الفكر القومي عند احمد الخاني
بقلم: عبدالسلام داري
selamdari@yahoo.com
الفكر القومي عند احمد الخاني
يعد احمد الخاني من فحول الشعراء الكرد ،وهو رائد الفكر القومي الكردي .فقد أفنى عمره في خدمة الأدب الكردي ، وبالتالي خدمة شعبه ووطنه .
وقد ساهم خاني بقوة في ميدان الأدب الكردي ، وتمكن بأسلوبه الجميل في تناول الشعر من انتزاع لقب الإمارة في الشعر الكردي .
حيث أبدع في نظم الشعر ،وقد كانت الألفاظ طيعة في يده ، يحسن استخدام التعابير المناسبة للدلالة على المعاني، مع وزن موسيقي جميل ملائم للمعاني والعواطف .
وقد تبوأ خاني هذه المكانة نتيجة لأمور أهمها :
1- كان خاني يتقن اللغة العربية والتركية والفارسية إلى جانب لغته إلام ، وقد اخذ العلم من ينابيع هذه اللغات
2- كان طالبا للعلم ، وطاف البلدان للحصول علته ، فارتحل إلى أستا نبول ودمشق ومصر ، ودرس الأدب والشعر ،كما درس العلوم الدينية واطلع على الطرق الصوفية ، ولهذا أمسى خاني علما من أعلام الأدب والفلسفة والدين .
3- هو أول من ادخل الشعر القصصي في الأدب الكردي ، وذلك في ملحمته الشهيرة ( مم وزين ) .
4- اهتمامه الكبير بتعليم الأطفال ، حيث نظم لهم الشعر التعليمي في قاموسه ( نوبهار ) .إيمانا منه بتربية جيل محب للغته وثقافته وادبه .
5- أول من نادى بشكل صريح لا يقبل الجدل بالنضال من اجل الوطن كما رسم طريق الخلاص .
من هو خاني :
اسمه احمد بن الياس من عشيرة خانيا ، وقد هاجرت عشيرته من إقليم هكاري إلى بلدة بايزيد ، واستوطنوا فيها .
ولد عام 1061 هجرية 1651 م ، وتوفي عام 1119 هجرية 1708 م . لكن المستشرق الروسي باسيل نيكتين حدد تاريخ ميلاده بالعام
1592م ، ووفاته عام 1655م .
لكننا نستطيع استخلاص تاريخ ميلاده من خلال هذا البيت من شعره حينما يقول :
Lewra ku dema ji xeybê fek bû
tarîxê hezar û şêst û yek bû
فهو يقول حين ظهر خاني من الغيب إلى الوجود كان التاريخ 1061 للهجرة .
علاقة خاني باللغة الكردية :
ابتدأت علاقة خاني مع اللغة الكردية منذ سن مبكرة ، فقد كتب بلغته حينما بلغ الرابعة عشرة من عمره ، وعندما بلغ التاسعة لرفع لواء القومية الكردية .
فدعا بإحساسه المفعم بالوطنية إلى الاهتمام باللغة الكردية ، واحتلت هذه المسالة المرتبة الأولى لديه ، كون اللغة هو أحد المقومات الأساسية لوجود أي شعب .
ولذلك بدا خاني بفتح مدارس للأطفال يعلمهم فيها لغتهم إلام .
لماذا كتب خاني باللغة الكردية ؟
يقول خاني في مقدمة ديوانه ( مم وزين ) لقد كان السبب الرئيس في الكتابة باللغة الكردية هو دفع التهمة عن لغتنا ، ولئلا تقول الشعوب الأخرى من الكرد بأنهم متخلفون ، ليست لديهم معارف ولا نصيب لهم في الأدب والعشق :
Xanî ji kemalê bê kemale
Meydana kemalê dîte xalî
Yenî ne ji qabil û xebîrî
Belkî bi tessb û eşîrî
Da xelq nebjitin ku Ekrad
Bê merîfetin bê esl û binyad
Enwaê milel xudan kitêbin
Kurmanc tenê di bê hesêbin
Hem ehlê nezer nebên ku kurmanc
Işqê nekirin ji bo xwe amanc
فخاني ليس بذلك الشخص الكامل الذي يمتلك زمام المبادرة للمبارزة في ميدان الأدب ،لكنه رأى الميدان خاليا .
ويتواضع إلى أن يقول فليست لدي تلك القابلية والخبرة للخوض في هذا الميدان ، لكني نزلت للمبارزة بالعصبية والعشائرية
لقد امتلك خاني إحساسا عميقا بهموم شعبه ، كونه كان يملك عقلا نيرا في تلك الفترة التي كان الشعب يعاني من التخلف من جهة ، ومن أخرى كانت حروب الترك والفرس على كردستان والتي توجت أخيرا بتقاسم كردستان بين الدولتين.
