اعداد الباحثة : زينب ماهر السيد مرسي
دراسة خاصة في ” المركز الديمقراطي العربي” العلاقات التركية العراقية “دراسة لحالة الأكراد”
المقدمة:
إن العلاقات بين الفاعلين الدوليين المتمثلة في الدولة المستقلة تحكمه عوامل ومتغيرات متعددة، وتختلف فاعلية متغير عن متغير آخر من فترة لآخرى، وذلك بناء على مدى اهتمام هذه الدول بها، عليه فإن العلاقات التركية العراقية كبلدين جارين لهما حدود مشتركة، قد مرت بمد وجزر عبر التاريخ، وتأثيرات تلك العلاقة بعوامل مختلفة منها العوامل التاريخية والجغرافية والديموغرافية المتمثلة في الإثنية والدينية والمذهبية، ومنها أيضا عوامل موضوعية خارج إرادة البلدين مثل التوازنات الدولية والنظام الإقليمي ووجود مصالح القومي الدولية العظمى في المنطقة وتأثيرها على نمط العلاقة بين البلدين”( ).
وقد احتلت القضية الكردية في منطقة الشرق الأوسط مكانة كبيرة حيث أن لها جذور تاريخية تتمثل في حق الشعب الكردي في العيش على وطنه أمنا كقومية متميزة الملامح والخصائص واللغة إلا انها كقضية سياسية فإن لها أبعاد إقليمية داخل أكثر من دولة وظهرت تلك الأبعاد نتيجة الحرب العالمية الأولى (1914-1918) بعد سقوط الخلافة العثمانية وتفكيك دولة الخلافة إلى دول قومية يفصلها حدود دولية مصطنعة، فنتيجة لذلك حرم الكرد من بناء دولتهم الخاصة بهم( ).
وقد اكتسبت القضية الكردية في العراق أهمية خاصة تتعدى حدود العراق كدولة وخاصة منطقة كردستان العراق التي لها أهمية جيوسياسية واستراتيجية واقتصادية كبيرة خاصة بوجود النفط في تلك المنطقة، وإضافا إلى كونها كقضية تشكل نزاعا داخليا في دول الحدود مع العراق (تركيا – إيران)، فأصبحت مصدر للخلاف والصراع بين هذه البلاد.
وبالنظر إلى العلاقة بين تركيا والعراق بشأن القضية الكردية وخاصا بعد حرب الخليج الثانية، نجد أن تركيا لها مصالح وثوابت في شمال العراق، تتمثل في الحيلولة دون انفقصال شمال العراق، وتكوين دولة كردية مستقلة، والحيلولة دون سيطرة أكراد العراق على مدينة كركوك النفطية، وعدم المساس بالأقلية التركمانية في شمال العراق، وكذلك محاربة حزب العمال الكردستاني”( ).
ويتضح من ذلك مدى المصالح الكبيرة لتركيا في إقليم كردستان العراق لا سيما بعد حرب الخليج الثانية، كما زاد من أهمية العلاقة بينهم بعد قرار الولايات المتحدة بغزو العراق 2003، والذي شكل قلقاً وأرباكا لحسابات تركيا تجاه العراق، وقد رفضت الحكومة التركية الممثلة في حرب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي، المشاركة في هذه الحرب.
وكان رفض تركيا للتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب ضد العراق له عدة أسباب منها الخوف من تجزئة العراق، ومن ثم احتمالات متزايدة لمطالبة أكاد العراق بالانفصال وإعلان دولتهم الكردية المستقلة في شمال العراق، وبالطبع قد يتم ذلك وفقا للرؤية التركية – بدعم وموافقة أمريكية، ولأن هذا الانفصال سوف يساهم في تأجيج المشاعر والروح القومية لأكراد تركيا للمطالبة بالانفصال أو الحكر ال ذاتي، وهو الأمر الذي يشكل تهديدا لأمن تركيا القومي ودورها الإقليمي في المنطقة.
وبناء على ما سبق سيتم دراسة المسألة الكردية وتطورها في كلا البلدين تركيا والعراق، وأثر القضية الكردية على العلاقات بين البلدين وذلك منذ حرب الخليج الثانية إلى انتهاء الاحتلال الأمريكي للعراق (1991-2012).
وسيتم تقسيم الدراسة إلى ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تطور القضية الكردية وسيتم مناقشة الأصول القومية والجغرافية للكرد، وكذلك التطور التاريخي للقضية الكردية في كل من تركيا والعراق .
الفصل الثاني : الأكراد في النظام السياسي العراقي والتركي وسيتم عرض مكانة الأكراد في كل من النظامين السياسية للعراق وتركيا، واالمناصب التي تقلدها الممثلين للأكراد في البلدين.
الفصل الثالث : المسألة الكردية في العلاقات التركية – العراقية.
وسيتم في هذا الفعل عرض أثر المسألة الكردية على العلاقات التركية – العراقية منذ حرب الخليج 1991 إلى الاحتلال الأمريكي للعراق وكذلك سيتم مناقشة أثر هذا الاحتلال على تطور القضية الكردية في العراق وعلى وضع الأكراد ومكانتهم، وأيضا سيتم مناقشة العلاقة بين تركيا والعراق وتأثير القضية الكردية منذ الاحتلال الأمريكي للعراق.
اشتداد الصراع بين تركيا حزب العمال الكردستاني، وكذلك الأزمة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية لتركيا للتدخل عسكريا في العراق ومطاردة حزب العمال الكردستاني عام 2008.
وكذلك سيتعرض الفصل التغيير في العلاقات منذ عام 2009 والذي عقد فيه اتفاقية تعاون أمني مشترك إلى 2012 وانتهاء الاحتلال الأمريكي للعراق وبداية التعاون الاقتصادي بين البلدين تركيا والعراق.
ثانيا:المشكلة البحثية :
تحكم العلاقات التركية-العراقية وخاصة( شمال العراق) مجموعة محددات أو ثوابت رئيسية ونلاحظ ذلك خاصة بعد حرب الخليج الثانية ، لعل أهم تلك المصالح هي:
الحيلولة دون انفصال شمال العراق وتكوين دولة كردية مستقلة ، عدم المساس بالاقلية التركمانية في شمال العراق ، محاربة حرب العمال الكردستاني ، الحيلولة دون سيطرة أكراد العراق في مدينة كركوك النفطية .
وسيتم رصد أبرز التغيرات في العلاقات بين تركيا والعراق وفقا لمصالح كل منهما خاصة مصالح تركيا فى شمال العراق ,ومصالح الأكراد فى إقامة دولة مستقلة تضم القومية الكردية فى كافة الدول المحيطة.
وكذلك سيتم بحث أثر قرار الولايات المتحدة الأمريكية بغزو العراق عام 2003 على هذه العلاقة وتداعيات هذا على سياسة تركيا تجاه شمال العراق.
وبناء علي ما سبق فإن المشكلة البحثية ترتكز علي سؤال رئيسي وهو :
ما هي الآثار الإقليمية_ للقضية الكردية علي العلاقات التركية العراقية ؟
فمن خلال هذه الدراسة سيتم رصد اثر القضيةالكردية على العلاقات التركية العراقية ,وتطورات الاحداث فى تلك الفترة .
وهناك تساؤلات فرعية للدراسة وهي :
1. ماهى الأصول القومية والجغرافية للكرد ؟ وما هى تطورات القضية الكردية فى تركيا والعراق ؟
2. ما هي السياسات التي يتبعها كل من النظام السياسي التركي والعراقي تجاه الأكراد ؟
3. ما هي أسباب هذه السياسات وما هي الأهداف التي تسعي إليها هذه الأنظمة لتحقيقها ؟
4. ما موقف كل من تركيا و أكراد العراق من الاحتلال الامريكى للعراق عام 2003 ؟
5. ماهى أبرز معالم التغير فى العلاقات بين تركيا والعراق تجاه (كركوك,وحزب العمال الكردستانى ) ؟
6. ماهو ثأثير وصول العثمانين الجدد إلى الحكم على السياسة التركية تجاه أكراد العراق ؟
ثالثا:أهمية الدراسة :
إن المشكلة الكردية في تركيا والعراق تعتبر من أعقد المشاكل وأطولها عمراً ، وتتمثل في مطالبة الأكراد بحقوق تميزهم عن غيرهم ، وتحافظ علي قوميتهم ولغتهم ، ويطالبوا بإثبات هذه الحقوق في الدساتير والقوانين المعمول بها في تلك البلاد . فيما ترفض النخب الحاكمة في كل من العراق وتركيا هذا لأنها تري أن ذلك سيؤدي الي الإنفصال وضعف الدولة .
وأثارت هذه المشكلة تفاعلات علي الوضع الإقليمي لدي كل من تركيا والعراق,كما جمعت الدراسة بين الجانب النظرى والعملى لإظهار تطور القضية الكردية.
رابعا:أهداف الدراسة :
تهدف الدراسة إلى رصد القضية الكردية بتطوراتهاوالتغيرات فى العلاقات السيسية بين تركيا والعراق , ومعرفة دوافعها ومدى الارتباط بالمصالح الحيوية والاستراتيجية لتركيا.
فأن الأهداف تشمل تحديد طبيعة التغير فى العلاقات وتحليل موقف تركيا من منح الفيدرالية لإقليم كردستان العراق.
خامسا:منهج الدراسة :
تعتمد الدراسة علي المنهج التاريخي في معرفة أصل الكرد ولغتهم ودياناتهم وكذلك التطور التاريخي للقضية الكردية في كل من العراق وتركيا ، كما تعتمد علي منهج التحليل النظمي في المقارنة بين سياسات النخب الحاكمة تجاه الكرد في كل من العراق وتركيا .
أولا: منهج التحليل النظمى:
سيتم استخدام منهج تحليل النظم ل “ديفيد ايستون” من قبل الباحثة لتحليل دور وتأثير القضية الكردية في العراق كعامل ومتغير في العلاقات العراقية التركية وذلك بالتركيز علي أبعاد هذه القضية بالشكل التالي:
– المدخلات: تشمل مدخلات النظام السياسي وفقا لاقتراب التحليل النظمي علي كل ما يتلقاه هذا النظام من بيئته الداخلية والخارجية واليت بدورها تشكل عنصر ضغط علي صانع القرار وبالنسبة للدراسة تأخذ أبعاد تأثير القضية الكردية في العراق شكل المدخلات التي تؤثر علي نمط العلاقات بين العراق وتركيا وذلك بتحليل أبعاد هذه التأثير المتمثلة في (النفوذ الكردي في العراق والتطورات التي طرأت عليها والتحالفات التي قامت به القوى الكردية علي الساحة العراقية مع الأحزاب والقوى العراقية الأخرى). وكيفية تأثيرها علي نمط العلاقة بين البلدين.
– المخرجات: وهي تشمل طبيعة التفاعلات التي تحدث بين العراق تركيا نتيجة لتأثير المتغير أو العامل الكردي وأبعاد هذا التأثير وتوضيح انعكاس حجم هذا التأثير من حيل لآخر.
– التغذية الاسترجاعية: هي عملية يتم بمقتضاها تدفق المعلومات من البيئة إلي النظام السياسية من جديد في شكل مدخلات عن نتائج سياسته السابقة .
– بالنسبة لهذه الدراسة تكون التغذية الإستجاعية عبارة عن إعادة نظر الدولتين (العراق وتركيا) بنمط العلاقات القائمة بينهما نتيجة تأثيرات وتطورات القضية الكردية في العراق وآثارها وكيفية الانسجام مع مستجدات القضية من مرحلة لأخرى.
– المنهاج التاريخي: وهو أكثر المناهج التقليدية شيوعا، وهو يعلق أهمية كبرى تطور التاريخ الدبلوماسي وذلك على أساس أن للعلاقات الدولية المعاصرة جذورا وامتدادات تاريخية سابقة مما يجعل التعمق في تفهم الظروف والمؤثرات التاريخية أمرا ضروريا لاستيعاب الملابسات التي تحيط بالعلاقات الدولية في أشكالها المعاصرة فالروابط والصراعات والأحقاد التاريخية تعد في تقدير المنهاج الترايخي من بين القوى الرئيسية التي تحكم في الاتجاهات السياسية الخارجية للدول.
كذلك فإن دعاه المنهج التاريخي في التحليل يعتقدون أن بإمكان هذا المنهاج تحقيق عدة مزايا أخرى منها:
• القدرة على تحري الأسباب التي تكمن وراء نجاح أو فشل قادة الدول في إتباع سياسات خارجية معينة في وقت ما، واستخلاص مغزى أو دلالات عامة لأنماط السلوك الدولي المختلفة.
• أن استخدام المنهاج التاريخي يؤدي إلى تفهم أكبر وأعمق للاتجاهات التي يسلكها تطور العلاقات السياسية بين الدول وانتقالها من نظام إلى آخر.
• أنه يساعد أيضا على تفهم الكيفية التي يتم بها اتخاذ بعض قرارات السياسة الخارجية والدوافع التي تمليها والنتائج التي تتبلور عنها وذلك في الإطار التاريخي الحقيقي لهذه القرارات.
• أن التاريخ في اعتقاد دعاه هذا المنهج يخدم كمعمل للتجريب واختيار العلالقة التي تقوم بين الأسباب والنتائج في السياسة الدولية على أساس أن لكل موقف دولي طبيعته المتميزة، وأن مواقف السياسة الدولية لا تتكرر على نفس النحو.
ولكن هذا المنهاج التاريخي في دراسة العلاقات السياسية الدولية لا يخلو من بعض انتقادات حادة توجه إليه ومن ذلك على سبيل المثال: أن الأحداث التاريخية هي من الغزارة والتعقد والتداخل بحيث تجعل م الصعب عمليا تحديد القوى الرئيسية التي تتحكم في العلاقات الدولية عند أي مرحلىة من مراحل تطورها والانتقاد الثاني هو أن التاريخ كثيرا ما تستخدم دراسته لإثبات فرضية معينة .
ومن هنا يحدث نوع من التأثير أو التلاعب بالمادة التاريخية بحيث تستخلص منها فقط العناصر التي تؤيد هذه الفرضية واستبعاد العناصر الأخرى التي تلخصها أو تناقضها، وعلى ذلك تكون الاستنتاجات والتصميمات مغرضة ومتحخيزة ولا تعكس إلا جزءا من الحقيقة التاريخية يتوقف مداه على اتجاه كل دارس وكيفية تحليله للمادة التاريخية التي في متنماوله وأما عن الانتقاد الآخر الموجه إلى هذا المنهاج فهو أن للتاريخ لا يتطور في اتجاه محدد أو معلوم حتى يمكن استخلاص قوانين يمكنها أن تفسر الظواهر المختلفة التي تحيط بعملية التطور هذه، وهذا هو الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الدارسين حيث يعملون تحت وهم الاعتقاد بأن التاريخ وما يرتبط به من علاقات بين الدول، يتطور من وضع إلى آخر بفعل قوانين بالإمكان تحديدها والتوصل إليها وربما كانت هذه الحقيقة بالذات هي التي دعت فيلسوفا مثل شبنجلر Spengler إلى أن ينكر على التاريخ أن يكون مبنيا على الارتباطات السببية أو على التطور المنطقي والمنتظم.
وقد لخص ستانلي هوفمان أزمة هذا المنهاج بأن قال أن المنهاجط التاريخي قد ينتهي بنا إلى التحليق في السماء، ولكنه لا يستطيع أبدا أن يمدنا بنظرية في العلاقات السياسية الدولية.
سادسا:الإطار الزمني :
تقع فترة الدراسة بين (1991 2014) فتبدأ الدراسة من 1991 حيث انتهت حرب الخليج الثانية ، وأبرز هذا التاريخ وضوح القضية الكردية علي الساحة الدولية بسبب ثورة الكرد في شمال العراق ، ورد الفعل العنيف من جانب النظام العراقي عليها ، والتدخل الدولي والإقليمي وإصدار قرار مجلس الأمن رقم (688)، وإيجاد ما يعرف (بالمنطقة الآمنة)، وفي صيف هذا العام نقل حزب العمال الكردستاني نشاطه الي الأراضي العراقية وجعلها قاعدة إنطلاقة لشن عملياته العسكرية ضد الجيش التركي ، وايضاً هذه السنة هي الموجة الأولي من اللاجئين الأكراد والي الحدود التركية خوفاً من بطش النظام العراقي .
ويتخلل هذه الفترة بعض الفترات منها 2003 الحرب علي العراق وأثرها علي السياسة التركية تجاه العراق ، و2009 وتغير سياسات تركيا تجاه العراق بعد الامتلاك الأمريكي بالنسبة الي شمال العراق وكركوك والمصالح النفطية وحزب العمال الكردستانى.
وتنتهى الدراسة عام 2012 حيث انسحاب القوات الأمريكية من العراق .
سابعا: الإطار المكانى :
يتحدد النطاق المكانى للدراسة فى تركيا ,وكذلك فى العراق لاسيما شمال العراق (كردستان العراق) .
ثامنا: الإطار المفاهيمى :
أما مفاهيم الدراسة فهي كالتالي:
* مفهوم الأقلية:
يقصد بالأقلية القومين ذلك الجزء من سكان الدولة الذين ينتمون إلي أصل قومي يختلف عن الأصل القومي الذي ينحدر من غالبية هؤلاء السكان( ). وبمعيار الأهمية السياسية فإنه يمكن التفرقة بين نوعين من الأقلية القومي:
أ- الأقلية القومية التي يتركز وجودها في المناطق الحدودية للدولة التي تعيش فيها.
ب- الأقلية التي تشارك دولة مجاورة قوميتها.
بالنسبة للنوع الأول من الأقليات فإن تطلعها يكون متجها إلي تحقيق هدف من اثنين هما: أما الانفصال وتكوين دولة مستقلة خاصة بها وأما الحصول علي درجة عالية من الحكم الذاتي والتمتع بحق المعاملة المتساوية مع الأغلبية.
وأما النوع الثاني من الأقليات فإنها تطلب عادة بتعديل الحدود الدولية كي يتاح لها الانضمام إلي الدولة المجاورة التي تشاركا قوميتها لتصبح بذلك جزاءاً من شعبها وثمل هذا التطلع غالبا ما يلقي تأييد الدولة المجاورة التي تحاول الترويج لوجه النظر القائمة بأن الحل العملي للمشكلة لا يكون إلا بضم الإقليم الذي تسكنه هذه الأقلية القومية إلهيا وتذهب هذه الدراسة إلي أن النوع الأول من الأقليات هو الذي يمثل مشكلة المتغير فيها والمؤثر فيها علي العلاقات الإيرانية حيث أن مطالب الكرد في العراق تتمثل في السعي إلي تحقيق الحصول علي درجة عالية من الحكم الذاتي والتمتع بحق المعاملة المتساوية مع الأغلبية العربية في العراق في إطار نظام فيدرالي ديمقراطي.
* مفهوم الدور الإقليمي:
في سياق السياسية الخارجية يقصد بمفهوم الدور (مجموعة السلوكيات المتوقعة اجتماعيا والمرتبطة بوظيفة معينة)، إذن يتحدد مفهوم الدور من تلك الوظيفة التي تقوم بها الدولة في محيطها الدولي عبر فترة زمنية طويلة، وذلك في سعيها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية ومن ثم فإن العلاقة بين دور الدولة وخطيها الخارجي هي علاقة ذات أهمية محورية في تحديد دور الدولة أو الوحدة السياسية حيث أن التطورات والتغيرات التي تحدث في تلك البيئة أو المحيطة الخارجي .
إنما تلقي بظلها وتأثيراتها السلبية والإيجابية علي دور الدولة وتهيئ له الفروض وتحديده بالقيود وفقا لاتجاه التغير وعلي ذلك فلا ينشأ الدور الإقليمي إلا عندما تسعي الدول غلي القيام به بل وبصياغة واعية له.
كذلك يقصد بمفهوم الدور “أدراك صانعي السياسة لماهية القرارات والالتزامات والقواعد والأفعال المناسبة لدولتهم والوظائف التي يجب عليها القيام بها في عدد من الأطر الجغرافية الموضوعية” وعادتا ما تلعب تصورات صانع السياسية الخارجية لمركز دولته ولحجم نشاطها ونوع دوافعها في السياسية الدولية وكذلك توقعاته لحجم التغيير المترتب علي ممارسة هذا الدور أهميته خاصة في تحديد المجالات التي تتميز فيها الدولة بنفوذ خاص، وكذلك تحديد درجة ومستوى هذا النفوذ ويما تقدمه من تصورات ملائمة للوظيفة عند كل مستوى.
ومن ثم فإن دو الدولة يتحدد بمجموعة من المتغيرات السياسية والاقتصادية والجغرافية والتاريخية بالإضافة إلي المتغيرات القيادية وما يرتبط بها من ومفاهيم إدراكية حلو دور الدول خارجياً، إقليميا، أو دوليا كما أن السياسيات الداخلية تنعكس بدورها لي دور الدولة خارجياً.
إذا دور الدولة أو وظيفتها في مجلها الإقليمي والدولي يحددها مجموعة من المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية التي تعمل كمحدد لهذا الدور( ).
* العلاقات الدولية:
يقصد بها تفاعلات تتميز بأن أطرافها أو وحداتها هي وحدات دولية والعلاقات الدولية هي تفاعلات ثنائية الأوجه أو تفاعلات ذات نمطين النمط الأول هو نمط تعاونى والنمط الثاني هو نمط صراعي مع العلم أن النمط الصراعي هو النمط الذي يغلب علي التفاعلات الدولية بالرغم من محاولة الدول أخفاء أو التنكر لتلك الحقيقة بل أنه يمكن القول أن النمط التعاونى الذي قد يبدو فيه بعض الدول هو نمط موجه لخدمة الصراع أو نمط صراعي أخر قد تديره الدولة أو تلك الدول مع مجموعة دور أخرى ويمكن تعريف كل من الصراع والتعاون باختصار كالأتي:
الصراع: هو موقف من التعارض بين فاعلين دوليين أو أكثر في المصالح والأهداف وهو يبدأ من تبادل العبارات غير الودية ليصل لدرجة النزاع والحروب التعاون: يتضمن مستويات متعددة تبدأ من الاتصالات الودية بين المسئولين الحكوميين ويتصاعد ليصل إلي درجة الاتحاد بين الأطراف المعنية( ).
* مفهوم دول الجوار الجغرافي:
يثار هاذ المفهوم في ضوء الحديث عن دول الجوار بالنسبة للدولة ما وتأثير ذلك على احتمالات الصراع بين الدول فهناك دول ليس لها حدود مشتركة بحكم وضعها الجزري وهناك دلو لها حدود مشتركة مع دولة واحدة فقط بافتراض أن الدول المتجاورة جغرافيا تدخل ف شبكة تفاعلات أكثر حجما وكثافة من الدول المتباعدة جغرافيا وهذا العلاقات تحددها مجموعة من المحددات مختلفة وتؤثر عليها سلبا أو إيجابا .
فنحاول أن ندرس نمط العلاقة القائمة بين دولتين جارتين هما العراق وتركيا علي ضوء العامل أو المتغير الكردي وهي القضية الكردية في العراق( ).
* مفهوم الأمن القومي:
وقد عرف الأمن القومي بأنه قدرة المجتمع علي مواجهة جميع المظاهر المتعلقة بالطبيعة الحادة والمركبة للعنف( ) وقال آخرون: أنه تأمين كيان الدولة والتجمع ضد الأخطار التي تشهدها داخليا وخارجيا وتأمين مصالحها وتهيئة الظروف المناسبة اقتصاديا واجتماعيا لتحقيق أهدافها والغاية التي تعتبر عن الرضا العام في المجتمع .
وقد ذهب البعض إلي تعريف الأمن القومي: (بأنه الإجراءات التي تتخذها الدولة للحفاظ علي كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات الدولية كما عرف أيضا بأنه مجموعة الوسائل الناجع والقوى المادية التي تتوفر لدولة ما لحماية كيانها ونظامها ومجتمعها من الأخطار الداخلية والخارجية التي تطلها أو تهددها)( ).
تاسعا:الدراسات السابقة
يمكن رصد الدراسات الدراسات السابقة على النحو التالى:
أولا:دراسات تناولت القضية الكردية :
1) د. نفين عبد المنعم مسعد، الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي، 1988، مركز البحوث والدراسات السياسية.
ففي حاولت د. نفين دراسة مشكلات الأقليات وطرح بعض المفاهيم البديلة لمفهوم الأقليات وما يختلط به من مفاهيم وأكدت علي أن الأقلية هي في الأساس ظاهرة ثقافية أنها يجب أن تكون واعية وأن انتماء الأقلية ليس جامداً بل متغير.
وتوصلت إلي أن التفاعلات الصراعية علي محاور اللغة والدين والطائفة في المنطقة العربية لم تكن الصورة الوحيدة لتفاعلات الجماعات المتميزة إلا أن لها نموذجا متعدد وتوضح أنه قد يكون هناك انجذاب لبعض الجماعات إلي قوى خارجية تشاركها في الدين أو اللغة أو الطائفة.
وقد سلكت د. نفين المنهج التاريخي لتحليل كل تطور له من الأقليات في الدول العربية وقد استفادت الدراسة بهذا الكتاب حيث عرض تاريخي للأكراد وتطور حالتهم عبر الزمن.
2) أحمد تاج الدين، الأكراد تاريخ شعب وقضية وطن، القاهرة 2001، دار الثقافة للنشر، جامعة القاهرة: كلية اقتصاد وعلوم سياسية.
يتحدث الكاتب في هذا الكتاب عن تاريخ الأكراد وجذورهم في عاداتهم وتاريخهم ودينهم والمواقع والمعارك والثورات التي مروا بها ويمكن القول أنه استخدام الاقتراب التاريخي لسرد كل ما مر به الأكراد من مراحل واستفادت الدراسة من هذا الكتاب حيث اتضح تاريخ الأكراد (إنسان وزمان ومكان) وكذلك تطور القضية الكردية بكافة مراحلها.
ثانيا: دراسات تناولت القضية الكردية فى العراق:
1) قاسم جميل قاسم، التكامل القومي في العراق “المشكلة الكردية” دكتوراه، 1977، كلية الاقتصاد.
يرجع الباحث مسألة التكامل في العراق إلي أنها ترتبط بمدى التضامن الداخلي لمجتمع العراق، ويقول أن عدم وجود تكامل يؤدي إلي تهديد استمرار الجماعة السياسية واستخدام الباحث المنهج التاريخ ولتوضيح تطور المشكلة، والمنهج التحليل التصنيف وتحديث المعلومات التي يتم التوصل إليها ويوصل الباحث إلي أن تعدد الأصول القومية في نطاق دولة معينة يؤثر بالضرورة علي شكل الدولة وأسلوب تنظيم أجهزة الحكم .
وأن هذا التحدد يؤدي إلي صعوبات من جانب الأقليات القومية في المطالبة بحق تقرير المصير وقد استفادت الدراسة من هذه الرسالة حيث تطور مشكلة الأكراد من نشأتها وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية خاصة بالعلاقة بينهما العراق وتركيا.
2) شادي أحمد محمد عبد الوهاب، أثر الطائفية علي النظام السياسي: دراسة حالة العراق، ماجستير، 2009، جامعة القاهرة: كلية اقتصاد وعلوم سياسية.
يتحدث الباحث عن فترة سقوط العراق في أيدي الاحتلال الأمريكي في عام 2003 إلي بروز نظام سياسي جديد ووضع حجر أساس للطائفية، واستخدام الباحث اقتراب تحليل النظم واستخلاص الباحث أن إتباع أسلوب الديمقراطية للتوافقية كمدخل لعلاج التعددية في العراق لم يساعد علي حلها وإتباع الترتيبات الفيدرالية القائمة علي أساس عرقية قد يؤدي إلي تقسيم العراق وأن الولايات المتحدة قد وضعت أساس النظام طائفي ساهم في تحضير الأوضاع الطائفية ووصي بتحقيق عبور من الطائفية إلي المواطنة.
واستفادت الدراسة من هذه الرسالة من خلال معرفية موقف تركيا من تقسيم العراق، ومدى تطور القضية الكردية أثناء الاحتلال.
