نالين حسن
في لقاء خاص مع شبكة رووداو، تحدث الفنان السوري المعروف سميح شقير عن تجربته الفنية في ظل النظام السوري السابق، وكشف عن تحضيراته الفنية لأغنية جديدة تتناسب مع اللحظة الراهنة المفعمة بالفرح بعد سنوات طويلة من المعاناة، مشيراً إلى أن النظام السابق لم يأخذ فقط أعمار السوريين بل أجيالاً بأكملها، حيث عاش البلد تحت ظل مملكة الخوف والاستبداد.
كما تحدث عن تجربته الفنية تحت حكم الأسد، مشيراً إلى التحديات الكبيرة التي واجهها بسبب القمع، مما دفعه إلى استخدام لغة رمزية للحفاظ على رسائل الحرية. ورغم الظروف الحالية الضبابية، أكد شقير تفاؤله بمستقبل سوريا كبلد للفنون والموسيقى.
وفيما يخص الشعب الكوردي، عبّر شقير عن تقديره لدورهم الكبير في محاربة #داعش# وحماية أمن المواطنين، مشيراً إلى مكانة أغانيه في قلوب الكورد وتضامنه مع قضيتهم العادلة، معرباً عن حبه للموسيقى الكوردية التي وصفها بأنها موسيقى الجبال بصوتها الشامخ والقوي.
وأدناه نص مقابلة رووداو مع الفنان السوري سميح شقير:
رووداو: ما الشعور الذي ينتابك الآن وأنت تستمع إلى يا حيف ولكن في ظروف مختلفة تماماً، حيث سوريا أصبحت سوريا أخرى بلا الأسد؟
سميح شقير: بكل تأكيد، هناك فرق كبير بين سماعها أو غنائها في الفترة الأولى، التي كانت مشبعة بالقمع والقتل والدماء، وبين اللحظة الحالية التي تصلني فيها مقاطع صوتية ومقاطع فيديو من أماكن مختلفة في سوريا. الناس من كل المحافظات يرسلون لي تلك المقاطع، حيث تظهر الأغنية موجودة في الشوارع وكأنها تعبير عن انتصار الكلمة على الرصاص. لقد تحققت رؤية الأغنية التي عبرت عن أن الشعب مثل القدر وأن الأمل باين، وفعلاً اليوم الأمل ظاهر. الشعب السوري الآن في مرحلة جديدة تماماً، مرحلة بناء دولة المواطنة والديمقراطية. وبكل تأكيد، نحن ننتظر أن تذهب الأمور في هذا الاتجاه ونعمل من أجل تحقيق ذلك.
رووداو: هل الفنان سميح شقير يُحضر لأغنية جديدة الآن؟
سميح شقير: بكل تأكيد، أنا أحضر لما يليق بهذه اللحظة التي تمتلئ بالفرح بعد سنوات طويلة جداً من معاناة الشعب. بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب، من حقنا أن نفرح.
رووداو: ما الذي أخذه منك النظام السابق.
سميح شقير: النظام السابق لم يأخذ فقط أعمارنا، بل أخذ أعمار أجيال كاملة، حيث عاش البلد في ظل الاستبداد والقمع وتحت ما يمكن وصفه بمملكة الخوف. واليوم، كل يوم يتم الكشف عن مقابر جماعية جديدة. الناس الذين عاشوا تلك المرحلة ولم يكن بإمكانهم الحديث عنها، يتحدثون اليوم عن كل ما جرى معهم. هذا النظام أوغل كثيراً في دماء الشعب وفي تحطيم بنية البلاد، وكان همه الوحيد البقاء في السلطة حتى النهاية، مستخدماً كل القوى الأمنية والجيش وإمكانات البلاد فقط لحماية الكرسي فقط.
