أيها الكورد.. كوردستان الغربية تستصرخكم
محمد مندلاوي
منذ أن اندلعت انتفاضة الشعب الكوردي في غربي كوردستان، تكالبت عليها الأصوات المعادية، تارة من العروبيين الحاقدين على شعبنا الكوردي المناضل، وتطلعاته القومية المشروعة، وتارة من الأتراك الطورانيين، أحفاد هولاكو وجنگيزخان، لا بل في أحيان كثيرة اشتركوا معاً، بنعت الثورة الكوردية المندلعة في غربي كوردستان، نعوتاً قاسية بعيدة عن واقع وسجية الشعب الكوردي المتسامح، في خضم هذه الأحداث، و قبل عدة أشهر مضت، شاهدت حلقة لبرنامج يومي تقدمه... إعلامية تعمل في إحدى أشهر القنوات الفضائية العربية، استضافت فيه صحفياً تركياً طورانياً معتوهاً، وما أن بدأت المحاورة... تطرح سؤالها عليه، ولم تنتهي منه بعد، حتى هاج وماج هذا الدغفاء الطوراني القادم من حدود الصين، بصب جام غضبه، و سموم حقده الأتاتوركي الإسود، على ثورة شعبنا في غربي كوردستان،ووصفها بالصوت النشاز. بما أن المحاورة العروبية تلتقي مع هذا الطوراني الأخرق بمعادتهما لشعب صلاح الدين الأيوبي، تبسمت ابتسامة صفراء، ولم تطلب منه عدم المساس بالشعوب، كما تفرضه أخلاقية مهنة الإعلام، بل بدت على وجهها الارتياح، كأنه ماءً سلسبيلاً نزل على قلبها المريض المليء بالكراهية والحقد الدفين والبغضاء والغل ضد الشعب الكوردي، الثائر التواق للحرية والانعتاق من الذل والعبودية والاحتلال البغيض.
بعد أن رأت القيادات الطورانية الحاكمة في أنقرة، ومعها بعض العواصم العربية... التي تزود الإرهابيين ببترودولار، أن ترويج الكذب والتلفيق في إعلامهم المضلل لتشويه ثورة شعبنا العادلة في غربي كوردستان لم يؤثر على إرادة قواه الوطنية و أبنائه البررة، بل زادهم إيماناً ورسوخاً بعدالة قضيتهم، بعده بدأت هذه القيادات الظلامية الشريرة المعادية لحقوق الشعوب، وبوجه الخصوص حكام أنقرة العنصريون، بتزويد الإرهابيين الإسلاميين بالأسلحة المتطورة، وإرسالهم إلى كوردستان الغربية لتدنيس أرضها الطاهرة، لمقاتلة شعبها المناضل المنتفض على محتليه ومغتصبي أرضه، إلا أن بنات وأبناء الكورد الغيارى، اعتماداً على طاقات شعبهم المناضل، وإيماناً بعدالة قضيتهم، بدؤوا بتطهير أرض غربي كوردستان من أكلة الأكباد وسرعان ما لقنوهم درساً لن ينسوه أبد الدهر.
بعد هذه الهزائم المتتالية لقوى الظلام والشر، المدعومة من مشايخ البترول، والأوباش الأتراك، على أيدي الثوار الكورد في ساحات الوغى، لجأ أسياد قوى الشر، القابعون في الغرف المظلمة، إلى سياسة قديمة جديدة، إلا وهي، إباحة دم ومال وعِرض الكورد الذين يأبون الخنوع والاستكانة والاستسلام لإرادتهم الشريرة. حيث قامت في بعض المدن الكوردستانية ثلة من ضعاف الأنفس، من الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا تابعين منقادين للغير، تحت يافطات ومسميات شتى، بإغراء بعض اليافعين الكورد، من الذين ليست لهم دراية وتجربة ناضجة في مسالك الحياة، ويرسلوهم إلى غربي كوردستان لمقاتلة إخوانهم الكورد، أولئك المناضلون الذين يذودوا عن الأرض والعِرض. للأسف الشديد، أن الكثير من هؤلاء الذين غرر بهم كانوا من مدينة السليمانية في جنوبي كوردستان، المدينة التي ينظر إليها في جميع أرجاء كوردستان بكل حب واحترام وتقدير، و تسمى عند عموم الشعب الكوردي ب (شارى هه ڵمت و قوربانى) أي مدينة التضحية والفداء. أ هذه هي التضحية والفداء يا سليمانية؟ يا عاصمتنا الثقافية؟