3) عبد النافع محمود، ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في العراق، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة: كلية اقتصاد وعلوم سياسية في 1973 ركز عبد النافع في رسالته علي أبعاد الصراع الدامي الذي رافع هذه الظاهرة فخلق مجتمعا قلقا وتحصلت دراسة إلي نتيجة أن لا سبيل إلي الوصول إلي حياة سياسية هادئة مستقرة إلا بالعودة إلي نظام ديمقراطي يثبت الصالح العام.
4) قاسم جميل قاسم، التكالم القومي في العراق: المشكلة الكردية، رسالة دكتوراه، وجامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم 1977.
فقد ركز علي مشكلة التكامل القومي في العراق في أبرز مظاهرها وأكثر حالتها خصوصا وهي قضية الأكراد وقد توصلت الدراسة إلي أن من الحكم الذاتي وبدء تطبيقه يعد خطوة هامة من أجل إعادة الاستقرار.
ثالثا:دراسات تناولت القضية الكردية فى تركيا:
1) Lundgren Asa, The unwelcome neighbor: turkey’s Kurdish policy, CUSA: I.b. Taur is & company limited, 2007.
فقد قامت الباحثة في كتابها باكتشاف. أبعاد السياسية التركية تجاه شمال العراق منذ السبعينيات حتى الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003، ورأت أن هدف السياسية تجاه العراق هو الحفاظ علي وحدة العراق خوفاً من أن تفككها قد يؤدي إلي تفكيك وحدة الدولة الوطنية التركية.
2) رجائي فايد، كردستان العراق: أكثر من فيدرالية وأقل من استقلال، كراسات إستراتيجية، العدد 156، 2005.
تناول الدكتور التطورات الكردية شمال العراق في الفترة التي اغتصبت الاحتلال الأمريكي له من حيث الثقافة والسياسية ولكن الدراسة ركزت علي مصير كردستان العراق ولم يتم التركيز علي بيان المعوقات التي تواجه هذا الكيان داخلياً وإقليميا ودولياً.
رابعا:دراسات تناولت أثر القضية الكردية على العلاقات التركية العراقية:
1) شريف نسيم قلته، أثر الاحتلال الأمريكي للعراق علي السياسة التركية تجاه أكراد العراق لفترة 2003-2009 ماجستير، 2011.
توصلت الدراسة إلي أن الحرب الأمريكية علي العراق عام 2003 خلقت واقعاً إقليميا جديدا ساهم في حدوث خلقت واقعا إقليميا جديدا ساهم في حدوث تغيرات علي الساحة التقليدية ووجود إقليم كردستان معترف به، توصلت أيضا إليا أن مصير مدينة كركوك الغنية بالنقط ستظل من أكبر المعضلات والمشاكل علي الساحة العراقية.
2) Bakery, Henri J., Turkey & Iraq: the perils & prospects & proximity, united state institute of peace, report no. 141, July 2005.
وتناول الكاتب في دراسته تركيا والعراق أخطار وإمكانات الجوار: المصالح التركية في العراق المتمثلة في منع تعشيم العراق علي أسس أثنية الوظائفية لما يسمح بقيام دولن كردية وحماية الأقلية التركماتية والقضاء علي قواعد حرب العمال الكردستاني في شمال العراق وكيف أن الاحتلال الأمريكي أثر سالباً علي هذه المصالح.
3) Turkish –US. Relations – Convergence or divergence, Turkey policy, Quarterly, 2005.
تناولت الدراسة أبعاد العلاقات الأمريكية التركية من خلال المتغيرات الدولية والإقليمية التي أحاطت البلدين خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وطبيعة العلاقة بين البلدين وقد تأثرت بشكل كبير نتيجة القرار الأمريكي يغزو العراق ورفض تركيا لا تصبح للمطالب الأمريكية.
عاشرا:تقسيم الدراسة :
الفصل الأول :
تطور القضية الكردية
o المبحث الأول :
الأصول القومية والجغرافية للكرد
o المبحث الثاني :
التطور التاريخي للقضية الكردية
• أولاً : التطور الكردي في العراق
• ثانياً : التطور الكردي في تركيا
الفصل الثاني :
الأكراد في النظام السياسي العراقي والتركي
o المبحث الأول :
الأكراد في النظام السياسي العراقي
o المبحث الثاني :
الأكراد في النظام السياسي التركي
الفصل الثالث :
المسألة الكردية في العلاقات التركية العراقية
o المبحث الأول :
أثر المسألة الكردية علي العلاقات التركية العراقية من
حرب الخليج الثانية (1991 2003م).
o المبحث الثانى:
أثر الاحتلال الأمريكى على تطور التجربة الكردية .
o المبحث الثالث :
أثر المسألة الكردية علي العلاقات التركية العراقية من
احتلال العراق إلي (2008م) .
o المبحث الرابع :
أثر المسألة الكردية علي العلاقات التركية العراقية من
(2008 إلي 2012م) .
• الإطار النظرى:
لقد تعددت اتجاهات دراسة وفهم العلاقات الدولية نتيجة لتطور النظام الدولى والتحولات الجذرية من حيث تفاعلاتها وتنوع القضايا, ويتناول هذا الفصل عرضا للإنتاج الفكرى المبنى على التصورات النظرية للعلاقات السياسية الدولية والتركيز على النظرية الواقعية فى دراسة العلاقات الدولية ,وكذلك سرد اهم التطورات فى النظام الدولى, أيضا سيتم عرض أثر القومية فى العلاقات الدولية.
النظرية الواقعية فى العلاقات الدولية :
تعتبر النظرية الواقعية ممن أكثر النظريات أتصالا بالواقع الدولى وتعبيرا عن تطوراته واوضاعه .ومن دعاتها البارزين هانس مورجانسو أستاذ العلاقات الدولية ,
كما تعد فكرة المصلحة والقوة هما دعامتى التحليل فى النظرية الواقعية لمورجانثو, والمصلحة هنا تتحدد فى إطار القوة التى تتحدد فى نطاق ما يسميه مورجانثو بفكرة التأثير أو السيطرة.
وبشكل أكثر إيضاحا فإن القوة السياسية هى مدى التأثير النسبى الذى تمارسه الدول فى علاقاتها المتبادلة ,وهى بذلك اوسع من بكثير من ان ترادف العنف المادى والعسكرى.فهى النتاج النهائى لعدد من المتغيرات المادية وغير المادية ,والتفاعل بين هذه المتغيرات هو الذى يحدد حجم قوة الدولة وإمكانيتها فى التأثير السياسى فى موجهة غيرها من الدول.مستمر نحو زيادة قوة الدولة وإستغلال هذه القوة بناء على مصالحها بغض النظر عن مصالح الدول الاخرى .
ولكن هناك انتقادات وجهت إلى نظرية مورجانثو والتى من اهمها:
1. أن النظرية لم تحدد المفاهيم المختلفة للقوة بشكل واضح والتمييز بين القوة التى تأتى كناتج سياسى والقوة التى تعد مجرد أداة والقوة التى تؤثر كدافع محركMotivation فكل واحد من هذه المفاهيم يمثل ظواهر ويرتب نتائج وحقائق تختلف من مفهوم إلى أخر.بل وتم دمجها فى مفهوم عام واحد لا يفى بأغراض التحليل المتعمقلكافة أبعاد الظاهرة وبحث تأثيرتها الدولية.
2. الدعامة الثانية فى نظرية مورجانثو المصلحة االقومية لم تحلل تحليلا كافيا حيث تم معالجتها على أنها هدف سهل التحديد طالما انها تتحدد بناء على القوة ولا شئ سواها بالطبع هذا لا يتوافق مع التحولات الجذرية التى طرأت على العلاقات الدولية.وعلق على ذلك ستانلى هوفمان فان مورجانتو أعتبر ان فكرة الهدف والمصلحة القومية التى تسهل تحديدها لا تصلح إلا فى ظرف مستقر حيث تتصارع الأطراف على تحقيق أهداف محدودة بوسائل محدودة ودون ضغوط داخلية تقطع على هذه الأطراف تحركاتها.
3. ومن المآخذ الأخرى ان النظرية تطبع عليها الصبغة الاستاتيكية العامة,و أعتبار-مورجانثو-النظام السياسى غير متغير ,مادام مصالح الاطراف تتحدد دائما بدافع القوة تحت أى ظرف ,أى أن هذا النظام دائما سيظل محكوما بصراعات القوى.وان هذه الصراعات قد تختلط بنوع من الفوضى ,ولكن هذه الفوضى تعد شكلا انتقاليا لهذه الصراعات ,أى ان صراعات القوى شئ والظروف الدولية شئ اخر.
4. أن القوة وحدها لا تستطيع ان تخدم بمفردها كأداة للتحليل كافة الظواهر المعقدة فى السياسة الدولية,فسوجد قيم ووعوامل أخرى تؤثر فى السلوك الخارجى للدول مثل الرغبة فى التعاون الدولى مثلما سنسرد فى دراستنا فيما بعد مع تطور العلاقات بين الدول ,وهناك ايضا النزعات الاندماجية,والتجمعات التى تبنى على أفكار وقيم أبعد عن سياسات القوى المذكورة .
5. ان منهاج التحليل عند مورجانثو ينظر إلى عملية صنع السياسة الخارجية على انها عملية رشيدة باستمرار ,وأنها عملية توفيق بسيطة بين الوسائل المتاحة والأهداف الثابتة والمعترف بها .ولكن التحليل المتعمق لعملية لعملية السياسات الخارجية وخاصة المعاصرة ,نجد أنها فى صراعمستمر وحاد فى الدوافع المختلفة التى تحرك واضعى هذه السياسات وصولا بالأهداف المختلفة التى يحددونها . وطالما أن الاهداف تختلف فالوسائل تختلف. وقد استفادت الدراسة من هذه النظرية بدعائمها الاساسية القوة والمصلحة القومية ,وكذلك من الانتقادات التى وجهت إليها.
والتى ادت إلى جعل النظرية تناسب موضوع الدراسة الذى يندرج من التطورات التاريخية لقضية الأكراد فى كل من العراق و تركيا إلى تطور العلاقات بين الدولتين فى ظل القرن الواحد والعشرين وعصر التغيرات السريعة والمتغيرة فى العلاقات الدوليةوظهور عوامل جديدة مؤثرة فى تلك العلاقات.
دور القومية في العلاقات الدولية:
كان الدور الذي تلعبه القومية في العلاقات الدولية موضع جدل مستمر وحاد بين الذين يدافعون عنها ويرون فيها إحدى القوى الإيجابية الهامة في المجتمع الدولي حيث تدفع الدول على طريق البناء الاقتصادين والاجتماعي وبين الذين يهاجمونها ويرون فيها مصدرا خطيرا للحروب والصراعات الدولية وبوجه عام يمكننا أن نلخص وجهة نظر كل من الفريقين على النحو الآتي:
أ- الآراء التي تندد بالقومية كقوة سلبية في العلاقات الدولية:
وهذه الأراء ترى في القومية ما يلي :
1- إن القومية تمثل تهديدا مستمرا لأوضاع السلم الدولي باعتبارها عاملا من عوامل إثارة الحرب إيا كانت طبيعة تلك الحرب وأهدافها فبعض هذه الحروب ذات طبيعة عدوانية توسعية وقد نتجت عن التطرف في تأكيد الكيان القومي على حساب القوميات الأخرى والبعض الآخر هي حروب تحرير وطني أو حروب تحدث لإتمام الوحدة القومية وفي رأي هذا الفريق من المحللين أنه أيا كانت الدوافع والملابسات التي تحيط بكل شكل من أشكال هذه الحروب التي تغذيها الاعتبارات القومية، فإنها تبقى كلها كتهديد للسلم الدولي.
2- إن القومية تشجع النزعات العنصرية في المجتمع الدولي، بما يؤدي إليه ذلك من ازدياد حدة الانقسام الدولي، وما يتبعه من تأزم وتوتر في علاقات الدول ببعضها، فالقومية هي في أساسها شعور بالانتماء العنصري، ويؤدي ذلك إلى تأكيد اعتبارات المصلحة القومية الضيقة على غيرها من الممثل والأخلاقيات الدولية التي تسمو فوق هذه الدعاوي العنصرية.
3- إن القومية تؤدي إلى التطرف في إضفاء الطابع السياسي، بوعي أو بدون وعي ، على أمور قد لا تنتمي بطبيعتها إلى المجال السياسي، ومعنى هذا أن القومية تزيد من الحساسيات الموجودة في العلاقات الدولية بميلها المستمر إلى تفسير كل ما يحدث من إطار الزاوية القومية وحدها، والمبالغات غير المنطقية أ؛يانا في هذه الناحية تعمل على زيادة الاحتكاك الدولي، وتضييق فرص التعاون بين الدول في مختلف المجالات الأخرى التي تهم مصالحها.
4- إن القومية تؤدي إلى إضعاف عنصر التيقن والاستقرار في العلاقات الدولية، فالنزعات القو مية تدفع أحيانا إلى الخروج على المعاهدات التي تكون الدولة طرفا فيها، ويتم ذلك غالبا تحت مبرر المصلحة القومية. ومثل هذه التصرفات تهز الثقة الدولية في قيمة تلك التعهدات ما دام أن الاعتبارات القومية تطفي على كل إحساس بالمسئولية الدولية.
الفصل الأول:
تطور القضية الكردية:
تشغل قضية الأقليّات فى العالم حيز لا يستهان به خاصة وإن كانت هذه الأقلية لها دور مؤثر داخليا أو إقليميا أو عالميا , ويعد الأكراد من أكبر الأقليّات في العالم، و هم أمّة كبيرة وذات تاريخ عريق، وفي هذه الأقليّة العديد من العظماء أمثال صلاح الدّين الأيّوبي، وهذه الأمّة تجمعها عرقيّة واحدة، ويقول مؤرّخوا الأكراد بأنّ الأكراد يمتدّون من العرق الآري؛ فهم من الميديين، كما يشير إلى ذلك نشيدهم الوطني الحالي إلّا أنّ المؤرّخ الكردي محمّد أمين زكي يشير إلى وجود أصلين للأكراد والطبقة الأولى هي التي قطنت في كردستان منذ فجر التّاريخ وهذه هي الأصل القديم للكردستانيين، والطّبقة الثانية هي الشعوب الهندوأوروبية الّتي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد وسكنوا فيها ومنهم الميديون. وامتزجت الطّبقتان معاً لتشكّلا الشّعب الكردي الحالي.
ويمثل هذا الفصل دراسة لتطور القضية الكردية فى مبحثه الأول الأصول القومية والجغرافية للأكراد , وبالطبع لا يمكن فصل قضية الأكرادعن التاريخ وتطوره لذا سيتم فى المبحث الثانى دراسة التطور التاريخى للقضية الكردية فى العراق وتركيا .
المبحث الأول:
الأصول القومية و الجغرافية للكرد
قد اختلف الباحثين فى تأصيل منشأ الكرد ومنحدرهم العرقى وموطنهم الأصلى .فهناك من يقول أنهم من سلالة انحدرت من أصل شمالى قديم كانت تتكلم بلغة “هندية-أوربية” وأنها نزحت من أواسط اسيا منذ منتصف الألف الثانى قبل الميلاد .
وهناك من يذهب إلى أن أصل الأكراد يرجع إلى الكوتيين الذين نتجوا عن التزاوج بين سكان جبال زاجروس الأصليين , وبين الموجات الأولى من الاَريين التى أكتسحت منطقتهم .
ونجد من يرجع أصولهم إلى اصول عربية حيث ردهم إلى قبيلتى ربيعة أو مضر ,ولكن الأتفاق الأكبر على نسبة الأكراد للأصول الاَرية ,حيث أختلاط القبائل الهندو –أوربية وزاجروس ومن هنا أخذ الأكراد لغتهم بلهجاتها الكثيرة والمتعددة .
ويعتبر أكراد أحد أقدم شعوب منطقة الشرق الأوسط ، إذ شاركوا في صياغة تاريخ هذه المنطقة ، وساهموا بثقافتهم مساهمة كبيرة في المسار السياسي والثقافي والاجتماعي لشعوب الدول التي يتواجدون فيها وكافة دول الجوار ، ويعرف كرد بأنهم رابع شعب من شعوب الشرق الأوسط عددياً بعد العرب والفرس والأتراك( ). وهم جماعة قومية وحدتها عوامل الجغرافيا والعرق والدين ، ومزقها التاريخ والمصالح الدولية لتتوزع علي خمس دول هي تركيا والعراق وإيران وسوريا وأرمينيا ، فإن هذا الوجود يعد قضية كبري في كل من تركيا والعراق وإيران ، والي حد ما في سوريا ، نتيجة عجز هذه الدول عن إيجاد آلية سياسية واقتصادية وثقافية لاستيعاب كرد ، فتحولت هذه القضية إلي صراع مسلح أخذت تعانيه هذه الدول . ولقد تفاوتت أساليب التعامل مع كرد من إنكار تام للتمايز القومي كما هو الحال في تركيا وإيران ، والي إعتراف ونوع من الحكم الذاتي كما هو حصل في العراق( ) .
كردستان : وتقع كردستان (الأرض التي يؤلف عليها كرد أكثر من سكان) في الجزء الغربي من قارة آسيا بين خطي طول 37-40 شرقاً وفقاً لرأي منذر الموصلي .
بينما يذكر عبد الرحمان قاسملو أنها تقع بين خطي طول 30-40 شرقاً و 37-48 غرباً( ) ، ووفقا لذلك فهي تقع ضمن حزام جغرافي بري يتشكل من عدة دول هي : العراق وإيران وتركيا ، وسوريا ، وأذربيجان ، وأرمينيا ، وكردستان مجزأة سياسياً في الوقت الحالي إلي أربعة أقسام ، تتبع أربع دول ، كردستان التركية التابعة لتركيا فيما يصطلح علي تسمية (كردستان شمال) ، وهناك كردستان العراقية (كردستان الجنوبية)، ثم كردستان الإيرانية التابعة لإيران (كردستان الشرقية) ، (كردستان الغربية) التابعة لسورية( ) .
ويتراوح عدد سكان الكرد وفقاً لأغلب التقديرات تقريباً 31 مليون نسمة ، ويتوزعون علي أربع دول من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط تشبثاً بكياناتها القومية وهي تركيا تقريباً (17) مليوناً ، وإيران (8) ملايين ، والعراق (5) ملايين ، وسوريا (2) مليون ، وهناك خمسة ملايين يعيشون في عواصم هذه الدول ومدنها الكبري فهناك ثلاثة ملايين في اسطنبول ومليون في طهران ونصف مليون في دمشق وحلب. وتقدر مساحة كردستان ما بين 430 و 530 ألف كيلومتر مربع .
والتي تتوزع ايضاً بين الدول الأربع السابقة الذكر بنسبة 50% في تركيا و 25% في إيران و 17% في العراق و 13% في سوريا .
وكردستان دفت الفصل بين شمال وجنوب وشرق وغرب وهي الاسم الأحب إلي قلوب كل الكرد ، حيث يحرك آمالهم وطموحاتهم القومية ، ويجعلهم يشعرون علي الدوام أن لهم وطناً قومياً خالصاً لهم وأن هذا الوطن له ملامحه الجغرافية المتميزة وله حدود معلومة ، كما تسيطر علي ذهن كل كردي كعقيدة (كوردستان يان نةمان) ، أي كردستان أو الموت ، ويطهر عشق كرد لبلادهم كردستان في أكثر من جانب أهمها الأعمال الأدبية التي يتغزلون فيها بكردستان( )
جذور الأكراد :
رغم الإختلافات في أصل الأكراد إلا أن قامت العديد من البحوث والدراسات الأنثروبولوجية بإثبات أن الكرد من أصل آري وأنهم قدموا إلي كردستان في عهد ما قبل التاريخ ، وبسبب التقدم والتفوق الحضاري والمدني الذي كانوا عليه استطاعوا ان يذيبوا ويصهروا شعوب المنطقة الأصليين فأدمجوا معهم علي مر السنين .
ولكن الاختلاف ظل موجوداً حول الحقبة الزمنية التي وفد فيها هؤلاء الآريون إلي كردستان ، وأقرب الاحتمالات أنهم قدموا من جهة اسكندناوا في عصر ما قبل التاريخ . ومن الثابت تاريخيا أن الكرد أمة من الأمم الآرية ومن الجنس الآري الخالص وليس المختلط .
واستطاع الأكراد ان يحافظوا علي استقلالهم طوال فترة الإمبراطورية الأشورية ثم ما لبثوا أن انقلبوا علي الأشوريين وعقدوا تحالفاً مع الميديين بعد أن اضطروا للخضوع لسلطان قيروش الذي استوي علي نينوي عاصمة الأشوريين وقوض دولتهم . مدهم الأكراد بجيش كردي خالص ساعده علي فتح مدينة بابل( ) .
وقد تفرعت الأمة الكردية من شعوب أربعة هي :
“كرمانج ، وكو ران ، ولور ، وكلهر” وهم من أقدم الشعوب الآرية التي أقامت مدينة وأنشأت حضارة زاهرة أرست قواعدها في هضبة إيران والبلاد المحيطة الأخري .
واستطاعت أن تفرض سطوتها ونفوذها علي القبائل الآرية الأخري وفرضت لغتها الكردية كلغة عامة تستخدمها جميع القبائل . والأمم في تلك الإمبراطورية الممتدة من منابع دجلة والفرات حتي خليج العرب ، وكانت عاصمتها ” أكباتان” بالقرب من كرمانشاه .
وأطلق علي اللغة الكردية حينذاك لغة البهلوان أي لغة الأبطال والمحاربين .
كما تؤكد المراجع الفارسية أن معني كلمة ” كرد ” في الفارسية البطل والشجاع ، وجميع القبائل الكردية في مختلف أنحاء كردستان يعلمون أن كلمة كرد لم تطلق علي هذا الشعب إلا لما عرف عنهم من الشجاعة النادرة والبطولة الفائقة التي امتازوا بها( ) .
وما يؤكد علي كونهم قوم ” أريون ” هو أن دينهم الرسمي قبل اعتناقهم الإسلام هو ” الزرادشتية) والتي لم ينتشر إلا بين الأجناس الآرية . ورغم كل هذه العصور الزمنية. إلا أنه مازال هناك من يدينون بالزرادشتية في مناطق كردستان ، إلا أن عددهم لا يتجاوز بضع مئات .
نشاط السكان :
كان أهم نشاط للأكراد هو الزراعة ، حيث كانوا يعشقون الأرض ويعتبرونها مثل العرض ، فقد اتضح ذلك علي أراضي كردستان التي انتشرت فيها البساتين والموالح والأشجار المثمرة ، والفواكه ، وزراعة الحبوب ، والقمح والقطن ، والزيتون وغير ذلك من المحاصيل .
كما أن الكردي بدوي بطبعه يعشق الجبال والصحراء ، والحيوان من دواب للركوب أو ما شية يرعاها ، فقد اعتمد بصورة رئيسية علي الرعي لوجود مراعي جيدة منتشرة في معظم مناطق كردستان( ) .
كما أن إقليم كردستان غني بالثروة المعدنية والمناجم خاصة مناطق ديار بكر وماردين ، كما يوجد في منطقة ارغني منجم نحاس شهير ، ويوجد آخر في مدينة “بالو” حيث يختلط النحاس بالفضة في تلك المنطقة ، كما يوجد الفحم الحجري ، ومناجم الرصاص والحديد ، وكذلك الذهب .
ورغم وجود هذه المناجم والمعادن إلا أن الصناعة في كردستان في ذلك الوقت كانت متأخرة ، وتكاد تكون الصناعات الثقيلة والعملاقة منعدمة ، وذلك بسبب الظروف السياسية التي كانت تعاني منها هذه المنطقة ، بينما انتشرت الصناعات اليدوية والخفيفة حينذاك( ) .
العادات والتقاليد :
تعد العوامل العرقية للأكراد هما الأساس الحكم للعادات والتقاليد ، فالعصبية العرقية تقوم في المقام الأول في الترابط بين أبنائه واتحادهم ، وتأخذ شكلاً سياسياً واجتماعياً.
فهناك العديد من باحثي علم الإجتماع والمؤرخين يرجعون العرق الكردي هوية مستقلة عن باقي الأعراق ، والبعض الآخر قالوا بأن الأكراد ينتمون إلي العرق السامي أي العرق العربي ، وراحت جماعة أخري تنسبهم إلي العرق الإيراني الأصيل ، بينما مالت الغالبية العظمي إلي اعتبار الأكراد جنساً آريا( ) .
كما أن الأكراد إلي جانب الدم والعرق واللغة والعقيدة تجمعهم ، فهناك مجموعة من العادات والتقاليد الموحدة مثل عادات الارتحال ، والزواج والزفاف ، ودفن الموتي ، وصيد الذئاب ، ومراسم الاحتفالات الدينية ، والقومية مثل الاحتفال بالنيروز ، كما تجمعهم العديد من الاساطير والآداب والعادات المعيشية ، وكذلك الملابس الكردية والرقص الكردي ، فلهم رقص خاص يسمونه (الخشبي) وهو رقص الدبكة المعروف عند الشوام ، فيقوم شخص بإدارة حركة الرقص علي رأس المجموعة يمسك بيده منديلاً أخضر بينما يمسك باليد الأخري الراقصين الآخرين الذين يدور بهم .
كما يلاحظ أن المرأة الكردية لات تتقيد بالحجاب الإسلامي كما أنها في كثير من الأحيان يكشفن رؤوسهن كما أنهم يرتدون ملابس جميلة تتكون من الكفا ، كرأس ، والبشتد ، والطراحة ، ودرية ، والكلاف( ) .
الشخصية الكردية …. والمجتمع الكردي :
إن شخصية الإنسان الكردي تتميز عن غيرها بأنها شخصية عنيدة شجاعة متكبرة لديها إيباء وكبرياء قاس ، وهو من سلالة شعب متكبر حرص علي الاستقلال ورفض الخضوع والاستسلام للغير منذ مولوده .
وارتبطت الشخصية الكردية بالأرض والصحراء والري والطبيعة وان البداوة واخلاق الصحرا غرست في الكرد الصبر علي المكاره واحتمال الشدائد ، وذلك الخشونة والاقتصاد وعدم التبرم والشكوي كما جعلت منه فارساً صلباً يعشق المغامرة .
وبصفة عامة يتصف الكردي ايضاً بالاستقامة والوفاء والصدق والولاء لولاة الأمور .
وكذلك ينقسم المجتمع الكردي إلي أربع طبقات تبعاً لظروف السكان وهي :
• ابناء المدن ويشكلون الطبقة المتوسطة من الموظفين .
• ابناء العشائر وهم قاطنو القري والجبال .
• الرؤساء وهم الأمراء والأغوات والباكوات و الكوخات .
• المتعلمون وهم الطبقة المستنيرة والصفوة من الأكراد وهم قلة .
• عشيرة الجاف .
• عشيرة الطالبانية والتي تنتمي إلي الزعيم الكردي جلال طالباني .
• اليزيدية .
الهماوند( ) :
اللغة الكردية :
إن اللغة الكردية لغة رشيقة متناسقة النبرات صريحة يسهل تعلمها . وهي أساس الحديث والتعاملات ، وقد اختلف العلماء والمؤرخون حول أصل اللغة الكردية هل هي إيرانية الأصل أم غير إيرانية .
وهناك مجموعة من المؤرخون علي رأسهم لويس ه جراي مؤلف كتاب اسس اللغات يرون أن اللغة الكردية هي لغة من المجموعة الهندية الأوروبية للمجموعة الإيرانية الحديثة ويقسمونها إلي :
لهجتين أساسيتين :
(1) اللهجة الكورمانجية Kurmangyi :
وهي لهجة أغلبية الأكراد ، ويتكلم بها أكراد تركيا وسوريا وبعض أكراد العراق (إقليم الموصل وزبار) وكذلك أكراد الإتحاد السوفيتي .
(2) اللهجة الصورانية Sorani :
ويتكلم بها غالبية أكراد إيران والعراق السليمانية أربيل كركوك .
وتوجد لهجات أخري أقل انتشاراً وهي :
• فيلي Feyli :
ويتحدث بها بعض الأكراد في إيران والعراق وفي مجتمعات بغداد وكوت العمار وبدرا.
• جوراني Gerni :
يتحدث بها قلة من أكراد العراق وإيران .