وقد أمعن الترك والفرس في إذلال الشعب ، وجعله مستكينا لا يملك إرادة الحياة والتخلص من العبودية ، ولذا كان صوت خاني مدويا ينادي أمير بوتان في ذلك العهد ، لرفض هذا الواقع ولكن لا حياة لمن تنادي :
Ger dê hebûya me jî xudanek
Alî keremek letîfe danek
Ilm û hiner û kemal û îzan
Şir û xezel û kîtab û dîwan
Ev cinsê biba li ba wî memûl
Ev neqdê biba li ba wî meqbûl
Min dê elema kelamê mewzûn
Alî bi kira li banê gerdûn
Bi navê riha Melê Cizîrî
Pê hey kiriba Elyê Herîrî
Keyfek we bida Feqîhê Teyran
Heta bi ebed bi maye heyran
Çibkim ku qewî kesade bazar
Nîne ji qumaşîre xerîdar
فلو كان لنا سيد يمتاز بالكرم ويجزل بالعطاء ، ويقدر العلم والفن وبقية المعارف الأخرى ، وتلقى هذه الأجناس استحسانا لديه ، لرفعت راية الشعر إلى عنان السماء ، وباسم روح الملا الجزيري كنت سأحيى علي الحريري ، وسأدخل السرور إلى قلب فقه تيران ، ليظل حيرانا إلى الأبد .
لكن ما العمل فسوق بضاعتي ليست رائجة ، ولا أحد يساوم على هذا القماش .
إذا فخاني ليس الأول الذي عانى الإهمال من لدن شعبه ، وقد عدد أسماء بعض الشعراء الذين سبقوه ولاقوا الإهمال مثل : الجزيري وعلي الحريري وفقه تيران .
كان خاني يعرف سبب الإهمال وكان يرد ذلك إلى الجهل والتخلف الذي كان يعانيه الشعب الكردي ، ولاجل ذلك وضع العلم في المقام الأول من اهتماماته . وبدا بفتح المدارس لأطفال الكرد ، بقصد التعلم وتغيير وضع الشعب .
فخاني كان يحارب على جبهتين : الأولى كان حربه على التخلف والجهل . والثانية حربه على الترك والفرس .
إن شاعرنا حينما وعى رأى حرب الترك والفرس على كردستان ، وكان يعرف بان الكرد وحدهم يدفعون ضريبة تلك الحرب ، حيث كان نصيبهم القتل والنهب والسلب ، لذا دعا إلى النضال لاجل التخلص من هذا الواقع :
Emma ji ezel Xudê wisa kir
Ev Rom û Ecem li ser me rakir
Tebeiyeta wan eger Çi are
Ew are li xelqê namîdare
Namûse li hakim û Emîran
Tawan Çiye şair û feqîran
انه قدر الكرد أن يصبحوا عبيدا للروم والعجم منذ الأزل ، أن تبعيتهم عار علينا ولكنه عار اعظم على الحكام والأمراء ، فماذا يستطيع الشعراء والمساكين فعله . انه شرف للحكام والأمراء أن يتصدوا لهذا الظلم .
نعم هذا هو الشرف . الشرف هو النضال ضد الروم والعجم .
من كل ذلك يتجلى لنا مدى ارتباط خاني بوطنه .
- كان يفكر ويتحير في قدر الكرد ، لماذا لا يملكون كيانا ؟ لماذا دائما نصيبهم العبودية والقهر والذل ؟ مع أن الكرد يتحلون بصفات نبيلة تؤهلهم ليكونوا أسيادا لوطنهم ، لكنه لم يلق جوابا :
Ez mame di hikmeta Xudêda
Kurmanci di dewleta dinêda
Aya bi Çi wechî mane mehrûm
Bil *****le ji bo Çi bûne mehkûm
Her mêrekî wan bi bezlê Hatem
Her mîrekî wan bi rezmê Rustem
Evqulzem û Rûm û behr û Tacîk
Hindî ku bikin xurûc û tehrîk
Kurmancê dibin bi xon mûletex
Wan ji yekve dikin mîsalê berzex
Ciwamêrî û himet û sexawet
Mîrînî û xîret û celadet
Ew xetme ji bo qebîlê Ekrad
Wan dane bi şîr û himetê dad:
وبعد تمحيص ودراسة معمقة لواقع الكرد ، وضع يده على الجرح ونادى بأعلى صوته : أن الحل هو الاتفاق على قيادة جديرة تستطيع إيصال الكرد إلى هدفهم وبلوغ المرتجى :
Lew pêkve hemî şe bê tifaqin
Daim bi temerrud û şîqaqin
Ger dê hebûya me ittîfaqek
Vêkra bi gêra me inqiyadek
Rûm û Ereb û Ecem temamî
Hemyan ji mera di kir xulamî
Tekmîlê dikir me dîn û dewlet
Tehsîlê dikir me ilm û hekmet
Temyîzê dibûn ji hev meqalat
Mumtazê dibûn xudan kemalat
وهكذا ظل اتحاد الكرد هدفه الأسمى ، وبالاتحاد يتم التصدي لهذا الواقع المؤلم .
نعم هذا هو خاني العاشق المحب لحرية شعبه ووطنه ،
من الطبيعي أن نحني هاماتنا أمام فكر أستاذ كأحمد الخاني .
وسيبقى اسمه محفورا في ذاكرة الأجيال على مر الزمان .
واخيرا لا يسعنا ألا أن نذكر مقولة السيد علاء الدين السجادي في مدح شاعرنا (( احمد الخاني قمة تاج الكتاب والشعراء الكرد )) .
1- ديوان ( مم وزين )
2- دراسات اشتراكية عدد خاص 1990 ص 52
3- مجلة ( نودم ) العدد 1
4- نوبهار .
5- الكرد باسيل نيكتين .
6- ديوانا كرما نجي عبد الرقيب يوسف .
7- تاريخا ادبياتى كردي بروفيسور قناتى كردو .
8- الواقعية في الأدب الكردي عز الدين مصطفى رسول .
9- مناقشات حول خاني رشيد فندي .
[1]