تَنَحَّوا جانِباً وافسَحُوا الطريق للجماهير!!!
رحلة إلى الوجع الكردي
اعترفَ لهُ أحد السياسيين: “نحن نتحمل المسؤولية الكبيرة فيما حدث ويحدث للمجتمع الكردي. لقد راعينا مصالحنا لتكون فوق مصلحة الشعب وعَبثنا بمقدَّرات الجماهير. نعم؛ لقد عجزنا عن قراءة واقع المجتمع الكردي وأخفقنا في تطويره وبنائه، وفشلنا كذلك في التعامل مع القوى السياسية الكبرى المؤثرة في توجيه سياسات العالم. بالخلاصة؛ لم نهتم إلّا بمصالحنا واستمرارنا في القيادة “.
استيقظ المواطن البائس من الحلم الذي راوده مُنشرح الصدر من اعتراف المسؤول القيادي بأخطاء بعض الساسة وكم تمنَّى أن يستمر حلمه الجميل. فتساءل بحرقة كما يتساءل كل كردي حريص: ما السبب الذي يجعل ساسة وقادة الآخرين “الغربيين ” على سبيل المثال أكثر وطنية لشعوبهم وأكثر مصداقية على أرض الواقع؟ لماذا يعترف هؤلاء بأخطائهم دون تردد, في حين يبحث ساستنا عن استحقاقات قيادية وسياسية بعينها؛ ضاربة بعرض الحائط المصلحة العامة وآمال و طموحات الجماهير؟
بعيداً عن الأحلام وبالعودة إلى الواقع نجد أن أكثر إيجابيات الأزمات والمآسي التي تحيق بالكرد أنها تُسقِطُ الأقنعة وتزيل بعض الأوهام، وكذلك تثبت أنه لا جدوى من التغيير الفوقي ولا أمل في المهوسين بالنفوذ والسيطرة وليس بأي شيء آخر؛ كما يدعون، أما الوعود والإنجازات التي يتحدثون عنها وبها لاوجود لها لا من بعيد ولا من قريب سوى إنها إطلالة على الإعلام ووعود زائفة وخطابات متكررة ومملة، لقد أفسدوا حياتنا، وبرعوا في حبك المؤامرات ضد بعضهم البعض.
المضحك المبكي في الأمر أنهم مازالوا يدَّعون النضال والعمل من أجل حماية المجتمع وحقوق المواطن، ومن أجل الحفاظ على قيمه وثقافته وصيانة مقدساته.
إنهم يمارسون كل ذلك منذ أمد بعيد وما زال البعض يعمل تحت إمْرَةِ هؤلاء ويُسَبِّحُ الكثيرون بحمدهم!
اليوم, وفي وقت تتسارع فيه الأحداث وتكاد الفُرَص التاريخية أن تنعدم, بات لزاماً علينا انتقاء من هو فوق مستوى الشبهات في الالتزام بالمجتمع الكردي وثوابته الوطنية وتغليب المصلحة العامة فوق كل اعتبار حزبي أو شخصي، والتفاني في خدمة المجتمع والشعب والتنافس في الإنجازات وعدم التنابز بالألقاب؛ فإثبات الوجود يقتضي التخلص من تلك العقليات والسلوكيات وتحفيز الأفراد لتغيير ما بأنفسهم وأوضاعهم لتفضي إلى نهضة مستدامة..
الشخصية الكردية شخصية حيَّة و بنَّاءة، مسالمة وانفعالية بطبيعتها، ولها قدرة على الصبر، وقدرة عالية على التكيُّف مع الظروف، والانسجام مع البيئة والمحيط الاجتماعي والطبيعي، لكنها سرعان ما تصبح انفعالية حين تحركها الدوافع وتثيرها العوامل الداخلية والخارجية, لذا يتوجب الحذر منها.
من هذا المنطلق بدأتْ الجماهير تشير بأصابعها تجاه بعض الطارئين من الساسة لتقول لهم ماذا قدمتم للمجتمع وللجماهير الكردية ؟
المجتمع بحاجة إلى العقول الناضجة؛ بحاجةِ قادةٍ عظماءْ، ولا يحتاج إلى مسؤولين يعتلون الكراسي فقط ليمثلوا أنفسهم وأحزابهم في المناصب.[1]