• كلهوري Kelhori :
يتحدث بها أيضاً قلة أخري من أكراد العراق وإيران ومع تعدد هذه اللهجات قد تمسك الأكراد بالإسلام وباللغة العربية باعتبارها لغة القرآن وأكثروا مؤلفاتهم باللغة العربية أو باللغات الأخري كالفارسية والتركية إلا أنهم لم ينسوا تعصبهم وتمسكهم باللغة الكردية الأصلية واستعمالها في لغة التخاطب . والتعامل اليويم والمكاتبات الشخصية وفي شرح العلوم التي كانوا يدرسونها في مدارسهم العلمية ، وكذلك في تأليف الكتب في مختلف العلوم والفنون .
وهناك مخطوطات كردية تؤيد مدي اتساع هذه اللغة ومطاوعتها وقدرتها علي التعبير عن مختلف الآراء والأفكار والأحاسيس ، وفي مختلف نواحي الحياة . ولكن البعض ينكر الآداب الكردية وأهميتها وقدرتها علي التعبير ، ولكن رغم ذلك ظلت محافظة علي نفسها ، والدليل علي ذلك أن أكثر الأمم القديمة كالآراميين والفينيقيين والمصريين والبربر والأشوريين نسوا لغاتهم الأصلية واستخدموا اللغة العربية بفضل الظروف السياسية والدينية إلا أن الكردية رغم هذه العوامل ظلت صلبة قوية وحافظت علي أصولها وجذورها( ) .
الديانة :
الدين الإسلامي هو دين الأغلبية الكردية ، وغالبيتهم من السنة والمذاهب الشافعي ، ويوجد بين الكرد القليل من الشيعة يسكنون في جنوب كردستان .
ويرجع الباحثون انتمائهم لهذا المذاهب إلي خضوع كردستان المبكر للفتوحات الإسلامية السنية .
وكذلك نشاط علماء الدين الأكراد الذي درسوا العلوم الدينية في المدرسة النظامية ببغداد أثناء الخلافة العباسية التي كانت تتبني المذهب الشافعي ، كما تنتشر بين الكرد الطرق الصوفية التي تختلف عن بعضها اختلافاً بسيطاً ، واكثر الطرق شيوعاً هي الطريقة القادرية والطريقة النقشبندية ، وينتشر بين الكرد فضلاً عن الدين الإسلامي ، اتباع الأديان والمذاهب أخري ، كالمسيحية والايزيدية ، والعلي اللاهيين ، والعلويين ، واهل الحق ، وكاكائية … ، أما اليهود في كردستان العراق ، فقد هاجروا إلي إسرائيل بداية 1948م ، وهم معروفون الآن كجالية كردية يهودية( ) .
زعامة الأكراد :
لقد انحصرت زعامة الأكراد علي قيادتين :
• جلال الدين طالباني رئيس حزب الإتحاد الكردستاني .
مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني وذلك بعد وفاة الملا مصطفي البرزاني ، وبعد القبض علي عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني رجل الأكراد الأول( )
وبهذا قد تم عرض الأصول الجغرافية والقومية للكرد الذين ساهمو بثقافاتهم في المسار السياسي والثقافي والاجتماعي لشعوب الدول التي يتواجدون فيها وكافة الدول المجاورة .
المبحث الثاني:
أولا: التطور الكردي في العراق
لقد حظيت القضية الكردية فى العراق بمكانة وأهمية خاصة بعد سقوط الملكية .ولكن البداية قد بدأت بعد انضمام ولاية الموصل إلى الدولة العراقية,وكان الحل لهذه المشكلة هو إقامة حكم ذاتى للأكراد داخل حدود الدولة العراقية .وتتدرج القضية فى العهدين الملكى والجمهورى .
أ.المشكلة الكردية فى العهد الملكى :
فقد كانت بريطانيا هى الحامية للعراق فى ذلك الوقت,وقامت ومعها ملك العراق فى بيان رسمى فلى 24/2/1922 قدم إلى عصبة الأمم بحق الشعب الكردى فى إقامة حكم ذاتى داخل حدود العراق.
وكان ذلك البيان لحسم إنضمام الموصل إلى العراق .وقد قررت عصبة الأمم تشكيل لجنة لبحث قضية الموصل عام 1924,ورفعت تقرير إلى مجلس العصبة مفاداه أن خمسة أثمان السكان فى الموصل من الأكراد.
وقد أوصت اللجنة بضم الموصل إلى العراق ,أخذا فى الاعتبار النواحى الاقتصادية ومراعاة أن يكون الأكرادهم من يديرونها محليا وأن تكون اللغة الكردية هى اللغة السائدة والرسمية.
أما من يعتلون الحكم الملكى اختلفوا بشأن الحكم الذاتى للأكراد ,وتم تصنيف الاكراد نوعين من هم موالون للملكية,والاخرون المعارضون لهامثل الحزب الديمقراطى الكردستانى وحزب هيوا ,فكان الموالون للملكية حق فى الحصل على مناصب حكومية عليا ,وعندما تقام الحكومة يكون لهم بالضرورة سواء منصب رئيسا للحكومة اورئاسة وزارة سيادية كالدفاع أوالداخلية او زئاسة أركان الجيش.
لذلك نجد أن الحكم الملكي أو الاحتلال البريطاني لم يتخذوا الحكم الذاتي لعلاج المشكلة الكردية.
وقد قامت الأكراد بعدد من الثورات تحت قيادة محمود الحفيد 1919، 1922، 1936، 1937 وكانت بريطانيا تطمع تلك الانتفاضات وكانت أخر ثورة عام 1941 واليت طالبت أن تتولي الإدارة في المناطق الكردية لجنة تعيينمحليا من الأكراد كما طالبت بإنشاء قوة متطوعين للقيام بواجبات الأمن، وقد تم الرج علي هذه المطالب من قبل الحكومة العراقية بالرفض وأرسلت قوة لمقاومة الشيخ الحفيد.
وقد قام الملا مصطفي البارزني بعدة ثورات منذ 1941 وانتهت 1945 تخللتها مفاوضات مع الحكومة العراقية الملكية ولكن لم تؤدي إلي الوصول إلي اتفاق نتيجة أن عدداً من العشائر الكردية وقفت بجانب الحكومة العرقية وبقوات الحكومة،
وهذا أدي إلي تحويل القتال إلي قتال كردي كردي وهذا ما أدي إلي انهيار الثورة بقيادة الملا مصطفي وانسحابه إلي الحدود الإيرانية( ).
ب) المشكلة الكردية في العهد الجمهوري:
لقد تحولت العراق عقب ثورة 1958 إلي الحكم الجمهوري، وكانت الثورة دليل علي عمق العلاقات العربية الكردية وهاذ يتضح جليا بالنقص في الدستور المؤقت للبلاد علي أن “الأكراد العرب شركاء في هذا الوطن”. كما نص الدستور علي الحقوق القومية للأكراد وأطلقت الثورة سراح المساجين الأكراد المعارضين السلطة الملكية وقامت بإصدار عفو عن الأكراد الهاربين للخارج وأعادت السياسيين من المنفي.
وحتى عام 1961 استمرت هذه المصالحة، حيث قام في عام 1961 التمرد الكردي للوصول إلي الحكم الذاتي الذي رفضه عبد الكريم قاسم، واعتماده علي القوة العسكرية ضد الأكراد، واعتقد أن يفيد بريطانيا هو من دفع الأموال لإثارة الحكم وإسقاط القطاع بسبب مطالبة قاسم بالكويت، وإصدار قانون رقم 80 عام 1961 والذي حرم شركات النفط البريطانية من الأراضي غير المستثمرة( ).
وعقب انقلاب 1963 ووصول عبد السلام عارف إلي الحكم اعترف لحقوق القومية الكردية، وأصدر قانون اللامركزية لحل المشكلة الكردية، وذلك يمنح المناطق الكردية حرية التصرف في الأمور الإدارات والمحلية .
ولكن الشئون الخارجية والدفاع والمالية يكون من اختصاص السلطة المركزية بينما لم تطبق هذه الوثيقة بعدم رضاء الأكراد وفي عام 1964 طرح الملا مصطفي البارزاني مذكرة بمطالب مبالغ فيها ليس فقط حجم ذاتي ولكن بالتخصيص ثلثي وارداته البترول الأكراد وتشكيل جيش في كردستان العراق وتعيين نائب رئيس الوزراء ونائب رئيس الأركان وثلث الوزراء من الأكراد، وبالطبع لم يتم الموافقة علي هيئة المطالب، لذلك بدأ استئناف القتال بين الأكراد والدولة عام 1965 وتوقف ع عام 1969.
وقد تم إجراء مفاوضات بين النظام والأكراد بع8د توقف القال والتي أفضت إلي لقاء بين صدام حسين والملا مصطفي وتم إصدار بيان 11 مارس 1970 وتم الاعتراف بالحقوق القومية للأكراد وبالغة الكردية كلفة رسمية في المناطق ذات الأغلبية الكردية وتم الترحيب بتنفيذ الحكومة لهاذ الاتفاق بشكل جيد( ).
ولكن كانت الحكومة العراقية تماطل في تطبيقها باستمرار وكان تطلق الاتهامات علي من يطالب بتطبيقها من الكرد بالروح الانفصالية( ).
ولذلك تدهورت العلاقات بين البلدين منذ عام 1973 إلي 1974 أدت إلي صدام مسلح لتحديد حدود منطقة الحكم الذاتي الكردي، أيضا زاد الخلاف بسبب علاقة البارزاني بالولايات المتحدة منذ عام 1972 لامتثال التعاون مع إسرائيل وإيران .
وقد رفضت قيادات حزب الأكراد قرار البارزاني بحمل السلاح ضد الحكومة العراقية بقرار شخص منفرد يدعم من إيران واكسينجر( ).
ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة قد لعبت دوراً كبيراً في العمل علي تفتيت وحدة العراق الوطنية، وقد دعمت التمرد الكردي بزعامة الملا مصطفي البرزاني وكذلك قدم شاه إيران والذي يعد حليفا للولايات المتحدة دعماً ماليا لأكراد والذي بلغ نحو 300 مليون دولار وفق مصادر كردية، وهذا الدعم حتى يقوم الأكراد بالتمرد ضد بغداد، وكذلك حصل البارزاني علي 12 مليون دولار من المخابرات المركزية الأمريكية في عام 1973 ودعم من إسرائيل، وبالفعل قاد البرزاني ثمرداً عارماً استخدمت فيه حرب العصابات، وكانت حركة استنزاف طويلة المدى ضد الجيش العراقي.
وثم الإلحاق بخسائر فادحة مما أدي بالعراق إلي توقيع اتفاقية الجزائر مع شاه إيران 1975 والذي تنازل العراق بموجبها عن نصل شط العرب مقابل وقف دعم الأكراد من إيران مما أدي إلي انهيار الحركة الكردية( ).
ومن ذلك يتضح دور الولايات المتحدة وإيران القائم علي هدف الاستمرار في الاقتتال بين الأكراد والسلطة العراقية لاستهداف الاثنين، وليس لدعم الأكراد وحصولهم علي الحكم الذاتي، وكذلك حتى ينهار الأكراد ويقبلوا بنصف الاستقلال والحكم الذاتي الذي عرضه عليهم صدام. مما يضعف صدام ويعمق دخول الولايات المتحدة داخل القيادة الكردية وكان ذلك ظاهراً بوضوح عندما زار أندريه كريتنشكو – وزير خارجية الاتحاد السوفيتي – بغداد وكان يريد عمل مشروع اتفاق بين بغداد والحركة الكردية.
وذلك في مارس 1974 ولكن رفض البارزاني المشروع الروسي تحت ضغوط من أمريكا وإيران( ).
ومن هنا يظهر تأثير التدخلات الأجنبية داخل الدول وخاصة العربية، وهذه التدخلات تؤدي غلي مزيد من التفتيت في العالم الغربي، وتكون هذه التدخلات بزعم حقوق الإنسان والحفاظ علي حقوق الأقلية وغير ذلك من تبريرات تؤدي إلي سوء الأوضاع للأقلية وكذلك للدولة لأكملها، كما سنرى عند تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق واحتلها بما يقارب الخمس سنوات وآثار ذلك من زيادة التفتت والنشر دام في المجتمع العراقي، وفقد موارد كثيرة وكذلك فقد في الأرواح والبنية التحتية وغير ذلك.
ولقد تجددت العديد من الصراعات حيث قامت حملة الأنفال بقيادة صدام حسين في عامي 1986 – 1988 ضد الأكراد، وذلك بسبب خيانة الأكراد للنظام العراقي وتعاون الحزب الديقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني مع إيران ضد العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية حيث قام الاتحاد الوطني الكرديستاني بعمل اتفاقية مع إيران في أكتوبر 1986 بمحاربة صدام حسين وإسقاطه.
ولم تكن حملة الانفال إبادة جماعية للأكراد كما زعموا ولكن شاركت قوات “الدفاع الوطني” والتي تتكون من مليشيات كردية موالية للحكومة( ).
وكانت عدد أفواج الدفاع الوطني حولي مائة ألف كردي( )، وهذا ينفي كون حملة الأنفال إبادة جماعية للأكراد.
ثانيا: تطور القضية الكردية في تركيا
لقد شغلت مشكلة الأكراد سواء علي المستوى الإقليمي (إيران – تركيا – سوريا – العراق) أو العالمي (خاصة الاعتماد الأوربي) وقتاً كبيراً في السياسة الخارجية التركية، وذلك لأن الجزء الأكبر من كردستان (حوالي 194 ألف متر مربع، 43% من مساحة كردستان) يقع في تركيا ويوجد فيها أغلبية كردية، حيث بلغ عدد السكان تركيا في 2007 وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي 74.88 مليون نسمة، 80% منهم أتراك و17% من التعدد الكلي أقليات أكراد( ).
وينتشرون في 18 ولاية من الحدود الجنوبية لتريا ثم مع بداية الأعمال المسلحة التي قادها حزب العمال الكردستاني وقائده عبد الله أوجلان، بدأت منذ ذلك الحين الوجود الكردي في تركيا ونشأة أزمة عدم تكامل في تركيا.
وترجع جذور المشكلة الكردية في تركيا إلي الحكم العثماني عندما قامت ثورة مصطفي كمال أتا تورك وسانده عدد كبير من الأكراد خوفاً من سيطرة دولة أرمينيا (المسيحية) عليهم. وقد كان أتا تورك متحمس وراغب في إقامة دولة كردية علي النمط الأوروبي ولكن بعد إلغاء الخلافة في عام 1922، وإلغاء لقب الخليفة 1924، تم إلغاء الأسس الروحية والدنيوية المؤقتة التي كانت الشيوخ يستمدون منها قوتهم ثم تم إيقاف كافة المؤسسات والمدارس والمطبوعات الكردية مما أزال الآثار العامة للشخصية الكردية المستقلة، وفي ذلك الوقت حدثت ثورة 1925 بسبب إبادة الأكراد لكتيبة تركية كانت مكلفة بالقبض علي إتباع أحد الشيوخ.
ومن هنا تطورت العلاقة بين القوات التركية والأكراد حتى أصبح في 1932 تهجير الأكراد من مناطق تجمعهم يتم بشكل شرعي، وقامت تركيا بتشجيع الأتراك علي الاستقرار في كردستان ويتم استيعاب الأقلية الكردية داخل الدولة ويظهر من هنا استمرار قمع المقاومة الكردية في نسيج الشعب التركي.
وتم وضع كردستان تخت الأحكام العرفية حتى 1946 وأصبح معظم مناطق كردستان مناطق عسكرية بحجة قربها من الحدود السوفيتية وذلك حتى تتمكن تركيا من ترحيل الشعب الكردي عن المنطقة( ).
وفي عام 1950 أجريت انتخابات حرة في تركيا وأصبح هناك مناخ ديمقراطي وهذا سمح بعودة كثيرة من الشيوخ المنقبين وأعادت الممتلكات التي حددت من قبل وتم تشييد المدارس والمستشفيات في المناطق الكردية، كما تم انتخاب الأكراد في البرلمان.
وجاء انقلاب 1960 الدستور التركي الجيد بحرية التعبير في الصحافة والجمعيات وعبر الأكراد عن معارضتهم وباللغة الكردية، ولكن مع ذلك تعرضوا للسجون ومنع تكوين حزب كردي حتى عام 1964.
وفي عام 1965 تشكل الحزب الديمقراطي الكردستاني كما وقف حزب العمال التركي (اليساري) وراء القضية الكردية وقاموا بتأسيس فروعاً لهم في كردستان وعندهم قام الانقلاب العسكري في 1971 تم اعتقال الآلاف من الأكراد وتم تعذيبهم وحدث أثناء ذلك حالات قتل، واستمر ذلك خلال عشرة أعوام وبلغت في عام 1979 ذروة مواجهات والأحكام العرفية في المناطق الكردية.
وبعد انقلاب 1980 أعاد ثور جوت أوزال الحكم المدني ولكن استمرت المواجهات ضد السلطة التركية من مجموعات حزب العمال العسكري. وصدر قانون يفرض قيوداً علي استخدام اللغة الكردية في عام 1982 وكانت حروب القوات التركية مع المتمردون الأكراد في الماضي تتوقف عندما يلجأ الأكراد إلي كردستان إيران والعراق ولكن في ذلك الوقت أصبحت القوات التركية تعقبهم إلي داخل الحدود العراقية ولكن بعد الاتفاق مع حكومة العراق (اتفاقية المطاردة الحيثية)، وقد تم قتل جماعي للأكراد وتعذيب واختفاء لآخرين بعد القبض عليهم. وبدأت الحكومة التركية في تشكيل لجنة تحقيق في هذه الإدعاءات لمواجهة النقد الغربي( ).
ونجد مما سبق أن هناك ملاحظتين:
الأولي: ما يثيره ضخامة الوجود الكردي من أزمة عدم التكامل وخاصة مع الوعي الكردي المتنامي، ومع القوة المسلحة لهم بقيادة عبد الله أوجلان.
ثانياً: مطالبة أكراد تركيا بالانفصار نتيجة لضخامة عددهم، ولكن الحكومة التركية تصير علي عدم الاعتراف بالحكم الذاتي لهم أو بالحقوق الثقافية إلا يشكل ضئيل، بينما أكراد العراق تم الاعتراف بهم من قبل الحكومة رغم أنهم لا يطالبون بالانفصال ولكن بالحكم الذاتي( ).
وقد انزعجت تركيا عند حدوث الحرب العراقية الإيرانية لمساعدة إيران لأكراد العراق، وذلك نظرا للانعكاسات السلبية لإشباع حركة التمرد الكردي في شمال العراق، ومما زاد من توتر الأوضاع الأمنية في جنوب شرق تركيا، كما تزايد نشاط “حزب العمال الكردي”.
وهذه الحرب تعد تهديد لتركيا ومصالحها، ولذلك عبرت تركيا عن انزعجها من تصريح نقلته وكالة الأنباء الإيرانية في 10 يناير 1988 المتحدث باسم “الحزب الديمقراطي الكردي” والذي ذكر فيه “أن قوات الحزب استولت هاذ اليوم علي جزء من الطريق البري بين العراق وتركيا عند بلدة “زاغو” في أقصي شمال العراق قرب الحدود مع تركيا ودمرت عدة شاحنات كانت متجه إلي العراق، وأقروا أن منذ ذلك الوقت فصاعداً سيكون هذا الطريق غير آمن لمرور الشاحنات ووجهوا تهديد للحكومة والشركات الأجنبية أن تتحمل مسئولية استخدام هذا الطرق( ).
فمنذ ذلك الوقت وتركيا تواجه عمليات العصابات الكردية والهجوم علي أنابيب النفط مما دفع تركيا لاعتبار ذلك عملا من أعمال الحرب، وشنت هجوما واسعا ضد العصابات الكردية( ).
ونتيجة لذلك شهدت تلك الفترة أحاديث عن أن تركيا ستتحرك عسكريا باتجاه شمال العراق لتأمين مصالحها وأقليتها في المنطقة وخاصة في كركوك والموصل حتى لا يسقطوا في يد الأكراد ولكن عملت علي نفس تلك الأنباء وذلك لأهمية مصالحها الاقتصادية مع العراق.
وفي عام 1988 تحسن الأداء العسكري للعراق، حيث قامت الحكومة العسكرية بهجمات ضد المتمردين الأكراد الذي تعاونوا مع إيران إلا أن هذا جاء بنتيجة عكسية علي تركيا حيث بدأ المتمردين الأكراد ينزحوا عبر الحدود إلي تركيا وهذه بلغ عددهم نحو 60ألف من الأكراد العراقيين. وقامت تركيا بعد عودة معم اللاجئين الأكراد إلي العراق في إطار العفو العام للصادر من الحكومة العراقية- بإعادة إقناع العراق بتجديد اتفاق والمطاردة الحيثية والتي قد أوقفت العمل به، وقامت بذلك تواجه عمليات حزب العمال الكردي ومها عملية قام بها الحزب في ديسمبر 1989 في “حكاري” قرب الحدود معه العراق إلا أمر العراق رفض تجديد هذا الاتفاق وهذا الموقف العراقي له أثر علي العمليات العسكرية التي نفذتها تركيا في شمال العراق بعد حرب الخليج الثانية( ).
الفصل الثاني:
الأكراد في النظام السياسي العراقي والتركي
يعد الأكراد شعبا متميز في ملامحه وخصائصه وتاريخه كما سبق أن أوضحنا، ويدين غالبيتهم بالإسلام السني وتشارك العديد من المساحات الجغرافية لدي العديد من الدول في وجود هذه القومية الكردية فنجد في تركيا حيث يقع الجزء الأكبر من كردستان 194.000كم2 يوجد بها أغلبية كردية وينتشرون في 18 ولاية وكذلك في العراق نجد أن الأكراد يتركزون بشكل خاص في المحافظات الشمالية في السليمانية وأربيل ودهوك وأيضاً يمثلون، وأيضا يمثلون نصف سكان محافظة كركوك، ويبلغ عددهم حوالي 2 مليون نسمة( ).
ومن هنا نجد مدى أهمية دراسة تمثيل الأكراد في تلك المجتمعات لذلك خص هذا الفصل لذلك من لخال مبحثين: الأول يتحدث عن الأكراد في النظام السياسي العراقي والمناصب التي تولوها، والمبحث الثاني يتكلم عن الأكراد في النظام السياسي التركي وذلك بداية من عام 1991 إلي عام 2012.
المبحث الأول
الأكراد في النظام السياسي العراقي
لقد تعمقت الصراعات في المجتمع العراقي نظرا للتعددية العراقية والدينية وكانت هذه الصراعات بين طائفة من هذه الطوائف والنظام الحاكم، وذلك بسبب غياب ثقة الديمقراطية المتسامحة، أيضا موقع العراق الجغرافي المجاور لعدد من الدول مثل إيران وتركيا.
وتعد القضية الكردية واحدة من المشكلات السياسية المعقدة التي سببت العديد من الصراعات في العراق، وخاصة بعد هزيمة العراق عسكرياً عام 1991 في الكويت حيث أعلن الأكراد تمردهم علي السلطة الحاكمة والرئيس صدام حسين، وقاموا بشن هجوم عسكرى علي مراكز الشرطة والجيش العراقي شمال العراق. وقاموا بإعلان منطقة كردستان العراقية منطقة سيطرة كردية وذلك في العشرين من مارس 1991، وكذلك تشكيل حكومة كردية مؤقتة للإدارة الإقليم( ).
وقد قام جلال الطلباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بإعلان أن الجبهة الوطنية في كردستان العراق تطالب بحق تقرير المصير ضمن الوحدة الوطنية للعراق، ولكنها لا تسعي أي الانفصال، ونجد أن طلباني كان هدفه من ذلك التمييز بين أكراد العراق وأكراد تركيا الذين يطالبون بالانفصال التام والاستقلال عن تركيا.
ولكن بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت أدي إلي تمكين حكومة البعث في العراق من السيطرة علي التمرد الكردي وإعادة السيطرة علي منطقة كردستان بعدما زحف وفر الأكراد في هذه المنطقة إلي البلاد المجاورة.
ووجد الأكراد أن الوسيلة الوحيدة لتأمين عودتهم وتحقيق الحد الأدنى من مطالبهم هو التفاوض وخاصة أن دول التحالف ضد العراق رفضت بشكل صريح التدخل العسكري لإنقاذ الأكراد العراقيين.
وبدأت التفاوضات بين الحكومة العراقية والأكراد، وطلبت الأول بأن يقطع الأكراد صلاتهم بالخارج، وأن يعلنوا تأييدهم لثورة 1968 التي أتت بحزب البعث إلي السلطة، وأن يتم وقف بث المحطة الإذاعية الكردية كرديتي والتي تبث الأفكار الكردية في اللغة الكردية وكذلك طالبت الحكومة العراقية المسلمين الأكراد أن ينضموا إلي الجيش العراقي( ).
ولكن الأكراد كانت مطالبهم كالتالي:
طالوا بضمانات دولية لأي اتفاق يتم التوصل إليه للحكم الذاتي لكردستان، وأن تكون مدينة كركوك الغنية بالبترول ضمن المناطق الكردية وأن يقوم الحكم الذاتي علي اتفاق مارس 1970 وإلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي صدرت بشأن كردستان، وطالوا بوضع دستور جديد للعراق يتم فيه إقرار المطالب الكردية. وهذه هي أهم المطالب الكردية التي طرحت للبحث في جولات المفاوضات المتكررة والمقطعة أحيانا بين الحكومة والأكراد وقد قامت فترات توقف للمفاوضات وحدث في هذه الفترات هجمات عسكرية متكررة علي مواقع الأكراد في شمال العراق، وذلك في يوليو وأغسطس وكذلك ديسمبر عام 1991( ).
وقد أعلن الزعماء الأكراد أكثر من مرة قرب التوصل إلي اتفاق مع بغداد تدور ملامحه حول عدن نقاط أعلنها الزعيم الكردي مسعود البرزاني في أغسطس كما يلي:
• خضوع قوات الشرطة والجيش العراقية في كردستان لقيادة عراقية كردية مشتركة.
• التزام حكومة بغداد بدفع تعويضات للأكراد عن الخسائر التي لحقت بهم من العمليات العسكرية للجيش العرافي في كردستان، مع الالتزام بإعادة أعمال المناطق الكردية المنكوبة.
• حق الأكراد في شغل مناصب وزارية في الحكومة العراقية وليس مجرد تخصيص وزارة لشئون كردستان.
ونجد مما سبق أن المشكلة الكردية تحيط بملابسات سياسية تؤكد أن أي اتفاق بين الطرفين الحكومة العراقية والأكراد لن يكون ناجحاً إلي إذا أخذ في الاعتبار عاملين:
العامل الأول: خصوصية المسألة الكردية حيث ترفض الدول الأخرى التي بها أقلية كردية – خاصة تركب وإيران – صراحة منح الأكراد أي نوع من أنواع الحكم الذاتي لما له من تهديد أمنها القومي واحتمال رسم الخريطة السياسية للمنطقة.
العامل الثاني: هو خصوصية المجتمع العراقي الذي يتكون من قوميات متعددة ومن ثم فإن منح الأكراد الحكم الذاتي من شأنه أن يزيد من تطلعات بعض القوميات الأخرى مثل الشيخة إلي حكم ذاتي مماثل( ) مما يؤدي إلي تفتيت وتشتيت المجتمع العراقي والذي سيؤدي إلي ضعفه وسهولة السيطرة عليه.
كما نلاحظ إلي جانب ذلك أن جلال طالباني زار الولايات المتحدة لثاني مرة خلال سنتين في 12 أغسطس 1990، لكي يحصل علي الدعم الأمريكي لحركته وعرض مساعدة الولايات المتحدة في السعودية بتحريك ثلاثين ألف رجل في شمال العراق لتخفيف الضغط علي جنودها كما عرض أن يشن حرب عصابات في العراق بل وأن يغتال صدام حسين، ولكن المسئولين الأمريكيين لم يتحمسوا لأفكاره حق أنه غادر الولايات المترددة مهددا أنه سيعقد اتفاق مع صدام حسين( ).
وكما يمكن النظر إلي ثورة الأكراد علي أنها محاولة يائسة لاسترجاع حقوقهم نظر لإعادة سيطرة السلطة العراقية علي كردستان كما ذكرنا فيما سبق، وتم السيطرة من خلال هجمات جوية وأرضية وهذا ما أدي إلي تروح جماعي كبير للأكراد عندما أدركوا عدم قدرتهم علي الصمود أمام القوات العراقية .