رووداو: كفنان سوري معروف بأغانيك الثورية، ما هي تلك الأعمال التي كانت ممنوعة عليكم في عهد الأسد؟
سميح شقير: تجربتنا الغنائية كانت تجربة مثيرة وصعبة للغاية، حيث عايشت الاستبداد منذ بداياته. نحن نغني منذ بداية الثمانينات، وهي تجربة غنائية تحت ظل هذا الاستبداد. هذه التجربة كانت شاهدة عبر الأغاني التي تواترت عبر الزمن على عصر القمع. بسبب الغناء من الداخل، كنا مضطرين إلى استخدام لغة رمزية أحياناً لتجنب القمع، ولذلك كانت تجربة معقدة ومليئة بالتحديات. كان الهدف دائماً هو الدفاع عن الحريات والعمل على إحداث التغيير في ظل ظروف قاسية.
رووداو: هل لديك خوف على الفن في سوريا الحالية؟
سميح شقير: بصراحة، نحن في لحظات غير واضحة تماماً. ولكن، كلي ثقة بأن سوريا هي بلد الحضارة، بلد المحبة للفنون والموسيقى وكل أشكال الإبداع. مهما كانت الظروف، ستظل الموسيقى والفنون جزءاً أصيلاً من هذه البلاد، لكننا ما زلنا في مرحلة ضبابية لم تتضح ملامحها تماماً. ومع ذلك، أتوسم خيراً في المستقبل.
رووداو: ما هي تطلعاتكم ومطالبكم لسوريا الجديدة، وللحكومة الانتقالية أيضاً؟
سميح شقير: بدأنا الثورة بمطالب واضحة بالحرية والكرامة وبناء دولة المواطنة المتساوية للجميع. طالبنا بتوزيع عادل للثروة، وفصل السلطات، ونسعى لتحقيق هذه الأهداف في المستقبل القريب. بالرغم من بعض الغموض الحالي، إلا أننا بكل قوانا سنعمل من أجل بناء دولة المواطنة التي نحلم بها.
رووداو: أستاذ سميح، هل تعلم أن لديك جمهوراً كبيراً بين الشعب الكوردي في سوريا؟ ماذا تقول لهم؟
سميح شقير: بكل تأكيد، تصلني دائماً أخبار من الأصدقاء الكورد في كل مكان، سواء في سوريا أو في المهجر. لقد التقيت بالعديد منهم واكتشفت مكانة أغنياتي في ذاكرتهم، خاصة تلك التي عبرت عن تضامني مع القضية الكوردية، التي أراها قضية محقة تحتاج إلى معالجة عادلة ترفع الظلم التاريخي الذي تعرض له الكورد. أنا أعتبر الكورد جزءاً أساسياً من النسيج السوري، وسنعمل معاً لبناء سوريا الجديدة.
رووداو: كيف تقيم دور الكورد في محاربة داعش والحفاظ على أمن المواطنين؟
سميح شقير: هذا دور معترف به من أصدقائنا الكورد بذلوا جهوداً كبيرة وكان لهم فضل كبير في التخلص من داعش، وهذا شيء يعترف به الجميع. رغم أن البعض يحاول تجاهل هذا الإنجاز، إلا أن التاريخ قد سجّل دورهم بحروف من ضياء.
رووداو: هل سبق أن استمعت إلى الموسيقى الكوردية؟
سميح شقير: بالطبع، أحب الموسيقى الكوردية جداً. هي موسيقى اشعر أن مصدرها الجبال، بأصوات قوية وشامخة تردد صداها نحو البعيد. الفن الكوردي كان دائماً وسيلة للحفاظ على روح الشعب وتراثه ونزوعه نحو الحرية.
رووداو: هل لديك أصدقاء من الفنانين الكورد؟
سميح شقير: نعم، التقيت بالفنان شفان صديقي من كوردستان، وأصبحنا أصدقاء مقربين. قمنا بحفل مشترك في بون الألمانية. ورغم أن اللقاء تأخر، إلا أنه كان رائعاً جداً.
رووداو: هل تحب أغاني شفان برور؟
سميح شقير: نعم، لا أفهم الكلمات، لكن الموسيقى تأسرني وتأخذني إلى عوالم بعيدة. كل هذا الجمال يتجلى في الأغاني الكوردية.[1]