، انحدر فيك الوعي القومي الكوردي إلى هذه المستوى، حتى قمت بإرسال مرتزقة إلى جزء آخر من وطننا المجزأ والمحتل، لمقاتلة أبناء جلدتك. أنا لا ألومك ولا أعاتبك، لكني ألوم وأعاتب ذلك الحزب الذي يشيع في الآفاق أنه حزب علماني واتخذ منك معقلاً له منذ أن تأسس، وانفرد بحكمك منذ عام (1992)، وعند هذا التاريخ وإلى الآن، أصبحت (الكوردايتى) في حالة مزرية يرثى لها، وجماهير هذه المحافظة، في ظل حكم هذا الحزب، ابتعدت عن الكوردايتي، كابتعاد السنة عن الشيعة. بل أكثر من هذا، حتى أن أعضاء هذا الحزب العلماني ذاته، لا يجيدون من العلمانية التي يتشدق بها حزبهم، ألف بائها. بل لا يجيدوا ولا يحفظوا حتى بنداً واحداً من المنهاج والنظام الداخلي لحزبهم، وجلهم حتى لا يعرف أن لحزبهم شيء اسمه (المنهاج والنظام الداخلي)، لكنهم في المقابل، يحفظوا الواجبات الدينية والأدعية الدينية عن ظهر قلب، أهذا حزب علماني (Secular)؟!. إن هذا التخبط الأعمى يذكرني بالعديد من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي،الذين كانوا يؤدون الفرائض الإسلامية بحذافيرها، بينما هم ينتمون لحزب يؤمن بالمادة ولا يعترف حتى بخالق لهذا الكون، والنتيجة كما رأينا إلى أين انحدر الحزب الشيوعي العراقي العريق، للأسف، لم يحصل في الانتخابات الأخيرة حتى على مقعد واحد في البرلمان العراقي. وذات الشيء تقوم به الأحزاب الكوردية (العلمانية) التي تخون مبادئها، أنا لا أقول، ولا أطلب منهم أن يعادوا الأديان، لأن العلمانية لا تعادي الأديان والمذاهب، لكنها لا تروج لها. إن هذا التسيب واللامبالاة في الواجبات الحزبية، واللهث وراء المصالح الشخصية الضيقة، هو السبب الرئيسي في انتشار الفساد الإداري والمالي، من أعلى الهرم الحزبي والحكومي إلى أدناه، وهو أي الحزب، المسئول الأول والأخير عن ارتماء المجتمع الكوردستاني عامة، والسليماني خاصة، في أحضان الكتل والكيانات الغريبة عن الجسد الكوردي. وما ذهاب الشباب الكوردي المغرر به، إلى غربي كوردستان لمقاتلة إخوانه، إلا نتاجاً سيئاً و منحطاً لهذه السلطة غير المسئولة. هل يعقل أن تقوم سماسرة الحروب، بإغراء الشباب الكوردي، وتجنيدهم، وإرسالهم إلى بلد آخر للقيام بعمليات إرهابية، والحكومة والحزب في هذه المدينة لا تحرك ساكناً، ولا تقوم باعتقال هذه المافيات التي تتاجر بدماء البشر، أليس هذا هو الجبن بعينه يا من تتشدقون بمقولة عش حراً ولو قليلا؟.
رجاء من مواطن كوردستاني مُهجر، لا يملك شروى نقير، إلى حزب الديمقراطي الكوردستاني - إيران، الذي أوقف عملياته العسكرية في شرقي كوردستان (إيران) منذ عدة سنوات، لظروف سياسية لا يسع هذا المقال لشرحها، إلا أنه لديه المئات من القوات القتالية المدربة والمجهزة، يقبعون في معسكراته في جنوبي كوردستان. دعونا نتساءل، أليس الوطن الكوردستاني وحدة واحدة لا تتجزأ، والشعب الكوردي شعب واحد؟ لماذا إذاً لا يرسل هذا الحزب قواته (الپێشمه رگه) إلى غربي كوردستان لمناصرة أبناء جلدتهم؟، تماماً كما فعل الكورد في جنوبي كوردستان في بداية الثمانينات من القرن الماضي، عندما أرسل المئات من قوات البيشمركة لتدافع عن أرضهم وعرضهم، ضد قوات الاحتلال الإيراني. فعلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني - إيران وغيره من الأحزاب الكوردستانية في عموم كوردستان، أن يعرفوا جيداً أن الشعب الكوردي الآن يمر بانعطافة كبيرة في تاريخه وبدأه هذه المرة من غربي كوردستان، ومن يتقاعس و يتخلف عن الركب لن يرحمه التاريخ و سيلعنه أبد الدهر. قد يقول البعض أن في كلامي مصطلحات جارحة، خارج سياق المعهود، لكن صدقوني، أن هذا الكلام مهذب جداً قياساً بما عاناه ويعانيه الشعب الكوردي على أيدي محتليه وأذنابهم، الذي أحرقوا الزرع والضرع، ونشروا الفساد والرذيلة في بلاد الكورد. امتداداً لأعمال هؤلاء الأوباش الإجرامية، أعلن بالأمس إحدى الفصائل الإرهابية العربية بإباحة الدم والمال والعِرض الكوردي، وهذا ليس بالجديد، فعله المقبور صدام حسين في عمليات الأنفال السيئة الصيت، وقبله فعل الأتراك ذات الشيء، وكذلك الإيرانيون والسوريون لم يدخروا جهداً لتدمير كل شيء كوردي على الأرض، إذاً الذي قلناه في صلب الموضوع ولم نخرج منه قيد شعرة. ولا يعبد الله من حيث يعصى.
تحية إلى مقاتلينا الأشاوس: الضاربين بكل أبيض مرهف ... والطاعنين مجامع الأضغان
[1]