خاصة بعد أن تولي ابن عم صدام (علي حسن ماجد) وزارة الداخلية وهو من تولي فيما سبق حملة إبادة للأكراد في عام 1988 وقد تدفقوا إلي تركيا ومن ثم ظهرت مشكلة اللاجئين الذين بلغ عددهم قرابة المليون كردي في الأسبوع الأول من شهر إبريل( ).
في حين أنه في الفترة من 27/3 إلي 2/4/1991م استعادت القوات العراقية خلال عمليات مكثفة معظم المناطق الكردية المتمردة ومن ثم ظهرت مشكلة اللاجئين الذي يلغ عددهم قرابة المليون خلال الأسبوع الأول من إبريل والذي تدفقوا إلي تركيا وإيران، كما أن توقف العمليات الحربية بعد قبول العراق لقرار وقف إطلاق النار قد آثار مخاوف الأكراد والشيعة من انتقام الحكومة العراقية منهم وتفرغها لهم وهكذا ومع تفاقم مشكلة اللاجئين إلي تركيا وإيران وعجز الدولتين عن استيعابهم في معسكرات علي الحدود مما أثرا انتباه الرأي العام الدولي لهذه المشكلة العاجلة برغم تقديم الحكومة العراقية في 5 إبريل سنة 1991م عرضا بالعفو عن الأكراد الذين ساهموا في التمرد ضد الحكومة العراقية.
وذلك عدا الذين ارتكبوا أعمال القتل والاغتصاب والنهب والخيانة إلا أن زعماء الأكراد أعلنوا عدم ثقتهم في العرض العراقي( )،وقد صدر قرار مجلس الأمن 688 محافظة دهوك في شمال العراق في 16 يوليو 1992م والذي أدانه مجلس الأمن في اليوم التالي، وطلب بالوقف الفوري للاعتداءات المواجهة ضد موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني.
تلي ذلك في 2 سبتمبر 1992 تأكيد مجل الأمن علي أن الاحتياجات الإنسانية الحرجة في العراق تحتم استمرار نظام الأنشطة الإنسانية الراهن وردا علي ذلك أعلن العراق في 24 سبتمبر 1992 أنه لا يعترض علي قيام الأمم المتحدة بعملية الإغاثة في شمال العراق أثناء فصل الشتاء وهو الأمر الذي يعد تحولاً بعد تعثر مهمة بعثة بقيادة وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية التي زارت العراق في الفترة من 17-22 أغسطس 1992م والتي لم أتوصل إلي اتفاق علي التوقيع علي مذكرة تفاهم جديدة للفترة من يوليو 1992م إلي مايو 1993م وهو الأمر الذي عرضه الأمين العام في 24 أغسطس 1992م علي مجلس الأمن ولكن في 22 أكتوبر 1992 تم التوقيع علي مذكرة تفاهم ثالثة مع العراق بشأن المساعدة الإنسانية تتيح استمرارية وجود وحدة الحراسة التابعة للأمم المتحدة في بعض القطاعات وتمدد الاتفاق المتعلق بالوحدة حتى 31 مارس 1993م.
أما بالنسبة للأكراد العراقيين فلقد فرضت العراقية حظرا غذائيا ووضعت عراقيل علي تحركات الوقود والأدوية وموارد أخرى ومن ثم عانى الأكراد من حظر مزدوج الأول الحظر القائم علي العراق ككل من قبل مجلس الأمن والثاني الحظر الذي فرضته الحكومة العراقية علي المناطق الشمالية ومن ناحية أخرى ما أن تحرر الأكراد مؤقتا من سلطة الحكومة المركزية حتى قام الأكراد العراقيين بإنشاء إدارة بدائية لعشيرتهم وأقاموا انتخابات لبرلمانهم المؤقت في 1992م الذي تكون من 105 عضو فاز فيها الحزبين الكبيرين للفصيلتين الرئيستين من أكراد العراق وهما الحزب الديمقراطي الكردي KDP بزعامة برزاني وحزب الاتحاد الكردستاني PUK بقيادة طلباني، ولقد فاز هذين الحزبين ب 50 معقد لكل منهما أما الخمس مقاعد الباقية فهي لأقلية مسيحية وتم انتخاب البرلمان لمدة 3 سنوات لكن تم مدها بسب الصراعات الداخلية أما بالنسبة لانتخابات الرئاسية فلم يحصل أي مرشح علي أغلبية واضحة وبالتالي اتفق زعماء الأكراد علي تشكيل مجلس رئاسي مكون من (8) أعضاء يتكون أعضاؤه من كل من الحزبين الرئيسيين( ).
ومن الجدير بالذكر هنا رصد بعض من ملامح الحصار الذي تفرضه الحكومة العراقية كما جاء في تقرير من ممثلين عن منظمات خاصة في مارس 1992:
1- حوالي 50 ألفا من المدنيين المحالين إلي المعاش في المناطق الكردية الشمالية لم يدفع معاشهم منذ أكتوبر 1991م.
2- منذ أكتوبر 1991 لم يتم دفع مرتبات المدنيين العاملين بالوزارات كما أن ميزانية 1992 لم تشمل بعض الوزارات ولقد تمكنت الجبهة الكردية من توفير بعض المال لتدفع للعاملين في الخدمات العامة مرتباتهم لتبقي هذه الخدمات مفتوحة.
3- تم تخفيض حصة الأكراد من الغذاء الحكومي إلي حوالي نصف الكمية التي تحصل عليها أجزاء العراق الأخرى.
4- تم تخفيض حصة الوقود من شركة البترول التابعة للدول إلي ربع الحصة التي كانت تحصل عليها المنطقة قبل أكتوبر 1991.
واستمرت حملة الحرب الاقتصادية هذه حتى أنه في سبتمبر 1994 تم قطع الكهرباء عن مناطق أقر وشيران في الدهوك( ).
ولقد أدانت الحكومة العراقية الانتخابات الكردية وتكوين برلمان كردي باعتبار ذلك يتعارض مع الدستور العراقي وهدد صدام بتطبيق قواعد القانون في شمال العراق عندما يزيل الحلفاء الغربيون الحماية الجوية عن المنطقة وحتى أغسطس – سبتمبر 1996 امتنع صدام عن مهاجمة المنطقة الكردية ولإظهار موقف الحكومة العراقية المعارض فقد وضعت قواتها بالقرب من المنطقة وقدرت هذه القوات بين 100 ألف و 280 ألف وهذه القوات تتركز بالقرب من المناطق الكردية وتثور إدعاءات بأنهم يقومون بأعمال إرهابية ضد المسئولين الأكراد القائمين بأعمال الإغاثة وتقوم بأحكام فرض الحصار الاقتصادي ضد هذه المناطق( ).
وفي تلك الأثناء استنجد مسعود البارزاني – زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني – بصدام حسين في أغسطس 1996 لطرد الموالين للاتحاد الوطني الكردستاني من أربيل – مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني. ومن ثم توجد القوات العراقية في منطقة الحظر الشمالية وكان ذلك فرصة للولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في العراق.
فقامت بإطراق 49 صاروخاً من طراز كروز ضد الدفاعات الجوية العراقية في الجنوب كما قامت بمد منطقة حظر الطيران في الجنوب من خط عرضي 32 شمالاً إلي 33 شمالاً( ).
فبعد أن تدخلت الولايات المتحدة للضغط علي وحدة الكيان العراقي بعزل مناطقه الشمالية عنه لفرض واقع تقسيمي في محافظات أربيل وجهوك والسليمانية عمدت إلي منع أي نوع من التواصل بينهما، فعندما قامت الحكومة العراقية بفتح قنوات الاتصال منذ عام 1996 مع القيادتين الكرديتين حول اتفاق الحكم الذاتي في مناطق شمال العراق، تدخلت الولايات المتحدة بقوة لمنع ذلك الاتصال عن رطيق الضغط لعي الحزبين الكرديين لوقف التفاوض وكان غرض هو حرمان العراق من فرص تصويب وضعه الداخلي وتحويل المسألة الكردية من مسألة عراقية داخلية إلي ورقة للاستثمار السياسي الخارجي للضغط علي النظام والكيان معاً وكانت النتيجة قيام الولايات المتحدة بخلق ورعاية منطقة كردية في الشمال منفصلة عن السلطة المركزية وإلي وجود مؤسسات له تشكيل بكل المعايير نواة دولة( ). كما دعمت التوجه الفيدرالي لأكراد العراق ففي أكتوبر 1998، أيدت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبريت فكرة الفيدرالية عندما توصلت إلي هدنة بين زعيمي الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني مسعود برزاني وجلال طالباني( ).
كما رتبت الولايات المتحدة لمؤتمر المعارضة العراقية في لندن الذي عقد في ديسمبر 2002 والذي ضم ستة قوى معارضة للنظام السابق من بينهما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والمجلس الأعلي للثورة الإسلامية( ) والذي أقر نظاماً فيدراليا جديدا في العراق برعاية أمريكية( ) الاحتلال وطالبت بوضع جدول زمني لخروجه من العراق ولم يشترك في الترتيبات التي أنشئت بعد نيسان/ إبريل 2003م.
ثانياً: القوى القومية الكردية:
وبالنظر إلي القوى القومية الكردية بشكل أكثر تفصيلا نجد أن نسبة الأكراد في العراق تقدر بنحو (15.2%) من سكان العراق ورغم تعدد القوى السياسية الكردية بكل كبير إلا أن القوى الرئيسية السياسية تتمثل في حزبين رئيسيين هما، (الحزب الديمقراطي الكردستاني،
الاتحاد الوطني الكردستاني)، اللذان نجحا في إقامة نظام شبه فيدرالي في كردستان العراق( ) وقد انفرد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة (الملا مصطفي البارزاني) منذ تأسيسه سنة 1946م، ولغاية منتصف السبعينات من القرن العشرين بقيادة الحركة الكردية المسلحة.
وبعد اتفاقية الجزائر بني العراق وإيران سنة 1975م، واليت أنهت الحركة المسلحة آنذاك شهدت الفترة التالية انشقاقا في الحزب بعد انسحاب (جلال الطالباني) ومؤيديه وتشكيله حزبا جديدا حمل اسم (الاتحاد الوطني الكردستاني)، ومنذ أواخر السبعينات والثمانينات تسارعت حركة التنظيمات السياسية الكردية لتصل ذورتها خلال الفترة التي أعقبت إنشاء منطقة الحظر الجوى (الملاذ الآمن) في شمال العراق بعد حرب الخليج الثانية وهنا أصبح للأكراد وضع خاص بهم إذا حصلوا علي حكم ذات شبه مستقبل عن حكومة المركز في المناطق الكردية شمال العراق طوال (13) سنة استطاع الأكراد خلال هذه الفترة بناء مؤسسات الحكم وإعداد كوادر سياسية فقد عاني الشعب الكردي خلال فترة حكم صدام حسين من هجمات وأعمال دموية قادتها الحكومة المركزية ضدهم رغم تمتع منطقة كردستان العراق بحكم ذاتي وفقا لاتفاق 11 آذار/ مارس 1971م الذي منح الأكراد حكما ذاتيا( ).
وإلي جانب هذين الحزبين الرئيسيين هنالك العديد من الأحزاب والقوى الكردية المختلفة الاتجاهات والأيديولوجيات فالنشاط الإسلامي الحركي في كردستان يعتبر من القوى المهمة والرئيسية كذلك في الإقليم فقد كان النشاط الإسلامي الكردي جزء من النشاط الحركي السنة عامة وقد تمثل بظهور الحركة الإسلامية في كردستان العراق سنة 1978م.
والواقع أن أهم ما يلاحظ في برنامج الحركات والقوى والتيارات السياسية الكردية عامة هو طغيان البعد القومي بشكل كبير علي الأبعاد والانتماءات الأخرى في أهدافها.
ومن أهم أبرز القوى القومي الكردية العراقية هي:
1- الحزب الديمقراطي الكردستاني:
عقد المؤتمر التأسيسي للحزب في بغداد في 16 آل/أغسطس 1946م واختير الملا مصطفي البارزاني رئيسا له وأعطي الحزب اسما كرديا هو بارتي ديموكراتي – كورد – عراق وفي سنة 1950م حددت الحكومة العراقية صفة الحزب بأنه منظمة موالية للحزب الشيوعي العراقي.
بعد انقلاب 1958م بدأ الحزب يعمل بحرية لأنه سائد الانقلاب وفي سنة 1960م تمت الموافقة علي إجازة الحزب، وفي 11 آزار/ مارس 1970م، اتفق الحزب مع الحكومة المركزية في بغداد علي منح الشعب الكردي حقوقه المشروعة في الحكم الذاتي ضمن الجمهورية العراقية( )
وشكلت لجنة مشتركة من ممثلين من الحكومة المركزية وأكراد لمناقشة التطبيق المفصل لبيان ضمن فترة تمتد حتى سنة 1974م ولكن بعد تولي صدام حسين نائب رئيس الجمهورية، رئاسة اللجنة في أيار/ مايو 1971. وأتباع النظام سياسة التهجير بحق الأكراد والأكراد الفيلين إلي إيران عاد الأكراد إلي التمرد وفتح قنوات الحوار مع إيران للحصول علي الدعم العسكرى( ) وفي سنة 1975م وبعد توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران أوقفت إيران علي أثرها دعمها للأكراد مما حدا بالقادة الكرد إلي تشكيل جبه معارضة ضد الحكومة العراقية بعد أن انهارت الحركة الكردية بعد هذه الاتفاقية وانتهي المطاف (بالملا مصطفي البارزاني) في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث توفي فيها سنة 1979م في مستشفي جورج واشنطن بعدها تولي نجله (سعود البارزاني) زعامة الحزب.
وعودة إلي سنة 1991م بعد حرب الخليج الثاني تحديدا بدأت مرحلة جديدة من نضال الحزب الديمقراطي الكردستاني فعلي الرغم من اتخاذه موقفا حياديا من الحرب فقد حاول التفاهم مع صدام حسين لكن سرعان ما انهارت المفاوضات بين الطرفين.
وقد اشترك الحزب في انتخابات البرلمان الكردية سنة 1992م، وبعد مرور فترة ليست طويلة وتحديداً في سنة 1996م، طلب الحزب من الحكومة المركزية في بغداد المساعدة لإخراج قوات الاتحاد الوطني الكردستاني من أربيل التي سيطرت عليها بعد الاشتباك والمعارك .
دارت هذه المعارك بين الطرفين في نفس السنة إلي أن عقد الحزبان اتفاقية سلام واشنطن سنة 1998م، برعاية أمريكية( ).
ويتمتع الحزب بعلاقات متينة مع إيران والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ولكن هذه العلاقة مع تركيا ساءت سنة 2002م، بسبب مطالب الحزب الديمقراطي الكردستاني بمدينة كركوك الغنية بالنفط.
انضم الحزب وشارك في مؤتمرات المعارضة العراقية بدءا من مؤتمر نصرة العراق في طهران 1987م، مرورا بمؤتمر بيروت 1991م، وفيينا 1992م ونيويورك 1999م، لندن 2002م الذي ناقش قضية ما بعد صدام وبحضور أمريكي، تمثل بالسفير الأمريكي في لندن ومنسق شئون المعارضة العراقية في الخارجية الأمريكية( ).
أما بعد 9 نيسان/ إبريل 2003م، فقد رحب الحزب بالقوات الأمريكية دون أن يطلبها بالخروج من العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين وفي آذار/مارس2003م طوى الحزب صفحة خلافاته مع الاتحاد الوطني الكردستاني كليا ليشكل زعامة مشتركة تطالب بالحقوق القومية للأكراد، واشترك الحزب في جميع مراحل العملية السياسية بعد 2003م، ابتداء من مجلس الحكم مرور بحكومة إيجا علاوى المؤقتة 2004م، فحكومة الجعفري الانتقالية 2005، ودخل الانتخابات التشريعية في كانون الأول / ديسمبر 2005م وشارك في حكومة المالكي واشترك مؤخرا في انتخابات آذار / مارس 2010م، ضمن قائمة التحالف الكردستاني التي حصلت علي 43 مقعدا في البرلمان الجديد.
وقد أكدت ويؤكد الحزب دائما وفي جميع المناسبات والمحافل علي ضرورة إقامة الفيدرالية وتحديد العلاقات مع حكومة المركز، وضرورة توفير الحريات الديمقراطية للشعب الكردي تضمن حكما ذاتيا للكرد في إطار عراق موحد ويكد دائما علي أن الفيدرالية لا تعنى الانفصال أو الاستقلال عن العراق بل علي العكس يعتقد الحزب أن الفيدرالية تعمل علي توحيد العراق( )، وفي أثناء إجراء انتخابات كانون الثاني/ يناير 2005م.
وكانت هناك صندوق خارج كل محطة انتخابية في عموم محافظات إقليم كردستان، للتصويت علي رغبة الشعب الكردي بحق تقرير المصير( ) وفي 31 آب أغسطس 2006م، أصدر مسعود البارزاني قرار عممه علي جميع المؤسسات والدوائر الرسمية في إقليم كردستان قضي بإنزال العلم العراقي، والإبقاء علي العلم الكردستاني( )، وجاء تصريحه مؤخرا أثناء انعقاد المؤتمر الثالث عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني بقوله: “أن حق قرير مصير الشعب الكردي حق طبيعي وشرعي كأي شعب آخر علي وجه الأرض( ) “كما يعتبر الحزب أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق سيتسبب في كارثة للوضع الأمني، ويصف المقاومة بأنها عنف لا مبرر له”.
ويؤمن الحزب التداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات الدورية علي أساس الاقتراع السري العام إلا أن همه الوحيد هو إقامة دولة عراقية فيدرالية( ) كما يطلب جناحا وقوة عسكرية نظامية هي البيشمركة.
والتي تعنى باللغة العربي (الذين يواجهون الموت) ويتضح من ذلك مدى إيمانهم بقوميتهم والدفاع عنها حتى الموت.
2- الاتحاد الوطنى الكردستاني:
هو أحد الأحزاب السياسية الكردية الرئيسية في العراق تأسس بمبادرة من جلال طالباني سنة 1975م الذي كان مسئولا لفرع السليمانية للحزب الديمقراطي الكردستاني كرد فعل للانهيار الذي منيت به الحركة الكردية بزعامة (الملا مصطفي البارزاني) بعد توقيع اتفاقية الجزائر سنة 1975م بين العراق وإيران والتي أنهت الدعم الإيراني للحركة الكردية.
فقد اجتمع جلال الطالباني مع فؤاد معصوم ممثلا الملا مصطفي البارزاني في القاهرة آنذاك وعادل مراد رئيس اتحاد طلبة كردستان وعبد الرزاق عزيز عضو سكرتارية اتحاد الشبيبه، بالإضافة إلي عدد من اليساريين الأكراد ومهم نيشروان مصطفي في سوريا وتمت كتابة أو لبيان للاتحاد باللغة العربية سنة 1975م، وعقد اجتماعه الثاني في العاصمة النمساوية (فيينا) أواخر سنة 1975م.
فبدأ الحزب علي شكل ائتلاف بين (5) قوى كردية مختلفة من أبرزها ثوار كردستان بزعامة جلال الطالباني مجموعة كادحي كردستان بزعامة (نيشروان مصطفي) وتم الاتفاق علي تسمية الائتلاف ب (الاتحاد الوطني الكردستانى) وانتخب جلال الطالباني رئيسا له في نفس السنة، وقد حمل الحزب شعار ق تقرير المصير والديمقراطية وحقوق الإنسان للشعب الكردي في العراق يناضل الحزب من أجل السلام والحرية والمساواة وضد الديكتاتورية والاستغلال الطبقي والديني والمذهبي ومن أجل حق تقرير المصير والتعايش السلمي ويتبني الاتحاد اتجاهات قومية كردية ويوجد لدى العديد من كوادره ميول ليبرالية وكان مقره في دمشق وكان قاعدته تتشكل من طبقة المثقفين من ساكني المدن.
قاد الاتحاد حملة عسكرية ضد الحكومة العراقية المركزية لكنها توقفت لفترة قصيرة في بداية الثمانينات في خضم الحرب العراقية الإيرانية حيث عرض حينها صدام حسين صالحا ومفاوضات مع الاتحاد بصورة خاصة والأكراد بصورة عامة لانتكاسه قوية جدا بعد استخدام الحكومة العراقية الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد في (حلبجة) سنة 1988م، اضطر حينها جلال الطالباني لمغادرة شمال العراق واللجوء إلي إيران( ).
وبعد حرب الخليج الثانية 1991من وانتفاضة الأكراد في الشمال ضد الحكومة المركزية بدأت حقبة جديدة في حياة الاتحاد كما مهد إعلان التحالف الغربي منطقة حظر الطيران ليكون ملاذا أمنا للأكراد بعدها حدث تقارب حقيقي بين الاتحاد والحزب الديمقراطي الكردستاني نتج عنه إجراء انتخابات في الإقليم وتم تشكيل إدارة مشتركة سنة 1992م( )، وقد شارك الاتحاد في مؤتمر المعارضة العراقية التي عقدت في طهران ودمشق وبيروت ولندن، وله جناح عسكري منظم يسمي (البيشمركة) أيضا.
أما بعد نيسان/ إبريل 2003م، فقد اشترك الاتحاد في العملية السياسية الجديدة في العراق من تشكيل مجلس الحكم المؤقت مرورا بحكومة إياد علاوى 2004م المؤقتة كما شارك في انتخابات كانون الثاني/ يناير وكانون الأول/ ديسمبر عام 2005م وانتخب رئيسا للجمهورية، واشترك مؤخراً في انتخابات آذار/ مارس 2010من ضمن قائمة التحالف الكردستاني وانتخب رئيسا للجمهورية لولاية ثانية انطلاقا من إيمانه بأن الانتخابات هي الطريق الأكثر شرعية لتولي السلطة، أما فيما يتعلق بمسألة الفيدرالية فيؤكد الحزب علي أن الفيدرالية لا تعني التقسيم، ولكن هي الوحدة الطوعية والحل لمشكلة العراق وهي ضد محاولات تمزيق العراق وتقسيمه( )، ولكن وأثناء كلمة لأمينة العام جلال الطالباني في أثناء إحياء ذكرى انتفاضة محافظة السليمانية ضد النظام العراقي السابق خلال سنة 1991م، قال: “أنه يجب ألا ننسي أن هناك مناطق لم تعد لحد الآن إلي أحضان الإقليم، مثلا كركوك، قداسة كردستان ونحن بحاجة إلي النضال المشترك”( ).
3- حركة التغيير (كوران):
تأسست هذه الحركة سنة2009م بعد تقديم نيشروان مصطفي النائب السابق لرئيس الاتحاد الوطنى الكردستاني استقالته من منصبه هذا( )، وأعلنت هذه الحركة عن نفسها كحركة معارضة لهيمنة الحزبين الكرديين الرئيسين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) وحددت أهم أهدافها في إقامة نظام ديمقراطي حقيقي وفصل تام بين السلطات والعمل علي توسيع المشاركة السياسية في إقليم كردستان ورفض هيمنة الحزبين الكرديين الرئيسيين علي مؤسسات وأجهزة الإقليم( ) ويتركز نفوذ هذه الحركة في محافظة السليمانية والأقضية والنواحي التابعة لها( )، وشاركت الحركة في انتخابات برلمان إقليم كردستان التي جرت في تمز/ يوليو 2009م، وحصلت علي (25) مقعدا من أصل (111) مقعد.
واكنها لم تشترك في تشكيل حكومة الإقليم وفضلت البقاء كمعارضة داخل البرلمان الكردستاني( ) كما دخلت انتخابات آذار/ مارس 2010م البرلمانية في قائمة مستقلة وحصلت علي (8) مقاعد في البرلمان العراقي( )، فأصبحت تشكل القوى الرئيسية الثالثة في إقليم كردستان( ).
4- الاتحاد الإسلامي الكردستاني:
تأسس الإتحاد الإسلامي الكردستانى سنة 1992م، بقيادة الشيخ (صلاح الدين محمد بهاء الدين)، وهو تنظيم إسلامي قوي، له قاعدته في إقليم كردستان العراق، ويمارس أدوارا خدمية ودعوية وهو من القوى الرئيسية في كردستان العراق.
ويتميز بتواجده النشط والفعال في جميع المدن والمناطق الكردية وبين جميع الشرائح ومكونات المجتمع الكردي وطبقاته وينتهج الحزب منهجا فكريا معتدلا وملتزما بالقانون ولم يدخل في مهاترات أو مواجهات مع أي أحد.
ويتبني نهج الابتعاد عن كل مظاهر العسكرة والمليشيات ويدعو لمجتمع مدني يسود فيه القانون والدستور، ويقوم علي التعددية والديمقراطية وتداول فيه السلطة سلميا عبر الاحتكام لصناديق الاقتراع والانصياع لرأي الأمة واشترك الاتحاد في حكومة أربيل التي تزعمها (مسعود البارزاني) بوزير واحد (وزير العدل)، كما يمتع بعلاقات طيبة مع جماعة الأخوان المسلمين في مصر ومع الزعيم التركي (نجم الدين أربكان) وتنظيمه السياسي( ).
كما يعتبر الاتحاد الإسلامي الكردستاني تنظيما سياسيا إصلاحيا يعمل لحل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأكراد من منظور إسلامي قادر علي تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والحقوق العامة.
أما بعد نيسان إبريل 2003م فقد رفض الاتحاد الاحتلال الأمريكي وطالب بإخراجه بالوسائل السلمية ولم يرفض المشاركة في العملية السياسية في العراق بعد احتلال فهو يؤكد علي التزامه بالعملية السياسية الجديدة في العراق وتأييده للحكومة العراقية المنتخبة وشارك في انتخابات كانون الثاني/ يناير وكانون الأول/ ديسمبر سنة 2005م، لإيمانه بأن الانتخابات هي الوسيلة الشرعية الوحيدة للوصول إلي السلطة واشترك مؤخرا في انتخابات آذار/ مارس 2010م ضمن قائمة التحالف الكردستاني وحصل علي (4) مقاعد في البرلمان العراقي.
5- حزب كادحي كردستان:
تأسس هذا الحزب سنة 1985م، وهو من الأحزاب الماركسية الكردية الصغيرة، انشق عن الحزب الاشتراكي سنة 1985م، وله قوة عسكرية ومقرات في مناطق مدن كردستان العراق يشغل قادر عزيز منصب أمنية العام كما شارك في انتخابات إقليم كردستان سنة 1992 ويطالب الحزب بنظام فيدرالي في العراق علي أساس (جغرافي أو قومي) .
ويستند إلي حقائق جغرافية وتاريخية مدونة كما يذكر وله علاقات طيبة مع الحزب الديمقراطي الكردستانى ويؤكد علي أن مستقبل الأكراد مرتبط بالمنطقة برمتها المقبلة علي التغير وان الشبع الكردي اجتاز سنوات القهر والإبادة وينتظره مستقبل زاهر إذا أحسن العمل وإذا استغل الفرصة المواتية له اليوم جيدا وإذا تجاوب مع المتغيرات الجارية المحلية والإقليمية والدولية( ).
كما يؤكد الحزب في بياناته وخطاباته علي التداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات الدورية وعلي أساس الاقتراع السري العام وإقامة دولة عراقية فيدرالية وفي 16 أيلول/ سبتمبر 2010م قرر الحزب تغيير تسميته إلي حزب الكادحين المستقلين الكردستانيين( ).
وشارك الحزب في انتخابات كانون الثاني/ يناير وكانون الأول/ ديسمبر سنة 2005م، ضمن القوائم الانتخابية الكردية، كما اشترك مؤخرا في انتخابات آذار/مارس 2010م ضمن قائمة التحالف الكردستاني ولم يحصل علي أي مقعد.
المبحث الثاني:
الأكراد في النظام السياسي التركي
تعد قضية الأكراد في النظام السياسي التركي ذات أهمية كبيرة حيث ينتشر الأكراد في 18 ولاية تركية في مساحة تتجاوز 194.000كم2، وقد استخدمت الحكومة التركية أساليب متنوعة في التعامل مع الحركة المسلحة التي قام بها الأكراد بقيادة حزب العمال الكردستاني منذ منتصف أغسطس 1984، ونلاحظ في هاذ الشأن أن التعامل مع الأكراد من قبل تركيا قد عكس طابعاً أمنياً عسكرياً يعبر عن الأيديولوجية الرسمية القومية التركية وكانت تركة ترفع شعار “حل القضية الكردية من خلال استئصال جذور الإرهاب وقطع دابر الأشقياء عن طريق القوة العسكرية”( ).
