر في الوقت الراهن على شعار الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي كقومية رئيسية ، رغم انه لم يستطع حتى الان اقناع المعارضة التي يتشارك مها في ائتلاف واحد بشرعية هذا المطلب وتثبيته في أي دستور قادم !
اما مجلس غرب كردستان والذي تأسس في #16-12-2011# والذي حاول كما يقول ان يؤطر الجماهير بروح تفي بما تفرضه من تحديات استقر في النهاية على شعار اللامركزية الديمقراطية – ولا ندري ماذا يعني بذلك - ورفض الدولة القومية التي لم يذق الكرد ثمارها سلبا او ايجابا !
ان كثرة الحديث عن الحقوق القومية الكردية ، والتغني بها بعيدا عن العمل الدؤوب والرصين والعقلاني لا يعني الايمان العميق بها ، لأنها قد تكون شكلا من اشكال او عملية من عمليات التجميل للبرامج السياسية العفنة ، او ضرورة عملية للاستقطاب الحزبي والجماهيري .
بهذه المعاني والدلالات يكتسب اعادة الحوار حول الحقوق القومية الكردية في سوريا واجراء نقاش جديّ وغير مفتعل، عن كيفية ممارسة هذه الحقوق بعد 2011 بأهمية كبرى ، وهي حاجة ملحة للعمل ضمن الوطنية السورية والتأقلم مع مفهوم الدولة الوطنية الحديثة، والتي تبنى على أساس المواطنة وحقوق الإنسان، وتعترف بحقوق الجميع ، و تضمن المشاركة السياسية لجميع القوى ، والتي باعتقادي لا تمنعنا من ان نحلم بكردستان بالمعنى الاستراتيجي ، تبعا للظروف والوقائع، التي قد تفسح المجال لتأسيس هذا الكيان ![1]