ويعد أول تغير في السياسية التركية تجاه الأكراد في عهد توركت أوزال (1983-1993) وقد مثل هذا العهد سياسية تغير هيكلي وتحديث سياسي واقتصادي. وكان هناك في تلك الفترة إقصاء تدريجي وفسري للنخبة المهيمنة تقليديا من البيروقراطية والجيش لصالح نخب وطنية في أغلبها رجال التجارة والصناعة وبدى تغير واضح تجاه الأكراد في المرحلة الأخيرة من عهد أوزال فرغم استمرار القمع والسيطرة من جانب الجيش إلا أن من ذلك العهد تم إدخال ليبرالية في المجال الثقافي، والتطور الاقتصادي في المناطق ذات الغالية الكردية.
واستمر أوزال في تطبيق السياسية الليبرالية تجاه الأكراد بالرغم من الانتقادات التي وجهت له من قبل البيروقراطية الحكومية والجيش وكذلك القيادات والنخبة السياسية التركية أيضا واجهة أوزال نقدا وهجوماً من قبل الصحافة ووسائل الإعلام التركية.
وعندما حدثت تغيرات في الساحة الدولية بدأت الضغوط الداخلية والخارجية علي تركيا، واتخذ أوزال سياسية جديدة تجاه الكرد لخال أزمة الخليج 1991، رغم أن حزبه ليبرالي محافظ يؤمن بالحوار.
ونظر أوزال إلي أزمة الخليج علي أنها فرصة لتقوية مركز تركيا السياسي في الشرق الأوسط مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي (NATO)( ).
وقد كانت حرب الخليج 1991 محراك هاماً لتفكير أوزال بشأن الأكراد وقد بدأت أنظار العالم تتجه صوب الحدود التركية وأصبحت تركيا من أهم حلفاء في التحالف التي أقامته الولايات المتحدة وتعد هزيمة العراق في هذه الحرب تهديد لأمن وسلامة تركيا لأن إذا قام كيان كري في كردستان العراق يمكن أن يؤثر علي كرد تركيا( ).
وفي تلك التطورات المتسارعة وجدت الحكومة أنقرة نفسها أمام واقع جديد لابد من مراجعة سياسيتها المتبعة تجاه القضية الكردية في تركيا وتغيرها بشكل إيجابي( ).
قد اتخذ البرلمان التركي في إبريل 1991 أخطر قرارين بالنسبة لتركيا:
القرار الأول: هو إطلاق حرية تشكيل الأحزاب، مع دفع القيود التي كانت تمنع إقامة أي حزب سياسي علي أساس ديني أو أيديولوجي.
القرار الثاني: سمح للكرد بالتحديث بلغتهم القومية، والتي كانت فيما سبق جريمة يعاقب عليها القانون.
وتم بعد هذا القرارات إطلاق سراح الآلاف من المعتقلين الكرد بقرار من حكومة الرئيس تورغوت أوزال. وقد واجهت هذه القرارات معارضة قوية من قبل أحزاب المعارضة التركية وكذلك من قبل الأكراد أنفسهم، حيث رفض حزب الاتحاد الشعبي الكردي كونفيدرالية أوزال.
وطرحوا كوانفدرالية أوسع تتخطي حدود العراق لا يعمل حدود كونفدرالية عراقية سورية تركية إيرانية كردستانية لتستوعب كل قضايا هذه البلدان ومشاكلها لقومية والحدودية السياسية قضايا الإقليمية الكردية والأقليات الدينية والمذهبية التي تتركز في المنطقة( ).
وتوفي أوزال في 1993، وبعد وفاته صعدت تانسو تشيلر إلي رئاسة الوزراء وانتخب زعيم حزب المسار الصحيح “سليمان ديمريل” رئيساً للجمهورية التركية، لقد قامت هذه الحكومة بالعديد من المواقف المؤثرة كالإعلان عن حكومة ائتلافية في مايو1994، وعن مبادرة إصلاح سياسي في إطار حزمة من التعديلات الديمقراطية.
وقد شملت هذه الحزمة 62 تعديلاً دستوريا وقانونياً يشمل توسيع المشاركة السياسية وإصلاح الأحزاب السياسية والقضاء والعلاقات الصناعية والحكومية المحلية والجامعات.
وخلال مؤتمر صحفي عقدته “تشيلر” قدمت حزمة أخرى من التعديلات وطرحت مناقشة وثيقة جديدة للدستور خلال ثلاثة أشهر، والتعديل الأكثر أهمية لموضوع البحث هو الوعود التي قدمتها بشكل صريح بزيادة مساحة الحريات الثقافية الكردية والإصرار علي تعزيز الجهات السياسية من خلال فتح مدارس الأكراد ومحطات التليفزيون الكردية( ).
ولكن رغم هذه التصريحات الموالية لحقوق الأكراد إلا أن تشيلر تراجعت عن موقفها عند حلول نهاية 1994، وتحولت غلي تبني إجراءات لتقوية لدول واستخدام الأداة العسكرية في التعامل مع الصراع الكردي، واستخدمت في ذلك شعارات الوطن وحماية البلاد، وذلك بالطبع علي حساب الديمقراطية والتحول الديمقراطي( ).
وكما أكد تحول مورف تشيلر موقف رئيس تركيا ديمريل بأن قضية الكرد هي قضية إرهاب يمارس مند 1984 من قبل حزب العمال الكردستاني.
وأنه بموجب دستور 1982 وكافة الدساتير التركية السابقة لا وجود لأي تفرقة بين المواطنين علي أساس الأصل العرفي، وأنه قبل حل قضية الإرهاب من جذورها لا يمكن مناقشة أي مسألة ثقافية( ).
وفي تلك الأثناء تغير موقف “تشيلر” في قضايا أخرى قضايا الأكراد أرزها دول الجيش في الحياة السياسية ولكن عندما حقق حزب الرفاة الإسلامي فوزاً كبيرا في الانتخابات المحلية التركية في 1994، أعلنت تشيلر أن الجيش سوف يتدخل في حالة وصول حزب الرفاة الإسلامي إلي سدرة الحكم وقد تعرضت حكومة أريكان الائتلافية التي شاركت فيما تشيلر في عام 1996 إلي ضغوط المؤسسة العسكرية والتي أدى بها إلي الاستقلالة في يونيو 1997، ثم دعا الرئيس ديمريل “لمسعود يلماظ” رئيس حزب الوطن الأم لتشكيل حكومي جديدة( ).
وبدأ مسعود يلماظ باب دعايته الانتخابية بزيارة لمنزل بشار كمال الكاتب التركي المشهور والحائز علي جوائز أدبية عالمية، والمطارد أمنياً لاتهامه بالدعوى إلي الانفصالية، ولقد فسرت زيادة مسعود علي أنها بغرض الحصول علي أصوات الكرد في الانتخابات التي أجريت بعد هذه الزيارة بشهر، وبالفعل تولي يلماظ رئاسة الحكومة الائتلافية في الفترة ما بين مارس 1996 حتى يونيو من نفس العام( ).
ولكن ذهبت وعود يلماظ مع موافقته علي عملية عسكرية كبيرة في كردستان العراق ومطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني، ولكنه أيضا كان يعطي اهتماماً واضحاً مقارنة بتشلير لإصلاح الأوضاع المعيشية في مناطق جنوب شرق الأناضول أيضا كانت عبارته تجاه قضية الكرد تتسم بالاعتدال.
ويتضح ذلك من قوله “أنه ليس كل أعضاء منظمة حزب العمال الكردستاني أعداء تركيا وأن دخول البعض لتلك المنظمة إنما يعود إلي ضغوط هائلة يمارسها أوجلات عليهم مستغلا أوضاعهم المعيشية السيئة”( ).
وفي عام 1996 فاز نجم الدين أربكان في الانتخابات وكان اربكان من أبرز الزعماء في الأحزاب السياسية الإسلامية ويرجع سب فوزع بتلك الانتخابات إلي ثلاث نقاط:
الأولي: خيبة أمل المواطن التركي تجاه الأحزاب المؤيدة للعلمانية وأحزاب التوجه اليمني والساري الوسطي.
الثانية: زيادة دور الدين في الجمهورية التركية.
والسبب الثالث: أن حزب الرفاة أظهر براعة في تنظيم عمليه وانضباطه مما ساعد علي فوزه وجذب الناخبين له( ).
وقد توقع المراقبين لأوضاع الكرد في تركيا أن يحتل الملف الكردي أولوية خاصة في برنامج أربكان ولكن اكتفي أربكان بقول أن الكرد أخوه لنا في الإسلام.
ودعا من خلال المجلس الوطني إلي وقف الاقتتال بين الأخوة الأتراك والكرد لأن كليهما ينتمي إلي الإسلام وبالرغم من ذلك استمرت العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، وذلك بسبب هيمنة الجيش التركي( ).
وقامت القوات التركية 1995 بأشهر العمليات ضد حرب العمال الكردستاني، وقد استمرت هذه العملية (فولاذ) لمدة شهرين، والمثير للانتباه هنا هو شدة المقاومة للأكراد إلي أن وصلت القوات التركية داخل العراق لمسافة 40كم بقوة 35 ألف جندي مستهدفة القواعد الثلاثة الكبرى لحزب العمال الكردستاني.
وتلاحظ الباحثة أن حكومات تركيا المتعاقبة منذ 1991 إلي 1996، استمرت في سياسياتها التي تقوم علي الجسم الأمني، العسكري ضد أكراد تركيا داخل حدود تركيا وخارجها.
وفي أسفرت هذه السياسات عن مصرع ألف كردي في سبتمبر 1996 كما اخترقت القوات التركية وطائرتها الحربية أراضي كردستان العرق لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني خلال شهر يونيو من نفس العام( ).
وفي عام 1999 تولي بوليينت أجاويد رئاسة وزراء تركيا بعد فوز حزبه اليسار الديمقراطي. واتضح موقف أجاويد بالنسبة للمؤسسة العسكرية بأنها موقف متأرجح بين قبول ورفض تدخل الجيش في الحياة السياسية، وهذا أثر علي التوجه نحو الديمقراطية، وكذلك موقفة من حقوق الأكراد.
ولكن بعد إعلان حكومته الأئتلافية في أول مارس 2001 عن برنامجها القومي لعضوية الاتجاه الأوروبي والذي شمل وعوداً بتعزيز حقوق القوميات الأخرى. وبالرغم من ذلك في 19 مارس 2001 أمرت الأجهزة الحكومية بتجنب استخدام الأسماء الكردية، مدعياً أن من شأن هذه الاستخدام خلق “انفعالية مصطنعة”( ).
وقد اعترفت تركيا بالقضية الكردية عام 2002 بعد إقرار معايير كوبهاجن( ) والتي تشتمل علي معايير سياسية واقتصادية ومعايير مكتيب.
وما يرتبط بدراستنا من هذه المعايير هي المعايير السياسية التي توجب علي الدول المرشحة للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي ضمان استقرار مؤسساتها والحافظ علي الديمقراطية وأن تتعهد بضمان دولة القانون، ويجب عليها أيضا ضمان حقوق الإنسان وحماية الأقليات.
وبالرغم من اعتراف تركيا بالقضية الكردية إلا أنها لمتسمح لهم بتدريس لغتهم القومية في مدارسهم وجامعاتهم ولا باستخدام في الإذاعة ومحطات التليفزيون والصحف.
وقد استفادت تركيا من تغيير الموقف الأمريكي من عناصر حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق، والتي دعته الولايات المتحدة منظمة إرهابية وحظرت تسللهم إلي الأراضي التركية بالتعاون مع أنقرة، وهذا ما هدئ مخاوف أنقرة( ).
وفي سبيل الانضمام للاتحاد الأوروبي صادق البرلمان التركي في الثاني من أغسطس عام 2002 علي مشروع قانون يقضي بمجموعة من الإصلاحات منها الاعتراف بالهواية الكردية، وبدأت مظاهر تراجع سياسة الدمج في عهد حزب العدالة والتنمية حيث ظهرت منشورات (جرائد ومجالات وكتب) باللغة الكردية، وكذلك سماع الأغاني الكردية في المناطق الكردية، أيضا سمع بالترافع أمام القضاء باللغة الكردية، كذلك سمع باستعمال الأسماء الكردية بعد أن كانت محظورة( ).
ونجد أنه في ضوء خطة الديمقراطية التي يطرحها حرب العدالة والتنمية الحاكم وحكومة رجب طيب أردوغان بدأ السعي لإيجاد حل سياسي للقضية الكردية.
حيث أعلن رجب طيب أردوغان أمام مؤتمر حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه في أنقرة: أنه علي أنقرة مواجهة هذه المشكلة وحلها ديمقراطية( ).
ولقد أثمرت جهود حكومة أردوغان في قمة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول 2004 من نتائج جيدة، حيث خلصت القمة علي أن أنقرة قد أوفت بصورة كافية بمعايير كوبنهاجن للبدء في مفاوضات الانضمام في أكتوبر/ تشرين الأول 2005.
ولكن عاقبت ظهور هذه النتائج الجيدة حصول كرد العراق علي منطقة حكم فيدرالي بصورة رسمية منذ 2005 مما أتاح لهم مزيد من الفرص والهامش لدعم أكراد تركيا، سواء في السر أو في العلن، وتحت عناوين ومسميات مختلفة( ).
مما آثار مخاوف تركيا خاصة أن منذ الغزو الأمريكي للعراق ولم تقم واشنطن بردع حزب العمال الكردستاني الذي يهاجم تركيا من العراق رغم سيطرته علي العراق، ورغم أن تركيا حليف رئيسي لواشنطن أيضا تركت واشنطن كردستان العراق للبشمركة الكردية بسبب انشغالها بالأوضاع غير المستقرة وسط العراق وهذا ما زاد من قلق وخنق تركيا( ).
ودخلت تركيا بعد تلك الفترة مرحلة جديدة ولكنها تتطرق لحل القضية الكردية، ولذلك قام حزب العمال الكردستاني بإنها الهدنة التي استمرت لمدة خمس سنوات فشن هجمات عديدة في إقليم سيرناك، وهذا وضع تركيا في مأزق واختيار صعب خاصة أنما تقف بين الضغوط الداخلية للمؤسسة العسكرية التي تسعي لاستعادة نفوذها والرأي العام التركي الذي يطالب بوقف هجمات حزب العمال الكردستاني وإزالة التهديد، وبين الضغوط الخارجية خاصة الأوروبية التي ترى الخيار العسكري بأنه يضعف من فرص أنقرة للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي( ).
وفي سبتمبر عام 2006 صرح أوجلان بدعوة بوقف إطلاق النار في مسعي للمصالحة مع تركيا، وطالب حزبه بعدم استخدام السلاح إلا في حالة الدفاع عن النفس، وسعي لإنشاء علاقات جيدة مع الشعب والحكومة التركية، ولكن الحكومة التركية قامت في آخر 2007، وفبراير 2008 بشن غارات جوية علي مواقع الحزب في شمالي العراق( ).
وعلي أثر ذلك قام مقاتلو حزب العمال الكردستانى هجماتهم علي القوات التركية منذ انتهاء وقف إطلاق النار في حزيران في تلك السنة، وحتى يناير 2007، وتكبدت تركيا خسائر في الأرواح والمعدات، وقامت تركيا رداً علي ذلك يقصف مدفعية علي قريتين تابعتين لقضاء زاخو في محافظة دهوك.
كما هدد رجب طيب أردوغان قبل يوم من إجراء الانتخابات النيابية في تركيا في 21 يوليو 2007، بشن القوات التركية عملية عسكرية في كردستان العراق في حالة فشل المحادثات الثلاثية “التركية العراقية الأمريكية” المسئولة عن حل قضية حزب العمال الكردستاني.
وبالرغم من ذلك حصلت تطورات جديدة في تركيا بعد الانتخابات التشريعية في 22 تموز 2007، والتي حقق فيها الكرد نجاحات واضحة في:
1- أنهم حصلوا علي (88) مقعداً عن طريق قائمة حزب العدالة والتنمية من مجموعة المقاعد (341) بالبرلمان.
2- أنهم أيضا حصلوا علي 24 مقعداً في الترشيحات الفردية المستقلة، وهذا يعد إنجازا كبيراً في الحياة السياسية في تركيا، رغم أن محكمة العدل الأوروبية قد أصدرت سنة 2002 قرارا بإدراج حزب العمال الكردستاني من القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية( ).
وكذلك توجه أردوغان للدخول إلي الاتحاد الأوروبي، فقامت تركيا بمحاولات حل قضية الكرد بشكل سلمي حيث أنها سبب رئيسي في عدم قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي، وكل ذلك جعل “أوردغان” يتخذ توجه جديد يرتكز علي استيعاب الكرد ضمن العملية السياسية، والسماح لهم يبث قنواتهم التليفزيونية والإذاعة باللغة الكردية وعمل علي تحقيق التنمية الاقتصادية في مقاطعتهم وكذلك فتح معاهد خاصة لتعليم اللغة الكردية.
مع عدم استهداف الأكراد في كردستان العراق بعمليات عسكرية كبيرة، والاقتصار علي عمليات القصف الجوى لمواقع حزب العمال وإجراء توغلات محدودة في إقليم كردستان العراق لمطاردة حرب العمال الكردستان( ).
ومن هنا يتضح أن تركيا بدأت معالجة قضية الكرد ضمن مشاريع الإصلاح وإعطائهم حقوقهم القومية ما دام قد تخلو عن فكرة الانفصال واتبعت تركيا ذلك علي نهج النماذج الأوروبية لتعايش القوميات، وهذا يحافظ علي وحدة وسيادة تركيا.
وكذلك ستسهم كعامل سريع في حصولهم علي عضوية الاتحاد الأوروبي( ). ويتضح من ذلك مدى وضع حكومة حزب العدالة والتنمية المسألة الكردية علي أولوياتها في الحكم( ).
وقد ظهرت القضية الكردية علي الساحة السياسية بشكل واضح في خطاب أردوغان رئيس الوزراء في أغسطس 2005، حيث صرح في ديار بكر: “أن القضية الكردية هي قضية الكل”، وبهذا يعترف بأن الدول التركية قد ارتكبت أخطاء كبيرة تجاه الكرد في الماضي( ). وتجاه حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية.
وفي مارس 2006 عقد أول مؤتمر بشأن القضية الكردية بعنوان “المسألة الكردية في تركيا” في مدينة اسطنبول، وتحدث فيه أحمد تورك رئيس حرب المجتمع الديمقراطي الكردي متهما حكومة أنقرة بأنها لا ترغب في وضع خلول لقضية حرب العمال الكردستاني ونشاطه وأدعي أن ذلك من أجل استمرار تركيا في التدخل في توازنات جديدة في الشرق الأوسط وخاصة بعد احتلال العراق.
وفي يناير 2007 نظمت مبادرة السلاح الديمقراطي التركية مؤتمراً في أنقرة تحت عنوان تركيا تبحث عن سلامتها وصدر عنه بيان ختامي دعا إلي إلغاء كل القيود أمام العمل السياسي للكرد، واستخدام اللغة الكردية كلغة رسمية( ).
وبالرغم من الخطوات التي قدمها أردوغان لحل القضية الكردية إلا أنه هناك معوقات مثل محاولة أنصار المؤسسة الكمالية تقليص قدرة حزب العدالة والتنمية لحل القضية الكردية، لأنهم يرون أن دعم الكرد في تركيا تنازلاً للإرهاب، وأن إيجاد حل للقضية الكردية قبل اقتلاع حزب العمال الكردستانى، يعنى إعطاء تنازلات أحادية للمؤسسة الإرهابية( ).
وهذه السياسية تجاه الأكراد أدت إلي تقديم مذكرة إلي المجلس الوطنى بهدف موافقته علي السماح للقوات التركية ولمدة سنة واحدة علي اجتياح كردستان العراق، وتدمير قوات حزب العمال الكردستاني( ).
وفي الخامس عشر والسابع عشر تشرين الأول 2007 صوت بأغلبية لصالح القرار 534 عضوا من مجموع (555) وبحضور أردوغان نفسه. لكن بعد تحالف حزب المجتمع الديمقراطي مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي لتعزيز سيطرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي لتعزيز سيطرة حزب العدالة والتنمية لإنجاح الاتفاهمات بينهم في القيام بدفع أنقرة إلي إطلاق المبادرة التركية التي تم إعدادها بتنسيق مباشر من وزير الداخلية وضمت 15 خبرا تحت عنوان “حل القضية الكردية نحو نموذج تركي”( ).
وصرح أردوغان في ذلك الوقت عن نيته للتغير من أجل وجود الهيكل السياسي الاجتماعي الكمالي ولعدم تعرضه للخطر( ) وقد استقبل رجب طيب أردوغان في أغسطس 2009 أحمد ترك زعيم حزب المجتمع الديمقراطي الكردي بأنقرة، وذلك للتوصل إلي إجماع وطني قادر علي حل القضية الكردية وإنهاء الصراع المسلح ولكن شهد اللقاء تباينا شديدا في وجهات النظر بين الجانبيين ولم يتفقوا إلا علي نقاط محدودة ولكن طلب تورك أن يتم أخذ اقتراحات عبد الله أوجلان في الاعتبار، ووقف العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني ومناقشة تعديل الدستور، بما يعطي نوعا من الاستقلال للبلديات في جنوب شرق تركيا في إدارة شئونها( ).
وقد صرح أردوغان أن هدف الحكومة هو التوازن بين الأمن والحرية وجعل ذلك مبدأ أساسيا لفلسفة الدولة وأنه لا يمكن أن نتجاهل الأمن من أجل الحرية أو نتجاهل الحرية من أجل الأمن.
وفي منتصف أغسطس 2009 دعا أردوغان جميع الأطراف بتوحيد الجهود لحل القضية الكردية بشكل سلمي، وخطب في البرلمان وقال “إذا كانت تركيا ما صرفت طاقتها وميزانيتها وسلامها وشبابها علي مقاتلة الإرهاب، لصرفته في أمور أكثر نفعاً، وإذا كانت تركيا لم تصرف السنوات 25 الماضية كل هذه الجهود في الصراع، أين ستكون اليوم؟”( ).
وعقدت جلسة البرلمان التركي في 12/11/2009 لمناقشة إعلان الحكومة عن خطة شاملة تنهي الصراع المسلح وإجراء تغيرات جوهرية علي مطالب الكرد الثقافية والسياسية في تركيا، وتعيين نائب رئيس الحكومة بولينت أرنينتش مسئولا عن الملف الكردي.
وهي مبادرات لم تتخذ بعد شكلا صريحا ومعلنا كما أنها لم ترسم مسارها النهائي بعد ومن المفيد أن نذكر هنا أن ما قامت به تركيا من إصلاحات داخلية متنوعة كانت محل ترحيب وإشادة من قبل الولايات المتحدة باعتبار أن تكون تركيا نموذج الدول الإسلامية لاسيما بعد أحداث 11 أيلول 2011، وكان ذلك علي لسان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لدي حضوره قمة حلف شمال الأطلسي في اسطنبول في حزيران 2004 بقوله: “أنني أقدر كثيرا أن بلدكم قد يكون البلد المسلم الذي يتبني الديمقراطية وسيادة القانون والحرية”( ).
وقد كشفت صحيفة راديكال التركية أن الاستخبارات التركية كانت قد بلغت مطلع عام 2010 دائرة ضيقة جدا من المسئولين من بينهم رئيسا للحكومة والأركان.
وترى الصحيفة أن كلام رئيس الحكومة أردوغان يوم السبت 31 يوليو 2010، أنه إذا كان الإرهاب ينتهي بذهابنا من السلطة فنحن مستعدون لمغادرة السلطة كمؤشر علي خطورة ما تمثله القضية الكردية في تركيا وأنها مستعصية لدرجة أن رئيس حكومة قوي مثل أردوغان لم يستطيع علي مدى ثمانية أعوام حلها( ).
واعتبر بايدمير رئيس بلدية أمد دياربكر يجب أن يكون لنا حكم ذاتي ولكن يختلف عن الذي أوروبا نحن نريد حكما ذاتيا واسعا ونريد مشروعا يستطيع كل واحد التعبير عن نفسه ولا يرى كل واحد نفسه في الخارج وهو مشروع تركيا الديمقراطية وكردستان ذات حكم ذاتي( )، ويرى حزب العدالة والتنمية أن القضية الكردية هي أحد أهم شواغل ومشاكل السياسية العامة في تركيا وتمثل جرحا نازفا فيها وأنها أحد مصادر التهديد الرئيسة للاستقرار في تركيا ومن ثم فإن علي الحزب المبادرة ل حل القضية الكردية بالاعتماد علي مبدأ الحوار للتوصل إلي تسوية الأزمة وخاصة في بعديها الأمني والعسكري ثم في بعديها التنموى والاقتصادي.
كذلك وضع أردوغان رئيس الحكومة التركية جدا لطموحات الأكراد في تركيا برفضه مطلبي الحكم الذاتي واعتماد اللغة الكردية كلغة ثانية في تركيا ووصف أردوغان هذه المطالب أنها فخ قبيح وقال أن لغة أمتنا واحدة، اللغة المشتركة هي اللغة التركية ولا يمكن قبول تغير هذا الواقع حتى فتح مثل هذا النقاش لا يخدم لا الديمقراطية ولا الحرية ولا السلام الاجتماعي ولا الأخوة وأعلن أردوغان أنه يدافع عن القضية الكردية لكنه ضد النزعة الكردية كما أنه ضد النزعة التركية .
وقال ليس في حضارتنا مكان للعرقية و يمكن لكل شخص أن يتكلم بلغته الأم وأن يطبع بلغات ولهجات مختلفة وأن يفتح دورات لتعليمها وأن يفتح أقساما لها في الجامعات لكن اللغة المشتركة واحدة وهي التركية وشدد علي أن مطلب الحكم الذاتي لعبة خطيرة منها حزب السلام والديمقراطية الكردي الممثل في البرلمان من دون أن يسميه بأنه قناع للمنظمة الإرهابية حزب العمال الكردستاني وهو يمارس هذه اللعبة عشية كل انتخابات نيابية( ).
وقد قام رئيس حزب السلام والديمقراطية الكردي صلاح الدين ديميرطاش بالرد علي أردوغان واصفا كلامه عن الأمة الواحدة واللغة الواحدة بالشرك بالله وقال: أن الله يقول: (وجلعناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) فأي نوع من الإسلام يؤمن به رئيس الحكومة؟ وأضاف: “أن الإنسان يولد مع لغته وثقافته ومع هويته الأثنية وما قول أردوغان أنه توجد لغة واحدة وأمه واحدة ليس سوى محاولة لتذويبنا وإذا كانوا يعتقدون ذلك فهم مخطئون فإن الأكراد يريدون أن يعيشوا مع الآخرين في هذه البلاد لكن بحرية ومساواة”.
وأضاف ديميرطاش بلهجة شديدة: “أن رئيس الحكومة يجب أن يعرف أنه بتهديداته هذه لن يستطيع وقف التغيير وإذا كان لحزب العدالة والتنمية قوة أن يوقف شروق الشمس وهطول المطر وعصف الرياح حينها يمكن له وقف التغيير ورأي ديميرطاش أن سياسة حزب العدالة والتنمية تجاه الكرد لا تختلف عن سياسات الدولة منذ مطلع عهد الجمهورية وهو يقولون الخطاب ذاته مع فارق أن حزب العدالة والتنمية يحمل الهراوة ويريد تكسير رأسنا وهو يلبس قفازات”( )
وأخيرا يمكن القول أن قبول الحكومة التركية الدخول في تفاوض مع الكرد أصبحت قضية حتمية لاسيما مع زيادة حالة الاضطراب في دول الإقليم وانتشار النزعة العرفية وخصوصيا في سوريا والتي تهدد بقاء الدولة برمتها وهو ما تخشي تركيا من انتقاله إلي أراضيها عبر الأقلية الكردية .
نظرا لقلقها من احتمال اندلاع الربيع الكردي في منطقة ستكون تركيا أكثر المتضررين منه لاسيما التاريخ الدموى الطويل والتجربة التركية العنيفة في مواجهة الكرد مما دفع أنقرة إلي قبول الاضطرار بخيار لتفاوض والبحث عن أكال التسوية السلمية مع الكرد( ).
ويتضح من العرض السابق للقضية الكردية في تركيا مدى الصعوبات التي تواجهها الأكراد في النظام السياسي التركي، رغم محاولات أردوغان وما قبله من وزراء حملت هذه القضية خاصة عندما رشحت تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي والذي من شروطه استقرار المؤسسات والحفاظ علي الديمقراطية وضمان حقوق الإنسان وحماية الأقليات، ولكن تركيا واجهت صعوبات لحل هذه الأزمة منها عدم اعتراف المؤسسة العسكرية بالقضية الكردية وكذلك الأحزاب العمالية، ولكن مع كل ذلك اعترفت حكومة أردوغان بالقضية الكردية في تركيا بشكل رسمي.
ويعد حزب العمال الكردستانى من أشهر الأحزاب المؤثرة على سياسة تركياخاصة تجاه أكراد العراق لذا سيتم عرض نشأة الحزب بشكل أكثر تقصيلا:
تأسس حزب العمال الكردستاني في مدينة دياربكر، في 27 تشرين الثاني 1978 وأعلن رسميا في شباط 1979 وهو حزب ذو ميول انفصالية وتوجهات ماركسية .
وفي 15 آب 1984 بدأ الحزب أول حركة مسلحة ضد القوات التركية في منطقة هكاري تحت شعار “أطلق وأهرب” ( ).
وكذلك عبد الله أوجلات زعيم حزب العمال الكردستاني، الذي يمثل وجه القضية الكردية في تركيا ولما لم يستطيع الاستمرار في العمل من أجل تلخيص كردستان من قبضة الأتراك خرج منهم عام 1980 حيث أنشأة قوة مسلحة اعتمدت حرب العصابات لشن هجمات ضد الجيش التركي.
وفي خلال ذلك حاول طرح مبادرات للتوصل إلي حد السلمي عن طريق التفاوض مع تركيا لكن الأخيرة رفضت الاعتراف بأني حق للكرد علي أساس أن الأيديولوجية الكمالية التي يسير الأتراك علي هداها، لا تعترف بأي قوة غير القومية التركية في تركيا وتنكر بذلك الوجود الكردي بل وتعمل دائما علي استئصال هذا الوجود وردا علي عمليات الاستئصال التي تبنتها تركيا كان تأسيسي حزب العمال الكردستاني علي يد عبد الله أوجلان وزملائه سنة 1978 وسط ظروف صعبة حتى قبل هؤلاء الزملاء( ).
وسبب صراع بين الجانبيين يعود إلي عدم المساواة والعدالة ويمكن أن يفسرها بنظرية (الحرمان النسبي) ويوضح روبرت دوس وجون هيوز في كتابهما علم الاجتماع السياسي عام 1982 فكره الحرمان النسبي هي (أن الناس يضفون قيمة علي كثير من الأشياء في الحياة الاجتماعي مثل الثورة، والمكانة،/ والقوة، والأمن، والمساواة، والحرية، وعندما لا يمتلكوا من تحقيق تلك القيم أو قيمة واحدة يتطلعون إليها فإن حالة من الإرضاء والغضب والعداء تتشكل وهذا الموقف يعرف بالحرمان النسيب يعي كل ما زاده شدة الحرمان النسبي يؤدي إلي استخدام آلية العنف كوسيلة فعالة للتعبير عن شعوره بالغضب).
وقد اتسعت القاعدة الاجتماعية لحزب العمال الكردستاني بسبب استخدام الحكم العسكري للتعذيب والقمع في (دياربكر) ومقاطعات كردية أخرى ولخال النصف الثاني من الثمانينيات برزت القضية الكردية بوصفها العامل الأهم للعلاقات الثنائية مع تركيا وسوريا والعراق وإيران( ) وقبل مدة قصيرة من انقلاب 1980 وجد رئيس حزب العمال الكردستانى عبد الله أوجللان، ملجأ أمنا ودعمنا سياسيا في دمشق، فتحول الحزب بذلك إلي الورقة الكرددية في يد دمشق ضد نفوذ تركيا علي مصادر المياه ولم يكن الوضع أفضل حالاً في كردستان العراق، وجد حزب العمال الكردستاني هناك ملاذا أمنا علي أثر حرب الخليج الثاني العام 1991.
وأستطاع حزب العمل الكردستاني من خلال أهدافه التي يسعي إليها وبما يمتلكه من وسائل الدعاية والتثقيف أن يصدر عدد من الصحف والمجلات في سوريا ولبنان والعراق وأوروبا باللغتين الكردية والعربية .
ومنها مجلة (نداء الاستقلال) و(صوت كردستان) ومجلة (ثقافة الشعب) ومجلة (النو) وصحيفة (الوطن) وكذلك تشكيل جيش وصل تعداد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ما يقرب 10 آلاف قابل سنة 1994( ).
ولم تقتصر نشاطات حزب العمال الكردستاني علي الجانب العسكري فقط بل فتح قنوات اتصال مع الحكومة التركية عام 1990 .
وقد القي اوجلان خطابا طلب فيه إعلان هدنة في جنوب شرق تركيا واعترف بالسيادة التركية، وأن ليس انفصاليا وإنما يطالب بحقوق سياسية وثقافية للكرد( )، أيضا طلب بفتح حوار مع الحكومة سليمان ديمريل (1991 – 1993) وفي مارس 1993 أعلن أوجلات وقف إطراق النار من جانب واحد وغير هدف الحزب الاستراتيجي والمتمثل في استقلال كردستان تركيا وتشكيل دولة كردية فيها حيث دعا إلي إقامة نظام سياسي فيردرالي في تركيا وكرر أوجلان وقف إطراق النار من جانب واحد عام 1996.
وبادر اثنا تواجده فى روما في تشرين الثاني 1998 إلي تعديل طلبه من إقامة الفيدرالية في تركيا إلي حكم ذاتي( ) وقد أكد أوجلان مجددا في 19/7/1998 تخلي حزبه عن قتال واستعد لإبرام اتفاق سلام حول النظام الفيدرالي مع الحكومة التركية وناشد الحزمة الإيطالية إلي النظر في طلبه باللجوء السياسي وإقناع أوروبا التدخل في سبيل حل القضية الكردية وهاجموا القيادات الكردية في مختلف دول المنطقة واتهمهم بقصر النظر ودعاهم إلي تشكيل مجلس وطني يهدف إلي وضع حل للخلافات الكردية( ).
فالحكومة التركية لم تتوقف عن ملاحقة أوجلان منذ اعتقاله في المرة الأولي عام 1972 ولكن المطاردة كثفت مع إعلانه عن تأسيس حزب العمال الكردستاني وعندما فشتا في اعتباره سعت إلي اغتياله في محاولة عدة( )، ولكن استمرت الحكومة التركية في ملاحقة أوجلان حتى الوقت الذي أعلنت الحكومة التركية في 16/2/1999 أنها نجحت في اعتقال أوجلان بعد عملية نفذتها القوات التركية الخاصة في العاصمة الكينية نيروبي وأصدرت محكمة أمن الدولة في أنقرة حكما بإعدامه في 29 حزيران بتهمة الخيانة الوطنية وتهديد وحدة أراضي الدولة التركية( ).
وبالرغم من ذلك دعى عبد الله أوجلان عناصر حزبه إلي وقف إطراق النار من جانب واحد والتخلي عن الكفاح المسلح وسحب قواتهم من تركيا والكف عن استهداف المنشآت والمصالح التركية ومغادرة الأراضي التركية باتجاه كردستان العراق اعتبار من أول سبتمبر 1999، معتبرا أن تلك الخطوات ستؤدي إلي إحلال السلام في تركيا وبعد مرور ثلاثة أيام وأصدرت القيادة المركزية لحزب العمال الكردستاني بياناً أعلنت تأييدها الكامل لما دعا إليه أوجلات وفعلا التزام حزب العمال الكردستاني بقرار عبد الله أوجلان وحيث استمر وقف إطلاق النار من جانب واحد وعقد حزب العمال الكردستاني في 9فبراير 2000 المؤتمر الاستثنائي وهو المؤتمر الثاني للحزب خلال أقل من سنة من اعتقال زعيمه عبد الله أوجلان وقد وافق المشاركون بالإجماع علي وقف النشاط المسلح وانتهاج إستراتيجية جديدة( ).
الفصل الثالث:
المسألة الكردية في العلاقات التركية العراقية
تمثل المسألة الكردية هاجساً أمنيا وسياسياً واجتماعياً متصاعداً لغالبية الحكومات التركية المتعاقبة ، وتمثل العراق أهمية كبيرة في هذه المسألة بالنسبة لتركيا ، وذلك لأكثر من سبب أهمها :
مسألة مدينتي “الموصل ، وكركوك” ، ووجود التركمان التي يهتم بهم تركيا بحكم انتمائهم العقري لها ، وكذلك تؤثر القضية الكردية وانعكاساتها في العراق علي أكرادها ووجود حزب العمال الكردستاني الذي يسبب تهديد لأمن تركيا في المنطقة( ).
ولذلك بعد قضية الأكراد في العراق عنصراً رئيسياً حدد طبيعة ومدي العلاقة القائمة بين العراق وتركيا منذ تأسيس الدولة العراقية 1921م وظهور الدولة الكمالية في تركيا بعد ذلك بقليل . ففي عام 1984م قامت حرباً بين تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي ينادي بالانفصالية ، ومن هنا بدأت التدخلات لقوات تركية في مناطق شمال العراق.
وبعد حرب الخليج دخلت القوات التركية بأعداد كبيرة وبرعاية أمريكية في شمال العراق لمطاردة حزب العمال الكردستاني ، وبالفعل قبضت علي زعيم الحزب ” عبد الله أوجلان ” في 16 فبراير 1999م ( ) .
وقد استمر الوضع لفترة قليلة غير مقلق بالنسبة لتركيا ، ولكن تغيير الوضع تماماً بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في إبريل 2003م .
وبهذا سنتناول في هذا الفصل علاقة القوي السياسية العراقية بالتركية منذ حرب الخليج الثانية ، مروراً بالاحتلال الأمريكي للعراق 2003م ، وأثر ذلك علي مصالح ومخاوف هذه القوي السياسية في كل من العراق وتركيا خاصة فيما يتعلق بالمسألة الكردية ، لذلك قسم هذا الفصل كالتالي :
المبحث الأول :
أثر المسألة الكردية علي العلاقات التركية العراقية من حرب الخليج الثانية “1991 – 2003” .
المبحث الثاني :
أثر الاحتلال الأمريكى على تطور القضية الكردية.
المبحث الثالث :
اثر المسالة الكردية علي العلاقات التركية العراقية من احتلال العراق إلي 2008م .
المبحث الرابع :
اثر المسألة الكردية علي العلاقات التركية العراقية من 2008 إلي 2012.
المبحث الأول:
أثر المسالة الكردية علي العلاقات التركية العراقية
من حرب الخليج الثانية “1991 2003” .
لقد ازدادت تدخلات تركيا في شئون العراق بعد حرب الخليج 1991 بدعوي حماية حقوق تركمان العراق الذي يقدر عددهم نحو مليوني نسمة حيث تعتبرهم أنقرة امتداداً طبيعياً لها ، كما يطلق تركمان العراق علي تركيا ” الوطن الأم تركيا ” أو ” الأمة التركية العظمي” ( ) .
وترجع جذور المشكلة الكردية بين تركيا والعراق منذ حرب الخليج الثانية إلي أن تركيا انزعجت كثيراً لمساعدة إيران لأكراد العراق ، وذلك بسبب الانعكاسات السلبية التي سوف تؤثر علي تركيا .
ويرجع ذلك إلي اتساع حركة التمرد الكردي في شمال العراق هناك اعتبارات اخري ذات أهمية وهي :
1. زيادة توتر وتعقد الاوضاع الأمنية المضطربة في جنوب شرق تركيا في ظل تزايد نشاطات حزب ” العمال الكردي ” .
2. تهديد المصالح الاقتصادية لتركيا في شمال العراق المرتبطة بالطريق البري بين تركيا والعراق ، حيث كانت تعتمد علي هذا الطريق في نقل نسبة كبيرة من صادراتها إلي العراق والي الأقطار الخليجية العربية عبر طريق الموصل بغداد ، أيضاً مصالح تركيا وحقوقها في نفط كركوك والتي تعتبرها جزءاً من الأراضي التركي بموجب الميثاق الوطني التركي عام 1920م .
3. تهديد مصالح ووجود الأقلية التركية التركمانية في شمال العراق في ظل علاقات العداء والشكوك المتبادلة بين الأكراد والتركمان في العراق ، لاسيما أن التركمان استمروا يعكسون في مواقفهم وتوجهاتهم الرسمية التركية ، واتضح ذلك في مقاطعتهم للانتخابات الرئاسية والتشريعية الكردية في مايو 1992م انعكاساً للموقف التركي الرسمي في ذلك الوقت نظراً لرفضه المساس بالوحدة الترابية للعراق ، وكذلك إصرار تركيا علي ترتيب أوضاع أمنية مستقرة للتركمان وإعطائهم دور في شمال العراق( ) .
وبسبب تلك الاعتبارات شهدت هذه الفترة تردد لأحاديث عن وجود نوايا لدي تركيا للتحرك عسكرياً بأتجاه شمال العراق لتأمين مصالحها وأقليتها في المنطقة خاصة في كركوك والموصل حتي لا تسقط في يد الأكراد .
ولكن تركيا حرصت أن تنفي صحة ذلك مؤكدة أن ذلك سيجعلها تفقد مصالحها الاقتصادية الهامة . وتلي ذلك عمليات واسعة في العراق قامت بها القوات العراقية ضد المتمردين الأكراد الذين تعاونوا مع إيران .
وقد أفرزت هذه العمليات توتراً كبيراً في العلاقات العراقية التركية ، حيث نزح نحو 60 ألفاً من الأكراد العراقيين إلي تركيا عبر الحدود . وقامت تركيا بغلق حدودها بعد أيام قليلة من أول نزوح واستمرت في المباحثات السرية مع زعماء الأكراد والعراقيين بغرض بحث أثر الحكم الذاتي علي تركيا ، أيضاً منعت تركيا إقامة مخيمات دائمة للاجئين حتي لا تكون مكان لإثارة المشكلات مع حزب العمال الكردي وجماعته( ) .
وكانت تركيا تخشي أن غلق الحدود ضد الأكراد يحسب ضدها ويؤثر علي علاقتها بالغرب ، علي أن ذلك سيجبر الأكراد علي التعامل مع صدام ولكن ايضاً إدخال تركيا لهذه الأعداد من الأكراد يسبب مشكلة داخلية في تركيا. وأكدت أن صدام حسين كان يستطيع معاقبة الأكراد دون أن يدفعهم للحدود التركية .
كما أن الأكراد انفسهم شجعوا غلق الحدود لأنها إذا فتحتها ستتحول المشكلة إلي مشكلة لاجئين وليس مشكلة أرض قومية ونزوح جماعي يستوجب حلها( ) .
وقد بدأت الاتصالات المباشرة بين أنقرة والقيادات الكردية منذ آذار / مارس 1991م( ) . وبدأت الاجتماعات بين المسئولين الأتراك من وزارتي الخارجية والاستخبارات التركيتين من جهة وبين جلال الطالباني وممثل عنه مسعود البارزاني من جهة ثانية ، وقد اعلنت تركيا عن هذه الاجتماعات وعلي حصولها علي تعهدات من الزعيمين الكرديين بقطع الدعم عن حزب العمال الكردستاني ،وذلك مقابل تقديم الدعم والمساعدة في إقامة علاقات سياسية مباشرة معهم( ) .
وقد قام كل من جلال الطالباني ومسعود البارزاني بزيارة لأنقرة سبتمبر 1992م ، ولقاء الرئيس التركي حينها توركت أوزال والحصول علي جوازي سفر دبلوماسيين للانتقال في المحيطين الإقليمي والدولي( ) .
وقد حصل جلال الطالباني خلال هذا اللقاء علي مساعدة مالية مع ضمان عدم مشاركة (البيشمركية) في القتال الدائر بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني( ) .
وقامت البيشمركة بمساندة الجيش التركي أثناء المعارك من خلال الدعم اللوجيستي وغدت فترة التسعينات نقطة تحول في العلاقة بين الأكراد وتركيا إلي تحالف أمر واقع ، خاصة بعد انتفاضة آذار / مارس 1991م ، وذلك بسبب رد فعل النظام السابق العنيفة التي دفعت حوالي نصف مليون لاجئ إلي الحدود التركية( ) . بعدها أصدر مجلس الأمن الدولي في نيسان/ ابريل 1991م ، القرار رقم (688) والذي تمخض عنه إدانة العراق ، وإقامة منطقة حظر جوي (ملاذ أمن) إلي الجنوب الشرقي من الحدود التركية والعراقية (شمال العراق) ، وانبثقت هذه العملية من قاعدة (انجرليك التركية) ( ) . وهنا احتضنت تركيا الأحزاب الكردية العراقية الرئيسية ، حيث سمح لهم بفتح مكاتب في أنقرة ، وتعاونت هذه الأحزاب مع تركيا في محاربة حزب العمال الكردستاني( ) .
وبالفعل قد حدث مصادمات بين أكراد العراق وأكراد وتركيا منها في اكتوبر 1992م ، وذلك عندما هاجمت الفصائل الكردية العراقية للأكراد الأتراك وذلك بعد أن حذرهم من عدم استخدام أراضي كردستان العراقية في مهاجمة الأراضي التركية ، وقد نجحت المليشيات الكروية العراقية من إجلاء مقاتلي حزب العمال الكردستاني من أكثر من ثلثي المنطقة والتي كانوا يقيمون بها قواعدهم في شمال العراق . كما أجبرتهم علي الاستسلام وتسليم اسلحتهم والتعهد بعدم مهاجمة تركيا عبر الأراضي العراقية ، وإن كان هذا لم يتحقق وحدثت مهاجنات اخري في اغسطس 1995م عندما قصفت قوات حزب العمال الكردستاني مواقع الحزب الديمقراطي الكردستاني بحجة تزويد تركيا بأبخار عن مواق قوات حزب العمال( ) .
وعودة إلي عام 1993م فقد قامت تركيا بإرسال لجنة من الخبراء من كافة الاختصاصات إلي كردستان .
لتقييم الحاجات الغذائية والصحية للسكان ، وتقديم مبلغ (13.5) مليون دولار كمعونة ، بالإضافة إلي نشاط الهلال الأحمر التركي في المدن الكردية ، وإنشاء مركزاً للمخابرات التركية في اربيل للتنسيق مع القيادات الكردية في الإطار الأمني( ) . كما قام جلال الطالباني بوساطة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني ، وأقنع (عبد الله أوجلان) بإعلان أول وقف لإطلاق النار في 17 آذار / مارس 1993م ، من جانب واحد( ) ، كما تبنت أنقرة في آذار / مارس 1994م ، مؤتمر المعارضة العراقية الذي عقد فيها ، ودعمت الأكراد مالياً وعسكرياً بعد صدر قرار مجلس الأمن رقم (986) ، في نيسان / إبريل 1994م والذي أعطي الأكراد حصة من مبيعات النفط العراقي ، إلا أنها وقفت ضد مشروع إقرار دستور دولة كردية مستقلة في شمال العراق في مؤتمر باريس الذي عقد في تموز/ يوليو 1994م . وقد حذر الرئيس انهيار كل شئ ، وأن الاجراءات التي اتخذتها تركيا هي في إطار إعادة الأوضاع إلي ما كانت عليه ، وتستهدف منع إقامة دولة كردية مستقلة في المنطقة لأن أي حل للمشكلة الكردية يجب ان يكون في إطار احترام وحدة الأراضي العراقية( ) ، وفي نهاية سنة 1994م ، قدمت تركيا نفسها وسيطاً في الصراع الدائر بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الإتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني) .
وانتقالاً من الوساطة إلي التدخل العسكري في العراق في مارس 1995م( ).
قامت وحدات من الجيش التركي بحملة كبيرة في كردستان العراقية أطلق عليها عملية ” فولاذ” بمطاردة حزب العمال الكردستاني وتصفية القواعد التي اقاموها هنا هذه اكبر حملة برية فقد بلغ حجم القوات التركية التي شاركت في هذه العمليات 35 ألف جندي تساندهم المدفعية والدبابات وتوغلوا لمسافة 40 كيلو متر في الأراضي العراقية علي جبة طولها 220 كيلو م2 . وواجهوا حوالي 2800 متمرد من حزب العمال الكردي في مساحة 5400 ميل مربع في شمال العراق وقدرت الحكومة التركية الخسائر ب 555 قتيل من حزب العمال و 61 من الجنود الأتراك ، ثم قامت تركيا بعمليتين صغيرتين في أوائل يوليو 1995 وأواخر سبتمبر 1995 ، وقامت القوات التركية ب 14 طلعة وغارة جوية فوق المنطقة الشمالية لخط عرض 36 المحظور الطيران فيها لغير طيران التحالف ،. كما قامت قواتها البرية بثماني غزوات للأراضي العراقية وقد كانت أعنف الهجمات التي شنتها القوات التركية علي قواعد حزب العمال في مدينة زاخو بشمال العراق في مارس 1995( ) .
ولكن في نفس العام في فبراير 1995 ، قد تحسنت العلاقات التركية العراقية ، وهو ما عبرت عنه المشكلة الكردية حيث دعا الوزراء الثلاثة الحكومة العراقية لاحترام الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب( )
الزيارة التي قام بها للعاصمة التركية في فبراير 1995 وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف ، والتي كان جانب منها مخصصاً لمناقشة المسألة الكردية. ويبدو أن اتفاقا من نوع ما قد تم التوصل إليه في هذه الزيارة ، ففي شهر مارس 1995 بعد أن قامت وحدات من الجيش التركي بحملة كبيرة في كردستان العراقية، ظهرت علامات التفاهم العراقي التركي بهذا الخصوص في أن بغداد لم تنتقد عمليات الجيش التركي في أراضيها إلا بعد يومين علي بدء الهجوم بعد أن كانت القوات التركية قد حققت تقدماً كبيراً نحو تحقيق أهدافها ، ويؤثر في علاقات العراق بتركيا هو عدم ارتياح بغداد لتطور العلاقات بين الأكراد العراقيين والحكومة التركية لما في ذلك من تمكين لتركيا من التحول إلي لاعب أساسي في شئون العراق الداخلية ، فقد تمكنت تركيا من تحييد الأحزاب الكردية العراقية تجاه مصير الأكراد الأتراك ، حتي أن الأحزاب الكردية العراقية قد شاركت في انتقاد الأنشطة العسكرية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية ، كما وقعت عدة اشتباكات بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني . بل أن الحكومة التركية لعبت دوراً في جهوداً تحسين العلاقات بين الأحزاب الكردية العراقية المتنافسة ، وشارك مسئولون أتراك في اجتماعات بهذا الخصوص عقدت داخل كردستان العراقية في أغسطس ، وهو ما ترتب عليه أن عادت التوترات في العلاقات التركية العراقية ، فقامت بغداد بإغلاق قنصليتها في اسطنبول ، وردت تركيا علي ذلك بإغلاق قنصليتها في الموصل ، كما قامت كل من الدولتين بتخفيض حجم بعثتهما الدبلوماسية لدي الدولة الأخري( ).
إلا أن الحاجة التركية للتنسيق ولأن العراق هو عنصر هام في القضية الكردية فإن تركيا اقترحت في 1996م إقامة لقاء وزراء خارجية العراق وتركيا وسوريا وإيران لدراسة الوضع في شمال العراق .
وفي ذلك الوقت صرح (هوشيار زيباري) العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني ووزير الخارجية العراقي الحالي : “إن تركيا هي حبل إنقاذ الحياة بالنسبة لنا ، مع الغرب والعالم كله” أيضاً صرح جلال الطالباني في أواخر التسعينات : “إن تركيا يجب ان تعد دولة صديقة للكرد”( ) ، كما صرح به مسعود البارزاني في التسعينات كذلك بقوله : (نحن نعتبر علاقتنا مع تركيا ، علاقة بالغة الحيوية ، انها بوابتنا علي العالم الخارجي) ( ) ، كما أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً في 22 تموز/ يوليو 1997م ، أكدت فيه التزامها بمواصلة الوساطة بين جلال الطالباني ومسعود البارزاني ، إلا أن القتال اندلع من جديد ، فدخلت واشنطن للوساطة مع تركيا ودعت الجانبين لعقد مؤتمر سلام في واشنطن في سنة 1998م ، وتم وضع حد نهائي للحرب( ) .
وقد ظهر هنا التناقض في السياسة التركية بالتعامل مع الأكراد ، ففي الوقت الذي لا تعترف فيه تركيا بوجود مشكلة كردية فيها ، وتتبع ضدهم أشد اساليب القمع في الداخل وتقوم بدعم مساعدة وحماية أكراد العراق وتقيم مع الفصائل والأحزاب الكردية العراقية أشكالاً من التعاون الأمني والسياسي( ) .
فنجد مما سبق أن :
الدور التركي : ذو ثلاثة أبعاد :
الحامي للأكراد العراقيين ، والوسيط بينهم ، والتدخل عسكرياً بين فترة وأخري في الأراضي العراقية( )
وبعد اتفاقية واشنطن عام 1997م واعتقال أوجلان عام 1999م تغيرت السياسة التركية في المنطقة وخاصة علاقتها مع حزب الديمقراطي الكردستاني من التعاون إلي الِتوتر .
حتي عندما زار وفد تركي إلي مصيف صلاح الدين بقيادة (سنرل اوغلو) لمحاربة باقي مقاتل حزب العمال الكردستاني في منطقة كردستان العراق ، ولكن مسعود البارزاني رفض تدخل تركيا لمنطقة كردستان العراق لمحاربة مقاتل حزب العمال الكردستاني ، وكل هذا أدي إلي تدهور علاقات بين تركيا وحزب الديمقراطي الكردستاني( ) .
وفي فبراير عام 2000 اعلن حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار علي تركيا، وكذلك قد شهدت فترة وصول حزب العدالة والتنمية إلي السلطة في تركيا عام 2002 تهدئة ملحوظة في علاقة تركيا وسياستها الخارجية مع العراق وإقليم كردستان.
ولكن جاءت التغيرات التي حدثت نتيجة الغزو الأمريكي للعراق في 20 مارس 2003م ، والخوف من تقسيم العراق وظهور دولة كردية مستقلة ، وهذا بالطبع أثر علي العلاقات بين تركيا والعراق ، حيث أن تركيا ترفض إقامة أي كيان مستقل للأكراد علي أراضيها ، وكذلك ترفض العراق الأكراد استقلالها بالكامل .
وفي تلك الاثناء أعلنت العراق رغبتها في أن يكون لتركيا دور إيجابي في العراق وإعادة أعمارها ، وخاصة بعد قرار تركيا بعد المشاركة في الحرب ضد العراق ، وبالطبع هذا القرار في صالح تركيا للحفاظ علي أمنها القومي .
المبحث الثاني
أثر الاحتلال الأمريكي على تطور القضية الكردية
قبل احتلال العراق عام 2003 كانت سياسة تركيا في الأكراد في العراق تتلخص في حدود واضحة لا يمكن تجاوزها حيث قامت تركيا بترتيبها كتالي حسب أولوياتها.
أولاً : منع قيام دولة كردية مستقلة على أي جزء من الأراضي التي يعتبرها الأكراد وكردستان التاريخية.
ثانياً : الحيلولة دون إنشاء فيدرالية في العراق على أساس عرقي.
ثالثاً : عدم استيلاء الأكراد على كركوك أو تعديل التركيبة السكانية بها.
رابعاً : عدم المساس بالأقلية التركمانية في شمال العراق.
خامساً : عدم السماح بأي تواجد كقواعد أو عناصر مقاتلة لحزب العمالة الكردستاني.
ولكن الوضع قد تغير تماما بعد احتلال العراق إلى أن أصبح في غير صالح تركيا، فبعد سقوط القطاع العراقي مباشرة ارتفعت الأعلام الخضراء والصفراء (علمي الحزبين الكرديين الرئيسيين) وذلك من قبل الأسر الكردية التي كانت قد هجرت من مدينة (كركوك) في السنوات الماضية، وسيطرت قوات البيشمركة “على المدينة، وهذا قد بعد تجاوز خط أحمر تركي.
وبعد سقوط نظام هدام حسين فرصة ثمينة رفعت أسهم الأكراد إلى أن أدى ذلك أمكنهم من منصب رئيس الدولة العراقية وبالطبع شكل ذلك خسائر كبيرة لتركيا، ويكفي للدليل على خسائر تركيا لاستراتيجية مقارنة وضع مدينة كركوك قبل الاحتلال وبعده، فأصبحت بعد الاحتلال تحت سيطرة كردية كاملة وألحقت بإقليم كردستان مما يعني احتمالات مطالبتما بالانفصال عن العراق وتشكيل دولة كردية مستقلا.
بعد أن كانت خارج نطاق منطقة الحكم وهو ما قد يزيد من قوة حزب العمال الكرستاني الذاتي الكردي واليذي سيترتب عليه:
1- تصاعد مطال بالأكراد الأتراك بإقامة حكم ذاتي على غرار ما حدث في العراق.
2- تحول كردستان العراق إلى قاعدة للمناضلين الأكراد الأتراك وذلك للاحتلال للعراق قد وضع الأكراد موضع قوة لا يمكن أن تتنازل عنه، وساهم في وضع تركيا في موقف صعب وهو :
• أصبحت واشنطن تدير العراق وليست بحاجة إلى تركيا عسكريا.
• أصبحت واشنطن تتحالف مع الاكراد في شمال العراق مما أثر نسبيا على التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، والذي أعطى الأكراد قوة تجاه تركيا من عدمه من الولايات المتحدة الأمريكية والتي أبرزها صعوبة إتخاذ أي موقف عسكري ضد الاكراد( ).
وبداية من مؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في لندن عام 2002 والذي عقد تحت الرعاية الأمريكية تحت شعار “العراق مع بعد صدام حسين” لإقامة عراق ديمقراطي تعددي برلماني فيدرالي، وذلك عزر من موقف الكرد في المعادلة العراقية والغقليمية، وعقد مؤتمر آخر للمعارضة العراقية.
المؤتمر على قرارات مؤتمر لندن، وعلى ضرورة الاستفتاء الشعبي على الدستور الفيدرالي المقترح “لعراق ما بعد صدام”، وتم الاتفاق بينا لمعارضة العراقية، كذلك الاتفاق بين أطراف المعارضة الكردية الزعيمان مسعود البارزاني وجلال الطالباني لحل جميع الخلافات وعقد برلمان موحد وتكون أولى جلساته في 4 تشرين الأول 2002( ).
ولكن بالرغم من محاولات حل الخلافات وتوحيد الآراء داخل العراق، إلا أن الانقسام الداخلي وعدم الخبرة في إدارة المؤسسات الداخلية مما أدى إلى تعطيل عمل البرلمان وتمد يد عمل الدورة الأولى لمرات عديدة إلى حين انتخاب الدورة الثانية في كانون الثاني 2004 أي بعد تغيير نظام الحكم في العراق ليواجه التحديات الجديدة.
وشهدت تلك الفترة دعوات أي رفع مستوى المؤسساتية في إدارة الحكم على كافة مستوياته التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالإضافة إلى السياسة العامة التي تلبي مطالب الشعب.
ومن هنا شهدت تلك الفترة تطورا في إدارة الملف الأمني وكذلك الملف الاقتصادي، وبروز حراك سياسي ساهم في تحقيق وتعزيز الديمقراطية في الإقليم.
أولاً: الملف الأمني في إقليم كردستان:
لقد حدث أبرز اختراق أمني في إقليم كردستان في عام 2004 عندما قام تنظيم القاعدة بضرب مقر الحزبين الرئيسيين الحزب الديمقراطي الكردساني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وقتل العديد من قيادات الحزبين.
وقد أدت تلك الخروقات الأمنية في بداية العملية السياسية إلى دعم المؤسسات الأمنية وتأثير كوادرها ووحداتها، بالإضافة إلى الدعم الجماهيري الواضح لهذه الجهود.
وبهذا تحقق الاستقرار الأمني النسبي في الغقليم، تم استلام الملف الأمني عمليا من القوات المتعددة الجنسيات في عام 2007، وعادت العوائل العراقية التي تعرضت للتهجير الطائفي أثر أحداث 2006 أو للهرب من الاضطهاد والعنف.
وكذلك قامت قوات البيشمركة بحماية الإحياء البحرية النسبية في بغداد ضد هجمات الميلشيات حتى تقوم بالتطهير العرقي في الأعوام 2006 و 2007( ).
ثانياً : الملف الاقتصادي:
بالطبع لقد أدى الاستقرار الأمني إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية إلى الإقليم، ويعد ذلك بوابة للاستثمار في العراق بسبب الانفتاح الدولي على العراق بعد 2003.
وصادف ذلك قيام برلمان إقليم كردستان بتشريع قوانين جاذبة للاستثمار الخارجي، وإعادة هيكلة الاقتصاد وفقا للمعايير الدولية لخلق مزيد من الثقة بالاقتصاد الكردستاني. وبالطبع استفاد الإقليم بالنظام السياسي الجديد في العراق، الذي يقوم على الفيدرالية والصلاحيات الممنوحة للإقليم بموجب الدستور العراقي الدائم لعام 2005( ).
ثالثاً : الحراك السياسي:
شهدت هذه المرحلة بدأ ظهور المعارضة السياسية في إقليم كردستان العراق، إذ نتج عن ذلك بروز أحزاب سياسية معارضة رسمية، ولكن تم النسيق بينها وظهر ذلك في الانتخابات البرلمانية الثالثة لإقليم كردستان والتي أجريت الخامس والعشرون من يوليو 2009، حيث دخل كل من حزبي الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين في الانتخابات على قائمة واحدة تحت اسم “قائمة الخدمات والإصلاح” وفازت القائمة بأغلبية المقاعدة.
حيث كسبت 59 معتمداً من مجموع 111 مقعد برلماني، ذلك بالمشاركة مع المقاعد الممثلة للمكونات القومية والدينية الأخرى، وبعض الأحزاب الكردية الصغيرة، وظلت ثلاث أحزاب كبيرة خارج الحكومة كمعارضة برلمانية وهم حركة التغير والاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية.
ومن الملاحظ مدى مساهمة الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي في نمو الحراك السياسي والمطالبة بالمزيد من الديمقراطية والمشاركة السياسية والإدارية في إقليم كردستان ونتيجة لذلك زادت المشاركة السياسية للجيل الجديد( ).
وقامت مظاهرات ومسيرات احتجاجية على أثر ثورات الربيع العربي 2011، للمطالبة بالإصلاح والتنمية السياسية والاقتصادية والثقافية، ولكن الفرق بين هذه الاحتجاجات والمظاهرات والثورات العربية هو أنها لم تطالب بإقصاء أي طرف من العملية السياسية، بل وطالبت بتعزيز النظام الديمقراطي في معالجة الأزمات الداخلية والاختلاف في الغايات والأهداف، ونادت ببناء مؤسسات تنسجم مع الواقع وتطورات القضية الكردية، وذكرت القضية الكردية بشكل واضح في تلك المظاهرات اعتقادا بأن العائق الأساس في ترجمة المتغيرات الدولية والأوضاع الداخلية العراقية وهو تقرير مصير الشعب الكردي( ).
وقد ميز الحراك السياسي في إقليم كردستان خاصة، وهو ضعف التدخل الخارجي في العملية السياية وهو ما شكل نقطة تحول في مسار الديمقراطية في إقليم كردستان وهو ما اثر على المصالح العليا للشعب الكردي( ).
ومما سبق اتضح مدى تأثير تغير نظام الحكم في العراق عام 2003 على مؤسسات الغقليم وإعادة هيكلتها كي تتناسب مع التحديات الجديدة، وكذلك كانت أبرزالتطورات الداخلية في الإقليم هي النمو الاقتصادي وتطور العملية الديمقراطية، وهذا ساعد على دخول الكرد في إعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية وفق الرؤية الكردية مع إدماج المشروع الوطني المشترك بين التيارات العراقية الديمقراطية والعلمانية.
يرجع الهدف النهائي من ذلك إلى استقرار نظام الحكم في بغداد والذي سيؤدي إلى قوة إقليم كردستان كما يشير البعض.
المبحث الثالث:
أثر المسألة الكردية على العلاقات التركية
العراقية من احتلال العراق إلى 2008 م
ترتب على حرب الولايات المتحدة ضد العراق في أبريل 2003 ، توازنات جديدة في الساحة الدولية خاصة بين تركيا والعراق. وانفتاح للقوى السياسية العراقية على دول الجوار، وإعلانها رغبتها في وجود دور إيجابي لتركيا في العراق.
وتم اختيار الفترة لهذا المبحث لعرض أهم التغيرات في العلاقة بين تركيا والعراق منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 توتر العلاقات بين العراق وتركيا خوفاً من وضع الأكراد في تلك الدولتين وفي ظل تحكم أمريكي في العراق وتعقيد العلاقة الأمريكية التركية، حيث قررت تركيا عدم المشاركة في الحرب ضد العراق، وكذلك عدم سماح أمريكا لتركيا للتدخل في العراق أو إقليم كردستان وصولا إلى أي عام 2008 والذي مثل نقطة تحول في العلاقات الأمريكية التركية – أمريكا هي التي تتحكم فيالعراق في تلك الفترة – حيث سمحت أمريكا للقوات التركية بالتدخل في العراق، وكانت ذلك لأول مرة تسمح لها بالتدخل منذ احتلالها للعراق( ).
2- الكرد والعلاقات التركية الأمريكية:
ويعد الضلع الثالث للقضية الكردية العراقية التركية في تلك الفترة هما الولايات المتحدة التي سيطرت على العراق داخليا، كما سيطرت على علاقتها مع الدول الأخرى.
وبما أن تركيا تعد من حلفاء الولايات المتحدة فكان من الطبيعي أن توافق كحليف على سياسات حليفها، ولكن خالفت تركيا تلك القاعدة ورفضت المشاركة في الحرب على العراق مما أدى إلى حدوث توترات بينها وبين الولايات المتحدة.
وقد ظهرت تلك التطورات بينهما في حادثتين هما:
الأولى في كركوك في نهاية نيسان/ أبريل 2003م، عندما قامت القوات الأمريكية باعتقال 11 عسكريا تركيا خلال مهمة لهم في شمال العراق، وغطت رؤوسهم بأكياد على غرار معتقلي (جوانتامو)، الأمر الذي فجر أزمة ثقة كبيرة بين البلدين على حد وصف (الجنرال حلمي أزوك) رئيس هيئة الأركان التركية.
وكذلك تم استبعاد الشركات التركية من عقود إعادة الإعمار التي أبرمتها سلطة التحالف المؤقتة مع شركات أجنبية لذلك عملت تركيا على تعزيز وترسيخ علاقاتها مع التركمان العراقيين( ).
ولم توافق تركيا على التحالف مع أمريكا رغم وعود أمريكا لها بامتيازات في نفط كركوك، ولكن تركيا وضعت شروط للتفكير في قبول التغير في العراق وهي:
1- لا تقبل بدولة كردية مستقلة في شمال العراق.
2- لا ترضى بعراق فيدرالي مقسم على حدود اثنية.
3- يجب ضمان عدم سيطرة الأكراد على كركوك.
4- منح الأقلية التركمانية حقوقا واسعة( ).
وكانت أمريكا تتبع فيما سبق في فترة ما قبل “الحادي عشر من سبتمبر” استراتيجية دعم تركيا ضد الحركة التحررية الكردية الممثلة في “حزب العمال الكردستاني” والتي وضعته على قائمة الحركات الإرهابية في العالم، ولكن التطورات على الساحة الدولية أدت إلى تغيير المحاولات،وظهرت اتجاهات تؤمن بالحفاظ على علاقات جيدة مع الكرد وتركيا، وإيجاد نوع من التوازن مع الطرفين، ولم تعد المعادلة كما كانت في الحرب الباردة “إما تركيا أو الكرد”، فأمريكا بحاجة إلى كليهما.
وهذا التقسيم للعلاقات الأمريكية يرجع إلى تصنيف الدول وفقا لعلاقتهما بالإرهاب، هل مع أم ضد، وتركيا الكرد حينذاك كانتا في الجبهة المعادية للإرهاب الدولي، لذا فإن كليهما من حلفاء الولايات المتحدة وقد يترتب على ذلك انعكاسات إيجابية بين تركيا والأكراد( ).
ويتضح من ذلك أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن الكرد من أجل تركيا ولا تفرط بتحالفها مع الترك من أجل الحركة التحريرية للأكراد، ولكنها تسعى أي إيجاد أرضية مشتركة من التفاهم بين الأطراف الثلاثة بالصيغة التي تخدم مصالح جميع الأطراف.
وذلك لأن هناك من الهندي كينجر يقوم على أن الولايات المتحدة الأمريكية في إمكانها أن تبني علاقات تحالف مع دولتين وهما في حالة نزاع أو صراع فيما بينهما، والمبدأ يؤكد أن الطرفين المتنازعين يمكن أن يتقاربا فيما بينهم إذا جمعتهم المصالح الأمريكية( ).
وقد كانت الفترات الماضية تقوم الدول العمى في تعاملها مع القضية الكردية تأخذ مواقف دول المنطقة الحليفة لها بنظر الاعتبار، وإذا اضطرت أن تختار إحداهما بين الكرد الطرف الىخر وتفضلها على الأخرى، فإنها كانت تختار الطرف الآخر المتمثلة بالدولة الحليفة لها وذلك على حساب الكرد وحركاتهم التحررية ولكن بالنسبة لتركيا من الخطأ تأكيد على الافتراض القاتل أن تحالف أمريكا مع تركيا يجب أن يعني دائما، ضمنا أو مباشرة، أنه على حساب الكرد وهذا لا يعني بالضرورة صحة افتراض معاكس مفاده أن مصلحة أمريكا في التحالف مع الكرد على حساب تركيا( ).
وقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول بأن بلاده لا تزال على تعهدها بقيام عراق موحد ومن ضمنه الجزء الكردي، كما أكد بأن العراق يجب أن يبقى دولة موحدة وأن الأكراد يرغبون في الحفاظ على هويتهم وربطها بطريقة ما بالجغعرافية إلا أن إقليم كردستان يجب أن يبقى ضمن العراق مع الأخذ بعين الحسبان مراعاة خصوصية المنطقة والتنظيم الإداري الذي أقره قانون إدارة الدولة المؤقت لأن المستقبل وحسب الرؤية الأمريكية يحدده العراقيون انفسهم في الدستور الدائم .
وتعتبر التجربة الأمريكية في العراق قد أوضحت انتفاء الحاجة الماسة إلى حروب بالوكالة عبر الحلفاء المحليين التقليديين واتضح ذلك عندما جرت الحرب على العراق بمعزل عن أي د ور يذكر لحلفاء أمريكا التقليديين في المنطقة تركيا إسرائيل، السعودية، الأردن، وهذه الحقيقة تظهر انخفاض قيمة الدور التركي في الاستراتيجية الأمر يكية بالمنطقة مستقبلا ولا شك أن ذلك سيصب في مصلحة حل المسألة الكردية في المنطقة حلا عادلا سليما، كما من المفترض أن يؤدي ظهور هذا المتغير الجديد إلى تراجع الموقف التركي التقليدي المعادي للأكراد باتجاه الواقعية والاعتدال.
وفي إطار ذلك فإن الولايات المتحدة تضغط من خلال قنوات غير علنية عن حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح و التخلي عن أسلوب الكفاح المسلح وتضغط بالمقابل على الدولة التركية للحد من استخدام القوة المسلحة في الملف الكردي واتباع حلول سلمية للقضية الكردية.
وحاولت تركيا بجهد مع الولايات المتحدة لتحصل على دعمها للقضاء على حزب العمال الكردستاني PKK ومقراته في شمال العراق كما قامت به ضد مقرات جماعة أنصار الإسلام غرب م دينة السليمانية، وعلى الرغم من كل الوعود فإن أمريكا لم تحجم من تحركات ووجود العمال الكردستاني PKK في المناطق الجبلية العاصية في شمالي العراق، كما أن حكومة إقليم كردستان لم تتخذ أي إجراء بحق مقاتلي الحزب، ثم إن واشنطن ومن أجل زعزعة النظام الإيراني تغض نظرها عن نشاطات (حزب الحياة الحرة الكردستاني الإيراني PJ|AK ضد إيران في الحدود العراقية الإيرانية، وغضبت تركيا من هذه المعاملة الأمريكية المزدوجة مع حزب العمال الكردستاني PKK وغيرها، واتضح ذلك من تصريحات المسئولين الأتراك( ).
ولكن بعد ذلك اتبعت تركيا سياسة العصا والجزرة في التعامل مع أكراد العراق، فهي تعهدد من جهة، وتصرح بإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية من جهة أخرى( ) وقد تغيرت المعادلات السابقة التي كانت تحكم العلاقة بين الجانبين، فالرئيس جلال الطالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني لم يعودا مجرد زعيمين عشائريين كما كانت أنقرة تصفهما من قبل، فقد اعترفت تركيا بالحكومات العراقية بعد الاحتلال، ورحبت بالدستور العراقي الجديد رغم اعتراضها على ما جاء فيه من اعتراضات صريحة بفيدرالية الاكراد، والاعتراف بواقع إقليم ك ردستان، ولأول مرة يعتبر رئيس الوزراء التركي بالفعل في صياغة سياستها وطريقة تعاملها مع هذه المرحلة الجدية، عبر تغيير لهجتها المتشددة تجاه الأكراد، على الرغم من د خول هذه العلاقة في مرحلة خطيرة بعد الاحتلال مباشرة.
وبجانب هذه المحادثات الدبلوماسية بين تركيا والأكراد وأطراف عراقية أخرى خلال عدة سنوات ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق إلا أن تغلغل في تلك السنوات فترات شد وجذب بين هذه الأطراف خاصة تركيا والأكراد.
وعلى الرغم من إعلان رئيس الوزراء العراقي (نوري المالكي) أن الحكومة العراقية ترفض أن يكون العراق منطلقا لضرب دول الجوار و الاعتداء عليها( )، وعدة لحزب العمال الكردستاني (منظمة إرهابية)، واتخاذ الحكومة العراقية إجراءات عاجلة وصارمة ضد مسلحي الحزب، حاولت تركيا الحصول على حق التعقب الساخن التلقائي لمسلحي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، لكن الحكومة تشرين الأول، العراقية رفضت ذلك، مما حدا بالحكومة التركية تقديم مذكرة للبرلمافي أكتوبر 2007م، للسماح لها بالقيام بعمليات عسكرية في شمال العراق ضد هذا الحزب، وقد وافق البرلمان على هذه المذكرة، فجاء أول هجوم جوي تركي 16 كانون الأول/ ديسمبر 2007م، على قواعد حزب العمال الكردستاني، واستمرت هذه العمليات متقطعة، حتى بلغت ذراها مع قيام الجيش التركي بعملية واسعة في شمال العراق في شباط/ فبراير 2008، بالمقابل أظهرت الولايات المتحدة أنها غير موافقة على الخطط العسكرية التركية لتهديد استقرار كردستان العراق، فجاء الرد الأمريكي سريعا على لسان الرئيس (بوش) بضرورة سحب تركيا قواتها من شمال العراق( ). ولكن عادت وسمحت الولايات المتحدة لأول مرة منذ احتلالها للعراق للقوات التركية بدخول الأراضي العراقية في شباط/ فبراير 2008م، لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وتقديم القوات الأمريكية معلومات استخباراتية للجيش التركي عن مواقع الحزب، كما سمحت لسلاح الجو التركي باستخدام المجال الجوي في شمال العراق لتنفيذ غاراته إلى أن تم التوقيع على اتفاقية تعاون أمني وعسكري بين العراق وتركيا في حزيران/ يونيو 2009( ).
المبحث الرابع:
أثر المسألة الكردية على العلاقات التركية العراقيةمن 2008 إلى 2012
لقد بدأت السياسة التركية بالتحول أواخر عام 2008. في أواخر أكتوبر من ذلك العام, ولقد التقى المبعوث الرسمي لتركيا إلى العراق مراد أوزجلك ومستشار أردوغان الرئيسي للسياسة الخارجية أحمد داوود أوغلو مع مسعود البرزاني في بغداد. وكما سبق أن ذكرنا أن هذا كان أول اتصال رسمي على مستوى عال بين المسؤولين الترك والبرزاني منذ أربع سنوات. وقد كان زيارة أوزجلك وداوود أوغلو بداية لسلسلة من الاتصالات الرسمية مع حكومة إقليم كردستان أدت إلى تحسن كبير في العلاقات بين أنقرة وأربيل, وبشكل خاص في حقل الطاقة. بالإضافة للنمو في شراكة الطاقة, التي تبقى هي الأهم بسبب اعتماد تركيا على روسيا وإيران. هناك الآن علاقات متعددة الأبعاد بين تركيا و حكومة إقليم كردستان KRG على المستوى الديبلوماسي والاقتصادي والثقافي. وقد فتحت تركيا قنصلية في أربيل عام 2011 وازدهرت تجارة تركيا مع الاقليم. وزيارة البرزاني نهاية عام 2013 لولاية ديار بكر ذات الغالبية الكردية في الجنوب الشرقي تعكس تحولا في العلاقات الثنائية بين تركيا و KRG. إقامة روابط طاقة أقوى مع KRG أصبح أحد المكونات الأكثر أهمية في محاولات تركيا معالجة المسألة الكردية في الداخل .
في مايو 2012 توصلت تركيا وحكومة إقليم كردستان لاتفاق لبناء خط لنقل الغاز وخطين لنقل النفط مباشرة من منطقة شمال العراق التي يسيطر عليها الكرد إلى تركيا بدون موافقة بغداد, مما نقل التقارب الذي بدأ عام 2008 خطوة أخرى للأمام. وستتيح هذه الأنابيب للكرد للمرة الأولى الوصول مباشرة للسوق الدولية, متجاوزين خط كركوك-جيهان الذي تسيطر عليه بغداد.
وفى أواخر عام 2012 وقعت أنقرة وأربيل اتفاقية أخرى متعدد المليارات حول الطاقة 2013 وبدأ النفط الخام من كردستان العراق يتدفق في ال انبوب أواخر ديسمبر. لكن عملية التصدير الفعلي لهذا النفط مازالت تنتظر موافقة بغداد .
وتعاون الطرفين في مجال الطاقة. وهناك شركات تركية اقدمت لجهات الرقابة على الطاقة في تركيا طلبات من أجل الحصول على ترخيص استيراد الغاز من الانابيب التي تم بناؤها في حكومة إقليم كردستان, ومنحت حكومة إقليم كردستان مؤخراً ستة شركات تركية تراخيص استكشاف النفط. وفي أواخر حكومة إقليم كردستان عام 2013 منحت شركة تركية ترخيص استيراد الغاز الطبيعي مباشرة من KRG. وقد بدأت شركة BOTAŞ التركية أيضاً بناء خط أنابيب غاز من حكومة إقليم كردستان إلى مدينة ماردين في الجنوب الشرقي من تركيا .
وتشير كل هذه التحركات أن مستقبل اقتصاد KRG سيعتمد بشكل كثيف على علاقاته مع تركيا. و حكومة إقليم كردستان غنية بالنفط والغاز الطبيعي, الذي يجب أن يستخرج وينقل إلى الأسواق الغربية. وتشكل أنابيب النفط من شمال العراق إلى الموانئ التركية على البحر المتوسط الأدوات الأكثر كفاءة والأقل كلفة لنقل النفط العراقي إلى أوربا .
وبذلك فإن صفقات الطاقة تشير لتحول كبير في سياسة تركيا تجاه حكومة إقليم كردستان. لقد ولت الأيام التي كان ينظر فيها لكرد العراق كجزء من المشكلة, الآن ينظر لهم كجزء من الحل. هناك الآن إشارات واضحة بأن تركيا ستدعم حكومة إقليم كردستان في شمال العراق باعتبار أن انقرة تحقق فائدة ضخمة من مصادر الطاقة في الاقليم. وأحدث زيارة للبرزاني لديار بكر هي إشارة لمدى النمو الذي وصلته علاقات تركيا مع اقليم كردستان العراق. ارتدى البرزاني في زيارته الرسمية الأولى لديار بكر الملابس التقليدية الكردية, والقى كلمة بالكردية والتقى مع أردوغان التركي الذي لفظ كلمة كردستان على الملأ للمرة الأولى.
وناقش الزعيمان بشكل خاص قضايا مثل عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستانيPKK . وأكدت الزيارة الاندفاعة الجديدة لسياسة حزب العدالة والتنمية نحو تعميق العلاقات مع حكومة إقليم كردستان بشكل أكبر .
بالإضافة للمنافع الاقتصادية هناك انعكاسات جيوبوليتيكية للتقارب بين تركيا وحكومة إقليم كردستان. لا تضمن تركيا, من خلال شراكة الطاقة هذه, فقط إمدادات طاقة رخيصة بل أيضا أوجدت مستوى غير مسبوق من التعاون ضد PKK من خلال الاعتماد الاقتصادي المتبادل. وليس مفاجئاً أن حكومة اقليم كردستان, تنظر بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة, لهجمات PKK ضد تركيا على أنها عقبة للتقارب مع أنقرة .
لكن تتحدى هذه العلاقات المزدهرة مع حكومة إقليم كردستان عوامل مثل الحرب الأهلية في سوريا وظهور المناطق التي يسيطر عليها الكرد هناك على طول الحدود مع تركيا .
الخاتمة:
انطلقت الدراسة فى تحليلها ” للمسألة الكردية وتأثيرها على العلاقات التركية –العراقية فى الفترة مابين (1991-2012)”, من خلال المشكلة البحثية التى طرحتها هذه الدراسة والتى تدور حول معرفة مدى التغير فى العلاقات التركية العراقية نتيجة للتغير فى أوضاع الأكراد منذ حرب الخليج الثانية مرورا بالأحتلال الأمريكى للعراق ,إلى انتهاء الاأحتلال عام 2012.
وقد مرت تلك العلاقت بفترات مد وجزر,تعاون وصراع , وأيضا تاثرت هذه العلاقة بزوال الثنائية القطبية والنظام العالمى الجديد ,ونمو شعور قومى متزايد بعد استقلال عدد من القوميات والأقاليم فى الأتحاد السوفيتى , وهزيمة الجيش العراقى وعزل النظام العراقى من قبل أكثرية الدول العربية ودول العالم,وفى ذلك الوقت انتصرت الانتفاضة الكردية فى العراق ,كل هذه التغيرات أثرت على العلاقات بين البلدين والسياسات المتبعة لكل منهما تجاه الأخر.
وقد قامت الدراسة برصد أثر الحرب الخليجية الثانية على العلاقات التركية العراقية, وهزيمة العراق التى أدت إلى تفاقم مشكلات تركية امنية واقتصادية .وانتهجت تركيا منذ انتهاء الحرب سياسات مختلفة قامت على الأحتواء لتاثيرات الاحرب على العلاقات مع العراق.
وفى إطار ذلك قامت تركيا بإلغاء اتفاقية “المطاردة الحيثية ” مع العراق من جانب واحد , واتفاقية التى كانت يتص على التنسيق بين البلدين وتبادل المعلومات الخاصة بضمان الأمن والأستقرار فى المنطقة الحدودية , ثم عادت تركيا وطلبت تجديد الاتفاق ولكن رفضت العراق طلبها.
وقد شكلت حرب الخليج كارثة بالنسبة للعراق وكذلك تركيا ولكن الضرر الأكبر وقع على تركيا من خلال عدة أوجه :
1. لم يعد صدام حسين يسيطر على منطقة أكراد العراق بصورة نهائية .
2. هروب نصف مليوت كردى شمالا نحو الحدود التركية,وقد شئين كبرى لأنقرة .
3. بدات مشاعر التضامن من قبل الأكراد الأتراك مع اكراد العراق عندما أطلقت احتمالات بهجرة ضخمة للاكراد إلى تركيا وهذا قد اثار القلق والتوتر لدى الحكومة التركية.
4. وضع المسالة الكردية على الاجندة الدولية بعد ان تم تجاهلها لفترة طويلة ,وهذا تطور غير مرغوب فيه من وجهة النظر التركية.
5. خضوع منطقة الاكراد العراقيين إلى لحماية الأمم المتحدة , وكما قامت الولايات المتحدة بالاشراف على عملية تقديم العون لهم ,مما وفر للاكراد حماية شرعية دولية .
وقد أرتبطت السياسة التركية بكردستان العراق بمجموعة من الصالح والأهداف تدور معظمها حول بعدين :
أ. الأمن القومى التركى والدور الإقليمى لتركيا فى المنطقة.
ب. المصالح الاقتصادية لتركيا فى شمال العراق.
وقد قامت تركيا فى تلك الأوقات تحديدا فى سبتمبر 1996 بأقتراح إقامة منطقة أمنية عازلة داجل شمال العراق على امتداد حدودها مع الاخير بذريعة تامين هذه الحدود من عمليات تسلل عناصر حزب العمال إلى أرضيها.وبعد ذلك مباشرة هددت تركيا للتدخل مجددا فى العراق لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستانى.
وقد حدثت العديد من التطورات منها تصعيد تركيا حملتها العسكرية فى مارس وإبريل 1998,لمحاصرة حزب العمال الكردستانى ,وبالفعل اعتقالت تركيا بعض قيادات الحزب البارزين
وتمكنت من توجيه ضربة قاصمة للحزب عندما نجحت تركيا فى اختطاف زعيم الحزب عبدالله اوجلان من كينيا فى 1999 .
ورغم تلك المطاردات لحزب العمال الكردستانى إلا أنه ظل له مكانة ولكنها أصبحت ضعيفة نسبيا,ولم يصبح الهدف الاساسى لتركيا بل اصبح ذريعة للتدخل , لذلك نجد أن تركيا قد قامت فى أكتوبر عام 2002 تضاعفت عدد القوات التركية المرابطة فى شمال العراق , حيث ازدادت من 5000 إلى 7000 جندى وذلك فى وقت كانت هناك قوات تتراوح بين 400-500عسكرى ترابط على الحدود مع العراق ,وأعلن “عبد الله جول ” أن الجيش التركى فى وضع الاستعداد لحماية المصالح التركية فى حال حدوث أى تغير فى المنطقة جراء الاحتلال الأمريكى للعراق.
شكل الاحتلال الأمريك للعراق في أبريل 2003 مرحلة فاصلة سواء علي صعيد العلاقات الدولية أو علي صعيد خريطة التفاعلات السياسية والاستراتيجية في المنطقة ، أما بالنسبة لتركيا وأكراد العراق فالاحتلال الأمريكي للعراق كان له بالغ الأثر ، فقد شكل الاحتلال لكلا الطرفين مرحلة هامة وفاصلة في التاريخ السياسي لكلايهما وذلك سواء علي المستوي الداخلي أو الخارجي أو علي طبيعة ونمط العلاقات فيما بينهما ، كما شكل الاحتلال محطة فاصلة في طبيعة العلاقات الأمريكية مع الطرفين وبخاصة تركيا .
وقد كانت تركيا من أكثر الدول المتضررة من الحرب الأمريكية علي العراق . وضعت الحرب الأمريكية علي العراق تركيا أمام مأزق كبير وتحديات خطيرة ، إرباكاً شديداً في الحسابات السياسية التركية سواء علي الصعيد الداخلي أو الخارجي ، وضع تركيا أمام تحدي رئيسي وهو كيفية التوفيق والحفاظ علي المصالح السياسية التركية وإرضاء الحليف الأمريكي لهذا السبب شكل الغزو الأمريكي للعراق واحداً من أكبر التحديات التي واجهت تركيا خلال النصف قرن الماضية وكان علي رأس هذه التحديات هو ” الوضع في شمال العراق بعد الاحتلال” والذي شكل العامل الرئيسي والمحوري في تحديد السياسة التركية تجاه الاحتلال الأمريكي للعراق وذلك سواء قبل أو بعد الغزو . تذبذب موقف حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم الجديد العود في السلطة تجاه الحرب الأمريكية للعراق ما بين الرفض التام والموافقة المشروطة ، وذلك خوفاً من إضاعة فرصة تاريخية للمساهمة في تشكيل خريطة .
لهذا كانت تركيا من أكبر الخاسرين في تلك الحرب وتدهورت العلاقات مع الولايات المتحدة بشكل كبير ، وهو ما أعطي فرصة ذهبية لأكراد العراق بفضل الدعم والمساندة الأمريكية من الحصول علي العديد من المكاسب السياسية الكبيرة في عراق ما بعد صدام حسين بل أصبح الأكراد الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في العراق الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة لموازنة الأطراف والفصائل السياسية الأخري وخاصة الشيعة .
أصبح اكراد العراق في مقدمة المشهد السياسي العراقي بعد ان كانوا في عزلة عنه ، وقامت الولايات المتحدة بتقديم دعم ومساندة كبيرة لأكراد العراق في إطار تشكيل الخريطة السياسية في عراق ما بعد صدام ، كما انفرد الأكراد بشكل كامل علي شمال العراق إلي جانب المكاسب السياسية الأخرة علي الساحة السياسية العراقية ، حتي أصبح الأكراد يتمتعون بشبه دولة مستقلة في شمال العراق ، وهو ما شكل ضربة قاسية لتركيا ولمصالحها السياسية في شمال العراق ويكفي للدلالة علي ذلك استيلاء الأكراد علي مدينة ” كركوك” .
فالوجود الأمريكي في العراق شكل عائقاً كبيراً أمام تركيا للوقوف بحزم ضد الانتهاكات الكردية للمصالح التركية في شمال العراق فقد حذرت الولايات المتجدة تركيا مراراً وتكراراً من أي محاولة للتدخل في شمال العراق .
وكان لدي تركيا مجموعة من الخطوط الحمراء في شمال العراق التي لا يجب بأي حال من الأحوال أن يتم الاعتداء عليها أو تجاوزها من قبل الأكراد العراق وهي كالتالي :
1. منع قيام دولة كردية علي أي جزء من الأراضي التي يعتبرها الأكراد “كردستان التاريخية ” .
2. الحيلولة دون استيلاء الأكراد علي كركوك الغنية بالنفط .
3. الحيلولة دون إنشاء فيدرالية في العراق علي اساس عرقي يمكن الأكراد من الحصول علي حكم ذاتي مستقل وتكوين قومية مستقلة في الشمال والتي بدورها ستشعل المطالب الإنفصالية للأقلية الكردية في تركيا .
4. عدم السماح لحزب العمال الكردستاني باستخدام شمال العراق كقاعدة للهجوم علي تركيا.
عدم المساس للحقوق السايسية والقانونية للأقلية التركمانية في شمال العراق ( ).
وضعت عملية انتهاك المصالح التركية في شمال العراق تركيا أمام موقف شديد الصعوبة ، اصبح الأكراد طرفاً رئيسياً فاعلاً في العملية السياسية العراقية مكنهم من الحصول علي العديد من المكتسبات السياسية الكثيرة حيث حظي الأكراد علي دور مميز في كافة المؤسسات التي تشكلت بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، كما دخل الأكراد العملية السياسية العراقية علي قدم المساواة مع باقي الفصائل السياسية.
واصبحت عناصر حزب العمال الكردستاني تتحرك في شمال العراق بسهولة بسماح كردي وغض طرف أمريكي .
وهو ما دفع تركيا إلي إعادة صياغة سياستها الخارجية وتحسين علاقاتها بالولايات المتحدة حتي تخرج من هذا المأزق فقد وافقت تركيا علي إرسال قوات حفظ السلام إلي العراق بعد فتور شديد في العلاقات مع الولايات المتحدة ، كما اتجهت الحكومة التركية إلي إعادة صياغة سياساتها تجاه أكراد العراق في ضوء الواقع الجديد لعراق ما بعد صدام حسين والتي واكبت معها العديد من المتغيرات والتي من أهمها السيطرة الأمريكية علي المشهد السياسي والأمني .
حقق أكراد العراق بعد الاحتلال الأمريكي جملة من المكاسب الاستراتيجية التي كان من المستحيل الحصول عليها في ظل وجود حكومات عراقية سابقة ، كان أكبر مكاسب الأكراد هي اقرار الدستور العراقي الدائم 2005 لمبدأ الفيدرالية وهو يعني للأكراد حكم ذاتي مستقل في شمال العراق وهو ما يمكن ان يكون تمهيداً لاستقلال تام عن العراق وتكوين دولة مستقلة .
أقر الدستور العراقي الدائم ان النظام السياسي العراقي هو (ديمقراطي فيدرالي اتحادي) وبحق الأكراد في الحكم الفيدرالي لإقليم كردستان معترفا بالواقع السياسي والأمني الذي عاشه الإقليم في السنوات الماضية منسلخاً عن السيادة العراقية ، وبالتبعية أقر الدستور العراقي أن الأكراد القومية الثانية في العراق بعد العرب واللغة الكردية هي اللغة الثانية بعد العربية ،
كما أقر الدستور بأحقية الأكراد في إدارة جميع مناطق الحكم الذاتي التي يتمتع بها الأكراد في إقليم كردستان العراق بالإضافة إلي الاعتراف بحق الأحزاب الكردية بالاحتفاظ بميليشياتها العسكرية المتمثلة في ” قوات البشمركة” كما تم تحديد نسب معينة من عائدات النفط للأكراد بالاضافة إلي حربة الأقاليم في إجراء اتفاقيات خارجية بشرط عدم تعارضها مع الدستور العراقي .
هذا علاوة علي حصول الأكراد علي منصب رئيس الدولة ووزير الخارجية وإن كان الغرض من ذلك هو الحيلولة دون انفصال اكراد العراق عن العراق وتكوين دولة مستقلة لكن يبقي ذلك من المكاسب الكبيرة التي حصل عليها الأكراد في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق ، ايضا من المكاسب الهامة التي حصل عليها الأكراد هي إقرار الدستور العراقي للمادة 140 المتعلقة بمدينة كركوك والتي تقضي بعمل استفتاء علي أحقية إدارة المدينة بعد تطبيع الأوضاع في الاقليم ، وجاء الدستور العراقي للمادة 140 بعدما تمكن الأكراد من ” تكريد كركوك” والسيطرة عليها تماماً ، لذلك تعد المادة 140 من الدستور العراقي من اكبر المكاسب التي حصل عليها الأكراد( )
وأمام الواقع الصعب الجديد الذي وجدت تركيا نفسها أمامه اضطرت تركيا إلي تغيير سياستها واتباع سياسة متوازنة سواء تجاه العراق أو تجاه أكراد العراق لكن في ضوء خطوط حمراء وضعتها تركيا كشرط للتعاون مع الولايات المتحدة وتحسين علاقاتها مع أكراد العراق والتي من بينها عدم سيطرة الأكراد علي نفط كركوك ومحاربة حزب العمال الكردستاني ، لكن علي الرغم ذلك لم تحل تلك التهديدات والشروط التركية منع أكراد العراق في التمادي في انتهاك الخطوط الحمراء التركية .
فبخلاف كل ما سبق يمكن القول أن التغير في سياسة تركيا تجاه شمال العراق ينبع من متغير هام ورئيسي ايضاً وهو الفكر الجديد لما يطلق عليهم ” العثمانيون الجدد” والمتمثل في حزب العدالة والتنمية الحاكم ويمثل كل من أردوغان واحمد داوود أوغلو أبرز دعائمه ، وهو فكر جديد براجماتي اعتمد سياسة جديدة مغايرة تماماً عن النهج الكمالي بشأن التعامل مع أكراد العراق تعتمد علي التعاون وفتح أطر الشراكة مع كردستان العراق في أطار الحفاظ علي الثوابت والخطوط الحمراء التركية في شمال العراق لكن في ضوء قدر من المرونة يتناسب مع ظروف ومتغيرات الواقع ، وبالتالي فهذا النهج اختلف تماماً عن النهج الكمالي الذي يرفض حتي التحدث مع الأكراد والتعامل معهم علي أنهم عشائر وسكان جبال ، لهذا فإن السياسة التركية الجديدة تكيفت مع واقع المتغيرات الجديدة سواء علي المساحة السياسية العراقية أو في شمال العراق بدرجة عالية من البرجماتية الشديدة لكن في ضوء خط أحمر عريض هو ” عدم انفصال شمال العراق عن الوطن الأم وتكوين دولة كردية مستقلة ” من الممكن ان تلهب مشاعر أكراد تركيا وهو الهاجس الأكبر لدي تركيا ، لكن الجانب الأخر قدمت تركيا عدد من التنازلات الصعبة ،
واعترفت تركيا بالدستور العراقي الدائم الجديد الذي يقر الفيدرالية والمادة 140 بشأن مصير كركوك ، كما أقرت تركيا بالمكاسب السياسية الهزيلة التي حصل عليها التركمان في العراق وتركيا بالأساس لم يهتم بالاقلية التركمانية في العراق ، أما بخصوص حزب العمال الكردستاني فعلي الرغم من استئناف نشاطه ضد تركيا بسماح من قادة كردستان العراق ، إلا أن التهديد الحقيقي من قبل تركيا لاستهداف العمال الكردستاني جاء متأخراً بعد ضغوط شديدة من قبل الرأي العام التركي ، ويعد هذا تحولاً جذرياً في السياسة التركية تجاه كردستان العراق في ضوء اعتراف وإقرار تركي أن هناك جار لابد من احترامه والتعامل معه علي قدم المساواة بين الطرفين ” إلا أن البرجماتية التركية المدفوعة بظروف الواقع والمصالح الاقتصادية التركية في شمال العراق دفعت تركيا إلي تحسين علاقاتها مع شمال العراق في إطار من التعاون والشراكة.
كما أن تركيا وجدت وفي ظل الظروف المعقدة التي يمر بها العراق ان الدخول في شراكة مع أكراد العراق هو أفضل وسيلة للحفاظ وحماية المصالح التركية في شمال العراق عن طريق ربط الاقتصاد الكردستاني بتركيا وبالتالي ضمان اعتماد الأكراد تجاريا علي تركيا وبهذه الوسيلة يمكن ضمان محاربة حزب العمال الكردستاني والحفاظ علي حقوق الأقلية التركمانية ، كما أن وجود شمال قوي قد يعمل علي حماية المصالح الحيوية في العراق بشكل عام فوجود حكومة كردية قوية في الشمال سوف تعمل كحائط سد أو حاجز بين تركيا والأجزاء غير المستقرة في العراق ليس هذا فحسب بل سوف تعمل ايضا علي امتصاص التحديات التقليدية وغير التقليدية التي من الممكن ان تواجه الأمن القومي التركي ، كما أن وجود حليف قوي لتركيا داخل العراق سيقف حائط صد امام النفوذ والتوسع الشيعي في العراق والمرتبط بحسابات تركيا الاقليمية في المنطقة ، لهذا التزمت تماما بسياستها تجاه احترام اكراد العراق وشمال كردستان ولم تحاول التدخل سواء سياسياً أو عسكريا في شمال العراق( ).
قائمة المراجع:
أولا: مراجع بالغة العربية:
1. الكتب:
• أحمد تاج الدين، الأكراد: تاريخ شعب وقضية وطن، القاهرة: الدار الثقافة للنشر، 2001.
• د. إسماعيل صبرى مقلد, العلاقات السياسية الدولية, “دراسة فى الأصول والنظريات “, (جامعة الكويت :كلية التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية,المكتبة الاكاديمية ,1991.
• تشارلز تريب، صفحات من تاريخ العراق، ترجمة زينة جابر إدريس، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2006م.
• حازم صاغية، بعث العراق، سلطة صدام قياما وحطاما، دار الساقي، بيروت، 2004م.
• د.حامد محمود عيسى , المشكلة الكردية فى الشرق الأوسط منذ بدايتها حتى سنة 1991 ,القاهرة :مكتبة مدبولى ,1992) .
• شيركو فتح الله، الحزب الديمقراطي الكردستانى وحركة التحرير القومي في العراق، ط1، مطبعة روان، السليمانية 2004م.
• عمر الحسن (محررا)، العراق بعد الحرب … إلي أين، مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية، القاهرة، 2003م.
• عبد الرحمن قاسملو, كردستان والأكراد :دراسة سياسية واقتصادية ,بيروت :المؤسسة اللبنانية للنشر ,1970.
• عبد الوهاب الكيالي، محررا “الموسوعة السياسية”، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1997، الجزء الأول .
• محمد ربيع وإسماعيل صبري مقلد؟، موسوعة العلوم السياسية، (الكويت، 1994)، دار المطبوعات جامعة الكويت.
• محمد عوض الهزايمة، الجديد في القضايا الدولية المعاصرة، عمان، دار الحامد، 2007.
• خصبالك شاكر,الكرد والمسألة الكردية ,دار الثقافة الثقافة الجديدة ,بغداد,1969.
• درية عونى ,الاكراد ,(القاهرة :أبللو للنشر والتوزيع),الطبعة الأولى:أغسطس 1999.
• رجائي فايد، أكراد العراق: الطموح بين الممكن والمستحيل، القاهرة: دار الحرية، الطبعة الأولي: 2005).
• المشكلة الكردية والطموحات التركية، التقرير الإستراتيجي العربي، القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، 1991.
2. الدوريات:
• إبراهيم نوار، المعارضة العراقية والصراع لإسقاط صدام (1990م – 1993م)، المنشورات المحدودة، لندن، 1993م.
• إسلام جوهر وشادي محمد، تقسيم العراق: الصيغ المطروحة وإمكانيات التنفيذ، مجلة أوراق الشرق الأوسط، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، القاهرة، العدد 39 كانون الثاني / يناير 2008م.
• جلال معوض، “الأزمة السياسية التركية واحتمالات تطورها”، السياسة الدولية، القاهرة، مؤسسة الأهرام، عدد 131، يناير 1998.
• سعد ناجي جواد، القضية الكردية، في: جعفر ضياء جعفر (وآخ)، برنامج لمستقبل العراق بعد انتهاء الاحتلال، (بيروت: مركز دراسات الوحدة، العربية، أكتوبر 2005).
• صلاح سالم، المشكلة الكردية وانعكاساتها علي دول المنطقة، السياسية الدولية، عدد 116، إبريل 1994.
• عبد الوهاب الكيالي، محررا “الموسوعة السياسية”، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1997، الجزء الأول\.
• عاطف السعداوي، أكراد العراق بين المنتظر والمستقبل المتطور، مجلة السياسة الدولية، العدد 152، إبريل 2003.
• عمرو عبد الكريم سعداوي، الصراعات الكردية – الكردية، مجلة السياسية الدولية، العدد 135، يناير 1999.
• عماد الضميري، تركيا والشرق الأوسط، الأردن، مركز القدس للدراسات السياسية، 2002.
• محمد السيد سليم، “ثورة يوليو والدور الخارجي المصري”، السياسية الدولية، (القاهرة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية)، العدد 149، يوليو 2003.
• محمد سعد أبو عامود، “الرؤى الأمريكية لدور مصل الإقليمي”، السياسية الدولية، (القاهرة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية)، العدد 158، أكتوبر 1998.
• محمد نور الدين، تركيا في الزمن المنحول/: قلق الهوية وصراع الخيارات، بيروت، رياض الريس للكتب والنشر، 1997.
• هنري باركي وآخرون، القضية الكوردية في تركيا، ترجمة : هبة فال، أربيل، مؤسسة موكرياني للبحوث والنشر، 2007.
• ناظم يونس عثمان، الأكراد علي طرفي الحدود العربية – التركية تداعيات السياسة، في سمير عطية (وآخرون)، العرب وتركيا تحديات الحاضر ورهانات المستقبل، تحرير: محمد نور الدين، بيروت، المركز العربي للأبحاث، ودراسات السياسات، 2004.
3. الرسائل العلمية:
• ابتسام علي مصطفي، التحول الديمقراطي في تركيا في فترة ما بين عام 1990- ديسمبر 2004، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2007.
• بيستون عمر نورى ,السياسة التركية تجاه إقليم كردستان العراق ,ماجستير ,جامعة القاهرة :كلية إقتصاد والعلوم السياسية,2014.
• زيد عبد القهار محمود ، إشكاليات العلاقة بين الحكومة المركزية العراقية وإقليم كردستان بعد 2003 ، رسالة ماجستير ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة 2009 ، ص 86 .
• صدام عفدو علي. مفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان في فكر الأحزاب الكردية العراقية المعاصرة، رسالة ماجستير، غير منشورة، جامعة بغداد، كلية العلوم السياسية، بغداد، 2006م.
• عبد العزيز محمد العجمي، المشكلة الكردية وأبعادها المحلية والإقليمية والدولية: دراسة تطبيقية علي أكراد العراق، رسالة دكتوراه، جامعة حلوان، 2009،.
• عبد العزيز محمد العيمي، القضية الكردية في العلاقات العربية التركية، (1990-1991)، رسالة ماجستير، القاهرة، معهد البحوث، 2003،.
• عبير بسيوني عرفة، التدخل الخارجي في الصراعات الداخلية، ماجستير، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 1997 .
• د. لشاد نامق فرج، تأثير القضية الكردية في العراق علي العلاقات العراقية- الإيرانية (2005-2012)، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة: كلية اقتصاد وعلوم سياسية، 2014.
• نيبال عز الدين عطية، عملية صنع القرار في السياسية الخارجية التركية تجاه سوريا والعراق (1990- 2007)، دكتوراه، (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2010).
• سناء عبد الله عزيز، مغزي نقي صفة الإرهاب عن حزب العمال، الكردستاني، الرصد الإقليمي، الموصل مركز الدراسات الإقليمية، العدد 19، مايو، 2008.
4. التقارير:
• التقرير السنوى لصندوق النقد الدولي، 2008.
• المشكلة الكردية والطموحات التركية، التقرير الإستراتيجي العربي، القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، 1991.
• حسن أبو طالب (محررا)، الأزمة العراقية الأمريكية، الاتجاه نحو الحرب، التقرير الاستراتيجي العربي (2002م- 2003م)، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة، 2003م، ص 33-35.
5. الصحف و المجلات:
• صحيفة الصباح الجديد العراقية، 6/8/2005م، 2 إبريل 2015، 5: 50م.
• صحيفة الشرق الأوسط، 1 أيلوب/ سبتمبر 2006، 4 إبريل 2015م.
• حوار مع نيشروان مصطفي، رئيس حركة (كوران)، مجلة المجلة الدولية، 29 حزيران/ يونيو 2010م.
• صحيفة طريق الشعب العراقية، 13 آيار / مايو 2004م.
• سعد حنفي توفيق، “العراق وسياسة حسن الحوار تجاه تركيا وإيران”، مجلة العلوم السياسية، بغداد، العدد 41، السنة 21، 2010.
6. أخرى:
• قناة البغدادية الفضائية، علي شبكة الانترنت، 15 كانون الأول/ ديسمبر 2010م
http://www.albaghdadia.com/n/Iraq-politics/21793-2010-12-15-10-21-10.html
• السومرية نيوز، علي شبكة الانترنت، 7 آذار، مارس 2011م:
http://www.alsumarianews.com/ar/1/18420/news_details_irag%20politics%20news.html
• موقع حكومة إقليم كردستان، علي شبكة الانترنت، 23 شباط/ فبراير 2010م.
http://www.krg.org/articles/detail.asb?anr=38644
• دلدار كزالي: حركة كوران ونهج المساومة، منشور علي شبكة الانترنت، 28 شباط/ فبراير 2010م.
http://www.gemyakurda.net/modules.php?name=news&file=article&sid=29697
• إذاعة العراق الحر، على شبكة الانترنت، 19 شباط/فبراير 2010م
http://www.iraqhurr.org/content/artide/196884.html
• موقع الاتحاد الإسلامي الكردستاني , متاح على رابط:
http://www.kurdiu.org.
• David, Eric, Rebuilding anon sectarian Iraq, Strategic Insights, Vol. VI, Issue 6, Dec 2007, accessible at: http://www.ccc.nps.navy.mil/si/2007/Dec/davisDec07-pdf.
• دلدار كزالي: حركة كوران ونهج المساومة، منشور علي شبكة الانترنت، 28 شباط/ فبراير 2010م.
http://www.gemyakurda.net/modules.php?name=news&file=article&sid=29697
• موقع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.
• موقع الاتحاد الإسلامي الكردستاني.
• إذاعة العراق الحر، على شبكة الانترنت، 19 شباط/فبراير 2010م
http://www.iraqhurr.org/content/artide/196884.html
• David, Eric, Rebuilding anon sectarian Iraq, Strategic Insights, Vol. VI, Issue 6, Dec 2007, accessible at:
• http://www.ccc.nps.navy.mil/si/2007/Dec/davisDec07-pdf
• http://www.aljazeera.net/News/archive/archive?Archiveld=44810
• وكالة كردستان للأبناء، علي شبكة الانترنت، 17 أيلول سبتمبر 2010م.
http://www.aknews.com/ar/aknews/4181630
• أحمد سيد أحمد، المشكلة الكردية وتوازنات المصالح الإقليمية، متاح علي رابط:
www.alkhaleej-ae/articles/showaccessedon:5April,2015,3:11pm
• مجموعة الأزمات الدولية، تركيا والأكراد المراقبين: تنازلأم تعامن؟ ، متاح علي الرابط
http://www.iraker.dk/index.php?optioncom_content&task=viewfid=2883&itemid=2,22april2015,5:05pm. .
• مجدي أحمد حين، أفاق المبادرة التركية لحل الأزمة الكردية، متاح علي رابط:
http://www.el.3amal.com/news/news.php?!=27288,24april2015,4:32pm
ثانيا: مراجع باللغة الإنجليزية :
1. Books:
• Alfred B.Prados, the Kurds: Stalemate in Iraq, congressional research service report congress (November 16, 1995).
• A Realist Theory of International Politics, In, Hans Morgenthau, Politics Among Nations: The Struggle For Power and Peace, (Alfred A. knopf ,N.Y.,1960).
• Naiter. Entessar, Kurdish Ethnonationalsim Lynne rienner publishers, boulder & London: 1991 p. 148
• The of The International Political System, In, Robert T. Golemblewski, A Methodological Primer Scientists,(Rand McNally & Company ,Chicago,1969) .
• Stanly Hoffmann, International Relations: The Long Road to Theory, World Politics, April 1969.
2. Newspapers & Magazines:
• Bahgat, Gawdat, Beyond sanctions: U.S. Policy towards. Ira, International relations, Vol. 13, No.27, April 1997.
• Clinton, “Status of efforts to obtain Iraq”, S compliance with united nation security council resolution, Us department of state dispatch, Vol. 5 No 45, (Nov. 7, 1994).
• Rabil, Robert. G., Operation: termination of traitors: The Iraqi regime through its documents, Middle East review of international affairs, vol.6, no.3, Sept 2002.
• Michai. M. Gunter. The Kurds of Iraq, Tragedy and Hopes, New York, Martin’s press, 1992, P. 120.
3. Reports :
• Barkey, Henri J., Turkey & Iraq: the perils & prospects of proximity, united states institute of peace, report no. 141, July 2005.
4. Periodicals :
• F. Stephen Larrabe. “Turkey Rediscovers the middle east”, foreign affairs, July, august 2007: available at: http://www.foreignaffairs.com/articles/62649/f-stephen-larrabee/turkey-rediscovers-themiddle-east,accessedon:3April,2015.
5. Others:
Michael Gunter, “The closing of Turkey’s, Kurdish opening, jornal of international affairs, 2019/2010, Available on link:”
• http://jia.sipa.columbia.edu/closing-turkey%e2%80%99s,1may2015,3:25mp
ثالثا: مراجع باللغة الكردية:
• بورهان، أيايين، عيدا في دواي دام وجاره دووسي باشووي كوردستان، (عراق ما بعد صدام ومصر جنوب كردستان، سليماني، باللغة الكردية، ده ركاي جاب ويه خش ردهم، 2008.
رابعا:مراجع بالغة الفرنسية :
• Blaude Palazzoli, la Syrie: la Reve et la Rupture, Paris:la Sycomore, 1977.[1]